عقب تصديق الرئيس.. 13 مادة مهمة تتصدر قانون العمل الجديد    في موسمه ال13.. جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى بمهرجان إبداع    انتظام الدراسة بعدداً من مدارس إدارة ايتاى البارود بالبحيرة    متحدث «الوزراء»: تنسيق كامل بين الجهات المختلفة لزيادة عدد الحضانات    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي العام الترم الثانى في القليوبية 2025    طلاب "طب بشري بني سويف الأهلية" يحصدون المركز الأول في دوري العباقرة    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الإثنين 5 مايو    تراجع سعر اليورو اليوم الإثنين 5 مايو 2025 بالبنوك المصرية    وزير الإسكان: تخصيص 650 قطعة أرض للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بمنطقة الرابية    ارتفاع أسعار الذهب بالسوق المحلية اليوم الإثنين 5 مايو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    رئيس تجارية القليوبية: تطبيق دعم المستثمرين نقلة رقمية تعزز ثقة رجال الصناعة    التحالف الوطني يشارك في معرض أبو ظبي الدولي ويبرز دور المرأة في مواجهة التحديات التنموية    ارتفاع حجم السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ل 12.566 تريليون جنيه بنهاية مارس    قرار غريب .. ترامب يفرض 100% رسوم جمركية على الأفلام الأجنبية المنتجة خارج هوليوود    «القاهرة الإخبارية»: غزة بدون طعام.. والاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف المدنيين    رئيس حزب إسرائيلى: توسيع العملية العسكرية فى غزة لإنقاذ نتنياهو وحكومته    زعيم المعارضة في رومانيا يفوز في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية    الهباش: عباس يجتمع مع بوتين لبحث الوضع في غزة والعلاقات الثنائية في هذا الموعد    بعد الهزيمة المفاجئة أمام فاركو .. تعرف علي المباريات المتبقية لبيراميدز فى الدوري    صدمة لجماهير الأهلي.. صفقة واعدة تبتعد    لو تقدر تلعبه لعبه| شوبير يعلق على عودة زيزو للتدريب في الزمالك    ياسر ريان: عماد النحاس نجح في لم الشمل وكسب ثقة الكبار في الأهلي    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    أسئلة اختيارية بنسبة 85% ومقالية 15% . تعرف علي شكل ورقة امتحان الثانوية العامة 2025    أمطار رعدية.. الأرصاد تحذر من الظواهر الجوية اليوم    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    مشاجرة بين الفنانة جوري بكر وطليقها داخل كمباوند شهير بأكتوبر    مصرع طفلتين «توأم» في انهيار جدار منزل بقنا    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    أسعار غير متوقعة لإطلالات عمرو دياب في حفل دبي    أكاديمية الفنون تحصل على 45 جائزة فردية وجماعية في مسابقة «ابداع»    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    نويرة بين كنوز موسيقار الأجيال ونجوم الأوبرا تجيد أداء أيقونات النهر الخالد "صور"    "صحة غزة": عدد الشهداء الأطفال تجاوز 16 ألفا.. والقطاع يشهد مؤشرات خطيرة    مركز طبي كفر شكر بالقليوبية يحصل على اعتماد هيئة الرقابة    الرعاية الصحية تنظم فعالية حول الوقاية من الجلطات الوريدية في مرضى الأورام    النحاس يبدأ دراسة نقاط القوة والضعف في المصري قبل مواجهة الخميس    شيخ الأزهر يستقبل الطالب محمد حسن ويوجه بدعمه تعليميًا وعلاج شقيقته    وزير الخارجية الإيراني يصل باكستان للتوسط لوقف التصعيد مع الهند بسبب هجوم كشمير الدموي    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    أحمد علي: المنافسة على لقب الدوري اشتعلت بعد خسارة بيراميدز وفوز الأهلي    لأول مرة.. نيكول سابا تكشف سر على الهواء: «شئ صعب»    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعتذار آخر للسيد أولمرت
نشر في الشعب يوم 11 - 08 - 2007


د. عبدالوهاب الأفندي

(1) في منتصف الشهر الماضي، استذكر العرب الحرب الإسرائيلية الجائرة التي استهدفت كل لبنان وأهله تحت دعوي القضاء علي حزب الله، فدمرت ما شاء الله من البني التحتية وقتلت من قتلت، وحرقت ما حرقت.
وقد دار نقاش وقتها حول حق إسرائيل في أن تأتي ما أتت من تخريب وتدمير، حيث كان رأي فئة معروفة، علي رأسها الإدارة الأمريكية وحليفها توني بلير وعدد من قادة الدول العربية المعتدلة ، هو أن الخطأ كان خطأ حزب الله، وأن لإسرائيل أن تقتص منه وتسترد أسراها. أما غالبية العرب وكثيرون غيرهم فقد رأوا أن إسرائيل تجاوزت الحق والعدل في رد فعلها، خاصة وأن هجومها لم يتوجه إلي حزب الله ومعاقله وجنده، وإنما استهدف الطرق والجسور والموانئ والمطارات التي يستخدمها عامة اللبنانيين ومساكن المدنيين بدون تمييز.

(2)
نفس السجال دار حول طريقة إدارة صراعات مماثلة، مثل غزو إسرائيل السابق للبنان في عام 1982 بحجة القضاء علي منظمة التحرير الفلسطينية، وهجوم سورية الذي سبق ذلك علي المقاومة الفلسطينية وحلفائها اللبنانيين (وهو الهجوم الذي رمزت له مأساة تل الزعتر)، وحملات الحكومة العراقية السابقة علي الأكراد والحالية علي معارضيها، وحملات الحكومة السودانية علي المتمردين الكثر عليها من الجنوب إلي دارفور. ولا ننسي هنا أحداث اشتهرت في عصرنا هذا من تيمور الشرقية إلي البوسنة وكوسوفو. وفي كل حالة كان السؤال يثور: إلي أي حد يمكن لجهة مسلحة أن تستهدف غير المحاربين في سبيل تحقيق أهدافها المتمثلة في دحر عدو آخر مسلح؟

(3)
الانتقاد الأكبر الذي تم توجيهه للجهات التي وصفت بالباغية في هذه المواجهات هو إسرافها في استهداف غير المحاربين، إما تعمداً وإما بسبب عدم المبالاة بحياة الأبرياء وممتلكاتهم أو البنية التحتية للأقاليم المستهدفة. وهناك إجماع بأنه لا يمكن لأي غاية أن تبرر مثل هذا الإسراف، وهذه تحديداً نفس الحجة التي يستند إليها من يدينون الإرهاب الذي يتجاوز الحدود في استهداف الأبرياء لتحقيق غاياته التي قد تكون نبيلة.

(4)
بكل المقاييس فإن ما استحله الجيش اللبناني في التهجم علي مخيم نهر البارد قد فاق في تعسفه تجاه الأبرياء واستهانته بمعاناتهم والبنيات التحتية لمقام أناس هم في نهاية المطاف لاجئون يعيشون علي هامش المجتمع، قد فاق ما قام به أولمرت ورهطه في حرب لبنان الماضية. علي الأقل إن أولمرت وجنده كانوا يستخدمون قنابل توصف بأنها ذكية، تهدم المناطق المستهدفة بتحديد أكبر، وتقلل ما يوصف بالأضرار الجانبية. ولكن ما نشهده اليوم في محيط نهر البارد وما حوله (وما خفي أعظم) يذكر بحروب عصور غابرة. فهل يجوز من أجل القبض علي فئة لا تتجاوز العشرات تشريد عشرات الآلاف وتدمير المساكن المتواضعة للاجئين وفرض الحصار عليهم بهذا الشكل الوحشي؟

(5)
الأدهي والأمر هو صمت كل العرب تقريباً عن هذا التعسف الذي تجاوز كل حد معقول. فالغالبية، إن لم نقل الكل، من حزب الله إلي الحكومات العربية، يؤكدون دعمهم غير المشروط لحرب الجيش اللبناني المفتوحة علي سكان مخيم نهر البارد، علي سنة من يقول بجواز إلقاء قنبلة علي شخص لقتل الجراثيم في جسمه.

(6)
هذا الصمت يفقد العرب أي سلطة أخلاقية (إن كان قد بقي لهم شيء من ذلك) لانتقاد الكيان الصهيوني أو الإدارة الأمريكية إذا قرروا تدمير مدن (أو حتي بلدان) عربية بكاملها بحجة القضاء علي الإرهاب فيها. وتتفاقم المشكلة حين نشهد أيضاً تواطؤ العرب، بل وحماسهم، لحصار غزة بحجة معاقبة حماس كما فعلوا من قبل حين وقفوا مع حصار العراق من أجل معاقبة صدام ! فبأي مبرر نعترض إذا غزت إسرائيل لبنان مجدداً إذا كنا لا نري بأساً بمعاقبة شعوب بكاملها لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية؟

(7)
إننا لا نملك إلا أن نشعر بالخجل من هذا التبلد الأخلاقي العربي الذي لايكاد ينجو منه ناج، وهذه الانتقائية في إدانة العمل الإرهابي التعسفي الذي يصدر من الأجنبي والسكوت عن كبائر أفظع حين تصدر من ابن البلد. ولعل هذه هي الكارثة العربية الأكبر، فهي أكبر من الاحتلال والضعف العربي والعجز الجماعي للأمم والشعوب. بل إن هذا العجز الجماعي هو في حقيقته انعكاس لهذا الخلل المقيم. فإذا كانت الأمة لا تستطيع أن تأتي باضعف الإيمان، وهو إنكار المنكر بالقلب واللسان حين تصدر المنكرات من بين ظهرانيها، فأي أحقيقة لهذه الأمة في الاستقلال، بل حتي في الوجود؟

(8)
لعل الوقت حان الآن لمبادرة عربية تتخذ من إدانة ما يحدث في نهر البارد وحوله بداية لانتفاضة عربية أخلاقية جديدة، تقوم باستنكار تهديم مخيم كامل علي رؤوس سكانه لمطاردة فئة باغية صغيرة اتخذت السكان دروعاً بشرية، وتمر باستنكار شامل لما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في كل الدولة العربية من معاملة لا إنسانية تخجل منها حتي إسرائيل، وتنتهي باستنكار وجود أنظمة القمع التي تعامل كل العرب كلاجئين في بلادهم، بل أقل من ذلك لأنها لا تمنحهم حقوق اللاجئين وأقلها حمايتهم من العسف. وإلا فلنتعذر لأولمرت وشارون لأننا أخجلناهم وأحرجناهم أمام أنصارهم من المتطرفين حيث سيقال لهم أعجزتم أن تفعلوا في جنين وغزة ما يفعله الجيش اللبناني في نهر البارد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.