تزايد قلق المخلوع بعد عودة المليونيات إلى الميادين، وطلب من كبير فلوله عمر سليمان الدعوة لاجتماع طارئ لمراجعة خطط القضاء على الثورة التي يُسميها (هوجة). وعقد الاجتماع سرا بأحد القصور، وحضره عدد كبير من الفلول منهم أحمد شفيق، عمرو موسى، صفوت الشريف، فتحي سرور، حبيب العادلي، ومندوب من كل من: المجلس العسكر، مجلس الوزراء، المجلس الاستشاري، أمن الدولة، اللجنة العليا للانتخابات، ورؤساء تحرير الصحف المسماة بالقومية وبعض الصحف الحزبية والمستقلة التي يديرها أمن الدولة، ورؤساء عدد كبير من الفضائيات الحكومية والخاصة، ورؤساء أحزاب الفلول التي تشكلت بعد الثورة بالإضافة إلى رؤساء أحزاب (الوخز)، (التذمر)، (الفيل)، وحضر بعض أعضاء مجلسي الشعب والشورى الذين يتظاهرون بتأييد الثورة.. كما حضرت زوجة المخلوع، ولم يدع ابنه لتجنب تضييع الوقت بالشجار بينه وبين العادلي. بدأ الاجتماع بكلمة غاضبة للمخلوع عاتب فيها فُلوله: أنا طبعا لا أسعى للعودة إلى السلطة، هذا مستحيل، ولكن كما اتفقنا من قبل لابد من القضاء على هذه الهوجة بسرعة قبل أن يسيطر (الإرهابيون) على الدولة ويُمَثلوا بنا ويفضحوننا.. ولكني ألاحظ أن الأمور تسير ضدنا والوقت يداهمنا، كيف تنامون مطمئنين؟، ألا تدركون أننا في مركب واحد مهدد بالغرق؟، هل ننتظر حتى يتمكنوا منا ويقتلوننا جميعا؟، أنا حزين وقلق وغير راض...... - صفوت الشريف: وأنا تعبان ومحبط.. - فتحي سرور باكيا: وأنا لا أريد أن أموت بالسجن.. - العادلي: أنا أكثر واحد مذلول.. - المخلوع غاضبا: كلنا تعبانين، والظاهر هنضيع كلنا.. - قاطعه مندوب العسكري: ليه يا ريس.. احنا عملنا اللازم وزيادة.. منعنا الأغلبية من تشكيل الحكومة التي كان يمكن أن تحاكم وتعدم الجميع، ونستهلك الوقت في المحاكمات إنقاذا لكم، وتركنا لرجالك الفرصة للتخريب وصنع الأزمات ولم نتدخل لمنعها، وتركنا الناس فريسة للخوف وانعدام الأمن، ونضيع الوقت لإطالة المرحلة الانتقالية حتى تجدوا حلا، ومنحنا الفرصة (بمساعدة الإعلاميين) للعلمانيين والليبراليين وأعداء المشروع الإسلامي لكي يظهروا وكأنهم أصحاب الأغلبية وصوتهم الأعلى، وحولنا البرلمان إلى مَكْلَمة- كما اقترح فتحي سرور في الاجتماع السابق- لكي يشعر الشعب بأن التيار الإسلامي لم ينجز شيئا؛ (صفوت الشريف مقاطعا: قلنا اسمه التيار الديني لترسيخ مفهوم الدولة الدينية)... ماذا نفعل أكثر من ذلك؟. - مندوب أمن الدولة: أيوه يا ريس.. الأمور تسير جيدا والناس كرهت الثورة بعد تسديد ضربات موجعة مثل تدمير الضبعة، مذبحة بور سعيد، حرق المجمع العلمي، نشر الفوضى في كل مكان، أزمات الوقود والغاز، تشجيع الاحتجاجات الفئوية وتعطيل الإنتاج، حريق بترول السويس، ووسائل الإعلام تساعدنا مشكورة... والشعب بدأ يكفر بالثورة (المخلوع مقاطعا: اسمها هوجة لو سمحت!). - صفوت الشريف: ولكن سليمان طار من الرئاسة، ويبدو أن شفيق وموسى في الطريق.. وإذا تولى واحد من التيار الديني فسوف نضيع.. - مندوب لجنة الانتخابات: نحن فعلنا ما بوسعنا، وكما طلبتم من قبل فقد خلّصناكم من أخطر اثنين؛ حازم الذي لا يتفاهم مع أحد وينطلق كالقطار فيما يريد دون أن يخشى أحدا وكان يمكن أن يذبح كل من عليه شبهة فساد، والشاطر الذي كان يمكن أن يقلب البلاد رأسا على عقب فيشعر الناس بالفرق ويلعنوا كل الأنظمة السابقة، ويسيطر الإخوان على كل شيء مثل الإسلاميين في تركيا.. أما سليمان فلم يكن أمامنا سوى حفظ ماء وجه العسكري وإبعاده بعد الرفض الشعبي له لتهيئة الفرصة لموسى أو شفيق... - العادلي: أيوه، والمهم أننا تخلصنا من الشاطر، أنا حرمت الإخوان منه 12 سنة بالسجن لأنه خطير جدا، وتبقى كارثة لو أصبح رئيسا.. - فتحي سرور: كل شيء كان مرتبا من قبل.. أنا اقترحت المادة 28 من أجل فرض سليمان بالذات، فتحدث هوجة كبيرة ويمكن تحويلها لتخريب بسهولة، فتتهيأ الفرصة للانقلاب العسكري ونتخلص من هذا الوضع المذل لنا.. ولكن عموما، ملحوقة، ونستطيع تنفيذ الخطة نفسها مع شفيق، لاستفزاز الناس ودفعهم للتخريب بمساعدة رجالنا، لأن شفيق يحظى بكراهية أكثر من موسى.. - رئيس حزب (الوخز): نحن جربنا استخدام المال لرشوة الناخبين في انتخابات المجلسين ونجح عدد لا بأس به ممن أطلقوا عليهم الغلول، وسوف ننفذ الخطة نفسها للرئاسة، لإنجاح من نتفق عليه.. - المخلوع يائسا: أنا أشك في إمكانية اقتناص الرئاسة، الإرهابيون سيطروا على كل شيء.. - العادلي: لا يا ريس.. وسائل الإعلام عاملة شغل ممتاز وبدأ الناس يكرهون الإخوان والسلفيين ويترحموا على أيامنا.. - صفوت الشريف: شفتم.. أولادي وتربيتي، أنا فخور بتركتي الإعلامية، وهي التي ستنقذنا لو استمر عملهم دون مشكلات، أنا خايف يصدروا لهم قوانين لمنع الكذب والتهويل.. - رئيس حزب (الفيل): واحنا في الأحزاب عاملين شغل كويس يا ريس، وعطلنا الدستور والناس مفكرانا ثوريين وبتتأثر بكلامنا، والبركة في الإعلام طبعا.. - مختار شكري، رئيس تحرير (ونائب برلماني): احنا مش هننسى أفضالك يا ريس وأفضال صفوت بيه، وقد نجحنا في بهدلة الإخوان والسلفيين وعرقلة الدستور، واحنا كلامنا مسموع لأن الناس مفكرانا ثوريين.. - شفيق: لو وصلت للرئاسة ها اعمل (جزائر) جديدة وأنهي حاجة اسمها إسلاميين أو مظاهرات أو مليونيات وأرجع نظامك بالكامل يا ريس.. - موسى: وأنا لو وصلت سألغي المحاكمات وأحل مجلسي الشعب والشورى وأعينك يا ريس كبير مستشارين وأرجع الحزب الوطني.. - رئيس حزب (التذمر): احنا لازم نحارب الدين حتى لا نمنحهم الفرصة لاستغلاله، ولا نريد الحرية أو الديمقراطية التي تأتي بهؤلاء الذين يخدرون الشعب بالدين، نظامك كان أحسن يا ريس... - المخلوع: لا أنا ملاحظ إن الإرهابيين ما زالوا مسيطرين والشعب الأهبل مخدوع فيهم وبيحبهم.. - زوجة المخلوع: وعمالين يطلعوا قوانين خطيرة.. - مندوب العسكري: ما يطلّعوا، هو فيه حاجة بتمشي؟، أهم شيء إن الشعب يكرههم ونصل إلى يوم لا يستطيعون فيه حشد المليونيات فننقض عليهم.. وبعدين يا ريس نظامك موجود كما هو: رجالتك في أغلب المواقع، ونمنع المتميزين من الترشح مثلما كنتم تفعلون.. وكنتم تحشدون الجنود بالزي المدني لتشجيع المنتخب؛ نحن نحشدهم بالعباسية لتأييد سليمان ومعارضة الإسلاميين.. كنتم تستخدمون الموظفين للتصويت المتكرر للحزب الوطني ونحن استخدمناهم لتوكيلات سليمان وشفيق.. الإعلام كما هو وأفضل رغم وجود قنوات كثيرة جديدة خارج سيطرة الحكومة، الفساد والرشاوي زادت.. والناس نسيت الثورة خلاص. - مندوب الحكومة: اطمئن يا ريس.. نحن نعمل في صمت لتخريب الاقتصاد وتجويع الناس، ونحتاط لاحتمال تشكيل حكومة منهم.. فإن حدث، فسوف يندمون لأننا سنترك لهم ألغاما وورطات كثيرة، ولن نمكنهم من تنفيذ البرامج الثورية التي صدعونا بها لأنهم لن يجدوا ميزانية ولن يستطيعوا تمويل المشاريع والمرتبات التي ورطنا أي حكومة قادمة فيها. - المخلوع: احنا مش قلنا نطَمْئن أسيادنا اليهود والأمريكان حتى لا ييأسوا من مساعدتنا؟.. - سليمان: حصل يا ريس.. شجعنا المسيحيين على السفر لكنيسة القيامة، وورطنا المفتي في زيارة القدس، واستمر حصار غزة، ونحن على اتصال يومي بهؤلاء الأسياد.. - المخلوع: عموما شدو حيلكو، مش عايزين نتبهدل.. ونلتقي بعد أسبوع. همسة: • انتظرت لأسمع من أحد مرشحي الرئاسة اعتراضه على الفوضى والهمجية (والقذارة) الناجمة عن الكتابة والملصقات على الحوائط والأسوار وكل ما يقع عليه النظر في مصر، مع وعد بوضع نظام متحضر للإعلانات.. فإذا بملصقاتهم ودعاياتهم تزيد الطين بلة!. [email protected]