حالة من الذعر تسود أوساط عدد من الإعلاميين المصريين وملاك الصحف والفضائيات المصرية، بعد إلقاء القبض على منسق العلاقات المصرية الليبية السابق ورئيس مجلس إدارة قناة الساعة أحمد قذاف الدم، بحي الزمالك بالقاهرة، أمس الثلاثاء، وحبسه 30 يومًا على ذمة التحقيقات. وارتبط قذاف الدم بحكم منصبه - كمنسق للعلاقات المصرية الليبية، ونسبه ك"ابن عم" للعقيد الليبي معمر القذافي - بعدد كبير من أعضاء الحزب الوطني المنحل، وبخاصة أعضاء لجنة السياسات، الأمر الذي ظهر جليًّا في لجوئه للمجلس العسكري الذي كان يدير مصر إبان مقتل معمر القذافي، فضلاً عن علاقاته الوثيقة باللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الراحل. "قذاف الدم" عمل لسنوات مبعوثًا شخصيًّا للعقيد الليبي، الذي حكم بلد النفط أكثر من أربعين عامًا، كما تولى مسؤولية تنسيق العلاقة بين ليبيا ومصر، وكان في الوقت نفسه يصنف ضمن دائرة كبار المسئولين الأمنيين في النظام البائد، حيث كان يتولى مهمة التصفية الجسدية لكل معارضي العقيد في الخارج؛ ولذلك تولى ملف المعارضة الليبية بتكليف مباشر من العقيد وارتكب جرائم بشعة في حق المعارضة الليبية سواء في أوروبا أو غيرها. وتعد قناة "الساعة" التي أطلقها النظام الليبي قبل قيام الثورة المصرية أحد أبرز الواجهات الإعلامية لاستقطاب صحافيين وسياسيين مصريين، أبرزهم مصطفى بكري الذي كان يقدم برنامجًا على قناة الساعة، وقيادات بارزة في جبهة الإنقاذ تمتلك قنوات وصحف كانت تحصل على نصيب من كعكة الإعلانات التي كان يوزعها نظام القذافي، وكانت تنشر ملاحق كاملة عن الكتاب الأخضر وإنجازات العقيد، فضلاً عن ارتباط "قذاف الدم" بعلاقات وثيقة مع فنانات ورجال الإعلام والبيزنس. اشتهر أحمد قذاف الدم بنشاطاته التجارية من خلال الواجهات الاستثمارية التي أقامتها أجهزة القذافي الأمنية، ويقدر حجم الاستثمارات التي أنشأها في مصر حتى عام 2011 بنحو 10 مليارات دولار، فضلاً عن دوره المعروف في تجارة صفقات السلاح، كما عرف عنه إشرافه على حسابات سرية خاصة بالقذافي في مصارف عربية وأوروبية. "قذاف الدم" يعد أحد أهم رجال الخيمة، وهو التعبير الذي يقصد به الحلقة الضيقة من المسئولين الذين يحظون بثقة القذافي، بحسب ما نشره موقع "ويكبيديا"، ولعب دورًا خطيرًا إبان الثورة الليبية، قد أوكل القذافي إليه مهمة المساعدة علي إخماد التحرك الشعبي في بنغازي خلال أحداث الاحتجاج التي شهدتها في فبراير 2011، وحاول خلالها أن يقنع قبائل بدوية لها جذور ليبية وتحديدًا قبائل أولاد علي، والتي يقال: إنه ينتسب إليها من أمه، العمل ك"مرتزقة" لمهاجمة قبائل الشرق وبني غازي مقابل حافز مادي ضخم. سقوط قذاف الدم، سيواجه على ما يبدو بحالة غضب إعلامي وحملات صحافية، حيث سارع أمس حافظ أبو سعدة - رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان - إلى إدانة عملية القبض على قذاف الدم، مطالبًا بعدم تسليمه للسلطات الليبية، كما وصف الناشط الحقوقي نجاد البرعي عملية القبض عليه بأنها صفقة إخوانية مع النظام الليبي الجديد، مقابل الحصول على أموال. يعزز حاله الذعر الإعلامي ما أكده الإعلامي خالد صلاح في برنامجه آخر النهار مساء أمس، من أن قذاف الدم له عالمه السري الخاص، وعلاقات واسعة مع إعلاميين وصحافيين ورجال أعمال. وفي كتابه "كلام في السياسة" للكاتب محمد حسنين هيكل، أكد الأخير أن أسرة القذافي كانت تضخ سيلاً من الدولارات لمثقفين وكُتاب وساسة مصريين.