علّمونا في دروس «أصول االفقة» أن تختم المسائل الخلافية بعد أن يحمي الوطيس ويتصور الطالب والأستاذ -أحيانًا- أنّ هذا الخلاف خلاف مستعصٍ على الحل، فيأتي أحد العلماء ويفكّك عناصر الخلاف فلا يجد خلافًا وينتهي الأمر إلى القول بأنّ «الخلاف لفظي». لقد أراد الرئيس أن يحصِّن قرارته في مسائل سياديّة معيّنة لمدة لا تزيد عن المدة التي سيستغرقها اعتماد الدستور الدائم -منهم مَنْ يجعلها شهرين أو تزيد قليلًا أو تقلّ قليلًا- والمعارضة تعلم أيضًا أنّ كل ذلك سينتهي بصدور الدستور، لكن المعارضة -على ما يبدو- تريد أن تحجِّم الرئيس ومَنْ حوله ومَنْ ينتمي إليهم، وتقوم بعمليّة قياس القوى. وقياس القوى أمر مشروع وعلميّ، والناس يستطيعون القيام به وقتما يشاؤون وبطرق مختلفة، ولا ينبغي أن يكون في مقدماتها الاحتكام إلى الشارع والميدان والإعلام، بل اللجوء إلى الوسائل الأقل ضررًا وتكلفة لمعرفة قياس القوى. إنّ إصدار قرار كهذا لتغطية شهرين أو ثلاثة ما كان ينبغي أن يحرص عليه ويعجل به لتحدث تلك الآثار الجانبية التي وصلت إلى حدّ استقطاب شعبي ينذر بانقسام شديد بين شعب آلف أن يواجه أزماته متحدًا، ومستوى «الانقسام الشعبي» قد لا يعالجه القائمون على قياس القوى ولا يستطيعون احتواء آثاره في وقت منظور، وعند محاولة تحليل الموقف نجد أنّ الخلاف بين الاثنين -الحكم والمعارضة- لفظي إذا ما نُحِّيَ عنه موضوع قياس القوى وإعجاب كل ذي رأي برأيه. والله الموفق.