جهاز التعبئة والإحصاء: 17 مليار جنيه خسائر الاقتصاد المصرى بسبب حوادث الطرق ضحايا حوادث الطرق فى مصر تفوق عدد شهداء الحروب.. هذه خلاصة التقارير والدراسات التى تناولت ظاهرة «انفلات السيارات» على الطرق. يوميا يقع المئات من تلك الحوادث ويقترب عدد القتلى من 8 آلاف شخص سنويا، بالإضافة إلى نحو 30 ألف مصاب ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التى تتجاوز 17 مليار جنيه سنويا!. خبراء الأمن يحملون السائقين مسئولية تزايد تلك الحوادث، لكن هناك أسباب أخرى عديدة لتلك الظاهرة التى تنفرد بها مصر بين الدول العربية، وفى السطور التالية نرصد تلك الظاهرة ونطرح الحلول على ألسنة الخبراء. مشكلة السيارات الخاصة بداية يرصد أحدث تقرير للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تلك الظاهرة ويشير إلى ارتفاع عدد المتوفين فى حوادث الطرق إلى 7115 شخصا عام 2011 مقابل 7040 شخصا عام 2010، بزيادة نسبتها 1.1%، ويصل متوسط عدد الموتى والمصابين فى كل حادثة إلى 2.1 شخص. كما أكد التقرير أن السيارات الخاصة كانت أكثر المركبات المسببة للحوادث؛ فقد تسببت فى وقوع 1115 حادثة عام 2011، بنسبة 32% من إجمالى الحوادث على الطرق السريعة. كما أن العنصر البشرى كان من بين الأسباب بوقوع كثير من تلك الحوادث، إذ بلغت نسبة الحوادث التى تسبب بها العنصر البشرى 67% على مستوى المحافظات، و 64% على الطرق السريعة. الشرقية فى المقدمة وجاءت محافظة الشرقية، وفقا للتقرير، أكبر المحافظات التى شهدت حوادث طرق عام 2011 إذ وقعت بها 1289 حادثة بنسبة 9.7%، بينما كانت محافظة الأقصر أقلها بإجمالى حوادث 87 حادثة أى بنسبة تقل عن 1% من إجمالى عدد الحوادث بالمحافظات. وحول تفسير تزايد تلك الظاهرة يقول الدكتور مجدى صلاح، أستاذ الطرق والنقل بجامعة القاهرة، إن الصورة قاتمة لكنها الحقيقة، فتبادل الاتهمات لا يحل المشكلة لأن هناك ثلاثة عناصر مسئولة عن تلك الحوادث هى «الإنسان، والطريق، والمركبة» فعدم تطبيق قوانين صارمة يعد أحد الأسباب التى تزيد من حوادث الطرق لأن بعض السائقين -خاصة النقل الثقيل- يقودون السيارات تحت تأثير المخدرات مما يتسبب فى حدوث كوارث يوميا. ويرى د. صلاح أنه على الرغم من وجود إحصائيات تؤكد أن ضحايا حوادث الطرق فى مصر يتراوح من 8 إلى 10 آلاف قتيل سنويا، إلا أن هذه الأرقام قد تتضاعف إذا تم التعامل مع كلمة قتيل وفقا للتعريف العالمى، الذى يرى أن قتيل حوادث الطرق هو من مات خلال 30 يوما من وقوع الحادث متأثرا بإصابته وليس من مات مباشرة خلال الحادث. انفلات التريلات وأضاف أنه يجب أن تزود الطرق بعلامات إرشادية وتحذيرية وتنظيمية، وكذلك بوسائل أمان، مع ضرورة القيام بعمليات الصيانة بشكل دورى للطرق، وتحديد النقاط السوداء على الطرق التى يتكرر حدوث الحوادث عندها حتى يتم وضع الحلول المناسبة لكل نقطة. وحذر من استمرار «التريلات» فى العمل لأنها تتسبب بكوارث، منتقدا نظام التأمين المرتبط بالمركبة وليس بقائدها على الرغم من أن السائق هو الذى يقود المركبة. ويرصد المستشار سامى مختار، رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم، الخسائر الاقتصادية لحوادث الطرق والتى تقدر بأكثر من 17 مليار جنيه سنويا، موضحا أن الأخطاء البشرية تتسب بوقوع حوالى 80% من حوادث الطرق، لذلك يجب رفع الوعى المرورى لدى المواطنيين. ويضيف أن إنشاء الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم جاء بهدف الحد من حوادث الطرق، عن طريق توقيع بروتوكولات مع العديد من الوزرات المهتمة بالسلامة على الطرق، من أجل القيام بحملات توعية بصفة مستمرة، مثل حملة الوقاية من حوادث الطرق، وحملة الالتزم بالسرعة المقررة، وكذلك أسبوع الالتزام المرورى. وأوضح مختار أن الجمعية تهدف كذلك إلى توفير الرعاية اللازمة لمصابى حوادث الطرق وأسرهم، وتقديم الإرشادات القانونية من أجل الحصول على حقهم فى التعويضات. مصيبة كبرى وعبّر رئيس الجمعية عن استيائه من استمرار المقطورات فى العمل، فهى على حد قوله «المصيبة الكبرى» التى تتسبب بأغلب حوادث الطرق، فمنظر المقطورة إذا انفصلت عن السيارة قد يسبب الرعب لبعض سائقى السيارات الأخرى مما يتسبب فى المزيد من الحوادث. وأوصى رئيس جمعية مصابى الطرق بضرورة وجود كيان مؤسسى يتولى وضع إستراتيجية وخطط عامة لعلاج هذه الكارثة مع وضع تشريعات صارمة متعلقة بالطرق وتفعيل دور «المجلس القومى للسلامة على الطرق» والذى من أهم واجباته دراسة الأسباب المؤدية للحوادث على الطرق وإنشاء قاعدة معلومات والتنسيق بين جميع الأجهزة المعنية محليا ودوليا للحد من هذه الحوادث وتبادل الخبرات مع الدول الأخرى فى هذا المجال. عشوائية الكبارى من جانبه، قال الدكتور رضا حجاج، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، إن المتسبب الأول بمشكلة حوادث الطرق فى مصر الطرق-بجانب الأخطاء البشرية- فنحن أمام مشكلة هندسية يحلها مهندس لا شرطى، وما دمنا لا نعطى العملية لأهل الاختصاص تظل المشكلة قائمة، كما أننا فى مصر ليس لدينا صيانة للطرق ولكن إصلاح فقط، فالكبارى والطرق المصرية تعانى مشكلات عديدة نتيجة إهمال الحكومة لها. وأوضح حجاج أن هناك أربعة عوامل أساسية يجب أن تراعى عند إنشاء الطرق أو الكبارى وهى على التوالى: التخطيط، والتصميم، والتنفيذ، ثم الإدارة، وللأسف هذه العوامل الأربعة لا توجد مكتملة بعضها مع بعض على أرض الواقع؛ فالتخطيط غير موجود فى مصر والتنفيذ يعانى من الفساد. وأضاف أنه إذا توافرت هذه العوامل الأربعة ستتمتع مصر بشبكة طرق وجسور جيدة، فمعظم الجسور والطرق التى تم إنشاؤها غير مخططة ولكن تتم لها عملية تصميم، وهناك اختلاف كبير بين التصميم والتخطيط؛ فالتخطيط يتم وفقا للاحتياجات من الجسور والطرق، ولكن التصميم يتم وفقا للعرض والطول، ما يفقد الكبارى والطرق أهمية التخطيط. كما أكد الدكتور حجاج أن هناك فاقدا اقتصاديا ناتجا من حوادث الطرق لا يتم حسابه بشكل علمى صحيح يقدر بالمليارات؛ فقتيل حوادث الطرق نخسر إنتاجه لو تم النظر للأمر بشكل اقتصادى، ويجب مراعاة قيمة التلفيات التى حدثت على الطريق، وأيضا قيمة التلفيات التى حدثت فى السيارات التى اشتركت فى الحادث، وتكلفة علاج المصابين، وغير ذلك من الأمور التى يجب مراعاتها عند تقدير الفاقد الاقتصادى. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة