تعهد الانقلابيون بمالي أمس بنقل السلطة إلى رئيس البرلمان تمهيدا لإجراء انتخابات عامة خلال أربعين يوماً، في إطار اتفاق مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي هددت باستخدام القوة لحماية وحدة وسلامة أراضي البلاد بعد إعلان متمردين طوارق استقلال منطقة أزواد، التي دعا الانقلابيون سكانها إلى ثورة ضد المتمردين. ووقع قادة الانقلاب بزعامة أمادو سانوغو على اتفاق بشأن نقل السلطة لرئيس الجمعية الوطنية ديونكوندا تراوري ليكون رئيسا مؤقتا للبلاد، على أن يصدر أيضا عفو عن أعضاء حكومة مالي السابقة وقادة الانقلاب. وأعلن وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسوليه باسم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التوصل إلى اتفاق سيسمح خلال الساعات والأيام المقبلة بالعودة للمؤسسات التي ينص عليها الدستور والتي ستعمل بشكل طبيعي. وينص "اتفاق الإطار" على تولي رئيس الجمعية الوطنية -الذي كان خارج مالي كما ذكرت مصادر عدة- الرئاسة لمرحلة انتقالية مع رئيس للوزراء وحكومة انتقاليين، وأن تنحصر مهمته في تنظيم اقتراع رئاسي خلال المهلة الدستورية المحددة بأربعين يوما. وطلبت مجموعة غرب أفريقيا أيضا حماية الرئيس أمادو توماني توريه الذي أطاحه الانقلابيون الشهر الماضي، وأن يكون حرا في اختيار مقر إقامته. وأعلن باسوليه أن الرئيس الحالي للمجموعة رئيس ساحل العاج الحسن وتارا رفع العقوبات التي فرضتها المنظمة على مالي "فورا" بعد توقيع هذا الاتفاق. المجتمع الدولي رفض إعلان استقلال منطقة أزواد وتلويح أفريقي باستخدام القوة من جانب آخر، أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأميركية والجزائر وموريتانيا رفض إعلان استقلال منطقة أزواد بشمال مالي. بدوره رفض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ هذا الاستقلال واعتبره باطلا. وكشف أن دول غرب أفريقيا تفكر في اتخاذ إجراءات عملية منها نشر قوات عسكرية. في السياق، هددت مجموعة غرب أفريقيا باللجوء للقوة لحماية "وحدة وسلامة أراضي" مالي بعد إعلان استقلال منطقة أزواد، مؤكدة رفضها الكامل لهذه الخطوة. وقالت المجموعة في بيان إنها تذكر كل المجموعات المسلحة في شمال البلاد بأن مالي "واحدة وغير قابلة للتقسيم" وإنها ستستخدم كل الوسائل بما فيها اللجوء للقوة لضمان وحدة وسلامة أراضي مالي. وكانت المجموعة التي تضم 15 بلدا بينها مالي، أعلنت منذ الانقلاب، نيتها إرسال قوة عسكرية لهذا البلد تقدر بألفين أو ثلاثة آلاف رجل. في الأثناء، أرسلت الجزائر تعزيزات عسكرية إضافية إلى الحدود مع مالي بعد إعلان حركة تحرير أزواد استقلال الإقليم. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة الشروق الجزائرية عن مصدر أمني أن وزارة الدفاع قررت الأربعاء الماضي إرسال تعزيزات عسكرية باتجاه منطقتي تينزاوتين وبرج باجي مختار الحدوديتين أيضا بعد إعلان حالة الطوارئ على طول الشريط الحدودي مع إقليم أزواد الذي أعلن استقلاله. وتتزامن خطوة الجزائر مع اختطاف قنصلها العام وستة من مساعديه بمدينة غاو من قبل جماعة مجهولة بعد سقوط المدينة. في غضون ذلك دعت القيادة العسكرية سكان شمالي البلاد لمواجهة المتمردين الطوارق والثورة عليهم، وعبرت عن دعمها للسكان "المعتقلين بهذه المنطقة من مجموعات متمردة وأخرى متطرفة احتلتها" متعهدة ببذل كل الجهود لاستعادة المنطقة وفرض الأمن فيها. وفي نواكشوط، أُعلن عن تشكيل حركة سياسية عسكرية في شمال مالي تضم كافة الشرائح الاجتماعية الموجودة بالمنطقة (عرب، طوارق، بيلا، فولاني، سنغاي) وتتألف من جناحين عسكري ومدني "لتحرير منطقة أزواد من الاحتلال غير الشرعي وتأمين المنطقة وإيصال الغذاء والحاجيات لسكانها". وعزز إعلان استقلال أزواد الفوضى التي تسود هذه المنطقة الشاسعة، والتي أصبحت على حافة كارثة إنسانية بأكثر من 210 آلاف لاجئ ونازح منذ بدء تمرد منتصف يناير. ومنطقة أزواد تمتد إلى مساحة تعادل مساحتي فرنسا وبلجيكا مجتمعتين، وتعد مهد الطوارق. وتقع شمال نهر النيجر وتشمل ثلاث مناطق إدارية هي كيدال وتمبكتو وغاو. وبعد أسبوع من الانقلاب العسكري، سقطت المناطق الثلاث بأيدي الحركة الوطنية لتحرير أزواد وحركة أنصار الدين، واللتين يعتقد أنهما تتلقيان مساندة من عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.