وفق تطورات المشهد الفلسطيني، فان دولة الاحتلال تواصل مشاريعها التهويدية التي انطلقت منذ ما قبل انشائها، وههي تواصل اعتماد ذات الاستراتيجيات الرامية الى احكام القبضة الصهيونية على فلسطين بكاملها، فجاء في هذا السياق، في احدث المعطيات حول الميزان الجيو ديموغرافي في فلسطينالمحتلة انه"منذ العام 1948 اقامت اسرائيل 700 تجمع سكاني (بين مدينة وبلدة)يهودي دون ان يقام ولو تجمع عربي واحد بالمقابل باستثناء بعض التجمعات التي اقيمت في النقب في مناطق سكنية محاصرة لاجبار عرب النقب على التخلي عن مناطقهم الحيوية واجبارهم بالتالي على الرحيل " . وقال الكاتب الاسرائيلي المعروف"عوزي بنزيمان"في هآرتس العبرية: "ان عرب اسرائيل الذين يشكلون 18 بالمئة من السكان اليوم يشغلون فقط 2,4 بالمئة فقط من الارض ..والمساحة المخصصة لليهودي اكبر من تلك المخصصة للعربي بثمانية اضعاف "؟، مضيفا"ان العرب في الجليل يشكلون %72 من السكان ولكنهم لا يشغلون سوى %16 فقط من الاراضي هناك"، مشيرا الى"انه قبل قيام اسرائيل كانت الاراضي العامة اقل من %10 اما اليوم فقد اصبحت %93 حيث وضعت الدولة يدها على الاراضي العربية باربع طرق –لا مجال لذكرها هنا – ". تفتح هذه المعطيات التي يوثقها لنا بنزيمان امامنا ملف الميزان الجيوديموغرافي في فلسطين، وكيف كان هذا الميزان قبل قيام تلك الدولة الصهيونية وكيف اصبح اليوم .....؟!، كما تفتح امامنا ملف التهجير والتهويد الشامل لفلسطين على ايدى الاحتلال الصهيوني ....؟!. وفي هذا السياق يمكن القول ان الهجوم الصهيوني على فلسطين يحمل كل عناوين الاغتصاب والمجازر والاقتلاع والترحيل والتهويد والغاء الآخر العربي الفلسطيني تماما... وحسب المشاريع والنوايا المقروءة لدولة الاحتلال وبلدوزرها الاستيطاني، فان هذا الهجوم الصهيوني لم ولن يتوقف ابدا، وهذا الاستخلاص ليس اجتهادا سياسيا او فكريا تحت الجدل وانما هو حقيقة كبيرة راسخة تتكرس على الارض مع مرور كل ساعة من ساعات المفاوضات العقيمة وتواصل عمل بلدوزرات الاستيطان والجدران على الارض، وهي حقيقة معززة مدعمة بكم هائل من الوثائق والمعطيات والوقائع الموثقة الملموسة.. فبالنسبة لفلسطينالمحتلة 1948 على سبيل المثال وهي عنوان النكبة والتهجير وتهويد المكان الفلسطيني فتؤكد كل التقارير والدراسات العربية والعبرية على"ان دولة اسرائيل تواصل "عبرنة" و"تهويد" اكثر من 8400 اسم عربي لمواقع جغرافية وتاريخية". وحسب كتاب "المواقع الجغرافية في فلسطين - الاسماء العربية والتسميات العبرية" وهو تأليف الدكتور شكري عراف وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، فلم يكن في فلسطين حتى غزو الصهيونية لها سوى 50 اسما عبريا فقط، وان التوراة اليهودية لا تشمل بالاصل سوى 550 اسما لأمكنة مختلفة في فلسطين وهي في الاصل اسماء كنعانية، وبادر الصهاينة الى تحوير الاسماء الاصلية او وضع اسماء عبرية على المواقع الفلسطينية، وهكذا تحولت "بئر السبع " مثلا الى "بئير شيبع" وطبريا الى "طبيريا" والخضيرة الى "حديرة" والمطلة الى "مطولة" وصفورية الى "تسيبوري" وعكا الى "عكو" وهكذا. ويتحدث الكتاب عن ان "الصهيونية غيرت وهودت 90% من اسماء المواقع في فلسطين". وليس ذلك فحسب، فدولة الاحتلال تواصل من جهة اولى مخططات تهويد ما تبقى من المواقع والاراضي الفلسطينية في فلسطين 1948 سواء في النقب او الجليل المحتلين، بينما تشن من جهة ثانية هجوما تهويديا استراتيجيا ايضا على المواقع والاراضي العربية في الضفة الغربية، ويتركز هذا الهجوم الى حد كبير على مدينتي القدس والخليل وقد امتد في الآونة الاخيرة الى منطقة الاغوار الاستراتيجية. فقد جاء على سبيل المثال في تقرير أعدته المبادرة الفلسطينية "ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 شرعت العديد من القوانين والاجراءات التي تخدم سياسة تهويد القدس" و"انها تحاول فرض حقائق على الارض من شأنها فصل المدينة المقدسة عن تاريخها العربي والاسلامي لصالح تثبيت ادعاءات يهودية المدينة المقدسة". ولكن، دولة الاحتلال لا تكتفي بتهويد الجغرافيا والتاريخ وانما تخطط وتبيت وتسعى لاقتلاع وترحيل من تبقى من اهل فلسطين بوسائل مختلفة، او تسعى لالغاء وجودهم تاريخيا ووطنيا وسياسيا وحقوقيا وحشرهم في اطار كانتونات ومعازل عنصرية هي في الصميم معسكرات اعتقال ضخمة قد يطلق عليها اسم "دولة او دويلة فلسطين" او "كيان فلسطيني" او ربما تبقى بسقف "الحكم الذاتي الموسع". وبيت القصيد هنا في هذا الصدد ان فلسطين من البحر الى النهر تحت مخالب الاغتصاب والتهويد والاقتلاع والترحيل، وهذه العملية جرت وتجري تحت مظلة "عملية السلام" تارة او تحت غبار حرب الاجتياحات والاغتيالات والتدمير والجدران طورا، وذلك على مرأى من العالم العربي والمجتمع الدولي. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة