إدارة المخدرات: 97 طن حشيش وبانجو و181 كيلو أفيون وهيروين.. و429 مليون قرص مخدر مضبوطات 2012 مركز السموم استقبل 580 حالة تسمم بالترامادول الذى أصبح السبب الرئيسى فى العنف وانتشار الجريمة خبراء الأمن: لا نستبعد استهداف شباب مصر من الخارج.. والانفلات الأمنى والحدود أهم الأسباب
تتعرض مصر لهجمة شرسة من قبل النفوس الضعيفة والخارجين على القانون، الذين يروجون المخدرات بكل أنواعها مستغلين حالة الانفلات الأمنى التى تشهدها البلاد وتراخى المنظومة الشرطية، وضعف الرقابة على المنافذ والحدود.. هذا ما كشف عنه التقرير السنوى للإدارة العامة لمكافحة المخدرات لعام 2012م، الذى كشف عن حجم تداول المواد المخدرة بكل أنواعها، خاصة البانجو والحشيش وأقراص الترامادول التى انتشرت بصورة فجة بين الشباب؛ إذ ضُبط ما يقرب من نصف مليار قرص ترامادول الذى أصبح غذاء المصرين متسببا رئيسيا بالعنف والأفعال الإجرامية، وكذلك انتشار حالات التسمم حسب تقرير آخر صادر عن مركز سموم قصر العينى. «الشعب» عرضت تقرير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكذلك تقرير مركز السموم عى الخبراء لتعرّف جميع جوانب المشكلة؛ وذلك من خلال التحقيق التالى. أرقام مخيفة كشف تقرير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لعام 2012، عن كمّ المخدرات والمضبوطات التى ضبطها خلال عام 2012 ضباط إدارة مكافحة المخدرات الذين يبذلون جهودا واضحة لمكافحة وضبط كافة أنواع المواد المخدرة والأقراص المؤثرة فى الحالة النفسية المدرجة بجداول المخدرات. فلقد نجح ضباط الإدارة العام الماضى فى ضبط 30 ألفا و424 قضية ضمت 33 ألفا و404 متهمين فى إجمالى مضبوطات، و74 طنا و878 كيلوجراما من مخدر البانجو، و12 طنا و242.5 كيلوجراما من مخدر الحشيش، و49 كيلوجراما من مخدر الأفيون، و92 كيلوجراما من مخدر الهيروين، و40 كيلوجراما من مخدر الكوكايين، و429 مليونا و871 كيلوجراما و903 أقراص مخدرة. وقد أشار التقرير إلى ارتباط تجارة المخدرات وتهريبها وترويجها بتجارة وحيازة الأسلحة المستخدمة فى تأمين جرائم تهريب المخدرات وترويجها؛ فلقد ضُبط 562 صاروخا مضادا للطائرات أرض جو وعابرا للمدن، و264 رأس صواريخ مدمرة، و4 مدافع مضادة للطائرات وهاون، خلال عام 2012، موضحا أن ضباط الإدارة تمكنوا من ضبط تلك الأسلحة الثقيلة خلال مأمورياتهم إلى المناطق الجبلية لضبط المواد المخدرة. وأضاف تقرير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن الإدارة طورت خلال العام الماضى استراتيجيتها فى المكافحة الفاعلة، خاصة مع تزايد الإنتاج العالمى فى العديد من الدول، وارتباط تجارة المخدرات بتجارة الأسلحة والذخائر غير المرخصة. تسمم بالترامادول وقال الدكتور هشام الشخيبى رئيس المركز القومى للسموم: «إن متعاطى الترامادول يتعرض لتغييرات سلوكية تزيد عصبيته وتجعله أكثر ميلا إلى العنف والتخريب والرغبة فى إيذاء الآخرين؛ بسبب عدم قدرته على التحكم فى الانفعال والغضب». ولسوء استخدام الترامادول والإسراف فى تناوله، كشفت دراسة مهمة أجراها مركز سموم قصر العينى، النقاب عن أن الترامادول تصدر قائمة المخدرات المسببة للعنف عامة، وداخل الأسرة خاصة. وأشارت الدراسة إلى أن الحشيش احتل المرتبة الثانية بفارق 40% عن الترامادول، يليهما المورفين، وأوضحت أن مركز السموم استقبل خلال عام 2012م، 580 حالة تسمم بجرعات زائدة من الترامادول أغلبهم تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما. إنسان محترق ووصف د. محمود محمد عمر بمركز سموم قصر العينى، الذى يتعاطى المخدرات بالإنسان المحترق؛ لأن العلم الحديث أثبت مدى خطورة هذه السموم على الجسم؛ فالمدخن لا محال مع استمراره فى التدخين أن يصاب بأمراض كثيرة، وكذلك مدمن السموم المخدرة إذا دخل «مغارة» الإدمان؛ لن يخرج منها سليما؛ فحياته بين الناس معدومة ودون جدوى، وكثيرا ما تنتهى حياته بالانتحار بسبب تناول كميات كبيرة من المخدر. وأضاف د. محمود أن تأثير المخدرات فى الجسم يختلف من شخص إلى آخر حسب درجة تحمله، وكذلك نوعية المخدر الذى يتعاطاه، كما أن طريقة تعاطى المخدر تكون سببا فى إصابته بأمراض أخرى، كالإيدز وفيرس سى، وغيرهما من الأمراض التى تنتقل عن طريق تلوث الدم. وهذا الشخص اقتطع من رصيده العام ورصيد أسرته لجلب المخدر؛ هذا الرصيد كان من المحتمل استغلاله فى تطوير نفسه وأسرته علميا وثقافيا وصحيا. ومن هنا يكون التدهور فى المدمن الذى ينسحب على أسرته. كما أكد خبير مركز السموم أن متعاطى المواد المخدرة: «بانوراما فى الإجرام والعنف والعدوان والسرقة؛ فعندما يتناول الشخص المخدر يتحول إلى مشكلة ملتهبة ممكن أن تحرق أى شىء دون تفكير، وكثير من قضايا العنف التى يشهدها الشارع من تحرش وبلطجة وسرقات بالإكراه، سببها الأساسى تعاطى المخدرات، خاصة الترامادول». المخدرات مرآة المجتمع وفى سياق متصل، أكد د. أحمد أبو العزائم رئيس الاتحاد العربى للوقاية من الإدمان، أن أرقام تقارير الجهات الرسمية التى ترصد مشكلة الإدمان، مؤشرات تدلل على صلاح المجتمع من عدمه؛ فالمخدرات تعتبر مرآة المجتمع؛ فإذا أثبتت الإحصائيات أن حجم المشكلة ضئيل كان مؤشرا إيجابيا يدل على صلاح المجتمع وخلوه من مشكلات كثيرة؛ فالمخدرات تعتبر سببا رئيسيا فى كثير من المشكلات؛ فالمجتمع الصالح الخالى من المخدرات تجد فيه انطلاقة فى شتى المجالات، خاصة فى التعليم والثقافة. والعكس صحيح. وأضاف أبو العزائم: «وما جاء فى تقرير إدارة المخدرات يوضح أن مصر تتعرض لهجمة شرسة من مروجى المخدرات، كما تدل الإحصائيات على مدى تفاقم المشكلة فى ظل الانفلات الأمنى الذى تعيشه البلاد وضياع هيبة الشرطة فى نفوس المجرمين ومروجى المخدرات، فى الوقت الذى يعانى فيه المجتمع من غياب الثقافة النفسية ومراكز الصحة النفسية التى يقع على عاتقها تثقيف الشعب نفسيا عبر البرامج الصحية التى تؤهله للتعامل مع المشكلات الحياتية، وتحذره من اللجوء إلى المخدرات للهروب من المشكلات والتخلص منها؛ فالخدمات النفسية غير متاحة للمواطنين؛ الأمر الذى نشر حالات الاكتئاب والتوترات النفسية، وزاد معدلات الجريمة والعنف فى المجتمع». أمور متوقعة كما أكد العميد محمود قطرى الخبير الأمنى، أن ما جاء فى تقرير إدارة مكافحة المخدرات كان متوقعا، رغم بشاعة الأرقام والكميات المضبوطة؛ وذلك بسبب حالة التراخى الأمنى الذى تشهده البلاد الذى كان سببا أساسيا فى ترويج هذه الكميات من المواد المخدرة. وإذا كانت هذه الكميات المضبوطة فهذا لا يمثل الحجم الحقيقى للمشكلة؛ لأن ما رُوّج واستُهلك أكثر من ذلك بكثير. وأرجع القطرى ارتفاع هذه النسبة إلى سقوط وانهيار وزارة الداخلية المستمرة حتى الآن؛ «سقوط الداخلية ليس سقوطا ماديا بل سقوطا معنويا؛ فالحقيقة أن الداخلية منهارة انهيارا معنويا، وتحتاج إلى إعادة هيكلة من جديد. والرئيس مرسى تكلم عن هذا الموضوع عندما قال: (هنزل العساكر فى الشوارع). وهى إشارة إلى منظومة أمن وقائى، وهى أساسيات الأمن وحل لكثير من مشكلاتنا، خاصة انتشار المخدرات بهذه النسبة؛ فانهيار الشرطة يعنى انهيار الوطن؛ فلا سبيل غير إعادة هيكلة هذا النظام وتطهيره، حتى تعود هيبته فى نفوس المجرمين، ويشعر المواطن بالأمان ويعم الخير المجتمع، والوقوف بالمرصاد لمن تسول له نفسه ضرب المجتمع من أساسه واستهداف الشباب من الداخل والخارج، وتطبيق القانون وضرب مهربى ومروجى المخدرات بيد من حديد». المعابر وأشار د. إيهاب يوسف الخبير الامنى، إلى أن التسيب الأمنى الذى تشهده المعابر والحدود، وعدم تطبيق القانون، والظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها؛ أسباب أساسية فى انتشار وترويج المخدرات فى مصر؛ فالمشكلات الحدودية التى تعيشها دول الربيع العربى أعطت المهربين فرصة تهريب كميات كبيرة داخل البلاد عن طريق سيناء والحدود الليبية. وأضاف يوسف أنه دون شك، لا يستبعد أن يكون هناك استهداف للشباب المصرى والسعى إلى القضاء عليه وإشغاله بالمخدرات والأقراص المدمرة للصحة؛ فمن الملاحظ أن أكثر الفئات ضررا هى فئة الشباب. كما أكد الخبير الأمنى أن التراخى الأمنى وغياب المعلومات دفع المهربين إلى إنشاء خطوط جديدة لتهريب المخدرات من دول الإنتاج إلى دول الاستهلاك، خاصة مصر، بالإضافة إلى زيادة البطالة وما تخلف عن قيام الثورة والانفلات الأمنى الذى تشهده البلاد. برامج توعية وعلى عاتقه يحمل صندوق مكافحة ومعالجة الإدمان، مسئولية مكافحة مشكلة الإدمان وتعاطى المخدرات التى تهدد أمن واستقرار المجتمع، الذى ينفذ برامج فى هذا المجال؛ منها الدليل الذى بدأ فى تنفيذه تحت عنوان «اختر حياتك» داخل 530 مدرسة إعدادية وثانوية فى 23 محافظة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم خلال الفصل الدراسى الحالى. وصرح عمرو عثمان مدير الصندوق، بأن هذا الدليل أُطلقت نسخته فى فبراير الماضى تزامنا مع إعلان الخطة الوطنية لمناهضة التعاطى والإدمان التى أطلقها رئيس مجلس الوزراء؛ إذ يمثل هذا الدليل أحد أهم الأدوات التنفيذية للخطة. كما وُقّع بروتوكول تعاون مع الصندوق وجامعة سوهاج يمثل نقلة نوعية فى تجسيد جهود الصندوق، فى مواجهة مشكلة التدخين والتعاطى؛ إذ إن مصر فى المرتبة العاشرة على مستوى العالم فى الدول الأكثر استهلاكا للتبغ؛ ما يؤكد صعوبة المشكلة.