أكد عدد من خبراءالاقتصاد الإسلامي أنه رغم التحديات التي تواجهها الصيرفة الإسلامية في مصر إلا أنها استطاعت أن تحقق نسبة جيدة من النمو على الأقل خلال العامين الماضيين بعد سنوات من الركود نتيجة العراقيل التي كانت تقف في وجهها في العهد البائد. وأشاروا على هامش الندوة التي عقدت بمركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي حول "مناخ الاستثمار ومستقبل المصرفية الإسلامية في مصر "أن الصيرفة الإسلامية في مصر تحتاج إلى العديد من المقومات التي تؤهلها للنهوض خلال الفترة المقبلة, وعلى رأس هذه المقومات أن يكون هناك تشريعات خاصة بهذه الصناعة بالإضافة إلى خلق كوادر مهنية قادرة على نشر الوعي وتحقيق مطالب شريحة عملاء هذا القطاع. في البداية أكد د. يوسف إبراهيم مدير مكرز صالح كامل أن الاستثمار هو الذي يتحقق به التنمية والتراكم الرأسمالي ولكي يقوم الاستثمار بذلك فلابد من توفير المناخ المناسب له والذي يتمثل في التشريعات ومحاولات جادة لجذب مزيد من الاستثمار , مشيرا إلى أنه إذا كان التشجيع يتعلق بالسياسية فإن ذلك يحتاج إلى استقرار سياسي وأمني لاأن رأس المال جبان . وأضاف أنه لابد أيضا لتهيئة المناخ المناسب للاستثمارات فلابد من القضاء على الفساد وإزالة القوانين واللوائح المعوقة مع تخفيف الأعباء على المستثمرين واستحداث حزمة حوافز جديدة . وفيما يتعلق بالمصرفية الاسلامية قال أننا يمكن أن ننظر إليها من وجهين أولهما أنها تخلصت من التضييق عليها والشك في قدراتها وثانيهما أن الفرص أصبحت متاحة أمامها وأصبح مستقبلها واعدا بالخير . تحديات وفي كلمة د. محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي والتي دارت حول واقع العمل المصرفي الإسلامي في مصر أكد أن الصيرفة الإسلامية قد شهدت ركودا كبيرا بسبب العراقيل التي واجهتها في العهد البائد إلا أنها قد حققت نموا نسبيا خلال العامين الماضيين ليدعوا إلى للتفاؤل بمستقبل هذه الصناعة". وأضاف البلتاجي :"أن الصيرفة الإسلامية تواجه العديد من التحديات منها أنه لا يوجد قانون ينظمهذه الصناعة إضافة إلى أن لوائح البنك المركزي التي تطبق على البنوك التقليدية تفرض على الفروع الإسلامية للبنوك دون أن يكون هناك قانون خاص بها مع عدم تطويرمنتجات تلائم وتلبي احتياجات المتعاملين بالسوق المصرفية , فضلا عن ضعف وندرة الكفاءات البشرية المتخصصة في المصارف الإسلامية وعدم استيعاب الكثيرمن عملاء القطاع المصرفي لتطبيقات منتجات المصرفية الإسلامية ، مشيرا إلى أن تضارب بعض الفتاوي الشرعية حول المصارف الإسلامية كان من أهم هذه التحديات. 100 مليار حجم الصيرفة وأكد أن إجمالي العمل المصرفي الاسلامي في مصر بلغ 100 مليار جنيه بما يمثل 7.2 % من حجم السوق المصري البالغ تريليون و300 مليار جنيه في حين أن الودائع للقطاع الإسلامي بلغ 80 مليار جنيه بنسبة 6ر7 % ووصل حجم التمويل الإسلامي إلى 70 مليار جنيه بنسبة 7.1 % ، مشيراً إلى أن هذه النسبة مرتفعة مقارنة بحجم نمو الصيرفة الإسلامية في 2010 والذي بلغ 5% فقط ، كما أن عدد الفروع الإسلامية في البنوك المصرية بلغ 212 فرعا من حوالي 2400 فرع في سبتمبر 2012 م ما تشكل 8.8 % وأكد أن هذه الصناعة لازالت تفتقد للمزيد من معدلات التنمية فمنتجاتها على سبيل المثال لا تتعدى 16 منتجا وهي غير مناسبة لاحتياجات العاملين، كما أن غالبية العاملين داخل الصيرفة الإسلامية ليس لديهم الخبرة والكفاءة للرد على العملاء والتفريق بين النظام الإسلامي والغير إسلامي. ولفت إلى أن متطلبات تحقيق التنمية للصناعة المصرفية الإسلامية تحتاج إلى أمور متعددة منها دعم اصدار قوانين للعمل المصرفي الإسلامي ( الاقتصاد الإسلامي ) والمساهمة في تطوير المنتجات فضلا عن إعداد خطة لتنمية الموارد البشرية للعمل المصرفي الإسلامي ، وتنسيق التعاون بين المصارف الإسلامية الكبري وبين المصارف الإسلامية حديثة النشأة ( بنك الاستخلاف ) ، بالإضافة إلى زيادة الندوات والمؤتمرات والإصدرات للتعريف بالصناعة المصرفية الإسلامية . تحول عربي وعلى مستوي الدول العربية أشار إلى أن تونس أصدرت العديد من القوانين المنظمة للنواحي المالية الإسلامية ، منها إعداد قانون التأمين التكافلي وجاري الاعتماد وقانون الصكوك وتم تعديل المسودة في ديسمبر 2012 م ، وإعداد مبادئ حوكمة المصارف الإسلامية في ديسمبر 2012 م بالإضافة إلى قانون الأوقاف وجاري الاعتماد وقانون بيت الزكاة واعتمد في يولية 2012 م ، فضلا عن إعداد مسودة قانون صناديق الاستثمار ، كما يوجد بتونس بنك الزيتونة وبنك البركة كبنوك إسلامية . وفيما يتعلق بالجانب الليبي أعلنت الحكومة الليبية منذ اللحظة الأولي رغبتها في تحويل القطاع المصرفي للعمل وفق أحكام الشريعة. أما سامي بن إبراهيم السويلم فبدأ حديثه بان النبي صلي الله عليه وسلم بدأ بالدعوة في مجال الاقتصاد إلى البر والإحسان قال تعالي «فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فنيسره للعسرى» ، وقال سبحانه «كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين» ، وقال أيضا «أطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام» وأضاف أنه لا يمكن اجتثاث الربا قبل معالجة أسباب وجوده من جهة المقترض: تخفيف الحاجة ومن جهة المقرض: استغلال الشح والبخل فالسوق لا تعمل في وجود الفقر والعوز، ولذلك فإن التكافل الاجتماعي هو صمام أمان لامتصاص الصدمات والمخاطر وضروري لزرع الثقة بين فئات المجتمع المختلفة . كذلك فإنه يجب تجنب الصيغ التقليدية إذا كانت ستعطي انطباعاً خاطئاً حول معنى التكافل وأن يكون التكافل علاقة متبادلة وليست منة من المعطي للآخذمع البحث عن أساليب مناسبة تشجع على البذل والعطاء مع غرس روح الأخوة والتكامل بين أعضاء المجتمع. غياب التطبيق أما د. عبد الرحمن يسرى استاذ الاقتصاد بجامعة الاسكندرية، فيشير إلى أن النشاط المصرفي الإسلامي يختلف عن النشاط المصرفي التجارى في دور الوساطة المالية بين من هم في حاجة إلي التمويل من المستثمرين وغيرهم من جهة ومن لديهم القدرة علي التمويل من أصحاب المدخرات وغيرهم من جهة أخرى ، أو باختصار بين وحدات العجز وحدات الفائض المالي في المجتمع. إلا أن التزام النشاط المصرفي الإسلامي بعدم التعامل بالفوائد أخذاً أو عطاء يؤدى إلي اختلاف فى آليات تعبئة الموارد المالية وآليات استخدامها. وأضاف أن التجربة أثبتت خلال نحو خمسة وثلاثين عاما من العمل المصرفي الإسلامي نجاحاً مطرداً في تعبئة فوائض الأموال القابلة للاستثمار علي أساس الربح أو الخسارة بآلية عقد المضاربة الذى جرى تطويره ليصبح أحد طرفيه عدد كبير من أصحاب رؤوس الأموال وطرفه الآخر البنك، أما من الجانب الآخر فقد تمكنت البنوك الإسلامية من استثمار الأموال المتاحة لديها بعقود جديدة لم تعرف من قبل في النشاط المصرفي التقليدى مثل المرابحة والمشاركة المتناقصة والإجارة والاستصناع . ملاحظات التوظيف وأوضح أن تجربة توظيف الموارد المالية المتاحة لدى البنوك الإسلامية أظهر العديد من الملاحظات منها أن توظيف أو استثمار الموارد المالية تم في معظمه من خلال عقود المرابحة للآمر بالشراء والإجارة والاستصناع والتي بطبيعتها كعقود بيع لم ترتبط بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة ، وإنما ترتب عليها ديون علي العملاء. ولقد ترك هذا انطباعاً عاماً بأن النشاط الإسلامي لا يختلف عن النشاط المصرفي التقليدى في اعتماده علي المداينات . وهذا غير صحيح من حيث أن الديون في النشاط المصرفي الإسلامي ترتبط بالضرورة بمبادلات سلعية أو خدمية ، والتي هي جزء لا يتجزأ من النشاط الانتاجي الحقيقى ، بينما أن ديون النظام المصرفي التقليدى تترتب علي مبادلات نقدية محضة. إلا أن ممارسات المرابحة للآمر بالشراء في بعض الحالات لم تلتزم بالقواعد الشرعية الصحيحة للبيع ،كما أن عقود المشاركة المتناقصة لم تلتزم حقيقة بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة . هذه الأمور الواقعية ، بالإضافة إلي ممارسات التورق من قبل عدد من البنوك الإسلامية ألقت ظلالاً كثيفة من الشك علي مصداقية المصرفية الإسلامية حيث لم تترك مجالاً للتفرقة بينها وبين المصرفية التقليدية في اعتماد النشاط علي المداينات غير المشروعة. وفيما يتعلق بالملاحظه الثالثة ففي مجال التطبيق ، حيث نجد أن نسبة كبيرة من عمليات المرابحة ، والتي بدورها تمثل نسبة غالبة من عمليات توظيف الموارد المالية ، تمت في مجال شراء سلع استهلاكية معمرة للعملاء الآمرين بالشراء. كما أن نسبة غالبة من عمليات الإجارة ، والاستصناع ، تمت في مجال بيع منافع وحدات سكنية أو تشييدها للقطاع المنزلي ، هذا ويتميز النشاط المصرفي الإسلامي عما يدور في فلك النشاط التقليدى بابتعاده عن تمويل الاستهلاك الذي لا تقره الشريعة الإسلامية . لكن ثمة ناحية أخرى لابد من الانتباه اليها وهى أن الاستغراق فى تمويل النشاط الاستهلاكي يعني انصراف البنوك الإسلامية عن تمويل الاستثمار في النشاط الإنتاجى أو قلة اهتمامها بتمويله. وهذه مشكلة لابد من علاجها لأجل مستقبل المصرفية الإسلامية والعالم الإسلامي الذي مازال في أشد الحاجة إلي التنمية الاقتصادية. وأضاف أنه من المنتظر من البنوك الإسلامية في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي أن يكون لها دور هام في التنمية وذلك بتخصيص جانب متزايد الأكبر من مواردها لتمويل النشاط الاستثمارى ، فلا يعقل عند من يدافعون عنها أن يكون دورها أقل شأنا بكثير من المؤسسة المصرفية الربوية . وأقل ما يقال في هذا من الناحية الاقتصادية والمصرفية البحتة أن علي البنوك الإسلامية أن تؤكد قدرتها التنافسية علي دخول مجال تمويل الاستثمارات الإنتاجية في سوق مازالت البنوك التقليدية تسيطر علي معظمه. عوامل النجاح ويترتب علي ماسبق أهداف علي البنوك الإسلامية في المرحلة القادمة أن تعمل علي تحقيقها ، ليس فقط في مد القطاع الإنتاجي بما يحتاجه من تمويل لأجل النمو بل أيضاً إثبات كفاءتها علي القيام بهذا اعتماداً علي أدوات تمويل إسلامية وآليات مصرفية إسلامية. والحقيقة أن دخول البنوك الإسلامية إلي مجال تمويل الشركات ورجال الأعمال في قطاع الإنتاج في مصر سوف يفتح بابا جديداً وواسعا أمامها لتنمية نشاطها وذلك لضخامة حجم الاستثمارات المطلوبة للتنمية في المرحلة القادمة. وأكد يسري أنه لكي تنجح البنوك الإسلامية في أداء دورها الانمائي لا بد من توافر مناخ عام يتميز بإحياء العمل بالشريعة الإسلامية في مجالات المعاملات الاقتصادية والمالية علي المستويين الجزئى والكلي، والمستويين الأهلي والرسمي , بالإضافة إلى ضرورة وجود قوانين مستمدة من الشريعة تنظم المعاملات النقدية والاستثمارية لدى البنوك بصفة خاصة وفي الأسواق المالية بصفة عامة.