في الحسابات القانونية القضائية الاخلاقية، فان الاعتراف باقتراف الجريمة حينما يأتي على لسان منفذها، يكون سيد الادلة، ويكفي لان يأخذ القانون مجراه في المحاكمة والعقاب، ولكن، ربما يسري ذلك في مختلف دول ومجتمعات العالم، الا في اسرائيل، التي حينما يعترف المجرم فيها بجريمته يمنح وسام البطولة، ففي احدث الاعترافات ما جاء على لسان ستة من رؤساء الشاباك السابقين، الذين اعترفوا حسب الكاتب المعروف جدعون ليفي في هآرتس 30 - 12 - 2012 بافعالهم الاجرامية وبافعال جهاز الشاباك-أي المخابرات العامة- من تعذيب واذلال للفلسطينيين لعشرات السنين دون أي ندم او وخز ضمير. ففي فيلم جديد باسم"حُراس الحمى"، وهو الفيلم الوثائقي المدهش كما يقول ليفي لدرور موريه، الذي كان العرض الافتتاحي له في نهاية الاسبوع الماضي في سينما "تيك" في تل ابيب يُعرض على الشاشات متوجا بجوائز دولية، وقد شرّف أبطاله وهم ستة رؤساء "الشباك" الذين يعيشون معنا العرض بحضورهم وحظوا بهتاف الجمهور بالطبع"، ويضيف ليفي: "من الواجب مشاهدة هذا الفيلم المزعزع لأنه يثير مع نهايته شعورا بالاشمئزاز العميق، وهو مع فيلم مهم آخر هو "سلطان القانون" لرعنان الكسندروفيتش، يكشف في تأخر كبير، عن الحقيقة المخيفة التي تكمن وراء مشروع الاحتلال على ألسنة المسؤولين عنه في جهاز القضاء العسكري (في "سلطان القانون") وعلى ألسنة رؤساء "الشباك" (في "حُراس الحمى")، فهؤلاء يعرضون على اسرائيل (والعالم) صورة مقلقة ومخيفة جدا"، ويردف ليفي على نحو اكثر تفصيلية ووضوحا: "يعرض رؤساء "الشباك" أنفسهم ويقولون كنا رؤساء صغارا: يعقوب بيري بعذوبة قوله، وديسكن بلغته الفظة، وشالوم بلغته اللاذعة، كلهم يتحدثون مثل رؤساء منظمة اجرام،"في نابلس، حيثما رميت بحجر كان قط أو مخرب... وخرجنا من هناك مع نهب غير قليل"، يصف بيري حقول صيده، أما شالوم فيعترف بقتل "المخربين" المقيدين في قضية خط الحافلة 300 على النحو التالي: أبلغوه أنهم "قد ماتوا تقريبا" من الضرب لكنه أصدر فقط الأمر الصغير قائلا "أنهوا العمل"، لقد عملوا فقط مثل مقاولي تصفية ومحاربة ارهاب"، ويختتم ليفي: "الآن وقد أصبح الامر متأخرا، يتذكرون الحديث وعلى نحو غير شجاع بقدر كاف ايضا، انهم يتذكرون الآن انهم هم والعاملون تحت سلطتهم حققوا مع عشرات آلاف الفلسطينيين وعذبوهم أو "ربما مئات الآلاف"، وأن كل ذلك كان بلا جدوى، هناك دول حوكم فيها المسؤولون عن اعمال مشابهة، وهم في دول اخرى ندموا بعد سنين على الأقل، ولم يكن هذا ما فعله رؤساء "الشباك" عندنا، فهم هنا ضيوف مطلوبون لكل منتدى ومدعوون في كل حفل، وهم مشاهير كبار لرأيهم اعتبار وهم نجوم يتوجون قوائم حزبية للكنيست وهم أبطال اسرائيل الذين لا يفكر أحد في التنديد بهم، ان حُماة حمى اسرائيل الذين نشك في أنهم كانوا كذلك حقا، ظلوا كما كانوا بلا وخز ضمير وبلا ضمير وبلا ندم، لكن لماذا يتصرفون تصرفا مختلفا؟، أليست اسرائيل ما تزال تهتف لهم؟". الى ذلك، فقد فاجأ وزير الأمن الإسرائيلي السابق، بنيامين بن العيزر، في لقاء تلفزيوني مع الصحافي أمنون ليفي، الجميع، عندما قال إن رئيسي الحكومة السابقين، رابين وشارون كانا قاتلين تماما مثل قائد كتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري الذي اغتالته إسرائيل في إطلاق عدوانها "عامود السحاب-: 21/ 11/ 2012". وكان بن اليعازر قد اعترف عندما كان وزير البنى التحتية في حكومة اولمرت وعلى رؤوس الاشهاد، باقتراف عملية قتل جماعي في حرب 1967 وب: "قيام وحدته "شكيد" بقتل 250 جنديا عام 67 "مبررا ذلك ب "أنهم فلسطينيون وليسوا مصريين". فحينما يعترف رؤساء الشاباك بجرائمهم، وحينما يعترف بن اليعازر بجريمته ايضا، وحينما يؤكد يوسي سريد رئيس حركة ميرتس والوزير الاسرائيلي السابق في تصريح للاهرام القاهرية ب"ان قتل الجنود المصريين خلال حربي 56 و67 هو جريمة حرب لا يسري عليها التقادم"، حينما تتجمع مثل هذه الاعترافات والوثائق، فانها تضاف إلى جملة اخرى طويلة من الشهادات والوثائق ومن ضمنها شهادات ضباط آخرين في الجيش الإسرائيلي في مقابلات أجريت معهم، والذين قاموا بالكشف عن المجازر التي نفذت ضد جنود مصريين في العام 1956 وفي العام 1967 ، فانه لا يبقى عمليا سوى ان تتحرك العدالة الدولية /الغائبة المغيبة حتى اليوم، وان تتحرك محكمة الجنايات الدولية الفعالة على جبهات اخرى غير الجبهة الاسرائيلية ...! تفتح اعترافات رؤساء الشاباك والجنرال بن اليعازر وغيرهم، فرصة جادة لمنظمات وهيئات حقوق الانسان العربية للتحرك الجاد من اجل تقديم اولئك الجنرالات الى محكمة الجنايات الدولية، كما تفتح فرصة حقيقية ايضا للدول العربية-ان جد الجد لديها- للعمل على نقل ملف الاحتلال برمته الى محكمة لاهاي الدولية ...؟!! الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة