وزير الخارجية يلتقي بسفراء الدول الأوروبية المعتمدين في القاهرة    رسميًا.. ليفربول يتعاقد مع فريمبونج قادمًا من باير ليفركوزن    أمينة خليل تدخل القفص الذهبي وتحتفل ب زفافها على أحمد زعتر (فيديو)    المفتي مكرما حفظة القرآن بالشرقية: لا ينبغي أن يقتصر الحفظ على التكرار والترديد    مصر تدين إسرائيل بالموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة    نتنياهو يخضع لفحص تنظير القولون.. ووزير العدل الإسرائيلي يتولى مهامه مؤقتا    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    «تذاكر وانتقالات مجانية».. بيراميدز يضع خطة إزعاج صن داونز    الخريطة الكاملة لأماكن ساحات صلاة عيد الأضحى 2025 في القليوبية    برنامج توعوي مخصص لحجاج السياحة يشمل ندوات دينية وتثقيفية يومية    رئيس الوزراء اليوناني يهاتف الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى    تامر حسني ينافس كريم عبد العزيز في دور العرض السينمائية    4 مشاهدين فقط.. إيرادات فيلم "الصفا ثانوية بنات"    المركز القومي للمسرح يعلن أسماء الفائزين بمسابقة توفيق الحكيم للتأليف    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة «بلدك معاك» لدعم الأسر الأولى بالرعاية    النتائج وصلت.. رسائل SMS تكشف مصير المتقدمين ل«سكن لكل المصريين 5»| فيديو    عالم بالأوقاف: كل لحظة في العشر الأوائل من ذي الحجة كنز لا يعوض    تقديم خدمات مجانية لأكثر من 1147 حالة بقرية البرشا في المنيا    «متبقيات المبيدات»: تحليل 600 عينة من عسل النحل    سعر الذهب اليوم الجمعة 30 مايو 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب3934 جنيهًا    أمجد الشوا: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الغزيين    نادي مدينتي للجولف يستضيف الجولة الختامية من دوري الاتحاد المصري للجولف    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    حذرت من التعامل معها.. الرقابة المالية تصدر قائمة بالجهات غير مرخصة    ماكرون: إذا تخلينا عن غزة وتركنا إسرائيل تفعل ما تشاء سنفقد مصداقيتنا    محمد حمدي لاعب زد يخضع لجراحة ناجحة فى الكوع    سقوط المتهم بالنصب على المواطنين ب«الدجل والشعوذة»    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    محافظ الشرقية يستقبل مفتي الجمهورية بمكتبه بالديوان العام    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    مصدر أمنى ينفى مزاعم جماعة الإخوان بشأن تعدى فردى شرطة على سائق أتوبيس    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    محافظ مطروح يفتتح مسجد عباد الوهاب بحي الشروق بالكيلو 7    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    أزمة تايوان تتفاقم.. واشنطن تعيد تشكيل الردع وبكين تلوّح بالرد    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    النصر السعودي يخطط لخطف نجم ليفربول    طقس مائل للحرارة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بشمال سيناء    شاهد عيان يكشف تفاصيل مصرع فتاة في كرداسة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    إمام عاشور يكشف كواليس أزمته مع الشناوي ويؤكد: "تعلمت من الموقف كثيرًا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترتيب مكوناة الحياة السعيده
نشر في التغيير يوم 22 - 11 - 2012

لا تزال ذاكرتي تختزن مشهداً من أيام الشباب. صديق لي يمسك قطعة من الشوكولاتة، ويقول: هل تذوقت هذا النوع من قبل؟ فأجيبه نافياً، ليقول: لقد فاتك نصف عمرك، ثم نضحك سوياً، وبعدها يسألني مجدداً: وهل تذوقت ذاك النوع الآخر؟ فأجيبه نافياً أيضاً، لينفجر ضاحكاً وهو يقول: إذاً فاتك النصف الثاني من عمرك كذلك!
طبعاً، لا زلت أذكر تماماً تلك الشوكولاتة، فلم أكن لأنساها وهي التي فاتني كل عمري لأني لم أتذوقها على حد زعم صديقي العزيز، ولكنني لن أكشفها هنا حتى لا أتهم بالترويج لها، وسأقص عليكم عوضا عن ذلك قصة إدارية معروفة، وإن كان بصياغتي الخاصة، وسأربطها بالموضوع لاحقا.
وقف بروفيسور أمام طلبته في الجامعة، وهو يحمل بيده قارورة زجاجية كبيرة فارغة. ثم أخذ يضع فيها كرات جولف حتى حافتها، ثم سأل طلبته: هل امتلأت؟ فأجابوه بنعم، فقام وأخذ كيسا من البلى الزجاجية الصغيرة وراح يضيفها للقارورة التي كانت قد امتلأت مسبقا بكرات الجولف، فأخذت البلى الزجاجية تتخلل المسافات وتدخل ما بين كرات الجولف، إلى أن بلغت أعلى القارورة. فالتفت للطلبة وسألهم: هل امتلأت؟ فأجابوه بنعم مرة ثانية.
فقام مرة أخرى بأخذ كيس مليء بالتراب وصار يضيفه للقارورة، فأخذ ينساب في الشقوق الصغيرة حتى وصل إلى أعلى القارورة، والتفت إلى طلبته مرة أخرى وسألهم، هل امتلأت الآن؟ فأجابوه نعم، فقام وأخذ كوبا من القهوة كان إلى جانبه، وصبه فوق الخليط في ذات القارورة!
وهنا التفت إلى طلبته قائلا: هذه القارورة تمثل حياة كل واحد منا، وكرات الجولف هي الأشياء الكبيرة والمهمة في حياة الإنسان، مثل دينه وأخلاقياته وعائلته وصحته وأصدقائه واهتماماته الكبرى، أي تلك الأشياء التي لو فقد كل شيء عداها، ستظل حياته مليئة.
وأما البلى الزجاجية الصغيرة، فهي تلك الأشياء الروتينية والممتلكات المادية في حياة الإنسان، مثل مشاغله النمطية وهيئة وحجم ومقادير الماديات التي يمتلكها وغير ذلك مما شابه، وهي الأمور التي لن تتعطل حياته ولن تهتز أساساتها لو هو تخلى عن شيء منها أو استبدله بغيره لسبب من الأسباب، وأما الرمل فهو بقية الأشياء الصغيرة والهامشية في حياة كل إنسان.
ثم أضاف، لو كنت ملأت القارورة بالتراب أولاً، ما كان سيبقى مكان لأي شيء آخر، وهذا ما يجري تماما في الحياة إن نحن ملأناها بالانشغال بالأشياء الصغيرة والهامشية والتافهة، فحينها لن يبقى هناك مكان للأشياء الكبيرة المهمة، وهي الأجدر بالرعاية والاهتمام حتماً.
ولهذا فعلى الإنسان أن يرتب أولويات حياته على هذا الأساس، من الأهم نزولاً للمهم وانتهاء بالأقل أهمية، وعندما تتزاحم الأمور عليه في حياته، فعليه أن يتذكر هذا دائماً، ويراجع نفسه ويعيد ترتيب الأولويات، حتى لا تهتز بوصلته فيفقد المسير في الاتجاه الصحيح، ولربما توقف تماماً.
وهنا رفع أحد الطلبة يده سائلًا، وما المقصود من إضافتك لكوب القهوة، فضحك البروفيسور وهو يجيب: أنا سعيد لأنك سألت. المقصود هو أنه مهما كانت حياة الإنسان تبدو مزدحمة ومليئة بالأشياء كبيرها وصغيرها، فعليه أن يتذكر أن هناك دائماً متسعاً من الوقت والمساحة للتمتع بفنجان طيب من القهوة!
قصة معبرة وبها الكثير من الرسائل ولا شك، ولكن فنجان قهوة البروفيسور وقطعة شوكولاتة صديقي، في بداية المقال، هما مرادي هذه المرة، وأعني بذلك تلك الأشياء الجميلة الصغيرة في حياة الإنسان. تلك المتع الصغيرة التي تحيط بنا، والتي في الحقيقة لا تكلفنا الكثير، وغالباً ما نسهو عنها ونؤجلها ونحن في جرينا المتواصل للحصول على تلك الأشياء والنجاحات التي نرى أنها ستحقق لنا السعادة الكبرى والاستقرار الأعمق.
هذه الأشياء الصغيرة والمتع البسيطة هي بمثابة الاستراحات وجرعات الطاقة السريعة التي يحتاجها كل واحد منا، حتى يستطيع مواصلة المسير في زخم حياته، نحو تحقيق أهدافه الكبيرة، وهي التي دونها ستصبح الحياة جامدة وثقيلة ومملة.
منذ سنوات، وذات مساء، كنت ألقي محاضرة وما خرجت منها إلا متأخرا جدا، وعند باب سيارتي، وقد كان الإنهاك قد نال مني ما ناله ليلتها، انتبهت لمجموعة من الشباب، ومن هم أكبر منهم، وقد تجمعوا على مقربة في إحدى الساحات، وكانوا يتسابقون بتلك السيارات الصغيرة التي يحركونها «بالريموت كونترول». أذكر ليلتها أني سخرت في قرارة نفسي منهم، وهم يضيعون وقتهم في «ما لا نفع من وراءه»، في حين أن «غيرهم» ينشغل بالأشياء المهمة من «محاضرات» وما شابه.
لكنني بعدها بزمن، وبعدما تعلمت أكثر، عرفت كم كنت مخطئاً، وفهمت أنهم، لم يكونوا يضيعون وقتهم في الحقيقة، وأن تلك الهواية التي كانوا يمارسونها بكل ذلك الشغف والاستمتاع، قد تكون هي استراحتهم من مشاغل الدنيا وهموم الحياة، وهي اللحظات التي يعيدون من خلالها شحن بطارياتهم لمواجهة الأعباء مجددا.
ومنذ ذلك اليوم أدركت وبعمق أهمية أن يكون للإنسان في حياته هواية مسلية، ولن أقول نافعة فالنفع أمر نسبي يترك لكل شخص ليقرره بنفسه، وإنما هواية يقضي فيها وقتا سعيدا ليستعيد نشاطه ويجدد حيويته.
نصيحتي في الختام يا سادتي، هي ألا تنسوا أبدا هذه الأشياء الصغيرة وألا تفرطوا بهذه المتع البسيطة غير المكلفة لأنها النسائم الجميلة التي ستمكنكم من الاستمرار، ولكن إياكم والإفراط، فالكثير من القهوة سيملأ القارورة، ولن يكون هناك متسع لشيء آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.