فزع الإخوان وإيران وسوريا يسيطر على الصهاينة فى مؤتمر «هرتسليا» مصر «الحليف» لن تعود.. والإخوان يسعون لتحويلها إلى دولة تحكمها الشريعة محافظ بنك إسرائيل: لا بد من السلام لأن ميزانية الحرب لا يمكن أن تواصل زيادتها إيران النووية ستغير كل قواعد اللعبة فى المنطقة محور الشر «إيران – سوريا - حزب الله» بدأ يتفكك يعتبر مؤتمر الدراسات السياسية والاستراتيجية الإسرائيلى «هرتسليا»، أحد المنابر الصهيونية الهامة فى قراءة التوجهات السياسية للقيادة الإسرائيلية المستقبلية، ويشكل أحد ركائز صناعة القرار أو مساهما رئيسا فى ترشيد صناع القرار فى دولة الاحتلال الصهيونى، خاصة أن المشاركين فى المؤتمر ينتمون إلى مؤسسات صنع القرار السياسى والعسكرى والأمنى والاقتصادى، وثلة من الأكاديميين المتميزين، فضلا عن خبراء من الولاياتالمتحدة وأوروبا.. أصدقاء الكيان الصهيونى. وعقد مؤتمر «هرتسليا» للمرة الأولى عام 2000، ويُنظّم سنويا، وتجتمع فيه النخب الإسرائيلية من الحكومة والجيش والمخابرات والجامعات ورجال الأعمال، وضيوف من المختصين الأجانب من الولاياتالمتحدة وأوروبا؛ لمناقشة مستقبل «كيان» إسرائيل ووضعه اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا، ورصد الأخطار المحيطة به من الداخل والخارج فى دول الجوار وفى الإقليم وفى العالم، تحت هدف استراتيجى؛ هو أمن إسرائيل القومى. وأظهر المؤتمر، فى دورته ال13، مدى القلق الإسرائيلى من المستجدات على الساحة الإقليمية والعالمية؛ بسبب التحولات الإقليمية المتتالية فى المنطقة. وخرج المشاركون فى المؤتمر بأن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغييرات جذرية، ولن تعود إلى سالف عهدها، خاصة فيما يخص حالة الهدوء التى كانت سائدة بين الكيان الصهيونى وبين كل من النظامين السورى والمصرى بسبب أحداث الربيع العربى التى أنهت نظام مبارك الحليف، وبسبب الوضع فى سوريا الذى سيؤثر حتما فى حزب الله الذى تعتبره إسرائيل عدّوها الأول، وفى إيران أيضا التى يُقلِق برنامُجها النووى تل أبيب، كما سيهدّد أمن «إسرائيل» التى تتوقّع أن تكون الهدف الرئيس للمقاتلين فى سوريا بعد سقوط نظام الأسد. الجيتو الإسرائيلى وأكد محافظ بنك إسرائيل «ستانلى فيشر» أن السلام مهم لصحة الاقتصاد الإسرائيلى على المدى الطويل. مشيرا إلى أنه «سيتعين على (إسرائيل) -على المدى الطويل- أن تتوصل إلى سلام مع جيرانها عندما يكون الجميع مستعدا لذلك. وآمل أن يتم ذلك عاجلا لا آجلا». وطالب محافظ بنك إسرائيل القيادة فى الكيان الصهيونى بالبدء فى التعامل مع شريك للتوصل إلى سلام، فقد قال: «إننى أعتقد أن ميزانية الدفاع لا يمكن أن تستمر فى الزيادة بالمعدل نفسه الذى زادت به فى السنوات الأخيرة... فسوف يتعين علينا أن نجد وسيلة مختلفة للتعامل مع تلك المشكلة». وفى السياق ذاته، أعرب رئيس المؤتمر «دانى روتشيلد» عن قلقه من مواصلة انشغال إسرائيل بقضاياها الداخلية، داعيا إلى مواجهة تحديات مستجدات استراتيجية خارجية خطيرة، على رأسها الربيع العربى. وحذر روتشيلد من تعمق عزلة إسرائيل الدولية، نتيجة انخفاض مستوى التدخل الأمريكى فى الشرق الأوسط، والخلافات الإسرائيلية مع الاتحاد الأوروبى، وأوضح أنه على الكيان الصهيونى أن يتجاوز هذا العائق بإعادة النظر فى طريقة تواصله مع العالم والامتناع عن اعتبار السلاح النووى الإيرانى خطرا وجوديا عليه، على الرغم من أن مصلحته العليا تقتضى منع طهران من حيازته. وشدد روتشيلد على ضرورة تحاشى الحكومة الإسرائيلية الجديدة تكرار الفشل الدبلوماسى المدوى الذى منيت به الحكومة المنتهية ولايتها، فى إشارة إلى حصول فلسطين على اعتراف أممى بها دولة «مراقب غير عضو» أواخر العام الماضى. الإخوان فى مصر رأى المؤتمر أن أزمة مصر الاقتصادية، لا تبدو فى الأفق نهاية لها، خاصة بعد أن فقدت مصر معظم مصادر دخلهان مشيرا إلى أن تأجيل الاتفاق على القرض الدولى بسبب عدم قدرة مصر على امتثال شروط القرض القاسية؛ يضع مصر على حافة الإفلاس أمام احتياجاتها المتزايدة مقابل الاستهلاك المتزايد بسبب زيادة المواليد. وتنبأ المؤتمر -إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية على حالها- أن تجد مصر نفسها على حافة المجاعة، مؤكدا أن استمرار الأزمة الاقتصادية سيصعب احتمالات الوصول إلى استقرار اقتصادى واجتماعى. وتحدث «بواز جانور» مدير المعهد الدولى لسياسات مكافحة الإرهاب، عن خسارتهم مبارك الذى كان شبكة أمان هامة للكيان الصهيونى فى المنطقة، قائلا: «حتى لو كانت الشبكة المترامية للإخوان المسلمين لا تقدم الدعم إلى الإرهاب مباشرة، فالأيديولوجيات التى يعتنقونها كافية لأن تبعث من جديد أكبر الإرهابيين فى العالم»، مشددا على أن مصطلح «الربيع العربى» هو مصطلح يحمل مفهوما إيجابيا لعملية فى غاية الخطورة. ولفت مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال «أفيف كوخافى»، إلى سعى جماعة الإخوان المسلمين إلى تحويل مصر إلى دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، مستشهدا بالصلاحيات التى مُنحت الأزهر الشريف فى الدستور الجديد. ورأى كوخافى أن ما يحدث حاليا فى الشرق الأوسط يعزز وجود الإخوان المسلمين، إلا أنه يستدعى ملامح ثورة أخرى؛ فالمواطنون عادوا إلى حالة الإحباط، وأضاف أن المواطنين فى مصر وتونس لا يشعرون بأن الأمور تسير على النحو الأفضل. التهديد الإيرانى سجّل الملف النووى الإيرانى حضورا هاما على ساحة النقاش فى المؤتمر، الذى يعدّ من أهم المؤتمرات الأمنية الاستراتيجية لإسرائيل. واتفق أغلب المشاركين -سواء الإسرائيليون والأجانب- على ضرورة استخدام القوة لردع إيران عن المضى قدما فى مشروع تخصيب اليورانيوم وصناعة القنبلة الذرية. وقال البروفيسور «يوزى أراد» الخبير السياسى والاستراتيجى الإسرائيلى: «إذا لم يقتنع الإيرانيون بأن الولاياتالمتحدة سوف توجه ضربة عسكرية لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، فإننا لن نتمكن من التوصل معها إلى أى حلول سلمية على الإطلاق... وإن لم تفلح جميع السبل فى إقناع إيران بالتخلى عن برنامجها النووى، فإن الولاياتالمتحدة وإسرائيل سوف تلجآن إلى خيار توجيه ضربة عسكرية مزدوجة إلى إيران». وأكد «روبى ديليون» المستشار العسكرى ومستشار الأمن القومى الأمريكى، أن الولاياتالمتحدة ستوفر كل إمكاناتها لصد أى هجوم محتمل على إسرائيل. وتبلغ المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل حاليا 3.1 مليارات دولار سنويا، وتُعتبر المساعدات الأكبر على الإطلاق. وأضاف ديليون: «النظام الإيرانى يواجه الآن عقبات قد تزعزع استقراره، وعلى رأسها الحرب الأهلية فى سوريا». وأوضح وزير الخارجية الإيطالى «جوليو تيرسى» فى كلمته داخل المؤتمر، أن أزمة السلاح النووى الإيرانى لن يكون لها تأثير إقليمى فحسب، بل ستؤثر فى العالم بأسره، مشيرا إلى أن طهران إذا امتلكت القوة النووية فإن دولا كثيرة ستحذو حذوها، وسيدخل الشرق الأوسط القريب جغرافيا من أوروبا، سباق التسلّح النووى. وأضاف: «مع إيران نووية، فإن قواعد اللعبة فى الشرق الأوسط ستتغير تغيرا لا رجعة فيه. وحتى لو تصرفت إيران بعقلانية مع تطويرها الأسلحة النووية، فإنها تشكل تهديدا عالميا غير مقبول. وستتصرف طهران، مستقوية بمظلتها النووية الخاصة، بحرية، وستلعب دورا رئيسا فى رفع أو خفض حجم التوتر الإقليمى فى المنطقة وفق ما يناسب مصالحها». سوريا والأسد تطرق المؤتمر إلى الملف السورى فى مختلف المحادثات والمداخلات التى جرت على امتداد أيام المؤتمر، والتى تناولت الملف النووى الإيرانى، والمداخلات التى تحدثت عن الأمن القومى الإسرائيلى فى ظل المتغيرات فى المنطقة. وفى هذا السياق، قال السفير الأمريكى لدى إسرائيل، إن الولاياتالمتحدة لن تسمح بتسريب الأسلحة الكيمياوية التى بحوزة نظام الرئيس الأسد إلى يد حزب الله والجهاد وغيرهما من المنظمات المسلحة. وهذا يتطلب تعاونا مشتركا بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وأعرب «بينى جانيتس» رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، عن قلقه قائلا: «على إسرائيل أن تكون جاهزة للحرب، وإلا فلن نسامح أنفسنا»، واصفا الوضع السورى ب«غير المستقر» وبأنه يحمل فى طياته تهديدات خطيرة. ورغم تقليله احتمالات نشوب حرب فى المدى المنظور، فإنه أشار إلى احتمال اشتعال الوضع فى أية لحظة، مشيرا إلى أن أى حادث عرضى قد يشعل المنطقة. ومن جانبه، قال «أفيف كوخافى» رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية؛ إن «محور الشر المتمثل فى إيران وسوريا وحزب الله، قد بدأ يتفكك»، مشددا على أن الأسد يدرس تصعيد الحرب ضد الثوار السوريين، ويستعد باستعدادات متقدمة لاستخدام السلاح الكيمياوى ضد الثوار. وأكد كوخافى -فى استعراضه الموسع- حجم المأساة فى سوريا، مشيرا إلى أن «سوريا اليوم ليست دولة متكاملة، فيمكننا الحديث عن دوليتين: الأولى هى دولة الأسد، والثانية هى دولة الثوار».