وزير الري: جار إعداد منصة رقمية لمتابعة صيانة وتطهير المساقي الخصوصية    إيران: لا مفاوضات مع الولايات المتحدة حاليا.. وترامب: سأبحث ملف النووي الإيراني مع نتنياهو    8 شهداء وأكثر من 40 جريحا برصاص الاحتلال قرب مركز توزيع مساعدات جنوب غزة    ماريسكا: عشنا ليلة مثالية بالتأهل لقبل نهائي مونديال الأندية    فلومينينسي يحرم الهلال من 21 مليون دولار    منتخب شابات الطائرة يستعد لمواجهة كرواتيا بعد الانتصار على تايلاند في كأس العالم    إصابة شخصين إثر حريق غلاية داخل مصنع غزل ونسيج في العاشر من رمضان    الهضبة أَم رامي جمال أَم أصالة.. من المتصدر تريند يوتيوب؟    الملك لير على المسرح القومي.. كيف تشبع يحيى الفخراني بروح نصوص شكسبير؟    البلطي ب80 جنيهًا.. أسعار السمك والمأكولات البحرية في أسواق الإسكندرية اليوم 5 يوليو 2025    البابا تواضروس يكشف عن لقاء "مخيف" مع مرسي وسر تصريحاته "الخطيرة" في 2013    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 5-7-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    التعليم تعلن مواصفات امتحان الرياضيات البحتة للثانوية العامة بعد تغيير طريقة الاختبار    حالة الطقس اليوم السبت 5 يوليو 2025: أجواء شديدة الحرارة وشبورة مائية ورطوبة مرتفعة    بينهم 10 أطفال.. إصابة 15 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي بالمنيا    «كارثة في تكساس الأمريكية».. 24 قتيلاً ومئات المفقودين في فيضانات غير مسبوقة (صور)    «البامية ب50».. أسعار الخضروات اليوم السبت 5 يوليو بأسواق مطروح    هل حضر الزعيم عادل إمام حفل زفاف حفيده؟ (صورة)    غدا.. حفل ختام الدورة 47 من المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر    انخفاض الحديد.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    تعثر اتفاق الاتحاد الأوروبي التجاري مع أمريكا قبل انتهاء مهلة ترامب    مسيرات روسية تقصف مناطق مختلفة بأوكرانيا    الصين: الحرب لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    لجنة محلية النواب تشيد بجهود الدولة في صيانة دير سانت كاترين - صور    علاء مبارك يعلق علي دعوة إثيوبيا لمصر بحضور حفل افتتاح سد النهضة    تفاصيل تعديلات قانون أعضاء المهن الطبية قبل مناقشته بالنواب.. إدراج أخصائي تكنولوجيا العلوم الصحية.. وضم خريجي هذه الكليات    حلمي طولان: شيكابالا من أيقونات الزمالك على مدار التاريخ    في هذا الموعد.. نجوى كريم تحيي حفلًا غنائيًا في عمان    أمين الفتوى: يوم عاشوراء نفحة ربانية.. وصيامه يكفر ذنوب عام كامل    جثة فتاة دون رأس داخل جوال تثير الزعر بأبو النمرس    فكهاني يذبح زوجته لشكه في سلوكها بالطالبية    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    وائل القباني: جون إدوارد يتبع سياسة خاطئة في الزمالك.. وهو سبب رحيلي    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    ترامب: قد يتم التوصل لاتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    إنريكي: مباراة بايرن ميونخ صعبة.. وهدفنا التتويج بلقب مونديال الأندية    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    تحرك عاجل من محافظ بنى سويف لنقل سيدة بلا مأوى لتلقي الرعاية الطبية    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    أسعار طبق البيض اليوم السبت 5-7-2025 في قنا    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    غرق شاب خلال السباحة فى نهر النيل في الأقصر    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يفعل هؤلاء في غزة ؟
نشر في الشعب يوم 19 - 05 - 2007


بقلم :محمد فاضل
أيا كانت الخلافات في الرؤى بين حركة (فتح) وحركة (حماس)، فان الاقتتال بينهما مؤشر على اختراق كبير للأمن الوطني الفلسطيني بمفهومه الأشمل. وغدا واضحا أن الخلاف السياسي المستحكم والتباين الشديد في الرؤى حيال مستقبل الحركة الفلسطينية كلها لم يفض سوى إلى هدم كل عناصر الالتقاء على برنامج حد أدنى بين أكبر حركتين تقودان الشعب الفلسطيني في مواجهة إسرائيل. قد لا يكون هذا الاقتتال جديدا من نوعه في الساحة الفلسطينية أو في تاريخ الثورات عموما، لكن هذا إذا طرح من باب التهوين فهو يقرب إلى تبرير الاحتراب الأهلي والترويج له لسبب وجيه جدا، انه يأتي في الوقت الخطأ تماما من الناحية التاريخية.
فبعد أكثر من قرن على هذا الصراع وعلى النضال الفلسطيني، يتعين أن يكون الفلسطينيون قد استوعبوا دروسا تاريخية عديدة في هذا الصراع وعلى رأسها كيفية صياغة موقف موحد أمام إسرائيل والعالم رغم الخلافات الداخلية. بمعنى أن عليهم أن يفهموا أن الموقف العام والاستراتيجي يجب أن يكون موحدا وان الخلافات الداخلية وسقفها وحدودها مرهونة دوما بتأثيرها المحتمل على الهدف الاستراتيجي. على هذا فان أي إضعاف للموقف العام يجب أن يكون خطا احمر استراتيجيا أمام جميع الفرقاء قبل أن يوغلوا عميقا في خلافاتهم وتحويلها إلى تناقضات تناحرية.
هنا تبدأ المشكلة، وتحديدا منذ التوقيع على اتفاق «اوسلو». السؤال الذي يتعين الإجابة عليه هنا هو: هل هذا الاتفاق هو نهاية المطاف أم أن تحرير الضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى حدود 1967 وعودة القدس الشرقية هو الهدف لكلا الحركتين؟. هنا، فان حركة (حماس) تبدو غامضة حيال هذا الأفق ولا ترى ذلك ولا يجمعها أي اتفاق مع حركة (فتح) في هذه الرؤية. أما حركة (فتح) وبافتراض أن هذه هي رؤيتها الإستراتيجية وافقها، فهي تبدو مطالبة بإثبات ذلك لان سجلها في إدارة السلطة منذ أوسلو مخفق للغاية.
سجل إخفاقات السلطة هذا لا يفعل سوى تعزيز قناعة حماس وجزء غير قليل من الشارع الفلسطيني بأن الوضع الراهن هو نهاية المطاف بالنسبة لفتح. هذا يعبر عن نفسه في هذا التركيز المستمر في خطاب (حماس) على فساد السلطة، فساد الأجهزة الأمنية والهجاء المستمر لأي موقف أميركي مساند للرئاسة والسلطة واعتباره دليل خيانة بحق الرئيس والسلطة. انه خطاب شعبوي نوعا ما لأنه يتغافل عن حقيقة هامة تتعلق بالموقف الأميركي من هذا الصراع منذ بداياته المبكرة وتأكد مرة تلو الأخرى فيما بعد. هل يساند الأميركيون قيام دولة فلسطينية قابلة للعيش ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية؟. ليس هناك ما يثبت ذلك أبدا وهم إن أرادوا حلا فان هذا الحل لن يخرج عن التصور الإسرائيلي.
هذه إحدى حقائق هذا الصراع، على هذا فان الدعم المفترض للرئاسة حتى إن وصل إلى حد تزويد حرس الرئاسة بالسلاح فهو يتم أساسا لإشعال الحرب الأهلية نفسها. وبقدر ما يتعين أن يكون هذا واضحا لقادة (حماس) يجب أن يكون واضحا لقادة (فتح) أيضا. مثله مثل ما أعلنه شمعون بيريز الأربعاء 16 مايو من أن إسرائيل «لن تتدخل بصورة مباشرة في الاقتتال الدائر ولكنها سترد على طلبات محددة من عباس» مضيفا «يتعين علينا مساعدة السيد عباس في قتاله ضد الإرهابيين». (وكالة رويترز الأربعاء 16 مايو).
هذا صب للزيت على النار، لكن المتقاتلين اليوم يبدون غارقين في تفاصيل الخلافات إلى حد مهلك. انهم غارقون اليوم في البحث عمن بدأ الاقتتال ومن المعتدي ومن المعتدى عليه ويبدو أن بعض أطراف هذا الاقتتال وخصوصا (حماس) أخذت تفكر بطريقة الهروب إلى الأمام عبر خطوة تبدو خلابة لجميع الفلسطينيين والعرب وهي جر إسرائيل للمواجهة العسكرية. حسب حماس وأنصارها، فان المواجهة مع إسرائيل أفضل طريقة لاستعادة الشعب الفلسطيني لحيويته وإرادته ووحدته عوضا عن الاقتتال على الحكومة والسلطة والامتيازات. قد يبدو هذا صحيحاً للوهلة الأولى لكن المشكلة ان المعركة العسكرية تبدو بلا أفق وليس هناك ضمان بان تأتي العواقب والتبعات على مقاس الأهداف الفلسطينية مهما كانت مقدسة.
مثل هذا التفكير ليس سوى إعادة إنتاج للازمة الداخلية نفسها التي تبدأ من غياب الأفق المشترك للنضال الفلسطيني بين الفصائل المتقاتلة. فما بين اتهامات التخوين والعمالة المتبادلة بين المتقاتلين وما بين ضرورات المعركة الشاملة ضد المحتل (سياسيا وميدانيا على الأرض)، فان أي مواجهة تفتقد لأفق محدد وموضع إجماع ستكون اقرب للخسارة.
هذا ما رصده الإسرائيليون أنفسهم عندما يكتب عميت كوهن في معاريف «حماس أثبتت مساء أمس أنها تُفضل المواجهة المباشرة مع إسرائيل على الاشتباكات مع فتح (...) وحتى أنهم لم يحاولوا في حماس إخفاء مناورتهم العنيفة، فبعد دقائق على إطلاق الحركة صواريخ القسام على سديروت، كُتب في موقعهم الرسمي أن كتائب عز الدين القسام توجه الآن جهودها نحو العدو». (ينتظرون الجيش الإسرائيلي ليفصل بينهم المستقبل اللبنانية مترجما عن معاريف الإسرائيلية 16 مايو).
وفي المسار نفسه، كتب الصحافي الإسرائيلي داني روبنشتاين عن قيام حماس بإطلاق صواريخ القسام على سديروت انها «قامت بذلك انطلاقا من اعتقادها بأن حصول رد عسكري إسرائيلي فوري سيوقف الحرب الأهلية في قطاع غزة بحيث يتحد الجميع ضد إسرائيل». (المخرج: توجيه النار نحو إسرائيل. المستقبل مترجما عن هارتس 16 مايو).
في مسيرة السلطة نفسها، كان هناك درس يتعين أن يفهمه قادة (حماس) قبل الآخرين هو رد الفعل الإسرائيلي. فالرد الإسرائيلي على العمليات التي كانت تشنها (حماس) ضد إسرائيل كان مركزا على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها. تقوم حماس بعملية فترد إسرائيل بضرب مؤسسات السلطة إلى أن توجت رد فعلها باجتياح جنين وحصار الراحل ياسر عرفات في المقاطعة إلى أن اغتالته مسموما. وبعد أن أنهكت السلطة وشلتها تماما تفرغت لحركة حماس واغتالت قادتها واحدا تلو الآخر.
إذا كان هذا يعني شيئا فهو يعني حقيقة أخرى غفل عنها قادة حماس وقطاع كبير من الفلسطينيين هو أن إسرائيل لا ترى لا في حماس ولا في فتح ولا في أي فصيل فلسطيني شريكا أو حليفا محتملا أو جارا مستقبليا يقود دولة لأن الهدف أكبر من هؤلاء جميعا: لا تريد قيام دولة فلسطينية أيا كان على رأسها، فتح أو حماس أو أي فلسطيني. إنها تقاتل وتضرب لمنع قيام مؤسسات دولة بالأساس أمام الأشخاص والمنظمات أما من يقود هذه الدولة فليس مهما. والنتيجة الآن واضحة مثل الشمس: الحرب الأهلية أفضل طريقة لضرب فكرة الدولة عبر منع نمو مؤسسات السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.