توفي الروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 1988 فجر الأربعاء 30-8-2006 عن عمر ناهز ال 95 عامًا بعد صراع مع المرض. وقالت مصادر طبية إن محفوظ توفي بمستشفى الشرطة في ضاحية العجوزة بالقاهرة بعد إصابته بهبوط مفاجئ في ضغط الدم وفشل كلوي. وكان محفوظ قد دخل المستشفى في 19 يوليو بعد سقوطه في الشارع وإصابته بجرح غائر في الرأس تطلب جراحة عاجلة، ولم يعلن الأطباء في المستشفى سبب الوفاة التي حدثت بعد الثامنة صباحا بتوقيت القاهرة بقليل. وبدأ محفوظ الكتابة في سن السابعة عشرة، ونشرت أولى أعماله عام 1939. درس محفوظ الفلسفة في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا) وتخرج عام 1934. ويعد محفوظ أشهر روائي عربي، حيث امتدت رحلته مع الكتابة أكثر من 70 عاما كتب خلالها أكثر من 50 رواية، أشهرها ثلاثية "بين القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية" ومجموعة قصصية فضلا عن كتب ضمت مقالاته. ويرى نقاد أن مسيرة محفوظ الإبداعية تلخص تطور فن الرواية العربية في مراحله التاريخية والواقعية والرمزية والملحمية، حيث اختصر الجهد والوقت على "أجيال من المبدعين العرب فلولاه لظل الطريق غير ممهد للأجيال التالية". من هو نجيب محفوظ ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في حي الجمالية بالقاهرة في 11 ديسمبر عام 1911 وأمضى طفولته في الحي حيث ولد، ثم انتقل إلى العباسية والحسين والغورية، وهي أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حياته الخاصة. حصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1934 وأثناء إعداده لرسالة الماجستير "وقع فريسة لصراع حاد" بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلى الأدب الذي نمى في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين. تقلد منذ عام 1959 حتى إحالته على المعاش عام 1971 عدة مناصب، حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات الفنية ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما ورئيساً لمجلس إدارتها، ثم رئيساً لمؤسسة السينما ثم مستشاراً لوزير الثقافة لشؤون السينما بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936 وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة. عمل في عدد من الوظائف الرسمية، ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة (بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية)، التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل عام 1956 نظرا لضخامة حجمها. نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها، وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع. ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعا رمزيا، كما في رواياته "أولاد حارتنا" و"الحرافيش" و"رحلة ابن فطومة". بين عامي 1952 و1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما، ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة. ومن هذه الأعمال "بداية ونهاية" و"الثلاثية" و "ثرثرة فوق النيل" و"اللص والكلاب" و"الطريق". صدر له ما يقارب الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية. ترجمت معظم أعماله إلي 33 لغة في العالم. محاولة اغتيال وتعرض الكاتب المصري لمحاولة اغتيال بالسكين في أكتوبر عام 1994 على يد شاب كان يعترض على أسلوبه في عرض روايته الشهيرة "أولاد حارتنا"، لكن الشاب أصاب الرقبة فقط، وترك الحادث أثره على يده اليمنى وعلى برنامجه اليومي إذ اضطر للاستجابة لإلحاح أجهزة الأمن المصرية فلازمه أحد الحراس لحمايته. وتوقف محفوظ عن الكتابة بعد محاولة الاغتيال، إلا أنه في السنوات الثلاث الأخيرة كان يكتب قصصا قصيرة أطلق عليها اسم "أحلام فترة النقاهة". وكتب ما يقارب السبعين من هذه "الأحلام" الصوفية والفلسفية. ولخص محفوظ رؤيته للإبداع ولمستقبل الأدب في احتفال نظمته وزارة الثقافة المصرية بمناسبة مرور عشر سنوات على فوزه بجائزة نوبل ولم يتمكن من حضوره بسبب الإصابة الناتجة عن محاولة اغتياله. وأرسل كلمة تلخص رؤيته لجائزة نوبل التي نالها عام 1988 ولمستقبل الأدب قال فيها: "إن جائزة نوبل في العلوم أكثر عدلا منها في الأدب؛ لأن لغة العلم لغة عالمية تصل للجميع بسرعة، والمؤكد أن هناك الكثيرين في مجال الأدب ممن يستحقون نوبل ولم يحصلوا عليها لأن أعمالهم لم تترجم بعد بينما كل نظرية علمية تكتشف تترجم فورا إلى لغات متعددة وتصل إلى أربعة أركان المعمورة". وأوضح أنه "ليس هناك تقريبا علماء مظلومون، ولكن هناك أدباء كثيرون قد وقع الظلم عليهم". وظل محفوظ حتى أيامه الأخيرة حريصا على برنامجه اليومي في الالتقاء بأصدقائه في بعض فنادق القاهرة، حيث كانوا يقرءون له عناوين الأخبار ويستمعون إلى تعليقاته على الأحداث. وتقوم الجامعة الأمريكيةبالقاهرة بمنح جائزة سنوية باسم محفوظ، كما أطلق اسمه على أحد شوارع القاهرة.