د. رمضان ابو العلا في حوراه مع يجب أن تعترف مصر بقبرص التركية حتى توقف مسلسل نهب إسرائيل الغاز والبترول المصريين من حق مصر استخدام القوة ضد إسرائيل لمنعها من التنقيب فى حقول البحر المتوسط إسرائيل تسرق الغاز والبترول المصرى منذ عام 1967 على مصر أن تهدد بعدم التزامها باتفاقية كامب ديفيد إذا استمر اعتداء إسرائيل على مياها الاقتصادية يوجد تقاعس كبير من وزارة البترول فى المطالبة بحقوق مصر المنهوبة قال عالِم النفط الدكتور رمضان أبو العلا أستاذ البتروكيماويات بكلية الهندسة ونائب رئيس جامعة فاروس بالإسكندرية والمنسق العام للجبهة الشعبية لاسترداد حقوق مصر المنهوبة من إسرائيل؛ إن مصر يجب أن تعترف بقبرص التركية؛ حتى تستطيع أن توقف مسلسل نهب قبرص اليونانية وإسرائيل ثرواتها البترولية فى البحر الأبيض المتوسط، وقال: «يجب أن ترسل مصر تحذيرات إلى كل شركات البترول العالمية التى تحفر وتستخرج البترول لصالح إسرائيل وقبرص، وتحذرها من الاستمرار فى العمل، وأن تجمده حتى تفصل فى المنازعات الدولية المنظمات الدولية المعنية»، كما أكد أن هذه ليست هى الوقعة الوحيدة لسرقة الكيان الصهيونى البترول المصرى، وأنها سرقت من 1967 إلى 1979، 165 مليون برميل بما يقدر الآن ب16 مليار دولار. «الشعب» التقت الدكتور رمضان أبو العلا فى مكتبه بجامعة فاروس بالإسكندرية، وكان لنا معه هذا الحوار: * ما قصة اكتشاف حقول الغاز فى البحر الأبيض المتوسط؟ وهل هى حقول مصرية أم قبرصية أم إسرائيلية؟ وما هو جبل إيراتوستينس؟ ** هذا الموضوع له جوانب فنية وعلمية واقتصادية، وله منظور سياسى؛ لأن منطقة الاكتشافات تقع فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لدول تتعارض توجهاتها السياسية ومصالحها الاقتصادية. وفى البداية أحب أن أوضح أننى أجريت أبحاثا عن احتمالات وجود البترول والغاز فى المنطقة البحرية بسواحل مصر الشمالية، ونُشرَت فى أهم مجلة علمية دولية اسمها «A.B.G» وحصلت عن جائزة الدولة عام 92 عن هذه الأبحاث. وهناك علاقة مباشرة بين منطقة الاكتشافات والأبحاث التى أجريتها. وقد أشارت هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية، عندما أعلنت عن هذه الاكتشافات، إلى هذه الأبحاث. وتبدأ القصة فى مارس 2010؛ عندما أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية عن تلك الاكتشافات. وعندما أثير الموضوع فى البداية لم يأخذه أحد مأخذ الجد. وهذه الحقول هى أكبر اكتشاف للغاز فى التاريخ؛ فهناك 122 تريليون قدم مكعب من الغاز. ويمكن أن تصل إلى 220 تريليونا؛ ما يعادل ثلاث أضعاف الاحتياطى المصرى كله. وبالنسبة إلى النفط، اكتُشف حوالى 1.7 مليار برميل يمكن أن تصل إلى 4 مليارات برميل؛ ما يعادل كل الاحتياطى المصرى تقريبا. والمنطقة تغطى حوالى 83 ألف كيلومتر مربع. وهذه المنطقة جيولوجيًّا يحدها من الشرق سواحل سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، ومن الجنوب الغربى قطاع غزة، ومن الجنوب شبه جزيرة سيناء، ومن الجنوب الغربى ترسيبات بحرية يطلق عليها «مخروط دلتا النيل». والجبل الذى عليه الكلام هو جبل «إيراتوستينس». وقد سمى بهذا الاسم نسبةً إلى مكتشفه، وهو ثالث أمين لمكتبة الإسكندرية. الجبل يبدأ من منتصف المسافة بين مصر وقبرص. وتدَّعى إسرائيل ملكيتها هذه الحقول، وتسيطر على 40% من هذه المنطقة، وتغطى منطقة الاكتشافات جويا. ورغم ادعاء إسرائيل وقبرص ملكية هذه الحقول الأربعة: «تمارا، وليفاثان، وأفروديت، وشمشون»، فإنها تقع فى المياه الاقتصادية الخالصة المصرية؛ فحقل «شمشون» على سبيل المثال يقع على بُعد 134 كيلومترا شمال دمياط، فى حين أن المسافة بينه وبين غرب حيفا 235 كيلومترا؛ فهو يقع فى مياهنا الاقتصادية. * ما الفرق بين المياه الإقليمية والمياه الاقتصادية؟ ** لكى نتحدث عن هذه النقطة، يجب أن نتعرض لاتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار التى أبرمت عام 82 ودخلت حيز التنفيذ عام 94. وعدد الدول الموقعة عليها 157 دولة؛ منها المجموعة الأوروبية، لكن «إسرائيل» رفضت التوقيع عليها، فى حين وقعت عليها مصر وقبرص اليونانية، واتفقت جميع الدول الموقعة على أن يكون عرض البحر الإقليمى لكل دولة 12 ميلا بحريا. وبالمناسبة الميل البحرى يختلف عن الميل البرى؛ فالميل البحرى 1886 مترا. أما الميل البرى ف1600 متر. وهذه نقطة فنية مهمة جدا؛ لأن البعض يتلاعب بها. وتحدد منطقة المياه الإقليمية عن طريق البدء فى القياس من أبعد نقطة عن الشاطئ تنحسر عنها المياه فى حالة الجزر. وهى بالنسبة إلى مصر تبدأ بالقرب من دمياط. وتسمى نقطة الأساس؛ نحسب 12 ميلا. بعد ذلك تأتى المنطقة المتاخمة للمياه الإقليمية. وهى 12 ميلا أخرى، تبدأ من نهاية المياه الإقليمية. وهذه المنطقة من حق الدولة أن تفرض سيطرتها عليها، لكن سيطرة أقل من سيطرتها على المياه الإقليمية. والحدود الإقليمية للدولة سواء فى البر أو البحر يجب أخذ إذن الدولة فى المرور «البرىء» إذا أرادت سفينة أن تمر خلالها. ويقصد ب«المرور البرىء» عدم التسبب بتلوث، وعدم السماح بمناورات عسكرية، وعدم استغلال موارد بحرية أو ثروات معدنية فى هذه المنطقة. أما بالنسبة إلى المياه الاقتصادية فهى 200 ميل تبدأ من نقطة الشاطئ. وتسمى «المنطقة الاقتصادية الخالصة»، وتدخل فيها ال12 ميلا الإقليمية وال12 ميلا المتاخمة. وفى حالة أن هناك دولتين متقابلتين والمساحة بينهم أقل من 200 ميل بحرى، فقد جرى العرف أن تكون نقطة المنتصف هى الحدود الفاصلة، إلا لو كانت لأحد الأطراف ملكية تاريخية فى النصف الآخر؛ وقتها يجب أن يلجأ الطرفان للاتفاق وترسيم حدودهما الإقليمية والاقتصادية معا. * وما الوضع بالنسبة إلى الحدود بين مصر وقبرص والكيان الصهيونى؟ ** فى أرشيف الأخبار، فى العدد 8851 فى 27 أبريل 2002، تصريح للسفير المصرى فى قبرص قال فيه: «إن مسألة تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة عنصر مهم لمسألة التعاون مستقبلا فى مجال الغاز والتنقيب البحرى»، وأضاف أن بين مصر وقبرص مفاوضات لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما، وفقا لقانون البحار الصادر عن الأممالمتحدة، وأضاف أن «المفاوضات قطعت شوطا جيدا، ومن المنتظر توقيع الاتفاقية بعد شهر بين وزيرى خارجية البلدين»، وقال إن هذه هى أول مرة يتم مثل هذا الاتفاق فى الشرق الأوسط؛ ما يفتح المجال أمام دول أخرى. وهذا الكلام يعنى أنه كانت هناك مفاوضات بين مصر وقبرص، وتم ترسيم الحدود بينهما قبل أن تدخل «إسرائيل» طرفا فى هذا الموضوع. واتفاقية الأممالمتحدة تقول إنه لا يجوز لدولة موقعة مع دولة أخرى على ترسيم حدود، أن توقع مع دولة ثالثة دون الرجوع إلى الدولة التى وقعت معها أولاً، خاصة إذا كان هناك تداخل بين المياه الاقتصادية للأطراف الثلاثة؛ وبذلك يصبح الاتفاق بين قبرص وإسرائيل ليس له سند قانونى؛ لأن قبرص كان يجب أن تعود إلى مصر أولا، كما أن إسرائيل غير موقعة أصلا على اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. * ما التداعيات السياسية لهذه المشكلة؟ ** أهم هذه التداعيات هو أن إسرائيل استنفرت كل قوتها العسكرية وعلاقاتها السياسية، واتصلت بالولاياتالمتحدة لتقوية موقفها، وادعت أنه يعمل ضدها محور عربى، فنجم عن ذلك تعاطف غربى كبير تجاه إسرائيل، بالإضافة إلى وعدهم بتقديم الغاز والبترول بدلا من الدول العربية، وضمت إليها دولا كانت تستورد الغاز الروسى، مثل أوكرانيا، مستغلة المشكلة التى نشبت بينهما بسبب الخلاف على أسعار الغاز، وضمت إلى هذا اللوبى قبرص اليونانية، واليونان، وكرواتيا، وبلغاريا، بالإضافة إلى دول غربية، ثم اتجهت إلى دول جنوب شرق أسيا، ووقعت معها اتفاقات لإمدادها بالغاز الطبيعى. وهذا سوف يفضى إلى تغيير فى القضايا السياسية، وسيؤثر سلبا فى التعاطف مع القضايا العربية، خصوصا من الدول المعتدلة تجاه قضيانا التى ستميل بطبيعة الحال إلى مصالحها، والتى ستكون مع الدولة التى ستمدها بالغاز. وهنا يجب أن أشير أيضا إلى أن إسرائيل رصدت 620 مليون دولار لإنشاء درع لحماية المنصات الحفر البحرى من شبكات الصورايخ، ولإرسال طائرات استطلاع بدون طيار لتأمين غطاء جوى لمنطقة الاكتشافات، كما جهزت أربع سفن حربية لإجراء دوريات بحرية فى المنطقة. وتوج هذا بعمل مناورات بحرية مع الولاياتالمتحدة فى المنطقة، فيما لا تزال قيادات وزارة يتساءلون: لماذا لا تقبل علينا الشركات العالمية حينما عرضنا المناطق الخاصة بنا وذهب الجميع إلى إسرائيل أو إلى المناطق التى عرضتها إسرائيل وقبرص؟! أعتقد أن الإجابة واضحة جدا، وهى أن أى شركة بترول تعمل على اكتشاف البترول فى المياه العميقة، ستكون حريصة على ما تنفقه من أموال. وحينما يشعر أصحاب رءوس الأموال فى الغرب أن هناك غطاء وحماية أمنية؛ وقتها سوف يقبلون بدون تردد. * وما موقف مصر الرسمى من كل ذلك؟ ** من الواضح أن المسئولين المصريين يميلون كالعادة إلى أن مصر لا حقوق لها. وأعتقد أن هذا هروب من المسئولية والمواجهة. وأعجب جدا من تصريحات قيادات وزارة البترول التى تقول إن المطالبة بحقوق مصر من الغاز والنفط التى تنهبها إسرائيل هى حملة ممولة!. لا أعرف من يمول حملة للمطالبة بحقوق مصر!. وأعتقد أن كل من يحاول أن يثبت حقوق مصر هو شخص وطنى، وأرفض كلام قيادات وزارة البترول الذى يدعى أن هذه الحملة جعلت الشركات الأجنبية تعزف عن البحث واكتشاف البترول فى المناطق المصرية وتذهب إلى إسرائيل!.. هذا كلام غير منطقى. والمنطق يقول إن العكس هو الصحيح، وإن الشركات الكبرى تهرب وتبتعد عن المنطقة التى يكون حولها مشكلات ولغط، لا العكس. * فى رأيك.. ما الإجراءات التى يجب أن تتخذها مصر للحفاظ على حقوقها فى هذه الثروة من الغاز والنفط؟ ** هناك إجراءات يجب أن تتخذها مصر للحفاظ على حقوقها: أولا- يجب عدم ترسيم الحدود مع إسرائيل قبل أن توقع على اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. ثانيا- أدعو مصر إلى الاعتراف بالشطر التركى لقبرص، وأن نرسم الحدود مع قبرص قبل أى شىء. وهذا سيضرب اتفاق قبرص اليونانية وإسرائيل فى مقتل، كما أن تركيا سترحب بشدة بهذه الخطوة. ويمكن وقتها الاستعانة بها. وهذا سيفرض واقعا جديدا؛ لأن مصر حينما وقعت الاتفاقية وقعت مع قبرص اليونانية. والشطر التركى من قبرص له حقوق فى هذه المياه. ولو اعترفنا بقبرص التركية وبدأنا نرسم الحدود بالتنسيق مع تركيا سيقلص ذلك نفوذ وحقوق قبرص اليونانية فى المياه الاقتصادية الخاصة بها الآن. وبالمناسبة؛ هو ما فعلته قبرص اليونانية؛ إذ وقعت مع إسرائيل رغم أنها غير موقعة على قانون البحار. وهى الحال نفسها بالنسبة إلى قبرص التركية. ثالثا- يجب أن ترسل مصر تحذيرات إلى كل شركات البترول العالمية التى تحفر وتستخرج البترول لصالح إسرائيل وقبرص، وتحذرها من الاستمرار فى العمل، وأن تجمِّده حتى تفصل فى المنازعات الدولية المنظماتُ الدولية المعنية. وسيكون وضع إسرائيل صعبا؛ لأنها غير موقعة أصلا على الاتفاقية الدولية. رابعا- يجب عرض الموضوع على الأممالمتحدة واللجوء إلى التحكيم الدولى إذا اقتضى الأمر. خامسا- يجب الاستعانة بالدول التى لها مصالح معنا -وعلى رأسها تركيا وروسيا والدول العربية بالإضافة إلى قبرص التركية- وكل هذه الدول مصالحها متعارضة مع إسرائيل وقبرص اليونانية. * وهل من حق مصر استخدام القوة إذا استمر الكيان الصهيونى فى التنقيب واستخراج الغاز والبترول من هذه المنطقة؟ ** طبعا؛ من حق مصر استخدام القوة فى هذه الحالة للدفاع عن ثرواتها من النهب. وفى هذه الحالة ستجبر الشركات العالمية على التوقف عن استخراج البترول والغاز، وسوف تجبرها على الجلوس على مائدة المفاوضات، كما يجب التهديد بعدم التزام مصر باتفاقية كامب ديفيد؛ لأن الاتفاقية من المفترض أنها تحفظ الحقوق الاقتصادية للطرفين. وإذا اعتدى أحد الأطراف على حقوق الاقتصادية للطرف الآخر تسقط الاتفاقية. * هل هذه هى الوقعة الأولى لسرقة الغاز والبترول المصريين؟ ** ليست الأولى؛ فقد سرقت إسرائيل البترول المصرى من حقول سيناء والبحر الأحمر بين عامى 67 و79؛ حوالى 165 مليون برميل؛ أى ما يقارب 28 مليار دولار وقتها. ونحن فى الجبهة الشعبية لاسترداد حقوق مصر من إسرائيل؛ نطالب باستعادة قيمة هذا البترول لكن بأسعار اليوم؛ ما يعادل 16 مليار دولار؛ لأن القانون الدولى لا يسمح لأية دولة باستغلال ثروات الدولة التى احتلتها. ويكفى أن نذكر أن أموال مصر المهربة من أركان النظام السابق لا تصل إلى 1% من البترول المنهوب. * فى رأيك.. ما سر صمت وتجاهل وزارة البترول حقوق مصر فى هذه الاكتشافات؟ هل هو تواطؤ أم تقاعس؟ ** أعتقد أن الفترة التى كانت قبل الثورة كان تواطؤا، ولكن الآن بعد الثورة، أعتقد أنه مجرد تقاعس، لكنه تقاعس غير مبرر، ولا يمكن أن نصمت عن حقوق مصر المنهوبة.