حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من التدخل الأمريكي في الأحداث التي يشهدها مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان متهما الأمريكيين بالسعي لتحويل لبنان إلى ساحة صراع بين القاعدة والولاياتالمتحدة. واعتبر نصر الله في خطاب بمناسبة الذكرى السابعة لتحرير الجنوب أن التعرض للجيش اللبناني خط أحمر داعيا لمحاكمة من تورطوا في قتل ضباطه وعناصره. كما وصف نصر الله المساس بمخيم نهر البارد والمدنيين الفلسطينيين واللبنانيين بأنه خط أحمر أيضا مؤكدا أن قرارا بمهاجمة المخيم سيكون تضحية بالجيش وبالشعب الفلسطيني. ودعا أمين حزب الله إلى أن تكون المعالجة سياسية أمنية قضائية تحفظ الجيش ولا تؤدي إلى حرب مخيمات جديدة. وطالب نصر الله بتشكيل حكومة إنقاذ لحل الأزمة السياسية المستمرة مشيرا إلى أنه لن يتكلم عن نسب تمثيل في هذه الحكومة إنما عن شراكة حقيقية. وتأتي تصريحات نصر الله تعليقا على تزويد الولاياتالمتحدة الجيش اللبناني بمعدات وذخائر بدأ وصولها إلى بيروت أمس. يُذكر أن ستة وزراء بينهم خمسة تابعين لحزب الله قد استقالوا من الحكومة التي باتت في نظر المعارضة غير دستورية. وتطالب المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية توفر لها إمكانية التحكم في القرارات الهامة وفي مصير الحكومة وهو ما ترفضه الأكثرية. وقد تدفقت الأسلحة الأمريكية والعربية على الحكومة اللبنانية التي ما تدخل في مواجهة مع جماعة فتح الإسلام ولم تظهر مؤشرات على قرب انتهاء تلك المواجهات رغم صمود هدنة حذرة بين الطرفين بدأت الثلاثاء الماضي. وحطت يومي الخميس والجمعة الماضيين ست طائرات نقل في مطار بيروت بينها طائرتان أمريكيتان وأربع طائرات من الأردن والإمارات. وقال مسئولون أمريكيون إن واشنطن سترسل ثماني طائرات تحمل مساعدات عسكرية هي وفق مصدر دبلوماسي غربي أسلحة وذخيرة طلبها لبنان سابقا لكن تسليمها سُرِّع بسبب الأوضاع الجديدة. واستغربت سفارة الولاياتالمتحدة في بيروت "تضخيم" مسألة المساعدات قائلة إن واشنطن وعدت بها منذ عام. وقال جوردن جوندرو المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي – بحسب رويترز- إن الولاياتالمتحدة لديها اتفاقيات لتزويد لبنان بالمساعدات العسكرية وبموجب هذه الاتفاقيات نحن سنسرع في إيصال العتاد مشيرا إلى أن بعضها قد وصل بالفعل. وأقر الكونغرس الأميركي الخميس طلبا بتقديم 770 مليون دولار مساعدات للبنان منهم 280 مليونا مساعدة عسكرية إضافة إلى 30 مليونا أخرى لهذا الغرض طلب بوش الموافقة عليها. ويرى مراقبون أن الاشتباكات مع فتح الإسلام سرّعت هذه المساعدات في وقت يبدو فيه أن كلا من تنظيم فتح الإسلام والحكومة اللبنانية يفضل خيار الحسم العسكري الذي أوقع حتى الآن ما لا يقل عن 78 قتيلا منذ اندلاع القتال الأحد الماضي ثلثهم من الجيش اللبناني. وكان أكثر من نصف سكان مخيم نهر البارد -الذين يتراوح عددهم بين 30 و40 ألفا- قد غادروه مستغلين هدنة هشة سرت بين الجيش والجماعة لكن حركة المغادرة عرقلها يوم الخميس قناصة مجهولين قرب المخيم. من جانبه قال وزير الدفاع اللبناني إلياس المر إن الحكومة أفسحت المجال للمفاوضات غير أن الجيش لن يتراجع عن تثبيت الأمن والنظام والسلم الأهلي فالمطلوب تسليم هؤلاء إلى الجيش والقضاء العسكري. وأوضح المر أن الجيش يعطي فرصة للمفاوضات لكن سيكون عليه القيام بما هو مطلوب منه إن فشلت ولا يمكنه التراجع حسب قوله لأن جنودا منه قدر عددهم ب27 سقطوا برصاص التنظيم. هذا وقد أفاد شهود عيان أن جنودًا إضافيين من الجيش اللبناني وصلوا إلى المخيم الذي لا يُسمح للجيش بدخوله وفقا لاتفاق القاهرة الموقع في العام 1969م بين المقاومة الفلسطينية والحكومة اللبنانية ولكن يبدو أنَّ الجيش اللبناني الذي يبلغ قوامه 40 ألفا مُثقل بالفعل بأعباءٍ قد لا تسمح له بالمزيد من العمل في هذه الأزمة على المدى الطويل بعد أنْ انتشر على طول الحدود مع الكيان الصهيوني جنوبًا ومع سوريا في الشرق والشمال وفي محيط بيروت. وقال الشهود إن وحدات الجيش التي كانت قد نُشرت في بيروت منذ أشهرٍ ضمن إجراءات أمنية للتصدي لأية إنفلاتات تصاحب الأزمة السياسية الحالية في لبنان غادرت مواقعها متجهة إلى شمال البلاد حيث الأزمة الجديدة. على صعيدٍ أمنيٍّ آخر توعَّدت جماعة تطلق على نفسها اسم "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" بتنفيذ سلسلة من التفجيرات في لبنان و"هجماتٍ ضد المسيحيين" ما لم تسحب بيروت قواتها من حول مخيم نهر البارد. وقال شخص عرَّف نفسه على أنَّه القائد العسكري للجماعة - في شريطِ فيديو بُثَّ على شبكة الإنترنت - اليوم إنه لن يبقى بعد اليوم لصليبيِّ في لبنان مأمن وكما تضربون ستضربون. يُشار إلى أنَّ ثلاثة انفجارات هزت العاصمة بيروت هذا الأسبوع وأسفرت عن مقتل امرأة وإصابة نحو 20 شخصًا. على الصعيد الإنساني تفاقمت الأزمة الإنسانية داخل المخيم بفعل الحصار المفروض حوله من الجيش اللبناني. وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن حوالي 15 ألفًا فقط من إجمالي 46 ألف لاجئ فلسطيني كانوا في المخيم ما يزالون فيه. وأضافت هدى الترك المتحدثة باسم الأونروا أن الوضع الإنساني في نهر البارد يتدهور حيث لدينا شاحناتنا المليئة بالغذاء والمياه جاهزة مشيرة إلى أن المخيم ليس آمنا بما فيه الكفاية ليدخل موظفونا. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف فينسنت لوسر إن قافلة للجنة الدولية تضم 11 شاحنة محملة بالمساعدات وصلت إلى بيروت قادمة من الأردن مضيفا أن كل المساعدات هي للناس في الشمال بالإضافة إلى إعادة ملء المخازن في بيروت.