قالت صحيفة "هآرتس": إنّ فشل "إسرائيل" في عدوانها الأخير على لبنان لا يمكن اعتباره مجرّد صفعةٍ على الخد، بل هو هزيمة بالضربة القاضية بكلّ معنى الكلمة، وهذا ما أثبتته الأسابيع الأخيرة عندما تبنّى الجيش "الإسرائيلي" نهج قائد القوات الأمريكية في فيتنام عندما أخذ يحصي عدد جثث العدو. وأضافت الصحيفة في مقالٍ كتبه الصهيونيّ رؤوبين بدهتسور: "عندما يقوم الجيش الأكبر والأقوى في الشرق الأوسط بخوض معارك استمرّتْ أكثر من أسبوعين مع 50 مقاتلاً من حزب الله في (بنت جبيل) ولا ينجح في هزيمتهم لا يتبقّى أمام قادته إلا الإشارة إلى عدد جثث مقاتلي العدو". وزاد أنّ بنت جبيل ستتحوّل إلى رمزٍ لحرب لبنان الثانية، وستكون هذه المعركة في تراث وتقاليد مقاتلي حزب الله مثل ستالينغراد لبنانية. ورأى الكاتب أنّ "بنت جبيل" ستكون "تذكاراً مؤلماً لفشل الجيش (الإسرائيلي) في الحرب". ويعقب بدهتسور على ما قاله المعلّق العسكري زئيف شيف في الصحيفة ذاتها من "أنّنا تلقينا صفعة"، قائلاً: "يبدو أنّ المصطلح الأنسب هو ضربة قاضية وليس صفعة، نحن لسنا أمام فشلٍ عسكريّ فقط، هذا فشل استراتيجيّ لم تتّضحْ بعد تبعاته وإسقاطاته السلبية بعيدة المدى". من ناحيته، طلب رئيس الأركان الصهيوني دان حالوتس، تفاصيل مكالمات الهاتف التي أجراها ضباط في هيئة الأركان للاطّلاع عليها. وفسر البعض ذلك بأنّ المقاومة اللبنانية تمتلك أجهزة تنصّت متطورة تمكّنها من معرفة تحركات الجيش وخططه من خلال أجهزة اتصال الجيش وهواتف الضباط النقالة. بينما اتهم وزير الحرب عمير بيريتس قيادة جيشه أنها لم تُعلِمه عن مخاطر الصواريخ التي كانت بيد "حزب الله". وقال إن قيادة الجيش لم تطرح قضية الصواريخ لدى حزب الله على أنها قضية يجب أن تحظى باهتمام كبير، في محاولةٍ لتبرير هزيمته في الحرب. وفي الولاياتالمتحدة، أوضح تقريرٌ لمجلس الأمن القومي الأمريكي أنّ هناك اتفاقاً عامّاً بين العسكريين والاستراتيجيين الأمريكيّين على أنّ الكيان الصهيونيّ "لم ينتصرْ" في حربه الأخيرة ضدّ لبنان. وقال التقرير الذي أشارت إليه قناة "سي. بي. إس" التلفزيونية الأمريكية: إنّ نتيجة الحرب كانت ستتغيّر إذا ما كانت سورية فتحت جبهة الجولان وحثّت أبناء المرتفعات الذين يعانون من الاحتلال منذ عام 1967 على بدء مواجهات مسلحة مع الكيان الصهيونيّ. وأضاف التقرير: "من حسن حظ (الإسرائيليين) أنّ سوريا اكتفت بدعم حزب الله". ويأتي ذلك التقرير في سياق عملية تقييمٍ عامّة يجريها الأمريكيون في الوقت الراهن لما حدث في لبنان منذ 12 يوليو. وأشارت تقارير أمريكية إلى أنّ إدارة الرئيس بوش اتخذَتْ قرارين مهمّين عقب إعلان حزب الله رفض سحب أسلحته من الجنوب؛ القرار الأول هو تزويد قوات "اليونيفل" الجديدة بوحدة مراقبةٍ جوية تكفَل التحليق لمتابعة التنقّلات عبر الحدود اللبنانية لا سيّما مع سوريا، أيْ إعطاء هذه القوات طائرات -ربما بدون طيار- لرصد ما يحدث على الحدود ومحطة أرضية متطوّرة لترجمة ما ترسله هذه الطائرات من صور، فضلاً عن ذلك، فإنّ واشنطن تعهّدَتْ بإمداد القوات الدولية بصور أقمارها الصناعية التي تحلّق فوق المنطقة لتحديد ما إذا كانت سورية سترسل أسلحةً إلى حزب الله. والقرار الثاني هو موافقة واشنطن على قيام الكيان الصهيوني بقصف أيّ شاحناتٍ يُعتَقَد أنّها تحمل أسلحةً إلى حزب الله وباعتراض أيّ سُفُنٍ يمكن أن تكون محمّلةً بالصواريخ المرسَلة إلى الحزب قبل دخولها الموانئ اللبنانية. وأدّت هذه المعلومات إلى مسارعة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بإرسال رسالة إلى الحكومة الصهيونيّة يطلب منها "أنْ تخبره أولاً" قبل أنْ ترُدَّ عسكرياً على أيّ عملٍ تراه "عدوانياً" من قِبَل حزب الله، حسب تعبيره. وقال عنان في رسالته: "ما عدا في حالات الدفاع عن النفس التي تتسم بوضوحٍ كامل، فإنّني أطلب من حكومتكم إبلاغي بأيّ عملٍ ترونه (عدوانياً) مع الامتناع عن الردّ عليه إلى حين حصولنا على كل المعلومات الممكنة.