فى تطور خطير، شرعت الحكومة الصهيونية فى إجراءات رسمية لتقسيم المسجد الأقصى والسماح للمستوطنين اليهود بدخول المسجد وباحاته عنوة للصلاة فيه، مستغلة حالة التفتت والتردى العربى، وبعدما اقتحم المستوطنون الأقصى بحماية جنود الاحتلال ورقصوا فيه ووجهوا السباب والشتائم للمسلمين والنبى محمد -صلى الله عليه وسلم-، فيما تم منع المسلمين من الصلاة وضرب الشيوخ واعتقل العشرات. وردد أكثر من 50 ألف إسرائيلى أغلبهم من شبيبة المدارس الدينية اليهودية فى مسيرة راقصة انطلقت من غرب مدينة القدسالمحتلة واخترقت البلدة القديمة عبر باب العامود، وانتهت بمهرجان غنائى حاشد عند حائط البراق، أدى للتشويش على الصلاة فى المسجد الأقصى المبارك، والتى تزامنت مع الذكرى ال 46 لاحتلال شطرى القدس، هتافات نابية بحق النبى الأكرم محمد –صلى الله عليه وسلم- منها "محمد مات"،" محمد ليس بنبى"، "ومحمد مخرب"، كما ردد آخرون شعارات عنصرية بحق الأقصى والعرب، منها "جبل البيت بأيدينا"، "فلتهدم القرى العربية". وكشفت "وزارة الأديان" الإسرائيلية النقاب عن مساع رسمية من أجل تقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود، بزعم أن منع اليهود من أداء طقوسهم فيه "خرق لحرية العبادة"، وأعلن مدير "وزارة الأديان" فى الحكومة الإسرائيلية (الحنان غلات) على هامش جلسة برلمانية فى "الكنيست" أن الوزارة ستسعى إلى "تعديل قانون" السماح لليهود بأداء طقوسهم فى المسجد الأقصى، وقال: "إن لجنة برلمانية كلفت بدراسة هذا الموضوع، كى يتمكن اليهود الذين يريدون الصلاة فى الموقع من ذلك". وأكدت رئيسة اللجنة البرلمانية ميرى ريغيف أن "منع اليهود من الصلاة على جبل الهيكل (الاقصي) هو تمييز لا يمكن احتماله وخرق لحرية العبادة"!!. وكانت الإذاعة العبرية قد كشفت النقاب عن أن "الكنيست" (البرلمان) الإسرائيلى، ناقش الأربعاء (8/5)، إقرار قانون يسمح بزيادة عدد المستوطنين اليهود بدخول المسجد الأقصى المبارك، فى الوقت الذى تحذّر فيه جهات فلسطينية ودولية تُعنى بشئون القدس من تقسيمه مكانًا وزمانًا كما هو الحال مع المسجد الإبراهيمى. ويقول خبراء إن هذه الخطوات الصهيونية المتسارعة، تؤكد إصرار الاحتلال على المضى قدمًا فى مخططه للتقسيم الزمانى للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وأنه خطوة استباقية للتقسيم المكانى للمسجد، كما حدث منذ 20 عامًا تقريبًا مع الحرم الإبراهيمى بمدينة الخليل. وقال مدير المسجد الأقصى الشيخ ناجح بكيرات: "إن اقتحام الأقصى المبارك يأتى ضمن مخطط كبير جدًا لأن (إسرائيل) لا تلتفت للاتفاقيات ولا حتى للقرارات الدولية، ففى كل لحظة تخرق الاتفاقيات بمخططاتها التى تهدف لترحيل المقدسيين واستباحة المقدسات وخلق فسيفساء جديدة للمدينة". وأشار إلى أنه وخلال ذكرى احتلال القدس اقتحم أكثر من 12 ألف يهودى المدينة من منافذ عدة، وخرجوا إلى مواقع أثرية إسلامية، وتجولوا فى الأنفاق وجبال القدس وقلب المدينة، واختتمت هذه الفعاليات على أرض الأوقاف وبركة السلطان بخلاف احتفالات ومحاضرة لنتنياهو فى مركز يهودى ومسيرة للأعلام الراقصة فى البلدة القديمة على جراحنا ومقدساتنا، ما يؤكد أن الاحتلال يريد تحويلها إلى عاصمة يهودية عبرية لدولة يهودية عبرية. وتابع أن: "الاحتلال منع طلبة العلم من دخول الأقصى لأنه يريد أن يوفر جوا هادئا للمستوطنين للتجول فى المسجد، ويفرض قضية التقسيم الزمنى بالقوة". وقد أكدت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث أن الاحتلال الإسرائيلى يسعى إلى تنفيذ (مخطط زاموش) لتهويد محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة فى القدس، والذى يتضمن (حديقة تيدى الجديدة) ومشروع (قطار البراق الهوائى) و(مركز آينشتاين)، بالإضافة إلى المشاريع التى تنفذ فى منطقة ساحة البراق وجواره كمشروع (بيت شطرواس) و(مطاهر الهيكل). وأشارت (مؤسسة الأقصى) إلى أن الاحتلال الإسرائيلى يسعى إلى إيجاد حيّز تهويدى حول القدس القديمة والمسجد الأقصى، وجذب عشرات آلاف الإسرائيليين والسياح الأجانب إلى هذه المواقع بهدف توسيع دائرة السيطرة الاحتلالية الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى، وطمس المعالم الإسلامية والمسيحية فى المدينة. وذكرت المؤسسة أن من بين مخططات (زاموش) إحاطة البلدة القديمة بالقدس بالحدائق التوراتية، الأمر الذى بدأ فعلا، حيث افتتحت قبل يومين (حديقة تيدى الجديدة)، بجوار باب الخليل ومنطقة بركة السلطان سليمان القانونى، فيما يتواصل العمل لبناء متنزه عام وتهويد كامل منطقة بركة سلطان سليمان القانونى. و(مخطط زاموش) التهويدى الاستيطانى يقوم على إقامة عدد من القطارات الهوائية التى تسهل الوصول السياحى والإسرائيلى من جميع المناطق المحيطة بالقدس القديمة لتربطها بمنطقة حائط البراق، وقبل أيام أعلن عن البدء بترتيبات مستعجلة لإقامة قطار هوائى بطول 1.5 كم يصل ما بين منطقة جبل الزيتون/رأس العامود –قبالة الجهة الشرقية للمسجد الأقصى- وبين باب المغاربة وحائط البراق، بالتوازى مع ربطه بمنطقة باب الخليل، كما يتضمن المخطط إقامة عدة مبانٍ ومراكز تحكّم وإدارة فى مناطق عالية مشرفة على القدس والأقصى، ويأتى المخطط الذى أعلن عنه مؤخرا باسم (مركز آينشتاين)، بارتفاع 35 مترا -10 طوابق- على قمة جبل المشارف، من الجهة الشمالية الشرقية المطلة على المسجد الأقصى، لتحقيق جزء من مخطط زاموش. وقمعت قوات الاحتلال مسيرة سلمية فلسطينية خرجت للتصدى لاحتفالات المستوطنين بما يسمى توحيد شطرى القدس واحتلالها، وذلك فى منطقة باب العمود بمدينة القدس، واعتقلت أطفالاً وشيوخا وشبانا وصحفيين، واعتدت على العشرات بالهراوات وأعقاب البنادق. وقد طالب البرلمان الأردنى، من الحكومة طرد سفير الكيان الصهيونى من عمّان واستدعاء سفير المملكة وليد عبيدات من "تل أبيب" ردا على ممارسات الاحتلال "بحق المسجد الأقصى وانتهاك المقدسات". وصوّت البرلمان بالإجماع بحضور رئيس الوزراء عبد الله النسور وأعضاء فى حكومته على قطع جميع العلاقات الرسمية بكل أشكالها، ووجوب الالتزام بمطالبات النواب التى أكد "النسور" الشروع فى بحث تنفيذها. ودعا نواب إلى إلغاء اتفاقية "وادى عربة"، وذهب آخرون إلى وجوب اتخاذ قرار رسمى بإعلان الحرب على الكيان، واستنكر بيان صادر عن البرلمان الهجمات المتغطرسة المتكررة ضمن مخطط قبيح للصهاينة وعقلية شاذة تواصل التحدى والاستفزاز .