يواجه الحوار الفلسطيني عثرات عديدة حتي من قبل ان يبدأ في 25 من الشهر الجاري إذ تعتبر حركة حماس ان رفض حركة فتح عقد اللقاء الثنائي المقترح معها في القاهرة او تشكيل اي لجان ثنائية معها لمناقشة حل القضايا الخلافية يمثل رفضا للرؤية المصرية لحل الانقسام الداخلي فما تتشدد حركة فتح في هذا الشأن، ورفضها لأي حوار ثنائي فهي تري في موقف منافستها نسفاً للمبادرة المصرية. هذا السجال بين الحركتين ألقي بظلال الشك علي احتمالات تحقيق مصالحة وطنية تعيد إلي الفلسطينيين وحدتهم المنشودة. يعود الجدل والخلاف بين الطرفين إلي حسابات ورؤي كل منهما نحو الآخر فتعتبر حماس ان الخلاف الرئيسي بينها وبين فتح وليس مع باقي الفصائل او اظهرت الحركة حيال ذلك استعداداً للتنازل عن طلب عقد اللقاء في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لكنها تصر علي أن الحوار المركزي يجب ان يجري بينها وبين منح لكن ذلك لم يمنع من تنامي الشكوك الكبيرة حول قدرة الجانبين علي الاتفاق علي التفاصيل، بسبب حجم الهوة بينهما فحركة فتح تسعي من وراء الحوار إلي اعادة الاوضاع في قطاع غزة إلي ما كانت عليه قبل "انقلاب حماس"، فيما تسعي غريمتها إلي تحقيق هدف آخر هو الحصول علي حصتها في المؤسسة السياسة وفق نتائج الانتخابات. ويبدو ان رفض حركة فتح للقاء حماس يأتي في اطار رفض الحركة ايضا الخطة المصرية الثانية للمصالحة الوطنية بعد نقاشات دامت يومين حوار اذ تعتبرها حركة فتح نسفاً للخطة الأولي التي توافقت عليها كل الفصائل باستثناء حماس. وكانت الخطة الأولي أو مشروع الاتفاق المقدم من مصر وهو "إعلان مبادئ" ينص علي تشكيل حكومة توافق وطني واعادة الاوضاع الفلسطينية إلي ما كانت عليه قبل الرابع عشر من يونية ،2007 ومعالجة مختلف الاشكالات الناجمة عن الانقسام او اجراء انتخابات تشريعية رئاسية وفق آليات ومواعيد وضمانات واعادة بناء الاجهزة الامنية ومنظمة التحرير، إلا أن حركة حماس تطالب بحكومة توافق وطني علي أساس اتفاق مكة ووثيقة الاسري وهو ما تراه فتح في ذلك عودة للحصار، وتريد حماس شراكة كاملة في منظمة التحرير الفلسطينية لكن فتح تشترط ان تقبل حماس برنامج المنظمة أولا وهو ما ترفضه الاخيرة لأنه يتضمن اعترافاً باسرائيل. غير ان مقترحات حماس هذه وبشكلها الحالي، انما تضع العقدة في المنشار. كما يقال اذ تعتبرها فتح نسفاً كاملاً للخطة المصرية.. والتفافاً عليها فالحديث عن الحوار الثنائي في هذه الحالة لا يخدم جهود انهاء حالة الانقسام واستعادة اللحمة الفلسطينية. لقد عاد المشهد السياسي الفلسطيني إلي المربع الأول الرفض والرفض المضاديين قطبي الصراع فتح وحماس، فحتي الأمس القريب مازالت حماس علي حالها لم تغير من موقفها القائل : "لا اتفاقات علي غرار القاهرةومكة وعلينا أن نتفق علي كل الملفات". الغريب أن تصريحات مسئولي حماس تؤكد انعقاد اللقاء الثنائي بينها وبين فتح وان مصر توافقت تماما مع كل مطالب حماس، وانها ضد ما تطرحه فتح، لكن ذلك لا يعدو كونه تصريحات تملي من طرف واحد إذ ترفض فتح عبر تصريحات لأكثر من مسئول هذا اللقاء وتعتبره دون جدوي ولا طائل، والمفارقة ان الجبهة الشعبية ايضا ترفض لقاء كهذا معتبرة ان التجربة السابقة اثبتت فشل كل الحوارات الثنائية والاتفاقات الثنائية والتي بلغت ذروتها في اتفاق مكة اذا ما لم يتم استكمال محاصرته في مكة، حاولوا ان يستكملوه بكل اشكال الصراع علي الأرض والتي أدت في النهاية إلي الاقتتال ومن ثم الانقسام الذي يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني حتي الآن. بلاشك ان فكرة الحوار الثنائي هي ليست مستحبة لدي حركة فتح فحسب دائما لا تلاقي الترحيب لدي الفصائل الاخري التي تري انه لا يجوز عقد حوارات ثنائية ولا التأسيس لحوارات ثنائية فالوفاق الوطن هو صمام الامان لانقاذ الشعب الفلسطيني من براثن هذه الثنائية وقد ابلغنا الفصائل هذا الموقف لحركتي فتح وحماس ومصر أيضا. إذاً لماذا تصر حركة حماس علي لقاء من هذا النوع بل وتشكك في جدية تمثيل الفصائل التي شاركت في حوارات القاهرة علي اعتبار ان معظمها فصائل وهمية لا تتمتع بامتدادات جماهيرية، بل وتعتبر اصرار فتح علي رفض اللقاء الثنائي وتشكيل اللجان الفرعية المتخصصة بمثابة اصرار علي ابقاء حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي ومحاولة لإفشال الجهود بنفس الطريقة التي يتم فيها افشال اتفاق مكة واعلان صنعاء. إن بشائر فشل الحوار بدأت في الظهور بوضوح واصرار فتح علي ان يكون الحوار شاملا ويضم كل الفصائل الفلسطينية بعيدا عن اللقاءات الثنائية التي تريدها فتح هي المسار الاول وربما يكون الاخير في نفس الحوار الذي لم تتحدد بداياته بجدية حتي تظهر نتائجه دون لبس أو التفاف.