«النواب» يوافق على قبول اعتراض رئيس الجمهورية على «الإجراءات الجنائية»    البنك المركزي يقرر خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 100 نقطة أساس    أسقفية الخدمات عضو التحالف الوطنى تنفذ دورة لتعليم الكبار بقرية سلامون بسوهاج    ترامب يشن هجوما على الديمقراطيين: يريدون إعطاء أموال الأمريكيين للمجرمين (تفاصيل)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    قلق فى ليفربول من غياب طويل محتمل ل محمد صلاح    تواجد بن رمضان وحنبعل.. قائمة تونس لمواجهتي ساو تومي وناميبيا في تصفيات المونديال    مشاهدة مباراة الأهلي وماجديبورج بث مباشر في كأس العالم للأندية لليد.. صراع البرونزية    المنصورة يفوز على مالية كفر الزيات.. وبروكسي يتعادل مع الترسانة في دوري المحترفين    الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الجمعة 3 أكتوبر 2025 وتفاصيل درجات الحرارة    قرار عاجل من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2028 (الباقين للإعادة)    البحيرة تخصص مقرا دائما للهيئة العامة للكتاب بدمنهور    في الذكرى ال838 لفتح القدس.. «صلاح الدين» مدرسة في الوحدة والرحمة والانتصار    «هل الأحلام السيئة تتحقق لو قولناها؟».. خالد الجندي يُجيب    انطلاق النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال 30 يناير    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    جامعة أسيوط تحتفل بتخرج الدفعة 39 من كلية التمريض.. وتُكرم المتفوقين    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    الكرملين: الاتصالات بين الإدارتين الروسية والأمريكية تتم عبر "قنوات عمل"    مخاوف أمريكية من استغلال ترامب "الغلق" فى خفض القوى العاملة الفيدرالية    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    لأول مرة.. الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    عرض خيال الظل مصر جميلة وفيلم حكاية عروسة يفتتحان الدورة الأولى من مهرجان القاهرة لمسرح العرائس    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    السيطرة على حريق فى سيارة مندوب مبيعات بسبب ماس كهربائي بالمحلة    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    ياسين منصور نائبًا.. محمود الخطيب يعلن قائمته النهائية    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقييم فنى للآثار المحتملة ل«سد النهضة» فى إثيوبيا
نشر في الشعب يوم 13 - 06 - 2013


الطيار العربى - د. عباس محمد شراقى
أثار بدء إثيوبيا فى تحويل مجرى قطاع من النيل حتى يمكنهم إنشاء سد النهضة للطاقة الكهرومائية- قلق دول المصب، خاصة مصر التى تعمل على المحافظة على حصتها المائية السنوية (55,5 مليار متر مكعب) من النهر. وما يثير القلق المصرى أن إثيوبيا وضعت خططا لاستثمار أكثر من 12 مليار دولار لاستغلال الأنهار التى تجرى عبر هضابها الوعرة لتصبح أكبر مصدر للكهرباء فى إفريقيا. ومحور الخطة هو سد النهضة الكبير الذى يجرى تشييده فى منطقة بنى شنقول المتاخمة للسودان. وتشير تقارير حكومية إثيوبية إلى أن طاقة السد الذى تم إنجاز 21% منه ستبلغ ستة آلاف ميجاوات فى نهاية المطاف، وهو ما يعادل إنتاج ست محطات للطاقة النووية. وعلى ذلك، يستهدف هذا التحليل تقييم الأثر الفنى لسد النهضة الإثيوبى، من حيث الفوائد والأضرار ومدى كفاءة السد نفسه.
جغرافيا سد النهضة:
استفادت الحكومة الإثيوبية بنجاح من بنود مبادرة حوض النيل كأساس للتكامل والتنمية المستدامة، وأنشأت مشروعى تيكيزى فى 2009، وتانا-بيليس فى 2011، كما أنها استغلت ثورات الربيع العربى وانشغال مصر بثورة 25 يناير 2011، فى الإعلان عن مشروع سد النهضة الإثيوبى العظيم فى فبراير 2011.
ويقع سد النهضة فى نهاية النيل الأزرق داخل الحدود الإثيوبية فى منطقة بنى شنقول جوموز بين جبلى Libiyat and Neqor، وعلى بعد نحو 14,5 كلم من الحدود السودانية على مسار النيل الأزرق، و10,5 كلم من أقرب نقطة على الحدود السودانية، و35 كلم من شمال التقاء نهر بيليس بالنيل الأزرق ، و750 كلم شمال غرب أديس أبابا، وعلى ارتفاع نحو 505 أمتار فوق سطح البحر عند قاعدة السد.
ويغلب على منطقة السد الصخور المتحولة لحقبة ما قبل الكمبرى، والتى تشبه فى تكوينها جبال البحر الأحمر الغنية ببعض المعادن والعناصر الهامة مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، وما يصاحبها من معادن كبريتية وعناصر ثقيلة مثل الرصاص والمنجنيز والزنك، بالإضافة إلى محاجر الرخام، والجزء الآخر يتميز بالصخور البركانية البازلتية، والتى يمكن أن تكون سببا فى حدوث بعض المشكلات للمشروع، أهمها تسرب المياه من خلال التشققات والفوالق الناتجة عن نشاط الأخدود الإفريقى العظيم، وحدوث زلازل نتيجة الحمل المائى الجديد الذى قد يصل إلى 74 مليار طن على طبقات بازلتية بينها فراغات وتجاويف تكونت عند فيضان اللافا البركانية، وتصلبها طبقة فوق الأخرى طبقا للنشاط البركانى على مدار ال30 مليون سنة الأخيرة، ويضاف إلى ذلك أيضا وزن الكتل الصخرية والخرسانة المكونة لجسم السد.
ورغم المشكلات السابقة يظل موقع سد النهضة هو الأفضل جيولوجيا فى حوض النيل الأزرق؛ حيث الارتفاعات المنخفضة نسبيا (متوسط 600 متر فوق سطح البحر) وبالتالى ظهور صخور القاعدة الصلبة (المتحولة) أكثر من أى مكان آخر فى الحوض.
تسميات السد وتغير المواصفات الفنية
وقد مر سد النهضة بعدة تسميات عكست أبعادا سياسية وتغيرا فى المواصفات الفنية تحسبا لمواقف دول المصب وخاصة مصر:
1- سد بوردر (Border) أو السد الحدودى:
سد (بوردر) هو الاسم الأصلى الذى جاءت به دراسة مكتب الاستصلاح الأمريكى التى أجريت على حوض النيل الأزرق (أبيى)، واستمرت 6 سنوات (1958-1964)، وانتهت بتحديد 26 موقعا لإنشاء السدود، أهمها أربعة على النيل الأزرق الرئيسى: كارادوبى، مابيل، ماندايا، وسد الحدود. وطبقا للدراسة الأمريكية فإن ارتفاع السد الحدودى نحو 84,5 م، وسعة التخزين 11,1 مليار م3، عند مستوى 575م للبحيرة؛ وقد يزداد ارتفاع السد فى الدراسات الأحدث ليصل إلى 90 مترا بسعة 13,3 مليار م3، عند مستوى 580م للبحيرة. وفى سيناريوهات أخرى قد تصل سعة التخزين إلى 16,5 مليار م3، عند مستوى 590م للبحيرة. وقد احتفظت إثيوبيا بسرية عزمها إنشاء سد «بوردر»، فلم يكن مدرجا ضمن الخطة الخمسية لإثيوبيا أو فى أى تصريح رسمى، إلى أن تسرب خبر إنشاء السد فى الصحيفة الإثيوبية (Addis fortune) يوم 6 فبراير 2011.
2- مشروع إكس X Project:
أعلنت صحيفة Addis fortune أن الشركة الإثيوبية للطاقة الكهربائية (EEPCo) بدأت فى إنشاء مشروع كهربائى على النيل الأزرق يعرف ب«مشروع إكس» بديلا للاسم القديم «بوردر»، وهذا يرجع إلى أن هذا المشروع سوف يعد قاطرة التنمية لإثيوبيا فى المرحلة القادمة. ولم تذكر أى تفاصيل أكثر مما هو معروف عن سد بوردر، إلى أن تم الإعلان رسميا فى 31 من مارس 2011 من خلال مؤتمر صحفى لوزير المياه والطاقة الإثيوبى «Alemayehu Tegenu» أكد فيه المعلومات السابقة، وذلك قبل يوم واحد من توقيع عقد تنفيذ المشروع مع شركة «سالينى» الإيطالية بدون مناقصة دولية بمبلغ 4,8 مليار دولار أمريكى.
3- سد الألفية العظيم Grand Millennium Dam:
أعلنت إثيوبيا عن تغيير اسم المشروع من «إكس» إلى «سد الألفية العظيم»، وتم وضع حجر الأساس فى اليوم التالى لتوقيع العقد 2 من أبريل 2011، بسعة تخزينية أكبر تصل إلى 17 مليار م3. وسمى بالألفية (طبقا لرئيس الوزراء الإثيوبى) لأنه سوف يكون أكبر سد تشيده إثيوبيا على نهر النيل أو أى نهر إثيوبى آخر خلال الألفية الحالية، كما أنه سوف يحتل صدارة المشروعات الإثيوبية، وهو الذى سوف ينقل إثيوبيا من الفقر، وهو بذلك يمثل إضافة لا تقارن إلى الخطة الوطنية للتوسع فى إنتاج الطاقة.
4- سد النهضة الإثيوبى الكبير Grand Ethiopian Renaissance Dam
بعد أقل من أسبوعين من تغيير اسم المشروع إلى الألفية وبالتحديد 15 من أبريل 2011، أعلن مجلس الوزراء الإثيوبى عن الاسم الجديد للمشروع «سد النهضة الإثيوبى العظيم»، وبذلك يكون الاسم الثالث خلال 45 يوما، وفى كل مرة يكون اسما أقوى من الناحية الشعبية، وله دلالة ومغزى سياسى، وتصاحبه أيضا زيادة مضطردة فى مواصفات المشروع، من حيث ارتفاع السد، ومن ثم سعة التخزين التى تغيرت من 11,1 مليار م3 فى الدراسة الأمريكية إلى ارتفاع 145 مترا بسعة تخزينية 62 مليار م3 طبقا لتصريحات وزير المياه والطاقة الإثيوبى، ثم ازدادت إلى 67 مليار م3 فى تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبى، ثم إلى 70 مليار م3، وأخيرا إلى 74 مليار م3 فى 2012، عند مستوى سطح الخزان عند التشغيل 610 أمتار فوق سطح البحر.
الخصائص الفنية لسد النهضة:
يتكون سد النهضة من سد رئيسى خرسانى على مجرى النيل الأزرق بارتفاع 145م وطول 1800م، وبيتين يحتويان على وحدات (توربينات) لإنتاج الكهرباء على جانبى النهر، وثلاث قنوات لتصريف المياه والتحكم فى منسوب بحيرة التخزين، وسد مكمل (سرج) بارتفاع 50م وطول 5 كلم لزيادة حجم تخزين المياه إلى 74 مليار م3، ولأن زيادة ارتفاع السد سوف تجعل المياه المخزنة تمر من المناطق المنخفضة بجوار السد فكان لزاما غلق هذه المناطق.
من خلال دراسة نماذج خرائط الارتفاعات يمكن استنتاج أن يصل طول البحيرة إلى 100 كلم بمتوسط عرض 10 كلم، وسوف يغرق نحو 200 ألف فدان من إجمالى 350 ألف فدان قابلة للرى فى منطقة السد (بيليس) ، بالإضافة إلى نحو 300 ألف فدان أخرى من الغابات.
يحتوى تصميم السد على 15 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات، وهى 10 وحدات على الجانب الغربى من النهر، و5 على الجانب الشرقى، بإجمالى 5225 ميجاوات، ازدادت مؤخرا بنهاية 2012 لتصبح 6000 ميجاوات، بإضافة وحدة أخرى على الجانب الشرقى لتصبح 6 وحدات، ما يجعل سد النهضة فى المرتبة الأولى إفريقيا والعاشر عالميا فى قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء.
وطبقا للجدول الزمنى للمشروع فإن من المقرر الانتهاء من أول وحدتين بعد 44 شهرا من بدء العمل بالمشروع، أغسطس 2014، والانتهاء من المشروع فى يوليو 2017. ومن المتوقع أن يستغرق سد النهضة سنتين أوثلاث سنوات إضافية للانتهاء من بنائه كما حدث فى المشروعات المائية السابقة.
كفاءة سد النهضة الكهربائية:
الهدف الأساسى من بناء سد النهضة هو إنتاج طاقة كهربائية بغرض التصدير للدول المجاورة كما ذكر سابقا. ويبلغ إجمالى إنتاج الكهرباء 6000 ميجاوات. وتصبح كفاءة السد 100% إذا أمكن تشغيل جميع وحدات إنتاج الكهرباء 24 ساعة يوميا، و365 يوما فى السنة، وفى هذه الحالة يكون إجمالى الطاقة المنتجة سنويا هو 52560 جيجاوات. والمتوقع إنتاجه من السد نحو 15000 جيجاوات/سنويا فى يونيو 2017 (Africa Report, 2012).
وهذه الكفاءة تعادل 28,5% من السعة الكلية فى حالة إنتاج 6000 ميجاوات، 33% فى حالة إنتاج 5250 ميجاوات. وفى جميع الأحوال تعتبر كفاءة السد منخفضة بالمعايير الإثيوبية أو الدولية، إذ إن متوسط كفاءة المشروعات الإثيوبية نحو 57,5% (EEPCo CEO , 2011). ويرجع انخفاض الكفاءة إلى المبالغة فى زيادة ارتفاع السد والسعة التخزينية، وكان من الممكن تخفيض حجم الاستثمار الكلى للمشروع الحالى بما يقرب من 50% من خلال بناء سد أصغر مع كفاءة عالية، وخطورة أقل على السودان ومصر فى حال فشل أو انهيار السد للأسباب الجيولوجية سابقة الذكر.
وفى حالة بناء هذا السد بكفاءة 60%، فإنه يمكن الحصول على المستهدف من الكهرباء (15128 جيجاوات/سنويا) من خلال 8 وحدات فقط بدلا من 16 وحدة، وبتكلفة أقل بنحو 45-50%. وهذا يؤكد أن خصائص السد فى الدراسة الأمريكية كانت أكثر ملاءمة وأكثر كفاءة وأقل تكلفة.
التكلفة والتمويل:
تبلغ تكلفة سد النهضة نحو 4,8 مليارات دولار أمريكى، والتى من المتوقع أن تصل فى نهاية المشروع إلى نحو 6-8 مليارات دولار أمريكى للتغلب على المشكلات الجيولوجية التى سوف تواجه المشروع. ورغم توالى التصريحات بزيادة سعة التخزين وإنتاج الكهرباء (زادت من 62 إلى 67 ثم 70 ثم 74 مليار م3، والكهرباء من 5250 إلى 6000 ميجاوات وحاليا أكثر من ذلك)؛ فإن التكلفة الإجمالية المعلنة ظلت كما هى دون أدنى تغيير رغم زيادة سعة التخزين بنسبة نحو 20% من المعلن عند وضع حجر الأساس فى أبريل 2011.
وذكرت الحكومة الإثيوبية أنها تعتزم تمويل المشروع بالكامل من خلال سندات طرحتها للشعب الإثيوبى. فى الوقت الذى تعانى فيه الحكومة الإثيوبية منذ عام 2006 من توفير الدعم اللازم لتكملة سد جيبى 3 على نهر أومو المتجه نحو بحيرة توركانا (كينيا) والذى يصل إلى نحو مليارى دولار أمريكى. والآن تضع الحكومة الإثيوبية نفسها فى مأزق أكبر بإنشاء سد النهضة ليصبح المطلوب توفيره نحو 7 مليارات دولار أمريكى على الأقل للانتهاء من السدين.
مدى التقدم فى بناء سد النهضة:
طبقا لتصريحات «أتو سيمجنيو بيكيلى» (Ato Simegnew Bekele) كبير المهندسين المشرفين على مشروع سد النهضة فى منتصف نوفمبر 2012؛ فإن أعمال الحفر الأرضية قد اكتملت بالفعل بما يشكل 17% من أعمال المشروع، هذا بالإضافة إلى أنه يتم حاليا إتمام أعمال الحفر من أجل تركيب الأنابيب اللازمة لتحويل المياه، وأن إثيوبيا قد حصلت حاليا على كل المعدات والآليات المطلوبة لإنشاء السد، كما تم الانتهاء من تركيب «قاطعة صخور» لديها القدرة على إنتاج 400 م3 من الصخور فى الساعة، إضافة إلى أنه يجرى حاليا تركيب آلة لإنتاج الإسمنت بالقدرة نفسها (MFA, 2012).
وقد بدأت أعمال التحويل المؤقت لمجرى النيل الأزرق فى 28 من مايو 2013 لمواصلة عملية بناء الجسم الرئيسى لسد النهضة (EEPCO, 2013)، بما فى ذلك أعمال حفر قناة التحويل، ومدخل ومخرج قناة التحويل، والسد المؤقت (حائط خرسانى). ويصب النهر فى المجرى نفسه بعد مسافة ما من منطقة المشروع، ومياه النهر ستعود إلى مسارها الطبيعى بعد الانتهاء من إنشاء السد.
وهذه الخطوة هندسية ضمن مراحل تشييد السد بهدف تجفيف أو إنضاب منطقة العمل لإكمال إنشاءات السد فى وسط النهر، وتم الإعلان عنها فى ذلك التاريخ لتتزامن مع احتفالات الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية (الحزب الحاكم) بمناسبة الذكرى ال22 لوصول الائتلاف الحاكم إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام (منجستو هيلى ماريام) فى 28 من مايو 1991. إذ إنه لا يمكن تنفيذ الإنشاءات وسط المياه دون تحويل مجرى المياه، وذلك فى إطار خطة بناء السد عن طريق تفادى الفيضان الذى يبدأ فى يونيه وينتهى فى أكتوبر، وهذه العملية لا تؤثر بأى حال من الأحوال فى تدفق المياه إلى السودان ومصر.
فوائد وأضرار سد النهضة لإثيوبيا:
ثمة مجموعة من الفوائد والأضرار لسد النهضة، سواء على إثيوبيا أو على دول المصب؛ فبالنسبة إلى الفوائد فإنها تتمثل فى التالى:
- الفائدة الكبرى لإثيوبيا من سد النهضة هى إنتاج الطاقة الكهرومائية (6000 ميجاوات) التى تعادل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة المستخدمة حاليا، علاوة على التحكم فى الفيضانات التى تصيب السودان، خاصة عند سد الروصيرص، وكذلك توفير مياه قد يستخدم جزء منها فى أغراض الزراعة المروية فى إثيوبيا أو السودان.
- تخزين معظم طمى النيل الأزرق فى إثيوبيا، والذى يقدر بنحو 420 مليار م3 سنويا، ما يقلل من تراكم هذا الطمى فى خزانات السدود السودانية التى فقدت من 50 – 75% من السعة التخزينية بسبب الطمى، وحجز الطمى فى سد النهضة يطيل عمر السد العالى من 50 إلى 100 عام ليصبح الإجمالى 600 عام.
- قلة البخر نتيجة وجود بحيرة السد على ارتفاع نحو 610 إلى 650 متر فوق سطح البحر، إذا ما قورن بالبخر فى بحيرة السد العالى (160-176م فوق سطح البحر)، علاوة على تخفيف حمل وزن المياه المخزنة عند بحيرة السد العالى، والتى تسبب بعض الزلازل الضعيفة، أضف إلى ذلك تنشيط منطقة السد سياحيا، وزيادة الثروة السمكية فى إثيوبيا.
أما الأضرار المحتملة لسد النهضة فمن أبرزها:
- إغراق نحو 150 – 200 ألف فدان من الأراضى الزراعية القابلة للرى، والتى تعد محدودة فى حوض النيل الأزرق (1,3 مليون فدان) تحت بحيرة السد، ونحو 300 ألف فدان من الغابات. كما أن السد قد يساهم فى إغراق بعض المناطق التعدينية الواعدة بالكثير من المعادن الهامة مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، وكذلك بعض مناطق المحاجر، علاوة على تهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة.
- قصر عمر سد النهضة الذى يتراوح بين 50 – 100 عام نتيجة الإطماء الشديد (300 – 420 ألف متر مكعب سنويا)، وما يتبعه من مشكلات كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص فى كفاءة السد تدريجيا. علاوة على ذلك ، انخفاض كفاءة سد النهضة فى إنتاج الطاقة الكهربائية، والتى تتراوح بين 28,5 و30%.
- زيادة فرص تعرض السد للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق التى تصل فى بعض الأيام (أغسطس) إلى ما يزيد على نصف مليار متر مكعب يوميا، ومن ارتفاع يزيد على 2000م نحو مستوى 600م عند السد، وإذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقرى والمدن السودانية وخاصة الخرطوم التى قد تجرفها المياه بطريقة تشبه التسونامى.
- زيادة فرص حدوث زلازل بالمنطقة التى يتكون فيها الخزان نظرا إلى وزن المياه التى لم تكن موجودة فى المنطقة من قبل فى بيئة صخرية متشققة، والذى قد يصل إلى 74 مليار طن علاوة على وزن السد الصخرى.
- فقد السودان الطمى الذى يخصب الأراضى الزراعية حول النيل الأزرق، والذى يعد المصدر الرئيسى لتغذية النباتات، وعدم تعود السودانيين على استخدام الأسمدة الزراعية.
- تلوث مياه بحيرة السد نتيجة تخزينها أعلى صخور غنية بالمعادن والعناصر الثقيلة.
- فقد مصر والسودان كمية المياه التى تعادل سعة التخزين لسد النهضة، والتى تتراوح من 15 إلى 25 مليار م3 حسب سعة التخزين الميت، ولمرة واحدة فقط، وفى السنة الأولى لافتتاح السد نظرا إلى أن متوسط إيراد النيل الأزرق نحو 50 مليار م3 سنويا، فلا يحتاج هذا السد سنوات لملء البحيرة، بل عاما واحدا فقط، ولكن الحكومة الإثيوبية أعلنت أنها سوف تدير الوحدات الكهربائية على مراحل، ومن ثم فإن مياه سعة التخزين الميت يمكن حجزها على مدار ثلاث سنوات. وهذا الفقد يستوجب معرفة مصر والسودان من حيث الكمية وموعد التشغيل لأخذ الاحتياطيات اللازمة لتفادى أزمة نقص المياه فى سنوات الملء.
تقييم أهمية سد النهضة:
إن الهدف الأساسى من سد النهضة هو إنتاج طاقة كهربائية تقدر ب6000 ميجاوات، والشعب الإثيوبى يحتاج إلى ثلاثة سدود بحجم سد النهضة حتى يغطى احتياجات ال90 مليون نسمة، إلا أن خطط إثيوبيا تركز على تصدير الكهرباء للدول المجاورة وخاصة السودان، وحرمان معظم الشعب من هذه الطاقة، وعائد التصدير لن يعوض إثيوبيا تكلفة المشروع التى تتعدى خمسة مليارات دولار أمريكى، وبذلك لن يحقق المشروع آمال معظم الشعب فى الحصول على الكهرباء.
كثير من الإثيوبيين يحتاجون إلى المياه بعد انتهاء موسم المطر، وخاصة الذين يعيشون بعيدا عن مجارى الأنهار، ولن يحقق خزان سد النهضة آمالهم فى الحصول على المياه، سواء للشرب أو للزراعة، لأنهم يعيشون فى المرتفعات (متوسط 2000 متر فوق سطح البحر) والخزان على ارتفاع 610-650 مترا فوق سطح البحر، والذين سوف يعيشون حول الخزان لن يزيد تعدادهم عن مئات الآلاف، خاصة أن السد على الحدود السودانية، ولا توجد تجمعات عمرانية كبيرة فى محيط المشروع. كما أن منطقة المشروع بها مساحة محدودة قابلة للرى (350 ألف فدان)، سوف يغرق منها نحو 200 ألف فدان، ومن ثم فإن الاستفادة الزراعية من المشروع ضئيلة.
(*) قسم الموارد الطبيعية، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.