يحتدم الجدل في كولونيا حول مشكلة اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية مع إطلاق مشروع لبناء مسجد ضخم في هذه المدينة الواقعة غرب ألمانيا والتي يشكل المسلمون 12% من سكانها. ومن المتوقع أن يحل هذا المسجد الكبير مكان مصنع قديم للأدوية يستخدم حاليا للصلاة ويقع بين محطة محروقات وشارع مكتظ بالسكان, يتجمع فيه أكثر من ألف شخص خصوصا في أيام الأعياد. ولولا صورتين كبيرتين لمكة المكرمة لما كان بالامكان معرفة أن هذا المكان يستخدم للصلاة. ويقول بكر البوغا المكلف ب"الحوار بين الثقافات" داخل الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية الذي يملك المبنى "هل تريدوننا بالفعل أن نصلي على الدوام في هذا المكان التعيس؟" مضيفا "كما إن للمسيحيين كنائسهم ولليهود أماكن عبادة نريد أن يكون لنا مسجد نصلي فيه". وقرر الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية الذي يعتبر أهم منظمة إسلامية في ألمانيا ويخضع لإشراف الدولة التركية، بناء مسجد جديد في هذه المدينة يكون قادرا أيضا على استقبال مكاتب إدارية تعنى بشؤون المسلمين. وستكون للمسجد الجديد مئذنتان بارتفاع 55 مترا وقبة زجاجية ارتفاعها 34, 5 مترا على أن يتسع لنحو ألفي شخص. ووصف رئيس بلدية كولونيا المحافظ فريتز شراما المشروع بأنه "ممتاز من الناحية الهندسية وبما يحمله من طابع رمزي". ومن المتوقع أن تباشر إعمال البناء في نهاية العام الجاري على أن يكون التمويل من هبات خاصة وقروض مصرفية. ريبة بشأن بناء المسجد ووافقت كل الاحزاب السياسية في المدينة على مشروع بناء المسجد. وقال عمدة حي اهرنفيلد الاشتراكي الديموقراطي جوزف فيرغس إن "120 ألف مسلم يعيشون في كولونيا ولا بد إن يكون لهم مكان للصلاة" مضيفا "نحن لدينا كاتدرائية كولونيا الجميلة". إلا إن البعض في هذه المدينة التي يطلق عليها اسم "روما الشمال" والتي استقبلت عام 2005 أيام الشبيبة العالمية ينظر بعين الريبة إلى المشروع. رئيس أساقفة كولونيا جواشيم ميسنر أعلن انه يتفهم مخاوف البعض ولديه "انطباع سيء" إزاء هذا المسجد الكبير. وقال عمدة المدينة شراما "لا بد من اخذ مخاوف السكان بعين الاعتبار" مضيفا "إلا إن هؤلاء السكان لم يتنبهوا أصلا إلى وجود المسجد القديم". ويعتبر المهاجرون في ألمانيا "عمالا ضيوفا" إلا إن الكثيرين يتخوفون من عدم اندماج الأتراك أحيانا في المجتمع الألماني وبعضهم لا يزال يعجز عن التكلم بالألمانية رغم مرور ثلاثين سنة على قدومهم إلى البلاد. كاتب يهودي يصف المحجبات ب"البطريق" واتخذ الجدل طابعا وطنيا عندما طلب الكاتب اليهودي رالف جيوردانو عدم بناء المسجد معتبرا انه بالتأكيد لن يساهم في عملية الاندماج. ووصف هذا الكاتب اليهودي النساء "المحجبات من الرأس حتى أخمص القدمين بطيور بطريق بشرية". واتهم بالتعاطف مع مجموعة يمينية متطرفة تحمل اسم "من اجل كولونيا" تمكنت من إدخال خمسة أعضاء إلى المجلس البلدي للمدينة وهي تقوم بحملة لمناهضة وجود الأجانب. وقال مانفرد روهس زعيم هذه المجموعة اليمينية إن هذا البناء الضخم "يكرس النظام الإسلامي ويعزز تطوير مجتمعات موازية ويقوي سلطة الإمام الذي سيكون قادرا على فرض الشريعة". مطالبة بقراءة "آيات شيطانية" داخل المسجد كما اقترح الكاتب والصحافي الألماني غونتر فالراف قراءة مقاطع من كتاب "آلايات الشيطانية" في مسجد كولونيا, مع العلم إن هذا الكاتب اشتهر في الثمانينات عندما قدم نفسه طوال سنتين على انه عامل تركي ووضع كتابا ينتقد فيه بشدة الظروف الصعبة التي يعمل فيها العمال الأتراك في ألمانيا. إلا إن بكير البوغا يسعى إلى تهدئة هذا الجدل وقال "نحن لا نشكل خطرا على هذا البلد ومسجدنا مفتوح إمام الجميع". إما عمدة الحي فيقول إن المشكلة الحقيقية تكمن "في المساجد العشوائية التي تقام في أماكن مخفية ولا احد يعرف ما يقال فيها".