يقول تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا (29) ﴾ [الفرقان:2729] . نزلت هذه الآية الكريمة في عقبة بن أبي معيط حيث كان من وجهاء قريش وكان هو وأمية بن خلف الجمحي خليلين , وكان عقبة يجالس النبي صلى الله عليه وسلم , بمكة لا يؤذيه ، وكان رجلاً حليماً ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا , ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم , وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين , فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه وكان خليل أبي معيط أمية بن خلف غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبأ أبو معيط ، وقدم خليله من الشام ليلاً ، فقال: ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالوا له : صبأ ، فبات بليلة سوء ، فلما أصبح أتاه أبو معيط ، فحياه ، فلم يردّ عليه التحية ، فقال : مالك لا تردّ عليّ تحيتي ؟ ، فقال: كيف أردّ عليك تحيتك ، وقد صبوت ؟ قال : أو قد فعلتها قريش ؟ قال نعم ، فقال عقبة : رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش , فقال له أمية : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا قال أبو معيط : فما يبريء صدرك إن أنا فعلته ؟ فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه ، وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت ففعل عدو الله ما أمره به خليله , طاعة لخليله وإرضاءً له ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه , حتى أثر في وجهه وأحرق خديه , فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل , فنذر النبي صلى الله عليه وسلم قتله فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحابه أبى أن يخرج ، فقال له أصحابه : أخرج معنا ، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً فقالوا : لك جمل أحمر لا يدرك ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحمل به جمله في جدود من الأرض ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش ، وقدم إليه أبو معيط ، فقال : أتقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم بما بزقت في وجهي ، فأنزل الله في أبي معيط { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ (29) } الفرقان فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر , وقتل أمية في المعركة .