لا لم تكن كتيبة فرنسية تعتقل رئيس ساحل العاج وتصوره حتي تخفض الروح المعنوية للعاجيين وتؤكد لهم أن فرنسا قادرة على الوصول إلي رئيسهم في غرفة نومه بل كانت مجموعة جنود مصريين حملوا كاميراتهم قبل أسلحتهم ودروعهم ليعتقلوا نائب المرشد العام للإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر ، دخلوا عليه فوجدوه مستورا في سريره ولعل هذا كان كافيا ليخفضوا كاميراتهم لأن غرضهم من مفاجأته بالتصوير لم يتحقق ولكنهم كما عودونا دائما يخافون من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون وقد أمروهم بتصوير عورات منزل رجل لم ينقموا منه إلا أن آمن بالله وأحب وطنه وعمل من أجل رفعته ودخل السجن قربانا اقتطعه من نجاحه الذي لم يختلف عليه اثنان في داخل مصر أو خارجها . المشهد هنا مختلف تماما عن تصوير اعلاميين في قنوات اسلامية أثناء القبض عليهم واهانتهم أثناء اقتيادهم إلي السجن ، ووجه الإختلاف أن الأخيرين تم القبض عليهم في محل عملهم وإن كان تصويرهم وهم على تلك الحالة يعتبر سقطة فإن الولوج إلي غرفة نوم شخص مسالم والدخول عليه بالكاميرات على حين غفلة منه ومن أهله ابتغاء اهانته وكشف سوءاته وعورات بيته يعتبر سقوطا كبيرا واهدارا للقيم الأساسية للخصومة السياسية والقانونية بل وحتي الجنائية وعصف واضح بالحد الأدني من التعامل الإنساني ولو حتي مع شخص عادي ناهيك عمن كان متيقنا من توليه رئاسة الدولة وزعامة الأمة ، والحقيقة أن ما حدث مع المهندس خيرت الشاطر لا يخل من انتقام شخصي بالغت في تنفيذه قوات الأمن وبدلا من أن تقوم بتصوير الزعيم السياسي للحركة الإسلامية بجميع أطيافها وهو خارج من منزله إلى الشارع وأثناء ركوبه سيارة الشرطة – ابتغاء خفض الروح المعنوية لمؤيديه – حاولت أن تقتنص مشهدا انسانيا تعرض به لشخص وجسد الزعيم الإسلامي في وقت يضع أغلب الناس فيه ملابسهم ويأمنون خلاله فضول الآخرين . ورغم أني أثق أنه من غير المجدي تذكير هؤلاء بقول الله جل وعلى في كتابه العزيز " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون " خاصة وأن لهم خبرات واسعة في القبض عليه ومؤكد لديهم انتفاء سبق مقاومته أو امتناعه عن المثول لفرق الإعتقال ، ويبقى السؤال عن أهمية تصوير غرفة نومه أو تصويره أثناء ارتدائه جلبابه أو التأكيد على ارتدائه سروالا وقميصا أثناء نومه ، وماذا لو كان الرجل كحال كل المصريين في فصل الصيف يضع كثيرا من ملابسه أو غير ذلك من خصوصيات الناس في غرف نومهم ؟ إن ما حدث هو جريمة جنائية مكتملة الأركان وقعت بالتصوير بدون إذن في محل مستور وإن وضع هذا المشهد على الإنترنت لهو جريمة أخري .. وإن حالة الإنسداد القانوني التي تعيشها البلاد وتركز سلطات الدولة المغتصبة من الرئيس الشرعى لوضعها في يد شخص واحد تجعل اختصاص محكمة الجنايات الدولية ينعقد لمحاكمة القوة التي قامت بتصوير مشهد القبض داخل المحل المستور الذي هو منزل المهندس خيرت الشاطر وبدون اذنه وبغرض التشهير به والإساءة إلي عرضه وشرفه خاصة وأنه شخصية سياسية ذات حيثية من جهة ترشحه السابق لرئاسة الجمهورية واستبعاده من قبل لجنة الإنتخابات الرئاسية على خلفية واهية من اتهامه في قضايا سياسية استرد اعتباره منها بعفو رئاسي شامل ، وعليه فإن شبهه الإضطهاد السياسي له ولأسرته محقق بكل تأكيد . إن الخلاف السياسي وارد ويمكن أن يصل مداه بالقبض والسجن ، غير أنه لا خلاف على أن السقوط الأخلاقي غير وارد في المعادلة السياسية في مصر ، فهذا العهد قد مضي بكل مفرداته وآلياته ليس فقط في مصر والعالم العربي بل في كل الدنيا وإن معيارا للحضارة واضح في احترام الخصوم السياسيين للخصوصيات وإن شرف تلك الخصومة يكمن في التوقف عن التجريح والمبالغة في الإنتقام والإيذاء . [email protected]