يمني مصطفي السلاح الفاسد هو السلاح الذي يقتل .. ولكنه يرتد بالدمار علي من يطلقه لا من يُطلق عليه.. ولقد عرفنا الأسلحة الفاسدة في عهد الملك فاروق وحاشيته والتي استوردوها وأمدوا الجيش المصري بها في حرب 1948 فقتلت من وقف وراءها من خيرة شباب مصر..الا أنها حين كانت تقتل فانها كانت تقتل العشرات فقط.. اما الآن فصفقات الأسلحة الفاسدة وان كانت تدار خيوطها من القصور أيضاً الا أن تأثيرها صار يتعدي العشرات الي الملايين. صارت تستهدف عقول شبابنا لا أبدانهم فقط، لتملأها بكم هائل من الحقد والكراهية والقدرة علي التكفير واصدار الأحكام مستغلين بذلك فراغ عقول شباب المسلمين وشللها الذي أورثته اياها نظم التعليم في بلادنا المسلمة، والشلل الذي نقصده هو عدم القدرة علي التفكير والتمييز بين الحق والباطل! يقول الشيخ الغزالي إن الفراغ الذي يسود النفس المسلمة كبير، وفي اتساعه يمكن أن تنتفخ أنبوبة كأنابيب الأطفال، فتمتد طولا وعرضا دون عائق لأنه ليس ثمة الا الفراغ، لا شيء ، يعوقها وتبدو البالونة المنفوخة شيئا ضخما ولا شيء فيها الا الهواء. لو كان للعقائد، والأخلاق، وجواهر العبادات لا صورها، مكان عتيد لضاق المحل دون تضخم توافه كثيرة (محمد الغزالي - المستقبل للاسلام)، اما ان كانت النفس فارغة فستسرع الطبيعة الي ملء النفس الفارغة، بماذا؟ بالعواطف والاحساسات.. لأن مشاعر القلق والخوف والحقد والغيرة والحسد تندفع بقوة بدائية عنيفة متوارثة من عهد الغابة (محمد الغزالي نقلا عن ديل كارنيجي - جدد حياتك، 63). والسلاح الفاسد اليوم هو سلاح الفُرقة. وسلاح الفرقة رصاصه الجهل والثأر والحقد والكراهية يملأون الفراغ في عقول شبابنا ويستفحلون. ويشعر المرء بالحزن الشديد علي من أحسوا بالخزي لوهلة عندما وقفوا صامتين وقت حرب لبنان، ثم سارعوا بالبحث عن المسوغ الديني لتخاذلهم وموقفهم المخزي فوجدوا فتاوي بعض الشيوخ الممالئين لسياسة الحكومة السعودية من معاداة لايران وتكفير لحزب الله لأنهم شيعة (وليس الشيوخ جميعهم كذلك فمنهم من وقف مع الحق، وهو نصرة الشعب اللبناني بكل طوائفه في وجه الصهاينة المعتدين)، وكأنها البلسم الشافي لعذاب ضمائرهم التي أيقظتها دماء مذبحة قانا ولو للحظة مشاهدة الحدث.. فصار الحديث فجأة عن ما اذا كان يجوز الدعاء لشيعي أم لا، لا ان كان يجوز لاسرائيل أن تحتل أرضاً بعدوان وتذبح نساءها وأطفالها! انه لشيء محزن أن نري شباب المسلمين يسقطون مراراً وتكراراً في ذات الفخ الذي نصبه وينصبه لهم الحكام العرب بالنيابة عن حكام أمريكا واسرائيل ليصرفوا الانتباه عن الخطر الحقيقي ألا وهو خطر التصهين لا خطر التشيع.. ولو كان الأمر بيدنا لوددنا أن يُطوي هذا الموضوع في طي النسيان، ولكن هناك من يصرون علي وكز الفتنة علي نحو مستمر، طالما أن القلب ينبض .. بحب العرش وحب أمريكا، كما خرج علينا الحكام العرب في القمة الأخيرة بأن ايران هي الخطر وليست اسرائيل وليست أمريكا! وهكذا يلبسون عداء أمريكا لايران بعداء السنة للشيعة وكأن أمريكا هي حامي حمي السنة في المنطقة: منطق مظلم ومغلوط وللأسف يجد صدي في القلوب ذات الهوي والعقول ذات الظلام.. فنري شباب المسلمين الذين أشرقت وجوههم بالأمل يوماً يوم خاطبهم عمرو خالد وغيره من الدعاة المعتدلين وبعثوا في قلوبهم الأمل ان بالامكان التغيير وبالامكان أن نكون ايجابيين، نري الآن وجوههم الباسمة وقد غامت بحقد العصبية والطائفية وقد تحولوا الي الاستماع الي شيوخ لا هم لهم الا توضيح الفارق بين السنة والشيعة! و للأسف فهذا أمر لا يمكن تقنينه الا من خلال ضمائرنا وعقولنا (وهي اما نائمة أو في حالة عدم نشاط !