«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رد على الدكتور أحمد عبد الرحمن
نشر في الشعب يوم 02 - 09 - 2007


بقلم: دكتور محمد السعيد مشتهري
نشرت صحيفتكم الموقرة "الشعب" على موقعها بشبكة الإنترنت بتاريخ 18/8/2007 مقالا للدكتور أحمد عبد الرحمن بعنوان "القرآنيون" ردا على مقال "القرآنيون وأزمة الفكر الديني" الذي نشرته لي صحيفة الدستور بتاريخ 19/7/2007. ولي بعض الملاحظات على مراجعات سيادته: أولاً: موضوع مقالي كان حول "القرآنيين" وأزمة الفكر الديني، وليس حول "القرآنيين" ومنكري السنة، وهذا الخلط أوقع الكاتب في الاسهاب في الرد على مسائل لا علاقة لها بموضوع ومحور الأزمة. أما قضية "إنكار السنة" فقد جاءت، كمثال مضروب، في سياق الحديث عن هذه الأزمة، فعند معالجة أزمة القرآنيين الفكرية لم يكن من المناسب جمع كل من سموا أنفسهم بالقرآنيين، أو بأهل القرآن [ومنهم من يعتمد الحديث مصدرا رئيسا للتشريع] في سلة واحدة هي سلة "منكري السنة"، وقد ذكرت بعض الأمثلة على ذلك. لقد كان محور مقالي هو: الاستخدام العشوائي المذهبي لمصطلح "السنة"، فهذه العشوائية هي من أزمات الفكر الديني. فإذا أضفنا إليه رمي المخالفين في المذهب بكلمة "إنكار" [بعد عصر الفتن الكبرى] نكون بذلك قد دعمنا أزمة التخاصم والتكفير وسفك الدماء بغير حق، لا من منطلق دين الله وشريعته الحقة، وإنما من منطلق تدين البشر واجتهاداتهم المذهبية. وها هو الدكتور أحمد يؤكد ذلك بقوله: "الحكم ب "إنكار السنة" لا يصدر على عنوان أية جماعة تسمى " القرآنيون"، أو" أهل القرآن" بل مناط الاتهام والحكم هو موقف الجماعة أو الفرد من "السنة"!!!! وأنا أقول: أيّ "سنة" يقصد؟؟! "سنة" فرقة من الفرق الإسلامية، أم "سنة" مذهب من مذاهب الفرقة الواحدة، ؟؟!! ومن أي المصادر يستمد المسلم نصوص هذه "السنة" التي تمثل المرجعية النبوية، والتي على أساسها سيقيم هو [أو غيره] اتهامه أو حكمه بالكفر أو الردة على شخص ما؟! لا شك أنها مرجعية "أهل السنة والجماعة" كما هو واضح من توجهه الفكري!! إذن فهل هذه المرجعية هي التي تمثل "السنة النبوية" الحقة؟! وإذا كانت كل فرقة تصف مرجعيتها بأنها المصدر الحق لهذه السنة، فهل يعقل أن يكون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد وزع نصوص سنته على الفرق والمذاهب المختلفة ليخرج كل مولود شاهرا سيفه، مدافعا عن سنة آبائه، بالأدلة والنصوص التي صحت عندهم ولم تصح عند غيرهم؟! هل عرف عصر الرسالة المحمدية الخاتمة هذه المذاهب المختلفة، أم أنها وليدة صراعات دينية وسياسية، لم يشهدها عصر الرسالة، لذلك أطاحت بوحدة الأمة وكرامتها وخيريتها، في الوقت الذي حذر الله تعالى ورسوله المسلمين أن يقعوا فيها؟؟!! لقد حكم أتباع بعض المذاهب السلفية على فضيلة الشيخ محمد الغزالي بالردة وإنكار السنة، لأنه أنكر في كتابه "السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث" بعض العقائد وبعض الأحاديث المقدسة عند هؤلاء. ويومها تقدمت بدراسة علمية عن تاريخ الفرق والمذاهب الإسلامية ومواقفهم المذهبية من مصطلح "السنة" وذلك إلى لجنة الفتوى بالأزهر. وبعد مناقشة أعضاء اللجنة في مسائل هذه الدراسة، أصدرت اللجنة [في 1/2/1990] فتوى هذا نصها: "وعلى هذا فمن أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم فهو منكر لشيء اختلف فيه الأئمة ولا يعد مما علم بالضرورة فلا يعد كافراً ". ولقد قمت بتسليم صورة من هذه الفتوى لفضيلة الشيخ الغزالي الذي قام بنشرها في كتابه تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل [ط1، ص175]. فها هو عالم أزهري، له تاريخه وجهاده المعروف، يؤمن بالكتاب والسنة، كمصدرين من مصادر التشريع، ومع ذلك لم يسلم من سيف التكفير والردة لمجرد أنه أنكر شئياً لا يكاد يذكر بالنسبة لمجموع نصوص السنة!!! إذن فما هو مذهب الفرقة الذي ستحكم ساحة قضائه على شخص بإنكار السنة، ويقصده الدكتور أحمد؟؟! وعلى أي شريعة سيحكم، والمعروف عند أهل العلم أن الرايات التي يرفعها أتباع كل فرقة على مذاهبهم باسم "السنة" ليست هي "السنة النبوية" الخالصة، وإنما هي مرويات منسوبة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مازال علماء هذه المذاهب يصححونها ويضعفونها إلى يومنا هذا، كلٌ حسب مدرسته في الجرح والتعديل. فلماذا لا يقرأ الكتاب والمفكرون تاريخ الصراع الديني والسياسي للفرق الإسلامية بعناية قبل الدخول في حقل ألغام لا يملكون أدوات الوقاية من أخطاره؟! لذلك لم يكن غريبا أن يتصور الدكتور أحمد [وهو يعالج من مقالي ما يراه في حاجة إلى معالجة] أن الإسلام محصور فقط عند علماء مذهبه، مذهب أهل السنة والجماعة، حيث قال: "ولا يثبت إنكار السنة على من ينكر حديثا معينا إذا قدم الأدلة العلمية التي تبين أن في سنده أو متنه علة، تحتم إخراجه من نوع الحديث الصحيح إلي نوع الحديث "الحسن" الذي هو أدنى في درجة الصحة"!!! فهذا الذي ذكره الدكتور من مسائل الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، لا شك أنه من وجهة نظر أهل السنة والجماعة. فهل هذا المذهب هو الذي يمثل الإسلام أمام العالم اليوم؟؟ أم أن هناك مذاهب إسلامية أخرى يجب أن تدلي بدلوها أيضا في هذه "التنقية" لنخرج للعالم بمرجعية موحدة لنصوص "السنة النبوية"، خاصة أننا أمام مصدر تشريعي إسلامي، وليس مرجعية مذهبية فقهية!!! لذلك عندما بيّن الدكتور أحمد طبيعة وخطورة الأزمة التي نتحدث عنها بقوله: "ولا يزال الباحثون المسلمون ينكرون صحة بعض الأحاديث، لتصادمها مع آية من آيات القرآن الكريم أو مع حديث آخر أصح منها"!!! كان عليه أن يذكر لنا: من هم الباحثون المسلمون الذين لا يزالون ينكرون صحة بعض الأحاديث ...، ومن أية فرقة إسلامية هم؟؟!! لا شك أنه يقصد علماء مذهبه. لذلك لم يكن غريبا أن يقول: "الأدلة العلمية التي تثبت أن السند والمتن معتلان" تقي صاحبها شر الاتهام بإنكار السنة"!!! ولا أدري هل قوله هذا نتيجة عدم درايته بعلم الحديث وأصوله، ومدارسه في الجرح والتعديل، أم لغيرته المذهبية على "السنة"؟؟!! والغريب أن يستشهد على صحة هذه القاعدة بمقال له أنكر فيه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، سحر، ولم يتهمه أحد بإنكار السنة!!! وهنا أقول لسيادته: عليك أن تبحث على شبكة الإنترنت عن: "حكم من ينكر حديث سحر النبي" [ومن هذه المواقع منتدى التوحيد] وستتعرف بنفسك على حكم من أنكر هذا الحديث، وأنه لن تشفع له صلاته ولا صيامه ... ولا إيمانه بصحة باقي الأحاديث ...، ولا ما قدمته من أدلة علمية أنكر على أساسها صحته!! فعند مقارنة ذلك بقوله في سياق حديثه عن حجية الحديث: "قد سجلت جهودهم الجبارة في مؤلفات علمية عديدة. ووضعت الأخبار المزورة في مجلدات خاصة سميت كتب "الموضوعات" أو "الضعفاء" ... وقوله: "ولقد خاض علماء الحديث الكبار معارك طاحنة ضد المزورين، الوضاعين من الزنادقة والمبتدعة والمتعصبين، واستطاعوا أن يبلوروا معايير صارمة لتمييز الحديث الصحيح من الخبر الزائف الموضوع" ... ... وقوله: "وبرع المتخصصون في تمييز الحديث الصحيح من الأخبار الزائفة إلى حد يثير الإعجاب" ... ... علينا أن نسأل أنفسنا: إذن فلماذا مع كل هذه الجهود الجبارة من جهابذة علماء السلف، مازال علماء الخلف الى يومنا هذا يصححون ويضعفون؟؟!! هذا السؤال الشرعي الذي أكده بقوله: "ولا تزال عمليات النقد والفحص والمراجعة جارية، حتى يومنا هذا؛ وهذه العمليات هي التي يطلق عليها اليوم "تنقية السنة"!! ولا أعلم حقيقةً كيف يجرؤ مفكر مسلم يتصدى لهذه القضية الشائكة أن يدافع عن "تنقية السنة" بهذا الشكل؟؟!! وكأن "السنة النبوية" ما هي إلا نصوص تاريخية يجوز التعامل معها بالتصحيح والتضعيف بحرية كاملة، وإلى قيام الساعة، دون نكير، ودون خوف من رسول الله صاحب هذه السنة!!! ثم يؤكد الدكتور أحمد صحة ما ذهبت إليه بخصوص أزمة الاستخدام المذهبي لمصطلح "السنة" بقوله: "وقد أساء د. مشتهري فهم كلام المفتي عن "التنقية". قال المفتي: "إن آلية التصحيح لا تقوم على الحذف والاستبعاد التام للأحاديث الضعيفة والموضوعة، كما ذكر أن فضيلة المفتي قال: " أنا مابضيعش حاجة. أنا بحافظ على الكل"!!! وأنا أقول للدكتور أحمد: إن من المبادئ الأولية للتحقيق والبحث العلمي أن النقل بين المعكوفتين "..." يعني أن ما بينهما هو المنقول حرفيا. وقد ذكرتَ يا دكتور أحمد أني قلت: قال المفتي: "إن آلية التصحيح لا تقوم على الحذف والاستبعاد التام للأحاديث الضعيفة والموضوعة ..."!!! ولم يحدث مطلقا لي أن وضعت هذه العبارة بين "معكوفتين" على أنها من كلام فضيلة المفتي، فنص ما قلته هو: واذا كانت آلية التصحيح والتضعيف لا تقوم على الحذف والاستبعاد التام للأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، [كما ذكر فضيلة المفتى حين قال: أنا ما بضيعش حاجة، أنا بحافظ على الكل ...]". فكلام فضيلة المفتي الذي نقلته عنه، والذي خرج على لسانه هو فقط: "أنا ما بضيعش حاجة، أنا بحافظ على الكل". أما الجملة التي ذكرتها بين معكوفتين "..." فهي من كلامي أنا، وفهمي لكلام فضيلته!! فليس من المنهج العلمي في شيء أن يتعامل الكاتب مع قضية شائكة كهذه بأسلوب استقطاع الجمل من سياقها ليوجه القارئ إلى الوجهة التي يريدها. ولولا أني أشفقت على قراء هذه الصحيفة الموقرة مما ذكره الدكتور أحمد من معلومات مغلوطة ما رددت على مقال الدكتور أحمد لافتقاده الكثير من أصول التحقيق والبحث العلمي!! لقد ترك الدكتور أحمد معظم الأدلة التي ذكرتها، والأمثلة التي أتيت بها، والتي تؤكد حقيقة تشكيك بعض علماء الفرق والمذاهب المختلفة في حجية الحديث [وليس فقط أهل السنة والجماعة] واعتمد على فقرة واحدة من كلام فضيلة المفتي وترك الباقي!! في مقالي هذا تكلمت في [أولاً، وثانياً] عن مذاهب القرآنيين، وفي [ثالثاً] عن الشيعة، ثم قلت بعد ذلك: "إذن كان من المنطقي، وقبل أن نتهم أحداً بإنكار "السنة النبوية" أن نتفق أولا على تعريف هذه "السنة" بمفهومها الإسلامي العام وليس بمفهومها المذهبي الذي تختص به كل فرقة، والذي على أساسه اعتمدت أمهات كتب الحديث الخاصة بها مصدرا لهذه السنة"!! ثم ضربت مثلا بفتوى لأستاذة بجامعة الأزهر تقول فيها بأن "القرآني" [هكذا بوجه عام] مرتد وتجب استتابته، وإن لم يتب فيجب إقامة حد الردة عليه!! ثم إذا بها في نفس الوقت وفي نفس السياق تقول: "هذا لا ينفي أن [السنة النبوية] خاصة أخبار الآحاد، عملية النقل عن بعض الصحابة التابعين، تحتاج إلى [تنقية] لبيان الأحاديث الضعيفة منها والصحيح، مع عدم الاعتداد بالضعيف والالتزام بالسنة الصحيحة سواء كانت متواترة أو مشهورة ... إلى آخره"!!! وضربت مثلا آخر بعلم من أعلام علم الحديث بجامعة الأزهر يقول في برنامج فضائي: "بيقولوا النهاردة عايزين ننقي التراث؟؟ امال العلماء عملوا إيه؟؟ عملوا علم الجرح والتعديل ليه؟؟ كانوا بيشتغلوا إيه؟؟ لقد انتقدوا كل شيء ومحصوه ودرسوه بعناية قوية جدا جدا ...!!! ثم يقول: "فأحاديث البخاري صحيحة على [الأمة] أن تعمل بها ولا يصح أن تعترض عليها ...، لأ البخاري لا يخطأ أبدا، ليه؟؟ لأنه بيروي عن رسول الله ...!! فيسأله مقدم البرنامج: يعني البخاري مقدس يا دكتور؟؟ فيرد أستاذ الحديث و"السنة النبوية" بجامعة الأزهر بقوله: مقدس، ومعصوم، وكل شيء!!! ثم في [رابعاً] جئت بحديث فضيلة المفتي، هذا الحديث الذي استقطع منه الدكتور أحمد فقرة وأقام عليها مراجعته حول مسألة "تنقية السنة"، وما نقلته عن المفتي بخصوص هذا السياق هو: "قال المفتي: "القضية مش في الشيل، إحنا أحدثنا آلية التصحيح والتضعيف ... أنا ما بضيعش حاجة، أنا باحفظ الكل ... وبقول ده صحيح يحتج به، وده لأ، لا يحتج به. فهذا الذي حصل وبيحصل [ومازال بيحصل] ... زي ما قلتلك إن عملية التنقية مازالت مستمرة، المحدثون ما زالوا [إلى النهاردة] بيصححوا ويضعفوا!!! المحدثون إلى النهاردة مازالوا بينظروا في السند ويقولوا لأ ... ده حديث ضعيف"!!! ثم ذكرت بعد ذلك مباشرة قول الدكتور مصطفى الشكعة: "أما عن تنقية كتب الأحاديث فنحن نعمل بالفعل في ذلك ... أنا أتحدث عن الأعمال التي نقوم بها، نحن نقوم بالفعل في عمل تنقية لكتب الأحاديث ... نبحث أولا في الكتب التي شاع عنها أن بها أحاديث مغلوطة كثيرة، ونأخذها أولا بأول، والبخاري ومسلم سيكونان في آخر مرحلة بعد البحث في باقي هذه الكتب. ويقال إن في البخاري حوالي عشرة بالمائة أحاديث ضعيفة، وكذلك مسلم ..."!!! ثم بعد ذلك تساءلت: واذا كانت آلية التصحيح والتضعيف لا تقوم على الحذف
والاستبعاد التام للأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، [كما ذكر فضيلة المفتى حين قال: أنا ما بضيعش حاجة، أنا بحافظ على الكل ...] ألا يعني ذلك أن علماءنا أنفسهم متشككون في حجية الحديث [كمصدر تشريعي] عندما يخافون أن يحذفوا حديثاً يرونه ضعيفا لعل شخصا يأتي غدا ويراه صحيحا؟؟ وبعد ذلك مباشرة قلت: "ألا يعتبر الصراع بين الشيخ الألباني وعلماء الحديث من جهة، والشيخ حسن السقاف من جهة أخرى، خير شاهد معاصر لنا اليوم على خطورة بقاء نصوص "السنة" معلقة تنتظر آلية التصحيح والتضعيف إلى يوم الدين؟؟!! لقد صحح الشيخ الألباني ما كان ضعيفا، وضعف ما كان صحيحا، وجاء الشيخ السقاف وضعف ما صححه الألباني، وصحح ما ضعفه [انظر كتاب تناقضات الألباني، وأيضا موقع منتديات التنزيه]. فهل يرضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صاحب "السنة" عن ذلك؟؟ وهل إذا بعثه الله تعالى اليوم سيسعد ويفرح بآلية التصحيح والتضعيف لسنته النبوية؟! وبيت القصيد هو: هل من حق كل مسلم أن يعرف طبيعة وتفصيلات عمل هذه الآلية ومناقشتها كلمة كلمة؟؟ وهل هي آلية تخص مذهب من المذاهب، أم مشروع يشترك فيه ممثلون من كافة الفرق والمذاهب المختلفة؟؟!!! وبعد كل هذه الإشكاليات تعالوا نرى ما يعترض عليه الدكتور أحمد: "فتساءل د. مشتهري: "ألا يعني ذلك أن علماءنا أنفسهم متشككون في حجية الحديث [ملاحظة: حذف الدكتور قولي بعدها: "كمصدر تشريعي"] عندما يخافون أن يحذفوا شيئا [ملاحظة: لم أقل "شيئا" وإنما قلت "حديثا"] يرونه ضعيفا، لعل شخصا يأتي غدا ويراه صحيحا؟" ثم رتب على ما ذكره سابقا قوله: "ها هنا جملة أخطاء. فقد فهم الكاتب [يقصدني] من كلام المفتي أن العلماء يحافظون على كل ما عرف من أخبار وروايات، دون تمييز بين الأخبار الضعيفة والموضوعة! وهذا خطأ جسيم. فكلام المفتي لا يمكن أن يعني أن العلماء المسلمين متشككون في حجية السنة، فهم، علي العكس، موقنون بحجية الأحاديث الصحيحة"!!! ثم يقول بعدها: "وهنا نقابل الخطأ الأكبر الذي ورد في مقال د. مشتهري فقد نقل كلام المفتي عن "تنقية" السنة وختمه بقوله: " يقال إن في البخاري حوالي عشرة بالمائة أحاديث ضعيفة، وكذلك صحيح مسلم"!!!! وأعجب كيف يتصدي أستاذ أكاديمي لموضوع لا يحسن فهم سياق مسائله؟؟!! فهذه الجملة التي ذكرها سابقا منسوبة إليّ على أنها من كلام فضيلة المفتي هي في الحقيقة من كلام الدكتور مصطفى الشكعة، وهذا واضح من الفقرة السابقة التي تبدأ بقولي: " ثم ذكرت بعد ذلك مباشرة قول الدكتور مصطفى الشكعة: ...."!!!! واللافت للنظر أن معظم مقال الدكتور أحمد يحوي فقرات منقولة من كتب السلف ليدافع بها عن إشكاليات لم يستطع جهابذة علم الحديث أنفسهم [على مستوى الفرق المختلفة] حلها عبر العصور. وأدلة ذلك لا تخفى على المتخصصين من أهل العلم!! بل ويكفي قوله [وقول غيره] أن آليات التصحيح والتضعيف مازالت تعمل حتى يومنا هذا!!! فهل كان موضوع مقالي عن إشكاليات علم الحديث حتى يأتي لي وللقارئ بكل هذه المنقولات التي تحتاج للرد عليها إلى مجلدات؟؟!! لذلك لم يكن غريبا أن يدافع الدكتور أحمد عن الفرقة والمذهبية بدعوى أنها: "سنة الوجود، وأن الخلاف فطرة لا يمكن القضاء عليها، وليس مطلوبا القضاء عليها، لأنها مصدر التباين والتنوع والثراء في الفكر البشري"!!! فلماذا لم يضع الدكتور أحمد عبد الرحمن مشروعي الفكري هذا داخل دائرة الخلاف الفطري الذي لا يجب القضاء عليه، لأنه "مصدر التباين والتنوع والثراء في الفكر البشري"؟! ودليل وجوب ذلك فعلا أن من يقرأ مقالي "القرآنيون وأزمة الفكر الديني" [وهو منشور على موقعي كاملا] ويقرأ مراجعات الدكتور أحمد التي أناقشه فيها في هذا المقال، سيعلم كيف أن الخلاف يمكن فعلا أن يكون مصدر تباين وثراء للفكر البشري!! لذلك: لا عتاب عليه عندما قال: "لهذا قلت إن ما ينادي به د. مشتهري خيال شعري جميل، لكنه لا يتصل بالواقع بأية صلة". فليت الدكتور أحمد توقف عند هذه العقيدة الرائعة المهذبة التي نتمنى أن يقف عندها كل أنصار الفرقة والمذهبية، ولا يتعدونها إلى التكفير ورمي المخالفين لهم بإنكار السنة، ويعتبر فعلا أن ما أنادي به من مشروع فكري ما هو إلا خيال شعري جميل لا يتصل بالواقع!!! ولا عتاب عليه عندما قال: "أليست الأمة المسلمة في أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان والصومال وباكستان، وحتى في قلب أوروبا وأمريكا؟! وإذا لم يكن كل هذا دليلا كافيا على الوجود، فماذا يكون الدليل؟!! ولا عتاب عليه عندما قال: "ويرفض د. مشتهري أن يتحدث عالم مسلم باسم الأمة المسلمة، لأنها غير موجودة في نظره، ولا يوجد إلا مذاهب مختلفة. وقد بينت أن الأمة المسلمة موجودة وإن كانت ممزقة سياسيا ...!!!! ولا عتاب عليه عندما قال: "والمسلمون على اختلاف مذاهبهم يحرصون على دروس الشيخ الشعراوى رحمه الله، وعلى أحاديث الدكتور يوسف القرضاوي. وإذا هاجم أعداء الإسلام ديننا ونبينا في عشرات المواقع على " النت" فإن على كل قادر على الرد أن يقوم به"!!! لا عتاب عليه ... لأن كل ما ذكره سابقا يعبر عن فهمه المذهبي لمعنى الأمة الإسلامية، الذي أدار معالجاته على أساسه باعتبار أن أهل السنة والجماعة هم الأمة الإسلامية، فكان طبيعيا أن يعقب بقوله: "والمسلمون على اختلاف مذاهبهم يحرصون على دروس الشيخ الشعراوى رحمه الله، وعلى أحاديث الدكتور يوسف القرضاوي"!!!!! لقد مزقت الفتن الكبرى الأمة الإسلامية وهي في عصرها الأول إلى فرق ومذاهب متصارعة ظلت هكذا إلى يومنا هذا، ويستطيع كل ناظر إلى العالم الإسلامي بعين البصيرة أن يقف على هذه الحقيقة. أما أنصار الفرقة فقد حجبتهم المذهبية عن رؤية مأساة عالمهم الإسلامي [ولا أقول عن أمتهم، لعدم وجودها أصلا بالمفهوم الإسلامي الشامل] لأنهم تربوا على مائدة ثقافة التخاصم والتكفير، فلا يرون الإسلام إلا من خلال رؤيتهم المذهبية، ولا يرون الإسلام إلا فرقا ومذاهب متصارعة!!! لقد أصبحت الدعوة إلى خلع ثوب المذهبية المفرقة المتصارعة المتخاصمة التي يشهد لها التاريخ، ويشهد لها واقعنا المعاصر، بل ويشهد لها الدكتور أحمد نفسه بمقاله هذا، أصبحت هذه الدعوة إنكارا للسنة، ومادة للتهكم!!! لذلك وجه الدكتور أحمد في نهاية مقاله عدة أسئلة لي مستفسرا: "هل هو مع المذاهب أم ضدها؟ وهل سيرجع إليها أم يغفلها؟ وهو، كما قال، لا ينكر السنة؟؟ لكنه لم يذكر السنة ضمن الأصول التي سيعتمد عليها لفهم القرآن؟؟ وهذا هو ما يهز ثقتنا في أنه ليس من "منكري السنة". واعتقد أنه لو تكرم وفسر لنا سورة الفاتحة طبقا لمشروعه الفكري، وشرح لنا آيتي الوضوء والرؤية، لزال كل التباس حول مشروعه الفكري... وإنا لمنتظرون"!!! هكذا أنهى الدكتور أحمد، وهو أستاذ علم الأخلاق [كما ذكر هو عن تخصصه] مقاله بهذا الأسلوب المتوقع منه، ومن كل من ظل أسير مذهبه الديني. وأقول له: لماذا الانتظار؟؟!! فمن مؤلفاتي موسوعة بعنوان: "السنة النبوية حقيقة قرآنية قبل ظهور الفرق المذاهب" صدر منها الجزء الأول منذ سنوات. أما عن طلبه تفسير سورة الفاتحة: فقد قمت باستخراج دروس التربية [ولا أقول تفسير] من سور القرآن الكريم بداية من سورة الفاتحة وحتى سورة العنكبوت، سورة سورة، وآية آية، وذلك في خطبة الجمعة التي كنت أقوم بها منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وبعضها موجود على موقعي [قسم الصوتيات]. كما أن على الموقع نفسه، وفي إطار مشروعي الفكري الذي يهدف إلى إعداد: "موسوعة الفقه القرآني المعاصر" يوجد فهم مبدئي لآيات سورة الفاتحة لعله يرضي الدكتور أحمد ومن تابعه. كما أن هناك دراسات منهجية تجيب على معظم ما يحيك في صدور هؤلاء. ولكن لا أظن أنها ستزيل الالتباس عندهم إلا إذا خلعوا ثوب المذهبية، وعادوا إلى ما كان عليه رسول الله وصحبه الكرام، رضي الله عنهم أجمعين، قبل ظهور هذه الفرق وهذه المذاهب المختلفة المتصارعة.
www.feqhelquran.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.