استهداف القائمين على حفظ الامن في قطاع غزة يعد بكل المقاييس اعتداء على امن الشعب الفلسطيني في هذا الجزء من الوطن الفلسطيني، مثلما يعد خدمة مجانية للامن الاسرائيلي وعبثا حقيقيا بالامن والاستقرار في القطاع ومحاولة واضحة لاستعادة الفوضى والفلتان الامني الذي كان سائدا قبل احداث حزيران التي تفجرت اثر احتقانات وتوترات وعبث واشاعة الفوضى وانتشار الاغتيالات وازدهار عمل العملاء الذين كانوا يطاردون تحركات ابناء فصائل لتصطادهم طائرات العدو الصهيوني.
ولان الاستقرار في اي جزء من الاراضي الفلسطينية يشكل قلقا للاحتلال ودعما عمليا للمقاومة الفلسطينية ونهجها الكفاحي ضد الاحتلال، ونقيضا للحالة التي يسعى اعداء الشعب الفلسطيني ادامتها في الاراضي الفلسطينية، يطل المتضررون من هذا الامن والاستقرار والالتفاف الشعبي الذي يبدي صمودا نوعيا في ظل الظروف القاهرة واللاإنسانية التي تحاول دولة الاحتلال ومعها حليفها الاستراتيجي الراعي والممول لارهابها وجرائمها عبر الاغتيالات والحصار الذي يتناقض مع معاهدة جنيف الرابعة من اركاع هذا الشعب الذي يتعرض لمؤامرة دولية بقيادة الادارة الاميركية لتصفية القضية الفلسطينية بإفراغها من مضامينها الحقوقية المسنودة بالقرارت الدولية التي تضمن الحد الادنى من الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة والانسحاب من الاراضي الفلسطينية المحتلة في الخامس من يونيو 1967 بما فيها القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية.. يتحرك المتضررون من هذا الاستقرار الذي كشف الكثير من الحقائق وهو ما ازعج التحالف الاميركي الاسرائيلي الذي لايقلقه شيء اكثر من شعور الفلسطينيين وتمكنهم من الوصول الى الاستقرار الامني لما يعكسه ذلك من قدرة على اغلاق الطريق امام العبث الاسرائيلي في الشأن الداخلي الفلسطيني، وتضييق الحركة على عملائه الذين يبيعون اخوانهم المقاومين مقابل حفنة من «الشيكل» الاسرائيلي.
ولأن القضاء على الفوضى والفلتان الامني يشكل ضربة قوية تصل الى حد وصفها بالقاتلة لمساحة اللعب الاميركي الاسرائيلي المشتركة كون هذين العنصرين يشكلان العصب والعمود الفقري لاخضاع المنطقة وشعبها للرؤية الاميركية للمستقبل المحكوم بالاجندة الاستعمارية الاستيطانية والهيمنة الاسرائيلية من بوابات ولافتات ثبت زيفها وتزويرها والذي تجلى في التجربة العراقية حيث الفوضى الامنية حصدت الاخضر واليابس في ذلك البلد العربي المحتل الاميركي التي تقوده الآن الى التقسيم الذي طالب به الكونغرس الاميركي بصريح العبارة وايده المستفيدون من احتلال العراق وتقسيمه الى دويلات طائفية وعرقية، تطل الفوضى برأسها عبر ترك العدوالاسرائيلي المحتل الذي لم يتوقف يوما عن اعتداءاته على ابناء الشعب الفلسطيني في جميع الاراضي الفلسطينية ودون تمييز بين فتحاوي اوحماساوي او غيرهما من ألوان الطيف الفلسطيني السياسي الوطني والاسلامي والمستقل، فالمهم عند الاسرائيلي ان يقتل فلسطينيا او يعتقله أو يسقيه من كأس الذل والهوان والحقد بقدر ما تمكنه الظروف من ذلك، والاستدارة الى القائمين على حفظ الامن والاستقرار في قطاع غزة بالامكانات المتواضعة وسط حرب اسرائيلية متعددة الرؤوس على هذا القطاع الذي ما هدأ في وجه الاحتلال منذ احتلاله قبل اربعين عاما، ولم يستسلم للوعود والعهود الاسرائيلية التي يثبت يوميا انها عبارة عن وعود في الهواء الهدف منها شراء الوقت وجر الفلسطينيين الى مفاوضات لانهائية وبدون اسناد من القوة التي تتجسد بالمقاومة المطلوب رأسها في كل مشاريع التسوية التي تطرح من الدول الغربية بقيادة الادارة الاميركية، ليبقى المفاوض الفلسطيني اسير الارادة الاسرائيلية وبما «تجو» به من «بادرات حسن النوايا».. وربما المشهد الاخير على الساحة الفلسطينية باطلاق دولة الاحتلال بضع عشرات من الاسرى بعد ان اعتقلت قواتها المتوحشة أعدادا تفوق ما افرجت عنهم من سجونها ومعتقلاتها لتذّر الرماد في العيون لتحسين صورتها في العالم الغربي الذي يناصرها عمليا إما بصمته على جرائمها، من خلال حملات الاقتحام والاعتقالات المتواصلة في الضفة الغربية دون ان يتصدى لقوات الاحتلال أي من الذين يحاولون الان اعادة الفوضى والفلتان الامني، أليست التفجيرات والقاء العبوات الناسفة التي استهدفت رجال الشرطة الفلسطينية في القطاع جريمة بحق امن واستقرار الشعب الفلسطيني وخدمة للعدو الاسرائيلي.. ألم يكن من الاولى ومن الواجب بل والاصح ان تستهدف قوات الاحتلال التي تمارس كل اصناف الوحشية والاجرام خلال حملات الاعتقال والاجتياحات في مخيمات وقرى ومدن الضفة الغربية وتواصل التوغلات في قطاع غزة، الم تكن الاولوية للدفاع عن ابناء الشعب الفلسطيني اينما كان في الضفة او القطاع، أليس هذا هو الواجب الوطني ام ان الاولويات تبدلت فاصبحت مقاومة الاحتلال اخر الاهتمامات والواجبات وان الاولوية غدت نصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة للقوى الامنية الفلسطينية التي تقف في الخط الاول في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، ليصبح المشهدمخزيا ومحزنا في آن واحد؟!