أخطأ رئيس تحرير «الجمهورية» .. وارد .. لكن لماذا يقال؟ لماذا نعيد ترسيخ ثقافة الخوف من الخطأ؟ لماذا نعيد صناعة الأصنام الذين لا يمكن أن يمسهم أحد .. حتى لو كان الصنم هنا هو الجيش المصري؟ لا أحد في مصر فوق المساءلة. كيف يمكن أن يتخذ رئيس مجلس الشورى القرار الخاص بتغيير رئيس التحرير حتى قبل أن ينتهي التحقيق معه. لو أخطأ موظف عند أي صاحب عمل .. فالسؤال المنطقي قبل أن أتخذ أي قرار: «ماذا حملك على هذا؟» .. ينبغي أن يستمع لوجهة نظر الموظف .. حتى لو كان رئيس تحرير جريدة .. فهو موظف. لا تملك تغيير موظف دون أن تعطيه أولا حق الرد على توجهه له من اتهام. ربما لا يعرف الكثيرون أي شيء عن رئيس التحرير هذا، ولا عن توجهاته، ولكن أنت يا مجلس الشورى من اختاره .. أعطه فرصة للنجاح .. والأهم .. أعطه فرصة للخطأ. لا يمكن أن ينجح من لا نعطيه فرصة أن يخطيء. نحن نصنع جبناء بهذه الطريقة. فالنهضة لا تقوم على خائفين .. ولا على أياد مرتعشة تخشى من الفصل والإيقاف. النهضة لا تحدث بعقليات العبيد ... أو ترسيخ فكرة الخوف من أن تقول ما لا يرضي السلطان. نعم .. الإعلام المصري يمر بحالة من الاستهتار .. وأحياناً من قلة الأدب مع الدولة .. لكن العلاج لن يكون بأن نوقف رؤساء التحرير الذين قمنا نحن في الدولة باختيارهم .. لأنهم أخطأوا مرة .. أو أكثر. نحتاج إلى طريقة تفكير أخرى ترى قيمة الخطأ في تطوير المجتمع وبناء الناجحين .. وليس فقط قيمة الصواب. إننا لا نتخذ هذا الموقف الآن تعاطفا مع أحد أو ضد أحد.. فنحن لا نعرف السيد رئيس مجلس الشورى .. ولا نعرف رئيس التحرير .. لكننا نعرف مصر .. ونعرف قواعد أساسية في العمل .. وبعض القواعد في النجاح .. ونرى أن هذا الفصل ليس هو القرار الصحيح في هذه اللحظة ... لأننا بحاجة إلى الأحرار .. وإلى من يكسرون حواجز الصمت عن بعض الجهات .. وإلى من يغامرون. حتى لو أخطأوا.