كل سنوات المفاوضات الاحدى والعشرين الماضية كانت هدرا ومضيعة للزمن والارض والحقوق، وتفويتا لفرص وخيارات افضل واقوى في المواجهة مع مشروع الاحتلال والتهويد الصهيوني، وكل سنوات المفاوضات القادمة-المحتملة- ستكون كذلك، بل ستعزز الهدر والضياع وفقدان البوصلة، ذلك ان حكاية السلام ليست واردة في الحسابات الصهيونية، وان كانت واردة فهي حسب المقاسات والمعايير والمفاهيم الصهيونية، التي تعني في الجوهر الغاء الآخر وحقوقه ومقومات وجودة، اذ "لا تتسع البلاد الا لدولة واحدة -منم وجهة نظرهم-هي دولة اليهود". لذلك تنشغل الدولة الصهيونية بقضاياها الاستراتيجية، ان على مستوى الاستيطان والتهويد واختطاف الارض والتاريخ، وان على مستوى الجبهات الاخرى ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تنشغل فيه بحسابات البقاء والحروب المفتوحة مع لبنان، حيث نتابع تطورات مرعبة باتجاه حرب قادمة قد لا تبقي ولا تذر، والمؤشرات على ذلك كثيرة متراكمة على مدار الساعة. ففي الاستيطان والتهويد والاختطاف اقرت حكومة نتنياهو الاحد 201206-17 فقط تشكيل لجنة وزارية خاصة برسم وتنفيذ سياسات الاستيطان، تتكون من غلاة الوزراء اليمينيين المؤيدين للاستيطان، وكأنهم في سباق مع الزمن يريدون نهب الارض وتزييف التاريخ بحقائق الامر الواقع وبزمن قياسي، كي تكون فلسطين من المية للمية يهودية بالكامل. وقبل ايام فقط، نشر موقع صحيفة"يديعوت احرونوت"العبرية- 11 / 06 / 2012 -خطة لجيش الاحتلال تتصدى لحالة تعرض"تل ابيب"لهجوم صاروخي، أطلق عليها خطة الطوارئ"فندق النزلاء" لإخلاء مئات آلاف"الصهاينة"الى النقب وإيلات، وجاء في التقرير أن"تل ابيب" تستعد ليوم الحساب حيث تدربت الجبهة الداخلية على خطة لإجلاء"الصهاينة"القاطنين شمالي ووسط"تل ابيب"إلي جنوبها إلى منطقة العرفا-النقب- وإيلات، وقد أطلق على الخطة "فندق النزلاء" والهدف من التدريب هو إخلاء مئات آلاف"الصهاينة" في إطار تعرض المدن الصهيونية لهجوم صاروخي كبير تضطر فيه الجبهة الداخلية لإخلاء مدن كاملة من سكانها. فهل هي الحرب قادمة غدا...؟ وهل المسألة باتت مسألة وقت وتوقيت...؟! فالذي يتابع الافكار والتصريحات والخطط والمناورات والقرارات والوقائع ومختلف الاجراءات الصهيونية اليومية على مختلف الجبهات الداخلية والخارجية شمالا وجنوبا، يستخلص بان الاوضاع تسير بقوة باتجاه حرب اخرى لا محالة، بل وكأن الحرب آتية في اي لحظة حتما...!، واي حرب وباي حجم...؟، وفق خطة"نزلاء الفندق"، يبدو ان الحرب ستكون على مستوى استراتيجي خطير ومدمر، وقد تكون على مستوى اقليمي مرعب....!. ومثل هذا الاستخلاص ليس عبثيا او ضربة مندل، فتلك الدولة تتبنى منذ اختراعها ونشأتها استراتيجيات حربية ضد الفلسطينيين والعرب، وفي مقدمتها استراتيجية "الحرب اولا ودائما"، كما جاء في تقرير صدر عن المركز الفلسطيني للدراسات الصهيونية- مدار العدد رقم 42 من سلسلة "أوراق صهيونية" حمل عنوان "الحرب أولاً ودائمًا"، وشارك في اعداده عشرات الضباط والخبراء العسكريين الذي عقدوا اللقاءات التقويمية الاستخلاصية بعد هزيمة جيشهم في لبنان، واجمعوا على استراتيجية الحرب فقط مع العرب، باعتبارها دائما المخرج لهم، وتشمل هذه الورقة تفصيلات الخطة الخماسية للجيش الصهيونى، المسماة "خطة تيفن 2012". تتلبس الدولة الصهيونية والمجتمع الصهيوني ما يمكن ان نطلق عليه حالة"جنون الحروب والقتل"، ولكنه على خلاف اي جنون قد يخطر بالبال، فانه جنون مدجج بالفكر والايديولوجيا والادبيات العنصرية الارهابية. فهاهوافيغدور بيغن حفيد مناحيم بيغن يعلن فقط يوم الجمعة الماضي في مقابلة اجرتها معه صحيفة "يديعوت احرونوت قائلا:"تتدفق في عروقنا جميعا دماء قتلة". الى ذلك فان متابعة حثيثة للخريطة السياسية الصهيونية تشير الى انهم في"تل ابيب" من ساسة وجنرالات وباحثين وخبراء يجمعون على خيار الحرب، بل انهم يتبنون استراتيجية الحرب المفتوحة. وفي صميم هذا الاستخلاص كتب المحلل العسكري الكبير لديهم ايتان هابر(مدير مكتب رابين سابقا)في يديعوت تحت عنوان:"حرب واحدة طويلة"يثبت:"التجربة الصهيونية تدل على ان تل ابيب في حالة حرب واحدة طويلة منذ 1948 (وهناك من يبدأ العد قبل ذلك ايضا)، وفقط اسماؤها تتغير، ولما كانت هذه حربا واحدة طويلة". وتحت عنوان "سلاح يوم الدين".. كتب جدعون ليفي في هآرتس يقول:"مرة كل بضعة اسابيع ينبغي القاء الرعب في القلوب، مرة كل بضعة اشهر ينبغي نثر التهديدات ومرة كل سنة او سنتين ينبغي الخروج الى حرب صغيرة اخرى، تعاون اعمى وبشع بين جهاز الامن ووسائل الاعلام يضمن جولة اخرى"، ويضيف:"يقولون ان الحرب لا بد ستأتي، ربما في الشهر القادم"، ويستخلص ليفي:"في القيادة الامنية لا يسألون اذا كانت ستقع مواجهة عسكرية اخرى– بل متى"، مرة اخرى يكتب بذاته كليشيه الحرب القادمة". وتحت عنوان"التاريخ والخدعة" كتب يونتان يفين في يديعوت يقول:"إذن ماذا سيكون؟ أسيكون السلام؟، أستكون حرب اخرى؟، بالتأكيد ستكون حرب اخرى، دوما توجد حروب، السؤال هو مع من ستكون الحرب اولا، مع ايران ام مع سوريا، وربما اذا بقي ليبرمان وزير خارجية لما يكفي من الوقت، فستكون على أي حال حرب مع مصر". الكاتبة الصهيونية"أوريت دغاني"قرأت سيكولوجيا الصهاينة وكثفت الخلاصة في"معاريف"قائلة:"أن الصهاينة يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف ليس فقط هذا بل إن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم". ولذلك، وحسب الرسم البياني الصهيوني، فان وقت وتوقيت هذه الحرب قريب، فهناك في فلسطين جبهة مشتعلة ومرشحة لمزيد من التصعيد نظرا لمخططات الاحتلال الابادية للحقوق الفلسطينية المتآكلة، وهناك في لبنان حساب مفتوح بين"تل ابيب" وحزب الله...؟!. وهناك في الافق المقروء حرب اقليمية تتزايد احتمالاتها على نحو خاص في ضوء تطورات الملف النووي الايراني، والاجماع الصهيوني على"ان ايران نووية كا رثة وجودية تل ابيب". الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة