باري روبين.. ترجمة: عبد الرحمن عبد الوهاب ذات مرة ومنذ عدة سنوات.. وقفت على أبواب قاعة اتحاد الدراسات الشرق أوسطية حيث كان يلقي ادوارد سعيد خطابا, ولك أن ترى كيف كان يرعد ويبرق ضد من يعتبرهم أعداء للعرب.. ومن ثم أخرج سعيد قائمة بالأسماء.. كان غريبا أن تميز الموقف عما إذا كان هذا لقاءً أكاديميا أو مظاهرة لمتطرفي حزب لأحد الحكام الطغاة العرب..!! من المفترض أن هناك ممن يحبون العرب وقضيتهم، والآخرين الذين يكرهونهم. فمن الطبيعي أن ترى من يساندون والآخرين ممن يمجدون ويلتمسون الأعذار للديكتاتوريات. التي تقمع بهم وأيضا المقاومة التي توجه ضرباتها.. وأولئك الذين يسرقون أطفالهم لكي يتحولوا إلى قنابل انتحارية.. او مقاتلين في حروب عقيمة. والراديكاليين الذين يحثون على القتال حتى الموت، والصحافيون الذين يكسبون حياة الرفاهية من الكذب عليهم.
شيء جد ساخر
عادة ما تشجع الخبرات المكتسبة من الأحداث باستقراء الملاحظات.. غزة اليوم في شكل من أشكال نظام حكم طالبان المسكون بالضغوط على المجتمع – وثمة تصريح اخر للبرلماني الكويتي جاسم الخرافي.. يشرح من جهته انه يجب ألا تخف الدول العربية الأخرى من إيران وقدراتها النووية.. مضيفا ان ايران تبحث عن تكنولوجيا سلمية الأغراض. ولك ان تتخيل الموقف فهؤلاء هم الكويتيون الذين مروا بتجربة مريرة بغزو عراقي في 1990-1991 وليسوا في غفلة عما قد يحدث إذا امتلكت إيران القنبلة. أليست هذه طهران التي كانت تود أن تلقي أي شيء عليهم.. كونها كانت تريد ان تفعل أي شيء للحماية من الزوال.. في حروبها السابقة..
وعلى الرغم من ذلك أليست هي الكويت التي فعلت كل شيء لتسترضي العراق قبيل الغزو.. وكتب الشعراء القصائد العصماء في عظمة صدام حسين لقد أصيب الكويتيون بالإرهاق من مصطلح القومية العربية.. وسياق تدفق الأموال بلا حساب..
حياة صعبة ومليئة بالضغوط :
ليس لك الحق في التكلم للدفاع عن نقسك : منذ عدة سنوات .. كان لي صديق لبناني يعيش بالخارج وقد تلقى دعوة للعودة إلى الوطن من قبل ابن رئيس دولته .. وعندما أخبر عمته عن زيارته المزمعة .. أخبرته في مصطلح غير محدد ( ألا يعود وألا تطأ رجله أرض وطنه) ..حتى إذا كانت الدعوة موجهة إليك من قبل رئيس الدولة وليس فقط ابن رئيس الدولة .. فإن أي جندي بدرجة رقيب في الجيش السوري ممكن ان يلقي بك في السجن( آنذاك ). وأخبرتني أنها سمعت الأسبوع الماضي نفس القصة من صحفي لبناني .. فلم تعد المشكلة تتلخص في السجن السوري بلبنان ولكن فريق الاغتيالات السوري ..
في أفضل الأحوال للعربي عموما أن يغلق فمه .. وعلى الأسوأ فعليك أن تغني وتمدح الديكتاتورية الذين يقودون الإنسان إلى نهاية المأساة .. وماذا يحدث لو كنت فلسطينيا أو لبنانيا وقد اختار إرهابي سقف منزلك لإطلاق الصواريخ على إسرائيل . هل تنزل أسفل الدرج وتخبر أولئك المستميتون أوقفوا القصف واذهبوا بعيدا .. هل تستطيع أن تنتقدهم على الملأ بعد أن يتفجر منزلك في هجوم مضاد.. نعم انه من المضحك ..إن لم يك مأساويا .. أن ترى القادة الغربيون والدبلوماسيون والأكاديميون والصحفيون الذين يأتون ويمدحون الفساد والطغاة .. الذين من المفترض أن يساعدوك .. هم أيضا يرددون صدى فساد الديكتاتورية .. والديماغوية المستعارة بأن كل شيء كان جراء أخطاء أميركا والغرب واسرائيل ..
من فترة ليست بالبعيدة كان ثمة أمريكي من (جناح اليسار) تلقى كثير من المال وكثير من المدح والذي كان أداة طيعة في يد النظام السوري وبقية السرب .. لينشر أكاذيبهم ..وهاهو يزور القاهرة مؤخرا ..ليعطى حديثا صحفيا لكاتب مصري تابع للنظام وقام الأخر بدورة بسكب كم هائل من المديح واسهامات ذاك الاخير من اجل الحقيقة وانه النموذج والقدوة في عالم الصحافة .. وعندما تريد ان تناقش ..المثقفين المثاليين ورجال الفكر العرب ..فإن لي خبرات سيئة معهم فهم في الأحاديث الخاصة .. يتكلمون بأمانة عن حاجتهم للسلام مع إسرائيل وعن مساوئ قادتهم وأملهم في التغيير .. وعندما تأتي الميكرفونات والأضواء .. فيتكلمون على نحو خط الببغاء المردد للسياق الحكومي الرسمي ..
أحيانا تدخل معهم في نقاش على الملأ .. ولكن في نهاية النقاش لا ينسوا أن يذكروا الملاحظات المناسبة والمضادة لأمريكا وإسرائيل .. فهم على عجل يضعونها قبل أن ينتهي النقاش .. خشية ان يتورطوا .. أو يقعوا في مشكلة .. كثير من الحضور قد يظنون أن تلك هي مجمل حقيقتهم .. ولكن الحقيقة في السر غير ذلك .. !!
ثم إن هناك إثارة للبيع والاستهلاك ومشاركة الجمهور .. يصيحون الشعارات مع أي احد أخر ..ليصبح ليس فقط بطل ميكرفوني ولكنه نذل مدفوع الاجر .. أليس هذا فقط ..!! مؤلما أن يعرفوا أن تيجان الغار الممنوحة لهم ليست للاستهلاك وان يعرفوا أن ذلك سيكسبهم احترام الغرب أيضا .. بشكل دوري يظن الناس أنهم قد حققوا بعض النقاط .. عندما اخبروني أن الانتخابات تبين ان الفلسطينيين العاديين يريدون السلام مع اسرئيل وان تنتهي الحروب .. ربما كان ذلك حقيقيا .. ولكني أجيب هل يعبأ القادة ورجال السلاح بما يشعر به الناس .. وان تلك القوات التي تنادي بدولتين كحل وتنتهي مشكلة العنف لصالح الطرفين يستشعرون ذلك .. منذ عدة سنوات كان صدام حسين في حكمه ..كنت قد طلبت أن أوجه دعوة لوفد من الصحفيين العرب ..وأعطى صحفي امريكي مصطلح بلبلة تعقيبا على ما أريد .. وشعرنا بآلامهم ..كنا نريد أن نحل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية وكنا حساسين لمشكلة قوميتهم العربية .لم أكن أريد أن اعقد اجتماعا على نطاق سياسي موسع .. ولكني أردت أن أقدم جرعة من الحقيقة . ودعونا نواججها (لقد شرحت يومها).. نحن نعرف ان مشكلتكم ليست إسرائيل أو الولاياتالمتحدة أو ولكنها مشكلة الأنظمة .. في ليبيا وسوريا والعراق وإيران إضافة إلى ياسر عرفات وآخرين .. هم أولئك الذين يغتصبون حقوقكم .. ويدمروا مجتمعاتكم ويحطموا أحلامكم .. وبعد ذلك . فوجئت يومها بحشد من الحضور قد أتى ليؤيدني فيما أقول .. من المؤلم أن نرى منشق سوري يواجه السجن والتعذيب ..هل تستطيع أن تخبره بأن الغرب سيقف إلى جواره .. أو أن الصحافيون يستنكرون النظام الذي يلطمك .. أو أن خبراء الشرق الأوسط سيعقدون الاجتماعات في مدحك أو أن الكونجرس سيعقد لا تنتهي حتى يطلق سراحك .؟. أو أن الحكومات الأوربية ستطلب الإفراج عنك .. من منا لا يشعر بأفيون يسمم العالم العربي اسمه القومية العربية والإسلامية و الوعود التي تعد بالنصر وقصص الرعب للشياطين من الأعداء (اسرائيل ).. من منا لا يتعاطف مع الإحباط الذي يعانيه المعتدلين الذين تعاملهم المجتمعات كمجنونين أو خونه .. ومن منا لا يشعر بالاحتقار ضد أولئك الذين يعيشون برفاهية في الغرب أو أوطانهم و يمدحون الملتزمين ممن تقيدهم قوى الشر من الحكومات العربية .. ***************************** الكاتب مدير مركز جلوريا ومحرر بمجلة شئون الشرق الاوسط (ميرا) ومؤلف كتاب الحقيقة عن سوريا .. It's hard to be an Arab ..By BARRY RUBIN
تعقيب لابد منه .. لاحظت ان هناك ثمة استدراج من أول المقال .. ليعزز ما يريد .. وهو انه يتسلل إلى ذهن القاريء ليصل إلى ما يبتغيه أي الطعن في( القومية والعربية والإسلامية ).معللا بالحالة الكويتية العراقية مرة .. وبالعراقية الإيرانية اخرى .. واللمز والإلقاء باللائمة على الديكتاتوريات العربية . زاعما أن المشكلة ليست اسرائيل ولكنها الديكتاتوريات العربية .. وهذا تزييف للحقيقة إذ ان الديكتاتورية العربية تعتبر كحالة عرضية لمرض أكبر وداء عضال اسمه الديكتاتورية الإسرائيلية والأمريكية .. فالضغط على الإسلاميين ناتج دوما عن أوامر من إسرائيل نفسها وأمريكا .. وان إسرائيل إذا أرادت حربا أو أرادت توسعا صدرت الأوامر المباشرة للديكتاتوريات العربية نظفوا المنطقة من الإسلاميين فتبدأ الاعتقالات والقتل والتعذيب .. ناهيك عن القتل والتعذيب اليومي لإخواننا الفلسطينيين الواقعين تحت الضغط المباشر للديكتاتورية الإسرائيلية .. ان الطغاة العرب بمثابة تلاميذ صغار في مدرسة الديكتاتورية الإسرائيلية -- ابتداء من شارون الى اولمرت- أذكر مرة انني قرأت بعنوان المجاهد تحت التعذيب : انه اذا قدر ووقعت تحت التعذيب فلا تدلي بمعلومات عن اخوانك المجاهدين في اسرائيل .. او الدول العربية لأن هناك تعاون أمني مباشر بين اسرائيل والدول العربية صد الإسلاميين .. أما بصدد العروبة والإسلام فإن القومية العربية و الإسلامية هي الصدر الوحيد الرءوم الباقي (كشعوب وليس كأنظمة) .. لإخواننا من أهل فلسطين .. وحس الجسد كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ..فإذا ضربت الأمة في( مقتل ) أي عروبتها وإسلامها .. ماذا بقي ومن بقي .. للمستضعفين في فلسطين وفي كل بقاع المعاناة .. يجب ان يكون القاريء العربي المسلم فطنا لمثل هذا المقال التآمري (المترجم)