أزمة جديدة اشتعلت مؤخرا بين مؤسسة الرئاسة والنائب العام، على إثر التصريحات التي أدلى بها القيادي الإخواني د. عصام العريان بشأن قيام جهاز الرئاسة بتسجيل كافة المكالمات واللقاءات المتعلقة بالرئاسة لاعتبارات أمنية، ومن بينها المكالمة بين الرئيس محمد مرسي والنائب العام والتي أكد فيها الأخير قبوله لمنصب سفير مصر لدى الفاتيكان. وقال العريان "إذا كانت جمهورية 52 باعتراف ناصرى هو عماد الدين حسين، كانت تقوم بتسجيل المكالمات للتجسس على الجميع فهل يصبح حراما على جمهورية الثورة أن تسجل لتوثيق القرارات الشفوية .. عجبي!". وفي تصاعد جديد للأزمة، قرر الناب العام فتح تحقيقاً في التصريحات التي قالها العريان، وأرسل النائب العام خطاباً إلى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية يطلب فيه موافاته عما إذا كان العريان يشغل وظيفة برئاسة الجمهورية تتصل اختصاصاتها بأمر إجراء هذه التسجيلات من عدمه، وموافاته بسند إجراء هذه التسجيلات، مؤكدًا أن قانون العقوبات يجرم هذا الفعل حماية لحرمة الحياة الخاصة للمواطنين إذا تم بغير إذن من القضاء أو النيابة العامة ويكون بمناسبة ارتكاب جريمة. وأعلن النائب العام، أنه عقب تلقيه رداً من رئيس ديوان الجمهورية سيقوم باستجواب من تشير التحقيقات إلى مسئوليته الجنائية، ويتبع هذا إعلان نتائج التحقيق، في الوقت الذي تنفي فيه مؤسسة الرئاسة هذه التسجيلات. حرام على "مرسي" حلال ل"مبارك" التجسس على المكالمات في عهد الرئيس المخلوع مبارك لم يكن خافياً على أحد بل كان إحدى المراسم الطبيعية التي يعلمها الجميع، وهو ما كشف عنه حبيب العادلي، وزير داخلية المخلوع في عام 2005 صراحة عبر التليفزيون المصري بأنه يتجسس على مكالمات المواطنين، متوعدا بعبارة "اللي خايف ميتكلمش"، لكن أحداً من النيابة العامة أو مؤسسة القضاء وقتها لم يجرؤ على التعقيب أو الاعتراض؛ لأن النتيجة كانت معروفة، ما دفع الجميع لإيثار السلامة وسد الأذنين أحدهما بالطين والأخرى بالعجين. وبعد اندلاع ثورة يناير وتولي اللواء منصور عيسوي وزارة الداخلية تعهد بالكف عن التنصت دون إذن قضائي وقال إن عصر مراقبة التليفونات الشخصية قد انتهى، لكن السؤال الذي أثاره اللواء مصطفي الكاشف مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الأسبق هو "أين ذهبت التسجيلات التي كان يتم تفريغها في اسطوانات مدمجة لمكالمات المواطنين والمسئولين والوزراء لإذلالهم وابتزازهم خلال عهد مبارك؟". تاريخ من التجسس السياسي التنصت على مكالمات المواطنين والمسئولين لم يكن جديداً أو بدعة ابتدعها مبارك، بل كان من الطقوس الرئاسية المعروفة منذ ايام الرئيس جمال عبد الناصر، حيث كان الكل يتنصت على الكل .. والكل يسجل للكل، إلى أن حدثت الواقعة المشهورة في عهد الرئيس السادات الذي جاءه ضابط الشرطة الذي كان مسؤولا عن تسجيل المكالمات وأطلعه علي كل ما يجري من تسجيل للمكالمات تكشفت عن مؤامرة ضد رئيس الجمهورية ممن أطلق عليهم - أيامها - مراكز القوي، ما دفع السادات أن يأمر بحرق شرائط تسجيل هذه المكالمات لتي كانت تتم داخل غرفة محددة في سنترال رمسيس الشهير، وتم تعيين ضابط الشرطة سكرتيراً للرئيس نفسه ومسؤولاً عن أمنه وتأمينه .. ومن هذه التسجيلات تم اعداد قوائم الاتهامات التي وجهت لكل هؤلاء المتهمين وتم تقديمهم للمحاكمة .. وصدرت ضدهم أحكام رادعة. نيكسون "يستاهل" الفضيحة عالمياً تعتبر فضيحة "ووتر جيت" هي الأبرز في هذا الصدد، وترجع وقائع ذلك الحدث عندما أمر الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون رجاله بالتنصت علي المقر العام للحزب المنافس ومعرفة ما يجري داخله في يونيو عام 1972، ولكن الرئيس وحزبه أرادا معرفة مخططات الحزب المنافس ليعرفا كيف يفكر رجاله وما هي خططهم .. ورغم أن نيكسون حاول في البداية التنصل من هذه الجريمة ونفي علمه بها فإن التحقيقات أثبتت كذب الرئيس نيكسون وأنه ضالع في جريمة التنصت علي مكاتب ومكالمات الحزب المنافس لحزبه .. وكان أن تم إرغام الرئيس على الاستقالة وترك مقر الحكم في البيت الأبيض مقابل عدم تحريك الدعوي القضائية ضده .. ومحاكمته.