وزير الصحة يشارك في جلسة وزارية رفيعة المستوى حول مستقبل الذكاء الاصطناعي    وزير الاستثمار يبحث التعاون مع «Visa» لدعم التحول الرقمي في مصر    وول ستريت تحقق مكاسب أسبوعية مع تقييم المستثمرين لخطاب ترامب ونتائج البنوك    مخرجات قمة شرم الشيخ وتعزيز التعاون الاقتصادي يتصدران مباحثات السيسي ورئيس وزراء ماليزيا    الدفاع الروسية: السيطرة على بلدة بليشييفكا بدونيتسك والقضاء على 1565 جنديًا أوكرانيًا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيمي بلاطة وعسكر شرق نابلس بالضفة الغربية    تشكيل الجونة أمام البنك الأهلي في الدوري المصري    اختبار طبي يحسم مصير الدوسري أمام السد القطري    إنجاز مصري في الرماية بالخرطوش.. ماجي عشماوي ضمن أفضل 6 راميات على مستوى العالم    تحرير 330 مخالفة وضبط 2 طن سلع مجهولة خلال حملات تموينية في الدقهلية    حبس شخص فرغ إطارات سيارة طبيبة بمدينة نصر    الأرصاد الجوية تحذر من الشبورة وانخفاض درجات الحرارة    محافظ الدقهلية ضبط 4 أطنان مشروبات ومياه غازية ومعدنية فى حملة لمراقبة الأغذية    ياسر جلال يحتفظ بعدسة الكاميرا من الفن إلى السياسة.. عضو مجلس الشيوخ: السياسى والفنان لديهما مهمة واحدة.. ويؤكد: الفنان قريب جدا من الناس.. ورامز جلال خط أحمر والأطفال بيحبوه قبل الكبار    «الصحة» تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي    مستشفى الشيخ زايد التخصصى ينجح فى استئصال ورم كبير نشط بالغدة الكظرية    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    أمن المنافذ يضبط 77 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    نجمات اخترن تسريحة ذيل الحصان فى مهرجان الجونة 2025    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    انتخاب اللواء أحمد العوضي والمستشار فارس سعد وكيلين لمجلس الشيوخ    «حان الوقت لإيقافهم».. كوشنر عن الهجوم على قطر: ترامب شعر بخروج الإسرائيليين عن السيطرة    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    قالي عايز تتعلم ادخل شعبة ب1400.. طالب يقاضي والده أمام محكمة الأسرة: رافض يدفعلي مصاريف الكلية    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    زلزال بقوة 5.3 درجة على مقايس ريختر يضرب تايوان    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    ميناء دمياط يستقبل 33 ألف طن قمح قادمة من روسيا    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    الثقافة: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى من أعظم المعجزات الفلكية فى التاريخ    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    بعثة المصري تغادر طرابلس فى طريقها إلى القاهرة بعد التعادل مع الاتحاد الليبي    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 بمحافظة بورسعيد    تعليمات جديدة من «الصحة» لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    رئيس هيئة الدواء: 91% من استهلاك مصر ينتج محليا ومخزون المواد الخام يكفي 7 أشهر    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    ثلاث حفلات كبرى وندوات علمية في ثالث أيام مهرجان الموسيقى العربية    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين موسكو وواشنطن بدأ قبل 6 أشهر    البنك الأهلي ضيفا ثقيلا على الجونة بالدوري    منافس بيراميدز المحتمل.. المشي حافيا وهواية الدراجات ترسم ملامح شخصية لويس إنريكي    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    مصرع 3 أشخاص وإصابة 14 آخرين إثر اصطدام سيارتين على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال بشأن قمة ترامب وبوتين يثير جدلًا واسعًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 18-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترتيب مكوناة الحياة السعيده
نشر في التغيير يوم 22 - 11 - 2012

لا تزال ذاكرتي تختزن مشهداً من أيام الشباب. صديق لي يمسك قطعة من الشوكولاتة، ويقول: هل تذوقت هذا النوع من قبل؟ فأجيبه نافياً، ليقول: لقد فاتك نصف عمرك، ثم نضحك سوياً، وبعدها يسألني مجدداً: وهل تذوقت ذاك النوع الآخر؟ فأجيبه نافياً أيضاً، لينفجر ضاحكاً وهو يقول: إذاً فاتك النصف الثاني من عمرك كذلك!
طبعاً، لا زلت أذكر تماماً تلك الشوكولاتة، فلم أكن لأنساها وهي التي فاتني كل عمري لأني لم أتذوقها على حد زعم صديقي العزيز، ولكنني لن أكشفها هنا حتى لا أتهم بالترويج لها، وسأقص عليكم عوضا عن ذلك قصة إدارية معروفة، وإن كان بصياغتي الخاصة، وسأربطها بالموضوع لاحقا.
وقف بروفيسور أمام طلبته في الجامعة، وهو يحمل بيده قارورة زجاجية كبيرة فارغة. ثم أخذ يضع فيها كرات جولف حتى حافتها، ثم سأل طلبته: هل امتلأت؟ فأجابوه بنعم، فقام وأخذ كيسا من البلى الزجاجية الصغيرة وراح يضيفها للقارورة التي كانت قد امتلأت مسبقا بكرات الجولف، فأخذت البلى الزجاجية تتخلل المسافات وتدخل ما بين كرات الجولف، إلى أن بلغت أعلى القارورة. فالتفت للطلبة وسألهم: هل امتلأت؟ فأجابوه بنعم مرة ثانية.
فقام مرة أخرى بأخذ كيس مليء بالتراب وصار يضيفه للقارورة، فأخذ ينساب في الشقوق الصغيرة حتى وصل إلى أعلى القارورة، والتفت إلى طلبته مرة أخرى وسألهم، هل امتلأت الآن؟ فأجابوه نعم، فقام وأخذ كوبا من القهوة كان إلى جانبه، وصبه فوق الخليط في ذات القارورة!
وهنا التفت إلى طلبته قائلا: هذه القارورة تمثل حياة كل واحد منا، وكرات الجولف هي الأشياء الكبيرة والمهمة في حياة الإنسان، مثل دينه وأخلاقياته وعائلته وصحته وأصدقائه واهتماماته الكبرى، أي تلك الأشياء التي لو فقد كل شيء عداها، ستظل حياته مليئة.
وأما البلى الزجاجية الصغيرة، فهي تلك الأشياء الروتينية والممتلكات المادية في حياة الإنسان، مثل مشاغله النمطية وهيئة وحجم ومقادير الماديات التي يمتلكها وغير ذلك مما شابه، وهي الأمور التي لن تتعطل حياته ولن تهتز أساساتها لو هو تخلى عن شيء منها أو استبدله بغيره لسبب من الأسباب، وأما الرمل فهو بقية الأشياء الصغيرة والهامشية في حياة كل إنسان.
ثم أضاف، لو كنت ملأت القارورة بالتراب أولاً، ما كان سيبقى مكان لأي شيء آخر، وهذا ما يجري تماما في الحياة إن نحن ملأناها بالانشغال بالأشياء الصغيرة والهامشية والتافهة، فحينها لن يبقى هناك مكان للأشياء الكبيرة المهمة، وهي الأجدر بالرعاية والاهتمام حتماً.
ولهذا فعلى الإنسان أن يرتب أولويات حياته على هذا الأساس، من الأهم نزولاً للمهم وانتهاء بالأقل أهمية، وعندما تتزاحم الأمور عليه في حياته، فعليه أن يتذكر هذا دائماً، ويراجع نفسه ويعيد ترتيب الأولويات، حتى لا تهتز بوصلته فيفقد المسير في الاتجاه الصحيح، ولربما توقف تماماً.
وهنا رفع أحد الطلبة يده سائلًا، وما المقصود من إضافتك لكوب القهوة، فضحك البروفيسور وهو يجيب: أنا سعيد لأنك سألت. المقصود هو أنه مهما كانت حياة الإنسان تبدو مزدحمة ومليئة بالأشياء كبيرها وصغيرها، فعليه أن يتذكر أن هناك دائماً متسعاً من الوقت والمساحة للتمتع بفنجان طيب من القهوة!
قصة معبرة وبها الكثير من الرسائل ولا شك، ولكن فنجان قهوة البروفيسور وقطعة شوكولاتة صديقي، في بداية المقال، هما مرادي هذه المرة، وأعني بذلك تلك الأشياء الجميلة الصغيرة في حياة الإنسان. تلك المتع الصغيرة التي تحيط بنا، والتي في الحقيقة لا تكلفنا الكثير، وغالباً ما نسهو عنها ونؤجلها ونحن في جرينا المتواصل للحصول على تلك الأشياء والنجاحات التي نرى أنها ستحقق لنا السعادة الكبرى والاستقرار الأعمق.
هذه الأشياء الصغيرة والمتع البسيطة هي بمثابة الاستراحات وجرعات الطاقة السريعة التي يحتاجها كل واحد منا، حتى يستطيع مواصلة المسير في زخم حياته، نحو تحقيق أهدافه الكبيرة، وهي التي دونها ستصبح الحياة جامدة وثقيلة ومملة.
منذ سنوات، وذات مساء، كنت ألقي محاضرة وما خرجت منها إلا متأخرا جدا، وعند باب سيارتي، وقد كان الإنهاك قد نال مني ما ناله ليلتها، انتبهت لمجموعة من الشباب، ومن هم أكبر منهم، وقد تجمعوا على مقربة في إحدى الساحات، وكانوا يتسابقون بتلك السيارات الصغيرة التي يحركونها «بالريموت كونترول». أذكر ليلتها أني سخرت في قرارة نفسي منهم، وهم يضيعون وقتهم في «ما لا نفع من وراءه»، في حين أن «غيرهم» ينشغل بالأشياء المهمة من «محاضرات» وما شابه.
لكنني بعدها بزمن، وبعدما تعلمت أكثر، عرفت كم كنت مخطئاً، وفهمت أنهم، لم يكونوا يضيعون وقتهم في الحقيقة، وأن تلك الهواية التي كانوا يمارسونها بكل ذلك الشغف والاستمتاع، قد تكون هي استراحتهم من مشاغل الدنيا وهموم الحياة، وهي اللحظات التي يعيدون من خلالها شحن بطارياتهم لمواجهة الأعباء مجددا.
ومنذ ذلك اليوم أدركت وبعمق أهمية أن يكون للإنسان في حياته هواية مسلية، ولن أقول نافعة فالنفع أمر نسبي يترك لكل شخص ليقرره بنفسه، وإنما هواية يقضي فيها وقتا سعيدا ليستعيد نشاطه ويجدد حيويته.
نصيحتي في الختام يا سادتي، هي ألا تنسوا أبدا هذه الأشياء الصغيرة وألا تفرطوا بهذه المتع البسيطة غير المكلفة لأنها النسائم الجميلة التي ستمكنكم من الاستمرار، ولكن إياكم والإفراط، فالكثير من القهوة سيملأ القارورة، ولن يكون هناك متسع لشيء آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.