واصلت الدول الغربية عمليات إجلاء واسعة للآلاف من رعاياها في لبنان بحرا وبرا عبر سوريا، حيث خفت حدة القصف الإسرائيلي على بيروت خصوصا لإفساح المجال -على ما يبدو- لاستكمال ترحيلهم، فيما يواجه نحو نصف مليون نازح داخل لبنان مصيرا مجهولا مع تحذير منظمات الإغاثة من كارثة إنسانية محدقة. وفي هذا السياق نزل أربعون جنديا من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) إلى سواحل بيروت لأول مرة منذ رحيلهم قبل 23 عاما إثر هجوم لحزب الله على ثكنتهم عام 1983 مما أسفر عن مقتل 220 جنديا أميركيا. ويشارك هؤلاء الجنود في عملية إجلاء آلاف الأميركيين في لبنان. ووصل جنود المارينز إلى الشاطئ عند الفجر بعد أن هبطوا من سفينة إنزال انطلقت من حاملة الطائرات الأميركية (ناشفيل). وكانت سفينة تقل نحو ألف أميركي وأكثر من مائة شخص من جنسيات مختلفة قد وصلت مرفأ لارنكا بقبرص قادمة من بيروت أمس. وستقوم السفينة الأميركية بثلاث أو أربع رحلات لإجلاء الأميركيين. كما بدأت صباحا عملية إجلاء نحو 500 مواطن فرنسي بحرا من جنوب لبنان عبر مرفأ مدينة صور الساحلية للمرة الأولى التي تقوم بها الحكومة الفرنسية. وقد حذرت الحكومة الأسترالية من أن الحظر الذي تفرضه إسرائيل على حركة السفن قد يؤخر عمليات الإجلاء. وقال وزير الخارجية ألكسندر داونر إن بلاده استأجرت ست سفن لإجلاء نحو ستة آلاف من رعاياها في لبنان. وأشار إلى أن مئات الأستراليين احتجزوا في ميناء بيروت أمس بعد أن رفضت إسرائيل السماح لسفينة يونانية بالعبور بأمان. ورست ثلاث سفن في ميناء لارنكا في قبرص في ساعة متأخرة من مساء أمس تحمل رعايا أجانب أجلوا عن لبنان، فيما وصلت سفينة فرنسية صباح اليوم تقل 900 نازح. وقد وجهت قبرص نداء من أجل استجابة دولية أسرع لأزمة إجلاء النازحين في لبنان. وحذرت من أنها قد لا تتمكن من مواجهة نزوح آلاف الفارين من لبنان إذا تراكمت الأعداد. وبينما يحظى الأجانب باهتمام من دولهم لإجلائهم عن لبنان يجد النازحون اللبنانيون من المناطق التي تتعرض للقصف الإسرائيلي المكثف -خصوصا في مناطق الجنوب والضاحية الجنوبيةلبيروت والبقاع- أنفسهم محاصرين في ظل انقطاع الكهرباء والماء ونفاد المؤن الغذائية والدواء واستحالة نقل المزيد منها عبر الطرق والجسور المدمرة. قد طلبت منظمة يونيسيف مساعدة عاجلة ب 7.3 ملايين دولار للنساء والأطفال, في وقت يواصل عشرات الآلاف حياتهم بالملاجئ بلا كهرباء ولا ماء. وقد بلغ عدد النازحين حسب يونيسيف حتى الآن قرابة نصف مليون, أي عشر سكان البلد المنكوب, وإذا استمر خطر الوصول إلى الطرق المؤدية إلى الجنوب فإن لبنان سيواجه أزمة إنسانية كبيرة. ولم يستبعد وزير التعليم خالد قباني وقوع مجاعة بالبلاد ف"إسرائيل تدمر كل الطرق التي يستعملها اللبنانيون لنقل المؤن الغذائية" موضحا أن ستين ألف لاجئ يلوذون الآن بالمدارس بأقل ما يمكن من الحصص الغذائية.