لا فكاك من القروض والديون إلا بتطبيق الفكر الاقتصادى الإسلامى ليس صحيحًا أن الصكوك تعرّض أصول الدولة وحقوق الأجيال القادمة للخطر قانون الصكوك ينص فى مواده على الاستقلال الوطنى والحد من تملك الأجانب كتب أحمد عبد العزيز أكد الخبير الاقتصادى وعضو مجلس الشورى الدكتور حسين حامد، أن الصكوك سوف تساهم فى إحداث تنمية شاملة فى مصر وفى إنعاش الاقتصاد المصرى وتثبيت أركانه دون الحاجة إلى قروض وديون أجنبية تكرس التبعية وتقضى على مبدأ الاستقلال الوطنى؛ لأنها توفر التمويل اللازم لأى مشروع بطرح صكوك للمشاركة فى هذه المشروعات، سواء للمصريين أو الأجانب، بشروط وقيود تضمن عدة أشياء؛ أولها عدم التعامل بالنظام الربوى الذى يعد محاربة لله وللرسول، وثانيها عدم الاقتراض والتمويل من الأجانب؛ كل ذلك بتطبيق أعظم نظام اقتصادى عرفه العالم: النظام الإسلامى الذى يعد معجزة بكل المقاييس، والذى يقسم التكاليف والأرباح فى آن واحد؛ أى أنه يختلف تماما عن النظام الرأسمالى الذى يقوم على الربح دون أى جهد، وعلى التعامل بالربا المرفوض شرعا، وعلى نظام الاستغلال والابتزاز واستغلال حاجة الغير وفرض مزيد من الديون عليه بنظام الفوائد، وهو ما يرفضه الإسلام الذى يقوم نظامه الاقتصادى على المضاربة والمشاركة والمرابحة. وأضاف حامد، خلال ندوة حزب «العمل» الأسبوعية: «ببساطة، تقوم فكرة الصكوك على المشاركة بين رأس المال من جهة والخبرة والإدارة من جهة أخرى؛ أى أن من معه أموال وليس لديه القدرة والخبرة على توظيفها، يشارك من لديه الخبرة فى الإدارة والتجارة والاستثمار ، لافتا أن كل هذا يتم من خلال عدة أمور؛ أولها دراسة جدوى توضح كافة التفاصيل الخاصة بالمشروع المراد تنفيذه وتوقعات الربح والخسارة والانتشار والنسبة بين كافة الأطراف. وتجرى هذه الدراسة جهات مشهود لها بالكفاءة سواء داخليا أو خارجيا، وفى المقابل تُطرح فكرة التمويل والمشاركة سواء من جانب أفراد أو شركات فى صورة صكوك يمكن للمصريين والأجانب شراؤها والمساهمة فى المشروع، لكن كل هذا يتم وفق آليات وشروط ولوائح ينظمها ويضمنها القانون الأخير الذى تنظره هيئة كبار العلماء الآن؛ لمطابقته بالشريعة الإسلامية وتصويبه وتحصينه، سواء من الناحية الشرعية أو من ناحية الحفاظ على الممتلكات العامة وعلى حقوق الأجيال القادمة بالحفاظ على أصول وأملاك الدولة». حقوق الأجيال القادمة وقال الخبير الاقتصادى، إن «قانون الصكوك حصّن هذه الحقوق تماما، ونص فى المادة 18 على الحفاظ على هذه الأصول والحقوق؛ وذلك بوجوب عودة الأصول إلى الشركات والمشروعات -التى هى الأصول هنا- إلى المالك -وهى الدولة هنا- واسترداد الصكوك من أصحابها بعد حصولهم على الأرباح المستحقة لهم فى سقف زمنى يتراوح من خمس سنوات وسبع سنوات. وأجاز المشرع أن تسترد الصكوك خلال عامين، كما تنص المادة 2 فى قانون الصكوك على ضرورة الالتزام بكافة القوانين التى تحافظ على أملاك وحقوق الدولة، وهى قوانين عديدة موجودة حاليا ويُعمل بها. هذا عدا ضمانة أخرى هى أنه يمكن النص فى القانون على أن تكون الصكوك ملكا للمصريين فقط، أو تحديد نسبة للأجانب لا تزيد عن 25% على سبيل المثال»، وأشار إلى إنه مع مزيد من الضمانات فى هذا السياق، مشيرا إلى 36 قانونا بخصوص تملك الأجانب تحتاج إلى مراجعة. أنواع الصكوك وتطرق حامد، إلى أنواع الصكوك؛ وذلك خلال الندوة التى حضرها قيادات بالحزب؛ منهم رئيس الحزب مجدى حسين، ونائب رئيس الحزب عبد الحميد بركات، والأمين العام للحزب د. مجدى قرقر، فضلا عن عدد كبير من أعضاء الحزب. وقال إنها تنقسم إلى عدة أنواع؛ منها صكوك التمويل التى تشمل صكوك المرابحة والاستصناع والسلم، ومنها صكوك الإجارة التى تشمل صكوك ملكية الأصول القابلة للتأجير، وصكوك ملكية منافع الأصول، وصكوك إجارة الخدمات. أما النوع الثالث، فيشمل صكوك الاستثمار، ومنها صكوك المضاربة، والوكالة بالاستثمار، والمشاركة فى الربح. والنوع الرابع هو صكوك المشاركة فى الإنتاج. ويشمل صكوك المزارعة، والمساقاة، والمغارسة. وهناك أيضا صكوك الصناديق والمحافظ الاستثمارية. وأكد حامد أن مصر ينتظرها مستقبل واعد إذا طُبّق قانون الصكوك؛ لأنها دولة كبيرة، ولديها مواردها وقدراتها الاقتصادية الكبيرة التى تشكل بنية اقتصادية ضخمة ومهمة، قياسا بدول أخرى ليس لديها ربع هذه المميزات. وطُبّقت هذه التجربة ونجحت نجاحا كبير، مشيرا إلى أنه رغم كل ما تشهده مصر من أحداث وتراجع فى المستوى الائتمانى، لا تزال جاذبة للمشروعات الاقتصادية؛ لأن خبراء الاقتصاد يعرفون تماما أنه بمجرد هدوء الأوضاع سوف تكون مصر بلدا مهما جدا فى الاستثمار والنهضة الاقتصادية. وهذا ما سوف يكون إذا ساد الهدوء حتى لو أخذ بعض الوقت. وأضاف أن مصر تتمتع بغنى كبير فى قدراتها وإمكاناتها ومواردها الطبيعية، لكنها فقيرة فى الإدارة والرغبة والإرادة السياسية. وتجلى هذا بوضوح مع النظام البائد الذى كان يحاول هدم كل المؤسسات، مدللا على ذلك بما حدث معه شخصيا عندما اتفق مع محمد بركات رئيس البنك الأهلى على تحويل البنك إلى بنك إسلامى، تمهيدا لتطبيق تجربة الصكوك أيام الرئيس المخلوع. وبعد الموافقة والذهاب للتفعيل، فوجئ بالشيخ على جمعة المفتى وقتها الذى أكد رفضه ما تم الاتفاق عليه، قائلا إن نظام الفوائد الحالى حلال ولا ربا فيه، كما روى واقعة أخرى تتعلق بقانون للصكوك قُدّم إلى وزير المالية ممتاز السعيد، وكان قانونا جيدا، لكن حُذفت فقرات منه تخص الحفاظ على أصول الدولة وأملاكها وحق الأجيال القادمة وتملك الأجانب؛ لإظهار القانون، كأنه يعرّض ممتلكات الدولة للخطر، وعند التحقق مما حدث دارت شكوك حول امتداد بعض الأيادى خلسة لنزع هذه المواد من القانون، وقال إنه آن الأوان لاتخاذ القرارات السليمة التى تؤدى إلى تنمية وطنية دون تبعية، وإن هذا ممكن وبقوة لو أن هناك إرادة سياسية. تجربة الصكوك فى الدول الأخرى وأشار حامد إلى تجربته الشخصية بإشرافه على العديد من تجارب الصكوك فى عدد كبير من الدول، و إصداره صكوكا بقيمة 240 مليار دولار، وتبنيه عشرات التجارب فى هذا السياق، سواء فى دول إسلامية مثل الإمارات العربية وتحديدا دبى، وتجربة جبل على التى تدر المليارات سنويا أرباحا، وكذلك ما حدث فى باكستان والسعودية وغيرها من الدول الإسلامية الأخرى. وفجّر مفاجأة عندما أشار إلى أن دولا وأشخاصا غير مسلمين طلبوا منه تطبيق تجربة الصكوك الإسلامية، ومنها جزيرة واقعة بجوار أنجولا بغرب إفريقيا، ورئيسها مسيحى، و80% من سكانها يدينون بالمسيحية، ومع ذلك طلبوا تجربة الصكوك الإسلامية، وطُبّقت بنجاح كبير؛ حيث كانت هناك مشروعات متوقفة ومتعثرة، ونجحت نجاحا باهرا، كما أشار إلى رجال أعمال لبنانيين مسيحيين موارنة استعانوا به لتطبيق التجربة ذاتها، وبالفعل أنشئ 13 بنكا إسلاميا فى لبنان وسوريا ودول أخرى، قائلا إن من الغريب أن يستعين غير المسلمين بالتجربة الإسلامية ويرفضها المسلمون، مشيرا إلى عمله مستشارا للزعيم السوفييتى السابق ميخائيل جورباتشوف عندما انهار الروبل أمام الدولار، فاستطاع بقدر كبير معه تجاوز ذلك بالفكر الاقتصادى الإسلامى.