فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    وزارة النقل تدرس إرسال مهندسين وفنيين للتدريب في الصين    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    وكالة إيرانية: فرق الإنقاذ تبتعد مسافة 3 ساعات عن منطقة سقوط طائرة الرئيس    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    أحمد عبدالحليم: الزمالك جدد طموحه بالفوز بالكونفدرالية وفخور بجمهور الأبيض    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا، محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة    أخبار الفن اليوم، محامي أسرة فريد الأطرش: إعلان نانسي تشويه لأغنية "أنا وأنت وبس".. طلاق الإعلامية ريهام عياد    «ذاكرة الأمة».. دور كبير للمتاحف فى توثيق التراث الثقافى وتشجيع البحث العلمى    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومات العربية واستراتيجية التفريط في الحقوق
نشر في الشعب يوم 07 - 04 - 2007


بقلم: د. يوسف نور عوض


إذا نظرنا إلي الأسلوب الذي تدير به إيران علاقاتها السياسية مع العالم الغربي وجدنا فرقا كبيرا بينها وبين العالم العربي، ذلك أنه علي الرغم من المغامرات الخطرة التي تقوم بها إيران في إدارة ملفها النووي فهي تحرز نجاحا في ما تريده حيث ما زالت أصوات الدول الأجنبية تختلف في أسلوب التعامل معها بسبب صلابة مواقفها وغموضها في ما تريد أن تفعله وهو وضع مختلف عن أوضاع الدول العربية المكشوفة التي لا تتيح لنفسها فسحة من المناورة بل تفسح المجال للطرف الآخر كي يغير أساليبه فقط من أجل حفظ ماء وجهها وجعله مقبولا عند الشعوب العربية.
ونستطيع أن نستنتج ذلك من خلال السياسات الرسمية العربية بشأن الموقف من إسرائيل، فقد رأينا قبل القمة العربية الأخيرة كيف تحركت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في ما يسمي دول الاعتدال ووصل بها الأمر إلي أن تجتمع برؤساء الاستخبارات العربية وكأن عملهم أصبح منسقا مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع أن طبيعة عملهم تفترض أن يكونوا متناقضين في توجهاتهم مع ما تريده الإدارة الأمريكية. ووصل الأمر إلي حد أن الشارع العربي بدأ يتناقل أخبارا تقول إن الدول العربية تنوي أن تعلن في القمة قرارا يعترف بإسرائيل، وذلك قبل تخليص الحقوق الفلسطينية وهو ما سبب إحراجا كبيرا للقمة خاصة بعد التنسيق الذي قامت به الولايات المتحدة مع الدول التي تصنفها بأنها معتدلة. ولكن هذا الإحراج لا يقف حجر عثرة أمام تجديد المحاولة ولكن في هذه المرة بأسلوب جديد خاصة بعد أن تبنت القمة ما يسمي بمبادرة السلام العربية التي تعد إسرائيل بالتطبيع وإقامة علاقات طبيعية إذا أعادت الأراضي التي احتلتها عام 67 وقبلت مبدأ عودة اللاجئين ولكن إسرائيل التي رحبت بالمبادرة العربية لا تريد ذلك فهي تريد مبادرة عربية يتم من خلالها الاعتراف بإسرائيل والتنازل عن سائر الحقوق الفلسطينية، وقد رأينا ذلك واضحا في الترحيب الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت بتبني القمة العربية للمبادرة التي لا تعني عنده الاعتراف بالحقوق الفلسطينية بل تعني شيئا واحدا وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعلي الرغم من ذلك رأينا شون ماكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية يرحب بموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي ويصفه بالإيجابي دون أن يكلف نفسه بتحديد مواطن الإيجابية في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يرفض بحث أي شيء يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية ولا يهتم بشيء غير أن يعترف العرب بإسرائيل. ولكن لماذا نلوم الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية أو رئيس وزراء إسرائيل إذا كانت الجامعة العربية لا تبدي الحد الأدني من التمنع وتعلن علي الملأ أنها كونت مجموعة عمل لبدء الاتصالات مع إسرائيل وستضم مجموعة العمل الأردن ومصر وهما دولتان تعترفان أصلا بإسرائيل ولا يريان أي حرج في تنويع وتطويرعلاقتهما معها. وإذا كان بعض الدبلوماسيين المنتمين للجامعة العربية يقولون إن هدف هذه اللجنة لا يتجه نحو مكافأة إسرائيل بالاعتراف بها فالحقيقة هي أن مجرد طرح المبادرات من صاحب الحق هو في حد ذاته خطأ استراتيجي ولا يشبه ما تقوم به إيران فكيف يجوز للدول العربية أن تتصور أنها تستطيع أن تحصل علي حقوقها من إسرائيل وهي تركض وراءها تقدم لها المبادرات والتسهيلات وتتخذ مواقف تختلف عن مواقف إيران مع أن الوضع الطبيعي هو أن تسعي إسرائيل من أجل الحصول علي شيء من طموحاتها تماما كما كان وضعها قبل حرب عام 67 وفي حقبة عبد الناصر. ولكنها لا تفعل ذلك لان بعض الدول العربية تقدم لها تنازلات مجانية ولا تفهم معني الدبلوماسية الإستراتيجية وذلك ما تفعله إسرائيل والولايات المتحدة بطريقة جيدة إذ هما يجددان المواقف نفسها بأساليب مبتكرة ما يعني أنهما يضعان سلسلة من الخيارات.
وإذا كنا في الماضي نتحدث عن مجموعة من الدول التي تصنف نفسها معتدلة فإن الوضع قد تجاوزها الآن إلي الجامعة العربية التي حددت مجموعة عمل كي تبدأ اتصالات مع إسرائيل وتعيد الأمر كله إلي ما أصبح مرفوضا عند العرب جميعهم وهو تقديم تنازلات مجانية لإسرائيل علي الرغم من فشلها في جميع أعمالها العسكرية الأخيرة وفشل مشروعها الذي تدعمه الولايات المتحدة في العراق. ولعله من المؤسف أن تهتم بعض الدول العربية بدعوة أيهود أولمرت لعقد مؤتمر يلتقي فيه مع القادة العرب والسلطة الفلسطينية وهي دعوة لا يملك الحق في المناداة بها لأن العرب لا يريدون الجلوس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يرفض إعطاء الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني ولا يستهدف من وراء دعوته شيئا سوي تقسيم العرب إلي معتدلين وغير معتدلين لغير ما هدف سوي الصيد في الماء العكر وتحقيق الأهداف الإسرائيلية دونما عناء وهو يري أن هذا المؤتمر سيكون بديلا للخطط الأمريكية، ويعني ذلك بالطبع خطة خريطة الطريق التي لا يقدم سببا واضحا لرفضها علي الرغم من أنها صدرت من حليفة إسرائيل وراعيتها الولايات المتحدة في وقت كانت فيه إسرائيل مستعدة لقبولها. ولا يهمنا في الواقع إصرار المملكة العربية السعودية علي ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالمبادرة لأن الشواهد علمتنا أن بعض الدول العربية تقول شيئا وتفعل شيئا آخر في الخفاء ولا نعتقد أن السعودية ستوجه الضغط اللازم لإسرائيل خاصة مع شعور مصر بالمرارة لأنها استبعدت من أن تكون لاعبا أساسيا في هذه القضية بعد أن رأي الأمريكيون والإسرائيليون أن السعودية يمكن أن تقوم بدور أفضل في هذا الاتجاه. وكان المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد اعتبر مقترحات أولمرت لعبة أو خدعة إسرائيلية جديدة لا تستهدف شيئا سوي الحصول علي ما تريده إسرائيل دون أن تدفع ثمنا في مقابله، وذلك ما دفع وزير الخارجية الإسرائيلي زياد عمرو أن يوجه نقدا لرئيس الوزراء أيهود أولمرت حيث وصفه بأنه يضع العربة قبل الحصان وهو وصف صحيح إذ ما الذي يجعل إسرائيل تتنازل عما حصلت عليه بعد أن يعترف العرب بها دون مقابل ويمنحوها كل ما فشلت في الحصول عليه عن طريق الحرب؟
ولا شك أن صمام الأمان في هذه المرحلة هو الموقف الإيراني لأن التهديد بامتلاك السلاح النووي في إيران هو الخطر الحقيقي الذي يواجه إسرائيل وهو خطر لا يقوم فقط علي قدرة إيران في مواجهة إسرائيل بل تتركز أهميته علي أن مجرد امتلاك إيران للسلاح النووي سوف يقلب معادلة التوازن العسكري في الشرق الأوسط رأسا علي عقب وذلك ما تخشاه إسرائيل التي تركز الآن علي تصوير إيران علي أنها العدو الحقيقي الذي يواجه الأمة العربية، ولعل الكثيرين انخدعوا بتحرك رئيسة الكونغرس نانسي بلوزي في اتجاه سورية إذ اعتبر هؤلاء هذا التحرك بدء صفحة جديدة مع سورية. وأراد الرئيس الامريكي أن يؤكد علي ذلك عندما انتقد هذه الزيارة لحظة حدوثها وصورها علي أنها خروج علي الثوابت الأمريكية التي تري أن سورية من الدول الداعمة للإرهاب وهو يريد بكل ذلك أن يعطي تحرك رئيسة الكونغرس اهتماما مغايرا بحيث تتعامل الولايات المتحدة بصوتين في وقت واحد لكي يتعامل العالم الخارجي مع توجهات الرئيس بوش وما هو ضدها وتستفيد من الجوانب الإيجابية في المتناقضين ولكن الجميع يعرفون أن الديمقراطيين لا يتبعون سياسات تجاه إسرائيل تختلف عن سياسة الجمهوريين وهم من يقع في هذا الفخ وبالتالي لا تريد الولايات المتحدة في عهد الديمقراطيين أن تغير وجهها تجاه سورية أو العرب بل هي لا تستهدف في هذه المرحلة شيئا سوي أن تبعد سورية عن معسكر إيران وذلك بالطبع خدمة لأمن إسرائيل من جهة وربما أيضا لأهداف إستراتيجية قابلة للتنفيذ من جهة أخري وهي مركزة من جانب آخر علي إيران لأن الولايات المتحدة لا تريد حربا مع إيران تشارك فيها إسرائيل بينما سورية تقف علي ظهر إسرائيل، وقد بدت هذه الإستراتيجية أيضا في أزمة المحتجزين البريطانيين في إيران التي يتضح الآن أنها ربما تستهدف اتفاقا علي ترسيم الحدود بين إيران والعراق. وهو أمر مختلف حوله وله أهمية كبري إذا أرادت السفن الأمريكية أن تقترب من الشواطئ الإيرانية
وهكذا يبدو أن الاستراتيجيات الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط لا تتغير وهي تعيد تشكيل نفسها بمعطيات جديدة ويقع العرب في الفخاخ نفسها لأنهم غير قادرين علي تطوير إستراتيجية المواجهة ويعتقدون أن التفريط المحدود في الحقوق ربما كان وسيلة من وسائل حل المشاكل.

كاتب من السودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.