حزب الجيل بالمنيا ينظم جلسة حوارية لمناقشة قانون الإيجار القديم.. صور    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    النائبة سميرة الجزار: أحذر من سماسرة يستغلون البسطاء باسم الحج    غدا انطلاق هاكاثون 17.. وحلول تكنولوجية لأهداف التنمية الاكثر الحاحا التعليم والصحة والطاقة والتنمية والمناخ    من هو السعودي حميدان التركي الذي أفرجت عنه أمريكا بعد 20 عاما في السجن؟    «زي النهارده».. نيلسون مانديلا رئيسًا لجنوب أفريقيا 10 مايو 1994    الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون: مشاركتنا في الحرب بين روسيا وأوكرانيا كانت عادلة    جريح جراء إلقاء مسيرة إسرائيلية قنبلة على بلدة جنوبي لبنان    قرار مفاجئ من رئيس باريس سان جيرمان قبل نهائي دوري أبطال أوروبا    إعلان حالة الطوارئ في الغربية للسيطرة على حريق شبراملس    مدرس واقعة مشاجرة مدرسة السلام: «خبطت طالب علشان يتعلم بعد ما رفض ينقل من السبورة»    كنت عايشة معاهم، سوزان نجم الدين توجه رسالة غير مباشرة إلى محمد محمود عبد العزيز بعد أزمة بوسي شلبي    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    رايو فايكانو يعمق جراح لاس بالماس في الدوري الإسباني    الكرملين: الجيش الروسي يحلل الهجمات الأوكرانية في ظل وقف إطلاق النار    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حبس المتهم بإلقاء زوجته من بلكونة منزلهما بالعبور.. والتحريات: خلافات زوجية السبب    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    وزير سعودي يزور باكستان والهند لوقف التصعيد بينهما    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. صاروخ يمنى يرعب إسرائيل.. العقارب تجتاح مدن برازيلية.. ميتا تحجب صفحة إسلامية كبرى فى الهند.. وترامب يتراجع فى حربه التجارية مع الصين    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    «بنسبة 90%».. إبراهيم فايق يكشف مدرب الأهلي الجديد    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    الزمالك يختتم موسمه الأول فى دورى الكرة النسائية بهدف نظيف ضد المقاولون    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة    محاكمة 9 متهمين في قضية «ولاية داعش الدلتا»| اليوم    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    مصر في المجموعة الرابعة بكأس أمم إفريقيا لكرة السلة 2025    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم السبت 10 مايو في الصاغة (تفاصيل)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 10 مايو 2025    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    إنقاذ حالة ولادة نادرة بمستشفى أشمون العام    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لم يقله السيدان: بترايوس وبوش
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2007


بقلم: د. بثينة شعبان

بعد أسابيع من التهيئة الإعلامية الواسعة، وتسريب الأخبار، ومسرحة الحدث بطريقة توحي للعالم بأن "الديمقراطية" في الولايات المتحدة بأحسن حال، يأتي تقرير بترايوس-كروكر ليجسد في خلاصته حقيقة واحدة بسيطة وجليّة للعيان، تخترق كلّ محاولات التحايل على اللغة، واستخدام الإبهام بدلاً من الإيضاح والإفهام، ألا وهي: أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل العراق طمعاً في نفطه وخيراته وموقعه الاستراتيجي ليكون قاعدة دائمة لها تتحرك من خلالها للسيطرة على المنطقة العربية برمتها فتغيّر هويتها، وتدمّر نسيجها الاجتماعي والثقافي والتاريخي، وتستبدله بوجه اسرائيلي يعبّر عنه الرئيس بوش في خطابه الذي ألقاه بعد يومين من تقرير بترايوس-كروكر الذي أسماه: "الطريق إلى الأمام في العراق" حين قال: "إن رؤية تخفيض القوات في العراق قد لاقت الدعم من قادة كلّ المجموعات العراقية.
وفي الوقت ذاته هم يفهمون أن نجاحهم سوف يتطلب انخراط الولايات المتحدة السياسي والاقتصادي والأمني الذي يمتدّ إلى مابعد ولايتي. هؤلاء القادة العراقيون قد طالبوا بعلاقة دائمة مع أمريكا، ونحن مستعدون كي نبدأ ببناء هذه العلاقة.. بطريقة تحمي مصالحنا في المنطقة وتتطلب جنوداً أمريكيين أقلّ. "وحّذر بأن انسحاب الولايات المتحدة من العراق قد يعني أن "تسيطر إيران على المنطقة"، وأن "يسيطر المتطرفون على جزء مفتاحي من مصادر الطاقة الكونيّة". إذاً الوجود الأمريكي في العراق هو للسيطرة على "جزء مفتاحي من مصادر الطاقة الكونيّة" بدلاً من أن يترك هذا الجزء للشعب العراقي، وهو لغرض الهيمنة الإسرائيلية على العرب بدلاً من أن تسود الحرية والاستقلال حياتهم. هذا هو جوهر الحرب الأمريكية على العرب وقد لوحظ أن خطاب بوش قد خلا من أي ذكر للمبررات الأساسية التي سبقت لتبرير شن هذه الحرب من تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية! إلى نشر "الديمقراطية في الشرق الأوسط"، ليركّز على "محاربة القاعدة" والانتصار عليها، التي جاءت إلى العراق مع جحافل الغزو الأمريكي له حسبما أكدت تقارير البنتاغون الأمريكية.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف الأمريكية الاستراتيجية، التي هي الأهداف الإسرائيلية نفسها، تطّلب الأمر شنّ حرب ضروس ضد العرب بما في ذلك: تهديد سوريا، وزعزعة استقرار لبنان، ومحاولة تفتيت السودان والصومال، و تدمير نسيج المجتمع العراقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي وقتل علمائه ومفكريه وتهجير أربعة ملايين من شعبه داخل وخارج العراق، وإعادة العراق كبلد، كما هدد مرة الرئيس بوش الأب، مائتيّ عام إلى الوراء.

كلّ هذا لا يدخل في حسابات الربح والخسارة التي يرتأيها بترايوس وبوش لأنهما لا يريدان في العراق سوى المصالح الاسرائيلية، التي تتطابق مع ما تبرّر به إدارة بوش حربها الدموية على العراق من محاربة "القاعدة والمتطرفين" إلى احتمال هيمنة إيران، أما الشعب العراقي فلا وزن له في حسابات "الجزء المفتاحي من مصادر الطاقة الكونيّة." ولذلك فإن مشهد الدماء الذكية التي تتسبّب بسفكها سياسة البيت الأبيض في شوارع بغداد والمدن والقرى العراقية لم يصل لاهتمام بوش لدى توقفه في الأنبار، وحالة انعدام الأمن التي تعطّل حياة الملايين من المدنيين العراقيين والفلسطينيين واللبنانيين لا تؤثر على بناته وأهله في تحركاتهم اليومية، كما أن أحداً من أسرته ليس في خطر من أن تطوله الكوليرا التي بدأت تسري في العراق سريان النار في الهشيم، ولا تطوله أساليب الغستابو المتبعة في حصار الفلسطينيين، وقمعهم، ووضع الحواجز أمام تحركهم.

لقد كان لافتاً أن تقرير بترايوس وخطاب بوش الذي تلاه قد خليا تماماً من أي إشارة إلى الكارثة الإنسانية التي تسبب بها قرار بوش ومجموعته باحتلال العراق، وكأنّ أربعة ملايين نازح عراقي داخل وخارج العراق، ومليون قتيل ومليون مصاب بإعاقات بالغة لا تكفي للفت نظر بترايوس وبوش إلى الهولوكست الذي تسببوا به لشعب آمن لم يقترف ذنباً بحقّ الولايات المتحدة حتى يستحق هذا المصير. وكلّ ذنبه هو أنه وجد على أرض تحتوي على أكبر وأغنى احتياطي نفط في العالم، تماماً كما أنه لاذنب للشعب الفلسطيني سوى أنه وجد على أرض طيّبة مباركة شهدت ولادة المسيح عليه السلام وامتلأت أرضها الخيّرة ببيارات البرتقال والزيتون والليمون التي أثارت طمع المستوطنين الأوروبيين فعاثوا بأهلها قتلاً وتشريداً كي يغتصبوا هذه الأرض المقدسة من أهلها الشرعيين. بل الأدهى من ذلك هو أنّ مصير شعب العراق أصبح ورقة للمفاضلة بين أعضاء الكونغرس من الحزبين فهذا يتفاخر بأنه زار العراق، والثاني يرتب مقولاته بطريقه تخدم أهدافه الانتخابية، بحيث أصبح دم العراقيين ومعاناتهم ورقة لمن يريد إحراز تقدم سياسي على وقع صراخ الأيتام والمقهورين، وإذلال الآباء وإخراجهم من غرف نومهم بملابسهم الداخلية أمام أطفالهم، أو العبث بمحرمات البيوت، وامتهان كرامة الأحياء منهم، والمفاخرة بقتل عناصر "مشتبه بها"، يُكتَشَفُ لاحقاً أنهم من النساء والأطفال الذين يبغون العيش بسلام آمنين في ديارهم بعيداً عن سطوة القوة الأجنبية العسكرية الغاشمة، والقهر والإذلال اللذين تمثلهما.

ما لم يقله السيدان بترايوس وبوش هو أنّ هذه الاستراتيجية التي تضع يدها على مصادر الطاقة في العراق للعقود القادمة سوف تجعل من العراق قاعدة متقدمة لتهديد دول الجوار وتصفية القضية الفلسطينية تحت مسميات مختلفة ومنع التوصل إلى توافق في لبنان كي تتم إعادة صياغة بلاد الشام على الصورة التي ترتأيها إسرائيل، ألا وهي منطقة خالية من الإبداع والفكر ترزح تحت نير الاستيطان والاستعمار الاسرا-أمريكي. ولمعرفة نتائج الانتخابات الإسرائيلية للرئاسة الأمريكية من المفيد قراءة صحيفة هآرتز الاسرائيلية يوم الخميس 13/9/2007 لنرى العلامات التي منحتها إسرائيل لمرشحي الرئاسة الأمريكيين وفق مستوى تمثيلهم للمصالح الإسرائيلية، وتمّ منحهم علامات الأفضلية بمقدار تصميمهم على الإبادة الجماعية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة عبر المباركة العلنية لما تقوم به إسرائيل من قتل يوميّ لأطفال وشباب فلسطين، أوليس من أجل هذه النتيجة بالذات تمّ شن الحرب على الإرهاب؟ كي تتم تصفية أي مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، وكي تتعاون اسرائيل والولايات المتحدة في خلق إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل؟

علّ أهم ما يميز هذه المرحلة الجديدة هو التماهي المطلق بين متطلبات الاحتلال الأمريكي للعراق والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بحيث تمتد جدران الفصل العنصري في القدس وبغداد، ويتم تدمير النسيج المجتمعي العابر للطوائف والأحزاب والأعراق في البلدين، كما يتم قتل العلماء والمفكرين والقادة بحيث يصبح الباقون، كما الباقون من الهنود الحمر والأبورجينز، يبرّرون نظريات العصر بعد أن أودت بهم الجرائم الفظيعة وحجم الألم الذي أصيبوا به إلى هذا المآل. فقد شهدنا منذ أيام، وللمرة الآولى في تاريخنا الحديث، واشنطن تقوم بوظيفة الناطق الرسمي لتلّ أبيب وتشرح أسباب العدوان الإسرائيلي الأخير على سوريا بعد أن التزمت تل أبيب الصمت. كما أن المتابع للعلاقة الإيرانية- الأمريكية عن كثب يلاحظ أنه كلما أحرزت إيران تقدماً مع وكالة الطاقة الذرية انبرت وزيرة خارجية العدو تسيبي ليفني لتحذّر العالم أنه يجب "عدم السكوت عن إيران وأسلحتها النووية" وأن أيران "تشكل خطراً على المنطقة والعالم". في ظل هذا التماهي الجديد تزوّد الولايات المتحدة إسرائيل بأسلحة قيمتها ثلاثون مليار دولار لقتل المزيد من العرب، إضافة إلى ماتنتجه إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل، بينما يعتبر امتلاك أي بلد أو حزب أو مجموعة عربية للأسلحة تهمة تستحق عليها تصنيف "الإرهاب"! هل مرّ زمن على البشرية تمّ اعتبار الضحية إرهابية! بينما يمارس الاحتلال إرهاباً شنيعاً ذا نتائج كارثية على الإنسانية؟ إن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الألم للعرب، جميعاً، والمزيد من الإذلال لهم، جميعاً، والمزيد من الاستهتار بمقدساتهم وحقوقهم، ولن تتغير هذه المعادلة مالم يدرك العرب، جميعاً، أنهم مستهدفون، وأنهم وخلال العقدين القادمين، معرّضون لمخطط إجرامي يستهدف احتلال وتدمير عدة بلدان عربية أساسية، وليس أمام قادتهم سوى التضامن والعمل المشترك، فما لم تتوحد كلمتهم، ويقرأون بكلّ جدية واهتمام وذكاء مالم يقله السيدان بترايوس وبوش، فإنهم سيعرّضون مصير أمتهم ودولهم للخطر الدموي المحدق بالجميع الذي لن يستثني منهم أحداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.