عبد الحميد بركات: التوقيت غير مناسب وحق التظاهر مكفول بالدستور وافق مجلس الشورى، على مشروع قانون التظاهر السلمى مبدئيا، المقدم من الحكومة، رغم التحفظات التى أبدتها بعض القوى السياسية الإسلامية على القانون ورفض الأحزاب المدنية له بالجملة، متخوفين من تقيد حق من حقوق الإنسان فى التعبير عن رأيه إضافة إلى عدم إمكانية تطبيق القانون على أرض الواقع فى ظل الظروف الأمنية التى تشهدها البلاد من أعمال عنف وبلطجة تحت مسمى التظاهر والتعبير عن الرأى، فالتعبير عن الرأى بالتظاهر السلمى حق أصيل من حقوق الإنسان، ولكنه شأن أى حق للإنسان، يجب ألا يترتب على ممارسته إضرار بحقوق الآخرين. ملامح القانون وينص القانون على ضرورة إبلاغ الشرطة بالاجتماع أو المظاهرة قبل موعدها ب24ساعة بدلا من 3 أيام، وذلك تقليصا للمدة التى اقترحتها الحكومة فى القانون المقدم على أن يكون الإخطار شاملا بيان الزمان والمكان وموضوعه واسم منظمه وصفته وصناعته ومحل وظيفته، ويجوز لجهة الإدارة منع الاجتماع إذا رأوا أن من شأنه أن يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام، ويجوز لمنظمى الاجتماع أن يتظلموا من أمر المنع إلى المحكمة المختصة لتفصل فيه فورا على وجه الاستعجال، أما الاجتماعات الانتخابية فلا يجوز منعها أبدا، كما لا يجوز عقد الاجتماعات والمظاهرات فى أماكن العبادة أو فى المدارس أو فى غيرها من محال الحكومة، ولا يجوز على أية حال أن تمتد هذه الاجتماعات إلى ما بعد الساعة الحادية عشرة ليلا إلا بإذن خاص ولا تجوز المظاهرات قبل الساعة السابعة صباحا، ولا يجوز أن تتأخر بعد الساعة السابعة ليلا. الشرطة وفض المظاهرات كما منح القانون الحق لرجال الشرطة دائما فى حضور الاجتماع؛ لحفظ النظام والأمن، ولمنع كل انتهاك لحرمة القانون، ويكون من حقه أن يختار المكان الذى يستقر فيه، ويجوز له طلب حل الاجتماع فى حالة خروج الاجتماع أو المظاهرة عن ما جاء فى الإخطار أو ألقيت فى الاجتماع خطب أو حدث صياح أو أنشدت أناشيد تتضمن الدعوة إلى الفتنة، كما أعطى القانون الحق لرجال الشرطة فى تفريق كل احتشاد أو تجمهر من شأنه أن يجعل الأمن العام فى خطر أو تقييد حقه فى تأمين حرية المرور فى الطريق والميادين العامة، وعلى كل محافظة تحديد مكان للتظاهر، ويحظر حمل السلاح خلال الاجتماعات. وعلى الشرطة مسئولية كاملة عن تأمين المظاهرات والقيام بجميع المهام التى تساعدها على القيام بدورها للحفاظ على سلمية المظاهرات، ولها الحق فى استخدام الأدوات المصرح بها دوليا فى تفريق المتظاهرين بعد انتهاء الوقت المحدد أو إذا خرجت المظاهرات عن الهدف المحدد لها مثل المياه أو القنابل المسيلة للدموع أو العصى الكهربائية دون استخدام الرصاص الحى أو الخرطوش أو المطاطى. كما حظر القانون على المؤسسات العامة للدولة والخاصة الاعتصام والتظاهر الذى يترتب عليه تعطيل العمل والإضرار العمدى بالمصالح الاقتصادية للدولة والمواطنين، ولا يسمح إلا بالتظاهر الذى لا يتجاوز ثلث عدد عمال المؤسسة بعد إخطار الجهات الأمنية، كما حظر القانون التظاهرات الفئوية التى تؤدى إلى قطع الطرق والسكك الحديدية وتعطيل المواصلات العامة، كما لا يجوز للعامل أن يُضرب دون إعطاء إشعار لصاحب العمل قبل مدة لا تقل عن أربعة عشر يوما من التاريخ المحدد للإضراب وتضاعف هذه المدة إذا كان العمل متعلقا بإحدى خدمات المصالح العامة. وعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التى لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه، كل من قام بفعل أو حرض أو ساعد على مخالفة أحكام هذا القانون وترتب عليه تعطيل العمل أو إعاقة إحدى المؤسسات العامة أو الخاصة عن القيام بدورها. فلسفة القانون وأكد د. إيهاب الخراط رئيس لجنة حقوق الإنسان بالشورى على وجود بعض المشكلات فى القانون من حيث فلسفة الصياغة وتوقيته، فالقانون به عبارات فضفاضة ويعطى للأمن الحق فى فض المظاهرات بصورة يحددها رجل الأمن مستندا إلى العبارات الفضفاضة فى القانون كالإخلال بالمال العام، وتعطيل مصالح الناس، وتعطيل المرور وغيرها. فالقانون إذا تمت صياغته بصورة جيدة سوف يطبق بصورة جيدة. وأشار الخراط إلى أن توقيت القانون فيه شىء من الصعوبة فى تطبيقه؛ فالشعب الآن فاقد الثقة فى رجل الأمن، كما أن الدخلية فى أشد الحاجة هذه الأيام إلى إعادة هيكلة وخاصة الأمن المركزى الذى يتعامل مع فض المظاهرات، فرجل الأمن غير مدرب وغير مؤهل لفض المظاهرات بطريقة آدمية كما تتم فى الدول المتقدمة. وأوضح رئيس لجنة حقوق الإنسان بالشورى أن القانون لا يزال قيد الدراسة وسوف يطرح للحوار المجتمعى قبل إقراره. توقيت غير مناسب وأضاف عبد الحميد بركات نائب رئيس حزب العمل، وعضو مجلس الشورى: ليس مناسبا فى هذا الوقت صدور قانون تنظيم التظاهر والاعتصام، فهو ليس من القوانين الملحة الآن، مع التأكيد أن حق التظاهر مكفول لكل فرد، ولكن بشرط أن يكون التظاهر سلميا، ولا يكون مصحوبا بأى نوع من العنف الذى وجد فى الشهور الماضية. ويرى د. أحمد الخولى الأمين العام المساعد لحزب العمل وأمين التظيم أن توقيت القانون غير متناسب مع هذه الفترة، كما أن المشكلة ليست فى القانون بل فى تطبيقة؛ فهناك من القوانين الموجودة ولكن غير مفعلة كقانون البلطجة وعدم تفعيله أدى إلى كثير من أعمال العنف والبلطجة التى يشهدها المجتمع وأصبح من يحمل الملوتوف أحسن ممن يحمل الطوب ومن يحمل، الجرانوف أحسن ممن يحمل الخرطوش... وهكذا، بالإضافة إلى قطع الطرق وحرق مقرات الأحزاب، وغيرها من أعمال البلطجة التى لم تنته إلا من خلال تفعيل القانون. وأكد الخولى: إننا لسنا ضد التظاهر السلمى ولكن ضد التخريب والعنف وندعو إلى الاستقرار حتى تهدأ الأمور وتسير عجلة الإنتاج. ويتفق معه د. عطية عدلان رئيس حزب الإصلاح والتنمية الذى أكد أن قانون العقبات المصرى به نصوص تجرم أعمال العنف والبلطجة ورمى مؤسسات الدولة بالحجارة والملوتوف والتى ترتكب باسم التظاهر، ومع ذلك لم يطبق القانون تجاه هؤلاء المخربين. وأضاف عدلان أن المشكلة ليست فى سَن القوانين وتكديسها، ولكن المشكلة فى تطبيق القوانين. تقييد لحق التعبير كما وصف أيمن عقيل مدير مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية القانون بأنه يقيد حق التعبير عن الرأى الذى منحه الدستور المصرى، والموجود فى كل المواثيق والأعراف الدولية، فنحن ضد التخريب والعنف والتعدى على المنشآت العامة والخاصة، نحن ضد الفوضى وتعطيل مصالح الناس بحجة التظاهر، لكننا أيضا ضد تقييد حقنا فى الاعتراض على شىء أو سياسة أو ظلم واقع على فئة معينة إلا بإذن مسبق والقانون يقول «إخطار»، ولكن المتفحص لمواد القانون يفهم أنه إذن مسبق من الجهات المختصة بتنظيم المظاهرة، أو عمل الاعتصام. كما أكد المستشار مرسى الشيخ رئيس مركز العدالة وحقوق الإنسان أن القانون الذى طرحته الحكومة ويناقش فى مجلس الشورى الآن، غير واضح النصوص التى تتسم معظمها بأنها فضفاضة؛ فعلى سبيل المثال من المسئول فى جهاز الشرطة عن مراقبة المظاهرات وإعطاء التصاريح، كما أن القانون مقيد لحق التظاهر الذى كفله الدستور للمواطن المصرى لذلك نحن نرفضه.