تتداول نخبة من علماء اللغة والأدب والباحثين من أكثر من 32 دولة عربية وأجنبية محاور مختلفة تتعلق بموقع اللغة العربية والتحديات التي تواجهها ضمن الدورة الثامنة والسبعين لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، التي تتواصل فعالياتها بالعاصمة المصرية تحت شعار "مستقبل اللغة العربية". ويناقش المؤتمر الذي يستمر حتى الثاني من أبريل المقبل، تسعة محاور هي "العربية والمصطلح العربي"، و"اللغة ومواقف المجتمعات العربية منها في مجالات التعليم والإعلام والثقافة ومؤسسات المجتمع المدني"، و"اللغة ومدى ملاءمتها وظيفيا لمتطلبات العصر القادم وحاجاته"، و"موقع اللغة العربية بين لغات العالم"، و"اللغة العربية في مواجهة تحديات الترجمة والتعريب"، و"اللغة العربية وفتح أبواب الاجتهاد"، و"اللغة المعاصرة ومجامع اللغة العربية". ويناقش أعضاء المجمع هذه المحاور عبر 19 جلسة علمية -منها تسع جلسات علنية- قضايا وأبحاث مهمة، منها: "اصطلاحات ومفاهيم في أدبيات النهوض بالعربية"، و"مستقبل العربية في تراث اللغويين من المستشرقين والعرب"، و"الثنائية اللغوية واللغة العربية: أوصافها الحقيقية الإيجابية والسلبية"، و"اللغة وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل"، و"اتجاهات مستقبل اللغة العربية"، إضافة إلى عشر جلسات مغلقة. وقال الرئيس الجديد للمجمع حسن الشافعي في افتتاح الدورة إن مناقشة مستقبل اللغة العربية تأتي في سياق ثلاثة أعوام سابقة، ناقش فيها المجمع مشكلات الحاضر وتحدياته، وقضايا العربية في مراحل التعليم ووسائل الإعلام العربية والمجتمع المدني، بحيث اكتمل لدى المجمع التشخيص الكامل لواقع العربية الراهن في مصر والعالم العربي. وأبدى الشافعي تفاؤله بالآثار الإيجابية للحراك الديمقراطي الحر للمجتمع العربي، والذي تجلى في الربيع العربي، مما يوقظ الذات الحضارية العربية وما يستتبعه من اعتزاز باللغة القومية المشتركة، وبعث للتراث الحضاري العربي، ونهضة علمية عربية تواكبها نهضة لغوية. وخلال افتتاح المؤتمر، انتقد الأمين العام للمجمع فاروق شوشة في كلمته إهمال الدولة توصيات الدورة الماضية وعدم إلزام المؤسسات الرسمية بتنفيذ قرارات المجمع اللغوي حتى الآن. وأكد أن "مستقبل العربية قادم وأكيد، بمقدار ما نعمل له ونهيئ من أجله ونبذل في خدمته، من أجل تطويرها ونشرها والحفاظ عليها". وطالب الأمين العام "المجمعيين واللغويين العرب بالعمل على إنجاز تخطيط لغوي سليم، وتحقيق تنمية لغوية حقيقية، تزيد من متانة اللغة، وتوسع مجالاتها، وتيسر استخدامها في كل مرافق المجتمع: التعليمية والإعلامية والثقافية". ومن جهته أعلن وزير التعليم العالي المصري حسين خالد نشر قرارات وتوصيات المجمع بجريدة الوقائع الرسمية، وتعميمها على المسؤولين بكل الوزارات خاصة التعليم والثقافة والإعلام. واقترح الوزير استخدام تقنية حاسوبية في تحقيق المخطوطات العربية، حيث تمتلك البلاد العربية والإسلامية رصيدا هائلا من الإبداع العلمي والأدبي، يجب أن يخرج إلى النور. من ناحيته أشار رئيس منظمة التعاون الإسلامي داود إحسان أوغلو إلى مكانة العربية بوصفها لغة كونية للعلوم والآداب لقرون ممتدة، وضرورة استعادة هذه المكانة لتظل لغة حية مؤهلة وسلسة ومرنة وثرية، لافتا لأهمية التعريب والترجمة وتوفير المصطلح المواكب بالإفادة من الموروث العربي الثري. من جهته قال أستاذ المناهج وعضو المجمع محمود كامل الناقة للجزيرة نت إن "واقع العربية لا يزال سيئا ومقلقا ولم يتأثر بعد بالثورة، وليست للغة الأولوية حتى الآن، وتزايدت مشكلات التعليم الأجنبي والجامعات الأجنبية في مصر، وفي وسائل الإعلام هناك نظرة دونية للعربية". وأبدى مراسل المجمع من فلسطين صادق سليمان تفاؤله بواقع ومستقبل العربية نتيجة ثورات الربيع العربي، وانتماء شبابها الواضح للعربية. وأكد سليمان للجزيرة نت أن "استخدام العبرية قلّ كثيرا في الضفة الغربية وقطاع غزة ويكاد ينعدم"، لافتا إلى أن "الاحتلال الصهيوني جعل الفلسطينيين يتشبثون أكثر بهويتهم ولغتهم".