سمعت أصوات إطلاق النار والقصف الصاروخي من حين إلى آخر في محيط مخيم نهر البارد شمال لبنان الذي يتحصن فيه العشرات من مقاتلي حركة فتح الإسلام وتحاصره قوات الجيش اللبناني منذ العشرين من مايو الماضي. وأطلق – بحسب الجزيرة - صاروخا واحد على الأقل من داخل المخيم باتجاه قوات الجيش التي ردت بقصف الموقع الذي انطلق منه الصاروخ حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من ذلك الموقع. وقد تجددت المواجهات بقوة بين الطرفين الخميس الماضي بعد مناوشات خفيفة دامت أسبوعين بقصف مدفعي عنيف أوحى بأن الجيش قد يكون بدأ هجومه النهائي على المخيم. وكان آخر المدنيين الفلسطينيين (نحو عشرين امرأة و140 من عناصر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) قد غادروا الأربعاء المخيم في حين بقي مقاتلو فتح الإسلام الذين يقدر عددهم بنحو ثمانين شخصا ومعهم عائلاتهم. ووفقا لتصريحات الجيش اللبناني فقد قتل خلال معارك اليومين الماضيين 11 عسكريا لبنانيا وسط تصعيد غير مسبوق تمثل في إطلاق 17 صاروخ كاتيوشا من داخل المخيم على القرى اللبنانية المحيطة به. وذكر مصدر عسكري لبناني أن ثلاثة جنود قتلوا الجمعة كما توفي رابع متأثرا بجراح أصيب بها بوقت سابق وسحبت جثة جندي خامس لقي حتفه الخميس داخل المخيم. ولقي ستة عسكريين بينهم ضابط مصرعهم بمعارك الخميس كما قتل مدني برصاص قناص من داخل المخيم، وأصيب نحو 58 عسكريا في المواجهات بعضهم في حال حرجة. وأكدت قيادة الجيش اللبناني في بيان لها أن قواتها تتابع تضييق الخناق على ما تبقى من المسلحين الذين عمدوا إلى إطلاق عدد من الصواريخ بصورة عشوائية في اتجاه القرى المجاورة للمخيم. وأوضح مصدر أمني أن الكاتيوشا سقطت خصوصا في البساتين والأراضي الزراعية في منطقتي عكار والمنية، حيث أدى سقوط أحدها في ساحة إحدى القرى إلى تضرر سيارة كانت خالية من ركابها. ورغم الخسائر في أرواح جنوده قال بيان الجيش اللبناني إن قواته مازالت تحرز تقدما على الأرض إذ سيطر مؤخرا على عدد من المباني والتحصينات" كان يستخدمها مقاتلو فتح الإسلام. وبدأ القتال بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام يوم 20 مايو الماضي ليصير أسوأ اقتتال داخلي تشهده لبنان منذ الحرب الأهلية التي استمرت فيما بين عامي 1975 و1990. من ناحية أخرى تلتقي أطراف الأزمة اللبنانية بعد ظهر اليوم في قصر لاسيل سان كلو الفرنسية برعاية ومشاركة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر، في مسعى لاستئناف الحوار الرامي لإخراج البلاد من أزمتها. وسيشارك في الحوار اللبناني الجديد نحو 30 سياسيا يمثلون 14 زعيما محليا، كما سيحضره أربعة أو خمسة من قادة المجتمع المدني. ومن المقرر أن يتولى كوشنر إدارة هذا الاجتماع المغلق ويختمه بمؤتمر صحفي مساء الأحد، دون إصدار أي بيان مشترك للمشاركين فيه. وسيجرى الاجتماع بعيدا عن أي تغطية إعلامية حيث تفرض السلطات الفرنسية تعتيما إعلاميا على المداولات، وستمنع الصحفيين من حضور مقر الاجتماعات وتقيد الاتصالات الهاتفية للمشاركين لتحد من أي تعطيل. ويشترط كوشنر على ضيوفه اللبنانيين التكتم على وقائع الجلسات لضمان الطابع غير الرسمي للمناقشات، وتفادي أي تدخل خارجي. وكان من المقرر أن يستمر اللقاء حتى صباح الاثنين غير أنه عدل ليختتم مساء الأحد دون تبديل لجدول الأعمال. وتسعى باريس من خلال هذا اللقاء لإحياء الحوار بين الفرقاء اللبنانيين في محاولة لتجاوز أزمة السياسية اندلعت مع استقالة وزراء المعارضة من حكومة فؤاد السنيورة في نوفمبر 2006، وتطورت إلى مظاهرات واعتصام مفتوح وأعمال عنف متفرقة. ويأتي تدخل فرنسا بعد إخفاق جميع المحاولات الرامية لحل الأزمة، واقتراب موعد انتخاب البرلمان المنقسم رئيسا جديدا يوم 24 سبتمبر المقبل. ويبدو أن المسؤولين الفرنسيين حدوا من حجم توقعاتهم لنتائج هذا اللقاء مقابل حجم الأزمة القائمة، فيما أمل بعض الفرقاء اللبنانيين بأن يكون بداية للمحادثات المتجمدة.