تحير الكثير من المسلمين فى كيفية تحديد اتجاه القبلة حتى إنه انقسم مسلمو مدينة «سياتل» بالولايات المتحدة حول هذا الأمر، فأثار هذا الموضوع الجمعية العربية للمساحة، فقامت بعمل ندوة استضافت فيها العميد عبد العزيز سلام الذى قام بعمل بحث موسع حول هذا الموضوع، استطاع التوصل به إلى تسع طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة عن طريق حساب المثلثات وجداول الرياضيات، وحصل من الهيئة المصرية العامة للمساحة على تصديق رسمى بصحة هذه الطرق التسع. وقد جاء فى كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة» الذى أصدره قسم المساجد بوزارة الأوقاف المصرية فى تعريف حد القبلة، أن القبلة لمن كان بمكة أو قريبا منها هى عين الكعبة -أى منتصفها- أو هواؤها المحاذى لها من أعلاها أو من أسفلها، فيجب على المصلى أن يستقبل عينها يقينا إن أمكن وإلا اجتهد فى إصابة عينها، والقبلة لمن كان بعيدا عن مكة هى جهة الكعبة، فيجوز له الانتقال عن عين الكعبة يمينا أو شمالا، ولا بأس بالانحراف اليسير الذى لا تزول به المقابلة بالكلية بحيث يبقى شىء من سطح الوجه واصلا بالكعبة. أما عن طرق حل هذه المسائل؛ فالطريقة الأولى حسابية باستخدام قوانين حل المثلث الكروى، وذلك باستخدام قانون (نصف الظل)، فثبت – مثلا - أن اتجاه القبلة للراصد الموجود بمدينة الإسكندرية هو 135,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقى مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما اتجاه القبلة للراصد فى مدينة سياتل فهو 17,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقى مع اتجاه دوران عقارب الساعة، واتجاه القبلة للراصد الموجود فى هونج كونج هو 285,1 درجة من اتجاه الشمال الحقيقى مع اتجاه دوران عقارب الساعة. وأما الطريقتان الثانية والثالثة فتتمَّان عن طريق حساب المثلثات باستخدام جداول خاصة بهذا العِلْم الرياضى، وقد ثبت من هاتين الطريقتين الدرجات السابقة نفسها لاتجاه القبلة بالإسكندرية أو بسياتل أو بهونج كونج. وأما الطريقة الرابعة فتتم باستخدام كرة النجوم؛ فيحتاج المَلاَّح فى أثناء الإبحار إلى طريقة سريعة لتحديد اتجاه القبلة باستخدام كرة النجوم بدقة مقبولة بإذن الله تعالى، وهو ما يتم به تحديد موقع الكعبة الشريفة بضبط خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل على كرة النجوم وخط طول الكعبة الشريفة. والطريقة الخامسة باستخدام «قرص النجوم»، وفيها يتم تحديد موقع الكعبة الشريفة على قرص النجوم بالطريقة نفسها التى تمت على كرة النجوم بتوقيع خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل للجرم السماوى، وخط طول الكعبة الشريفة بالنسبة إلى موقع الراصد. والطريقة السادسة باستخدام «مخطوط ويرز»، وفيها يتم توقيع خط عرض الكعبة الشريفة على خط الأساس على تدريج ميل الجرم السماوى. والطريقة السابعة باعتبار موقع الكعبة الشريفة نقطة مراجعة فى بعض الأجهزة الملاحية؛ إذ توجد لدى بعض الأجهزة الملاحية -مثل جهاز تحديد الموقع بالأقمار الصناعية- إمكانية تخزين نقاط مراجعة مع القدرة على إعطاء اتجاه ومسافة هذه النقطة فى أية لحظة، فيتم تخزين موقع الكعبة الشريفة فى ذاكرة الجهاز كونه نقطة مراجعة، وفى أية لحظة يراد معرفة اتجاه الصلة يتم طلب اتجاه ومسافة نقطة المراجعة هذه باستخدام طريقة السير على الدائرة العظمى. وأما الطريقة الثامنة فباستخدام ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة الشريفة، فعندما تتعامد الشمس على مكةالمكرمة يكون اتجاهها فى هذه اللحظة هو اتجاه القبلة، والشمس تتعامد على الكعبة الشريفة مرتين سنويًّا، وذلك حينما يكون ميل الشمس مساويًا لخط عرض الكعبة الشريفة، وفى أثناء مرورها الزوالى فوق الكعبة الشريفة (لحظة أذان الظهر بمكةالمكرمة) ويكون ارتفاع الشمس 90 درجة فى تلك اللحظة للراصد الموجود بالمسجد الحرام بمكةالمكرمة، وسيكون ذلك فى يوم 28 من مايو فى الساعة 12 ظهرا و17 دقيقة و52,8 ثانية بتوقيت المملكة العربية السعودية، ثم فى يوم 15 من يوليو فى الساعة 12 ظهرا و26 دقيقة و40,8 ثانية من كل عام بتوقيت المملكة العربية السعودية، وفى هذين اليومين ستكون الشمس مرئية لجميع سكان قارة إفريقيا وأوروبا وآسيا شرقا حتى الفلبين والجزء الشمالى الغربى من قارة أستراليا، وكل من يراها فى تلك اللحظة المذكورة عاليه فإنه سيكون مستقبلا للقبلة بإذن الله تعالى، ويمكن ملاحظة عمود إنارة مثلا فى تلك اللحظة ليدل على اتجاه القبلة وبذلك يمكن لكل مسلم أن يتأكد من مكانه ويعممه على طول العام. وأخيرا الطريقة التاسعة هى خريطة الصلاة التى رسمها المركز الإسلامى بالولايات المتحدةالأمريكية، وهى توضح اتجاه القبلة بالزوايا فى جميع أنحاء العالم. الجدير بالذكر أن شيخ الأزهر شكَّل لجنة للفتوى لإعطاء فتوى نهائية بصحة الطرق التسع لتحديد اتجاه القبلة.