تلقت الحكومة الصومالية الهشة ضربة أخرى وجهت لسلطتها عندما رفض وزير دفاعها الخطة التي تؤيدها بشأن استقدام قوات حفظ سلام دولية إلى البلاد، ودعا الجنود السابقين إلى العودة للخدمة. والاستدعاء الذي وجهه وزير الدفاع وأحد زعماء الفصائل السابقين الكولونيل "عبد القادر أدن شاير" -المعروف أيضا باسم "بري هيرعلي"- سلط الضوء على التصدع الذي تسبب في شلل الحكومة المؤقتة التي تحاول بسط السيطرة على البلد. وقال بري هيرعلي لوكالة (رويترز) من معقله بميناء كيسمايو بجنوب الصومال: "ينبغي أن يعود ضباط الجيش الصوماليون السابقون للدفاع عن بلدهم ويؤدوا العمل الذي قد تقوم به القوات الأجنبية المفترض إحضارها". وأضاف: "اتفاق دمج القوات الذي تم التوصل إليه هام، ويمكنه تغيير الكثير لكني أخشى أن يكون من المستحيل تنفيذه؛ لأن الإسلاميين (اتحاد المحاكم الإسلامية) والحكومة بحاجة إلى الاتفاق بشأن قضايا صعبة اختلفوا بشأنها منذ البداية". وفي مقديشو، استدعى جنرال سابق كبير قال إنه يتصرف بناء على أوامر هيرعلي زهاء 300 من الضباط السابقين بجيش الرئيس السابق محمد سياد بري الذي أدت الإطاحة به في عام 1991 إلى غرق البلاد في حالة من الفوضى. وقال الجنرال محمد أدن جلال: "ينبغي أن تكون كل القوات جاهزة ومستعدة للدفاع عن البلاد ضد القوات الإثيوبية الموجودة في بلدنا.. إننا نؤيده وسنعير نداءه انتباهنا". وأدت المساعي لإحكام السيطرة على البلاد بالحكومة إلى قبول خطط متناقضة على مدى اليومين الماضيين. وكان أول تلك الخطط اتفاق من حيث المبدأ على ضم قواتها إلى قوات اتحاد المحاكم الإسلامية التي فرضت سيطرتها على العاصمة مقديشيو في يونيو الماضي ومناطق في الوسط والجنوب، بينما تركزت خطة أخرى على استقدام قوات حفظ سلام أجنبية والتي ثارت حولها نزاعات شديدة وأرجئت لفترة طويلة. وقال عبد الرحمن ديناري المتحدث باسم الحكومة إنها تؤيد الاتفاق بشأن دمج القوات غير أنه حذر من أنه في حال ما إذا فشلت خطة إيجاد "فسيخضع الصومال عندئذ للاضطرابات والفوضى التي ستؤثر على منطقة القرن الإفريقي". ونادرا ما تتحدث الحكومة الهشة بصوت موحد، كما أن النزاع بشأن محاولة الرئيس عبد الله يوسف في أكتوبر 2004 استقدام قوات حفظ سلام منعها من إحراز أي تقدم ملموس خلال قرابة عامين من وجودها، بحسب رويترز. وفي ختام مفاوضات استمرت ثلاثة أيام في الخرطوم تحت رعاية جامعة الدول العربية، وقَّع اتحاد المحاكم الإسلامية والحكومة الصومالية الانتقالية الإثنين اتفاق سلام مبدئيا ينص بشكل خاص على تشكيل جيش مشترك وقوة للشرطة تدمج فيهما الميليشيات الإسلامية والحكومة الانتقالية والميليشيات الأخرى المحلية في البلاد التي تمزقها الحروب الأهلية بين أمراء الحرب منذ 15 عاما. واتفق الطرفان على الالتقاء مجددا يوم 30 أكتوبر المقبل لبحث مسألة تقاسم السلطة في المسائل الأمنية والسياسية. غير أن دول شرق إفريقيا التي اجتمعت في العاصمة الكينية نيروبي الثلاثاء تحت مظلة الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) الإقليمية التي ترعى عملية السلام بالصومال حثت على سرعة تمويل ونشر قوات حفظ سلام. ويعارض اتحاد المحاكم بشدة دخول قوات أجنبية إلى الصومال وخاصة القوات الإثيوبية؛ وهو ما أدى إلى نشوب خلاف مع الحكومة المؤقتة التي تفتقر إلى الأموال التي تمكنها من نشر جيش قوي للسيطرة على البلاد. وقال أحد عناصر ميليشيا اتحاد المحاكم طلب عدم الكشف عن اسمه "القوات (الحكومية) تعمل عن كثب مع عدوتنا إثيوبيا، إذا لم تتوقف عن ذلك فلا أعتقد على الإطلاق أننا سنثق بهم". ويقول شهود عيان: إن قوات إثيوبيا موجودة بالفعل في الصومال لحماية الحكومة في مقرها بمدينة بيداوا البعيدة عن مركز البلاد رغم النفي الإثيوبي لذلك. وبرز اتحاد المحاكم الإسلامية في يونيو الماضي كقوة سياسية وعسكرية جديدة بالصومال بعد أن أنزلت قواته الهزيمة بزعماء ميليشيات تساندهم الولاياتالمتحدة، وسيطرت على مقديشو ومناطق إستراتيجية أخرى بوسط وجنوب الصومال.