يظهر فيلم تسجيلي صهيوني أن رئيس حكومة الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو أسير بيئة متطرفة، نتيجة نشأته وتربيته في بيت يهودي متطرف، اعتبر السلام مع العرب غير ممكن, وآمن بلغة القوة فقط معهم. وعرضت القناة الصهيونية الرسمية ليلة الاثنين فيلما بعنوان "حياة وسيرة بن تسيون نتنياهو" -والد رئيس الوزراء الصهيونى الذي رحل الشهر الماضي عن 102 عام- استعرض محطات في مسيرة عائلة نتنياهو. ويعترف بنيامين نتنياهو بتأثره البالغ برؤية والده الصهيونية الذي يؤكد في الفيلم أن تسوية الصراع بين اليهود والعرب غير ممكنة، لافتا إلى أنه ليس أمام تل ابيب سوى القوة والردع "للدفاع عن مستقبلها". بن تسيون نتنياهو -الذي فقد ابنه يوني خلال عملية كوماندوز لتخليص رهائن ركاب طائرة "إير فرانس" في 1976 بأوغندا- يؤيد التوجهات الصهيونية المتطرفة التي دعت خلال فترة الاستعمار البريطاني لفلسطين إلى استخدام القوة وقتل أكبر عدد ممكن من العرب. يشار إلى أن معلقين صهاينة كثر اتهموا نتنياهو بالمناورة ومحاولة الإفلات من الضغوط المحلية والدولية يوم أعلن موافقته على مبدأ "دولتان لشعبين" في خطاب بار إيلان. وهذا ما يعتقده المعلق السياسي داني روبنشتاين الذي يقول إن نتنياهو الابن نسخة طبق الأصل من والده، وإن بدا مختلفا عنه بإعلانه قبول "الدولتين" في خطاب بار إيلان عام 2009، لكنه يملك تفسيره الخاص بعيدا عن الانسحاب لحدود 67، وهو يرى أن الضفة الغربية ومستوطناتها جزءٌ من تل ابيب. ويرى روبنشتاين أن الفيلم الوثائقي أغفل حقيقة أن رئيس الحكومة نتنياهو هو من قلب الطاولة على أوسلو، وبدأ خطوات عملية للإجهاز عليها فور فوزه بانتخابات 1996، كما سبق أن أعلن في الحملة الانتخابية. وأضاف أن "نتنياهو كان وما زال أسير الفكر الصهيوني المتطرف الذي رضعه مع حليب أمه، كما جاء في الفيلم". ويتضمن الفيلم مشاهد تظهر مشاركة الوالد في الحملة الانتخابية لولده في انتخابات الكنيست عام 1999، وفيها يبرر التعويل على منطق القوة بقوله "نحن نواجه خطر إبادة". ويفاخر نتنياهو الابن بذلك ويحاول تبرير رؤيته المتشددة بواسطة تبجيل رؤية والده المؤرخ البارز، ويقول إن والده توقع منذ بداية التسعينيات الهجمات على البرجين التوأمين في نيويورك، كما توقع تهديد الأنظمة الإسلامية. لكن الفيلم يحاكي بدايات بن تسيون نتنياهو منذ انضمامه للحركة الصهيونية التعديلية، وعمله محررا لصحيفة "الأردن" الناطقة بلسانها، ومن ثم محررا للموسوعة العبرية. علاوة على عمله كمؤرخ متخصص في تاريخ اليهود بإسبانيا ومحاضرا عمل في جامعات أميركية في الخمسينيات، بعدما نبذته الجامعة العبرية في القدسالمحتلة لمواقفه المتطرفة جدا. وفي الفيلم يؤكد بنيامين نتنياهو على مسمع والده "أنا فخور جدا بأنني ابنك وسائر على هدي خطاك". كما يُظهر الفيلم تطابق رؤيتيْ الولد والوالد المهاجر القادم من بولندا لفلسطين من ناحية فهم العلاقات الدولية، ومحاولة تعزيز مستقبل تل ابيب بتدعيم تحالف إستراتيجي مع الولاياتالمتحدة. ويظهر الفيلم أيضا الممّول من قبل المنظمة الصهيونية العالمية أن بن تسيون نتنياهو -الذي تميز بقدراته الخطابية- كان أول القيادات الصهيونية التي عملت بين الحربين العالميتين على استبدال الولاياتالمتحدة ببريطانيا, كدولة حليفة من أجل زيادة فرص إقامة تل ابيب. وقد شارك مع مؤسس الحركة الصهيونية التعديلية زئيف جبوتينسكي في زيارة الولاياتالمتحدة عام 1940 لحشد دعم يهود أميركا والبيت الأبيض معا. وعن ذلك يقول الابن نتنياهو "تعلمت منه ضرورة تأمين دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتل ابيب". ورغم أن بن تسيون نفى تأثيره على ابنه رئيس الوزراء، فإنه قال إن بنيامين نتنياهو سيعرف كيف يصد الضغوط التي تفرض عليه من أجل انسحاب تل ابيب من الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية. ويبدي بن تسيون نتنياهو معارضته الشديدة لاتفاقية أوسلو لأنها تضمنت "تقسيم البلاد"، واعتبر إعادة فك الارتباط مع غزة في 2005 "جريمة ضد البشرية". ويلفت المحاضر في العلوم السياسية بجامعة حيفا د. أسعد غانم إلى أن بنيامين نتنياهو عارض هو الآخر خطة فك الارتباط مع غزة، واعتبرها "خطأ إستراتيجياً وتشجيعا للإرهاب". ويقول غانم إن الفيلم عرض أيضا حقيقة بنيامين نتنياهو الذي ما زال يتشبث برؤيته المتطرفة التي عبر عنها في كتابه قبل ثلاثة عقود بعنوان "مكان تحت الشمس". ويوضح أن نتنياهو -وبوحي رؤيته الأيديولوجية المتأثرة بوالده وبيئته- يعرض على الفلسطينيين صفقة مزدوجة "قوامها أن يقبلوا الدولة اليهودية والقدس الموحدة والرواية الصهيونية، مقابل حل وسط -لا مصالحة- تتمثّل في منحهم الحكم الذاتي للمدن الفلسطينية". الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة