حذرت منظمة«أنقذوا الأطفال»الخيرية البريطانية –اليوم السبت- من أن سوء التغذية يحد من النمو الطبيعى لأكثر من نصف أطفال العالم، وأن ربع أطفال العالم لا يحصلون على الغذاء الذى يكفى لنموهم الطبيعى، وأن 300 طفل يموتون كل ساعة بسبب سوء التغذية. كما حذرت المنظمة - فى تقرير لها صدر مؤخرا ويكشف نتائج الأزمة الغذائية العالمية - من إمكانية وفاة مزيد من الأطفال في أفغانستان التى تشهد أسوأ فصل شتاء يحل عليها منذ 15 عاما. وقامت المنظمة بتوزيع ملابس وبطاطين وأغطية بلاستيكية لمساعدة المواطنين على التغلب على البرد، وحثت المانحين على التبرع بالأموال في ظل توقع خبراء الأرصاد الجوية بحدوث مزيد من الانخفاض فى درجات الحرارة. يأتى ذلك عقب تواتر أنباء تفيد بوفاة 28 طفلا فى مخيمات بالقرب من العاصمة كابول حيث تنتشر الإصابة بسوء التغذية. وأوضح التقرير أن أسعار الغذاء فى أفغانستان ارتفعت بنسبة 25%، وهو متوسط معدل الارتفاع فى العالم فى عام 2011، وبالتالى فإن 6 من كل 10 أطفال لا يحصلون على الغذاء الكافى لتجنب التقزم، وفى بلدان مثل كينيا بلغت نسبة الارتفاع 40%. وقال التقرير "إن حوالى 170 مليون طفل تحت سن الخامسة قد توقف نموهم بسبب نقص الغذاء، وأن الوضع يزداد سوءا بشكل كبير". ففى بلاد مثل باكستان وبنجلادش والهند وبيرو ونيجيريا، التي تعد موطنا لنصف أطفال العالم الذين يعانون من التوقف فى النمو (أو التقزم)، فإن الأسعار العالمية المرتفعة أجبرت آباء الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية على خفض كميات الغذاء وسحب الأطفال من المدارس للعمل معهم. وأظهر التقرير - الذى جاء تحت عنوان (حياة خالية من الجوع : معالجة سوء تغذية الأطفال) - أن ثلث الآباء الذين شملهم التقرير يقولون إن أطفالهم دائما يشكون من قلة ما يأكلون، مشيرا إلى أن واحدا من كل 6 آباء لا يستطيع شراء اللحم والحليب أو حتى الخضار، وفى الهند يعانى نصف الأطفال من ضعف النمو نتيجة سوء التغذية ولا يحصل ربع الأطفال على الطعام. وحذر من أن حوالى 6ر2 مليون طفل يموتون سنويا فى الدول النامية بسبب الجوع، مشيرا إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الخمس سنوات الماضية بشكل كبير بسبب الظروف المناخية وتحويل المزارع إلى إنتاج الوقود الحيوى، والمضاربات التجارية فى السلع الغذائية. وتقول منطمة (أنقذوا الأطفال) الخيرية البريطانية "إن مؤشرات أسعار الغذاء في عام واحد زادت من شدة أزمة سوء التغذية لدى الأطفال، وقد تعوق كذلك تحقيق التقدم فى تقليل حالات الوفيات بين الأطفال". ووصفت المنظمة الخيرية سوء التغذية بأنه "قاتل صامت" لأنه لا يوصف بأنه سبب للموت في الوثائق الرسمية، وهو ما يحد من اتخاذ الإجراءات اللازمة فى الدول النامية. وحذر جوستين فورسيث المدير التنفيذى للمنظمة من أن عدم تضافر الجهود سيؤدى إلى أن نصف مليون طفل سيعانون من توقف النمو البدنى والعقلى خلال 15 عاما مقبلة، لافتا إلى أن 30 ألفا يموتون سنويا فى أفغانستان بسبب سوء التغذية، وإن الجفاف فى الشمال عرض الآلاف لخطر الجوع. وقال "إن العالم شهد تقدما كبيرا فى تقليل عدد وفيات الأطفال، وذلك من 12 مليون طفل إلى 6ر7 مليون، ولكن هذا التقدم سيتوقف إذا فشلت المنظمة فى التعامل مع أزمة سوء التغذية". ودعت المنظمة بريطانيا لأن تقود الجهود للحد من الجوع ولحماية الأطفال من ارتفاع أسعار الغذاء، على أن تبدأ تلك الجهود بعقد (قمة الجوع) حينما يجتمع قادة العالم فى لندن لحضور الأوليمبياد هذا الصيف. ومن جانبه، قال وزير التنمية الدولية البريطانى أندرو ميتشيل "إن المنظمة محقة فى تركيزها على مشكلات الجوع وسوء التغذية، وإن بريطانيا ستستمر فى حث الدول الأخرى لتوفيق جهودنا فى هذه المساحة". ويأتى هذا فى الوقت الذى أشارت فيه خبيرة التغذية أسامبتا ندومى، التى تعمل مع المنظمة فى كينيا، إلى أن موجات الجفاف المتعاقبة تسبب تدهورا مستمرا هناك، فعندما يأتى جفاف آخر، وتدمر مقومات الحياة الأساسية، يصبح الأمر أكثر سوءا للعائلات فيما يتعلق بالقدرة على إطعام أطفالهم .. داعية إلى بذل الجهود للقضاء على الجوع. وقد ارتفعت أسعار الغذاء بشكل حاد فى النصف الأول من العام الماضى، وذلك وفقا لمنظمة الغذاء والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، وذلك فى أعقاب أحوال جوية قاسية مرت بها بعض أكبر دول العالم المصدرة للغذاء فى عام 2010، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من إمدادات الغذاء. وناشدت كل من اليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمى ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) المانحين توفير استجابة سريعة للتصدى لأزمة الجفاف فى القرن الأفريقى. وكشفت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية عن قمة المأساة التى يتعرض لها النازحون فى منطقة القرن الأفريقى، وقالت "إن حوالى 60 طفلا رضيعا يموتون كل يوم فى معسكر واحد من معسكرات النازحين فى كينيا، وفى غضون 24 ساعة يصل أكثر من 3 آلاف شخص يعانون من سوء التغذية إلى المعسكرات المزدحمة للغاية لدرجة لا تكفى لاستيعابهم، وهناك أكثر من نصف مليون طفل حياتهم معرضة لخطر وشيك، وبصفة عامة، فإن هناك ما لا يقل عن 12 مليون شخص يقاتلون من أجل البقاء على قيد الحياة". وتأتى هذه التحذيرات لتتوافق مع تحذيرات منظمة الصحة العالمية، بأن سوء التغذية يشكل الخطر الأكبر والأهم على الصحة العامة من منظور عالمى، مع اعتبار المساعدات الدولية الرامية لتحسين نوعية وكمية الغذاء فى منطقة أو بلد ما، من أفضل السبل لدرء الأمراض، وخفض نسبة الوفيات، ورفع مستوى نوعية الحياة. وينتج سوء التغذية عن اختلال فى كمية أو نوعية الغذاء، أو فى بعض مكوناته الأساسية والضرورية من فيتامينات ومعادن وباقى العناصر الأخرى، سواء بالزيادة أو بالنقصان، فعلى عكس الاعتقاد الشائع، لا يقتصر مصطلح سوء التغذية على من يعانون من نقص فى المتوافر من الطعام، بل يمتد أيضا إلى التدهور فى نوعية المتاح من طعام حتى لو توافر بكميات كبيرة، كما أنه يطلق أحيانا على الإفراط في تناول كميات الطعام، أو في بعض مكوناته، وهى الحالة التى أصبح يطلق عليها مؤخرا (فرط التغذية). وتنتج هذه الحالة التى تظهر أعراضها فى شكل زيادة الوزن والسمنة، عن تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية، مقارنة بما ينبغى أن يستهلكه الشخص من هذه السعرات، مع تخزين الفارق فى شكل دهون وشحوم. وكما هو معرف يؤدى هذا الاختلال فى كمية المتناول من الطاقة، بالنسبة إلى المستهلك منها، إلى العديد من الأمراض، مثل أمراض القلب والشرايين أو داء السكرى. وتختلف الظروف والمفاهيم المتعلقة بفرط التغذية بين الدول الغنية والفقيرة، ففى الدول الغنية، غالبا ما ينتج فرط التغذية، وما يصاحبه من زيادة وزن وسمنة، نتيجة الاعتماد على أطعمة مرتفعة القيمة فى السعرات الحرارية، ومنخفضة القيمة فى المكونات الغذائية الأخرى الضرورية والأساسية، وهذا كثيرا ما تتعرض له الطبقات الاجتماعية الفقيرة فى الدول الغنية، التى تعجز مصادرها عن توفير غذاء صحى متوازن، كما أنه يحدث بين الطبقات الاجتماعية الغنية، نتيجة ضعف الثقافة الغذائية، أو النهم الشديد. ومثل فرط التغذية يؤدى أيضا سوء التغذية الناتج عن نقص كمية وانخفاض نوعية الطعام إلى حزمة متنوعة من الأمراض ربما كان أخطرها هو زيادة القابلية للتعرض لأنواع العدوى، وخصوصا العدوى بميكروب السل، وتحول حالات العدوى الكامنة منه إلى حالات نشطة، ويعتبر نقص الفيتامينات، من أهم مضاعفات سوء التغذية، سواء في حالات الفرط أو النقص، مثل نقص فيتامين (ؤ) الذي ينتشر حاليا بين أفراد أغنى شعوب العالم، أو نقص فيتامين (أ) الناتج عن عدم تناول الخضراوات والفواكه بكميات كافية لفترات طويلة. ورغم كل شىء فهؤلاء البشر لديهم الحق فى الحصول على الطعام، هذا الحق مثبت فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 .. يقول الوزير الهولندى السابق للتعاون التنموى، والمبعوث الأممى السابق إلى السودان، يان برونك "إن الحق فى الطعام يعنى حق الفرد فى اختيار سلة الغذاء، ويعنى أيضا الحق فى الحصول على الكمية الأساسية للغذاء اليومى، كما يعنى الحق فى إنتاج ما تحتاجه من الطعام إذا أردت، كمزارع صغير". ويؤكد الخبراء أن واقع الحال مغاير للنصوص والنظريات، فكثير من المزارعين الصغار فى أفريقيا فقدوا أراضيهم الزراعية، حيث اشترتها منهم شركات آسيوية، لتستثمرها فى إنتاج غذاء ووقود حيوى للاستهلاك فى بلدان تلك الشركات. وتقول مارينكه روز من منظمة (أنقذوا الأطفال) الخيرية "إنه من غير الطبيعى أن يكون هناك نص حول الحق في الطعام، هذا الأمر يجب أن يكون حقيقة بديهية، الحق لا يمكن تطبيقه إلا إذا اعترفت به جميع الأطراف المعنية به". والحق فى الطعام يضمنه القانون الدولى حيث صدرت عدة قوانين منها فى عام 1948 اعترف الميثاق الدولى لحقوق الإنسان بحق الحصول على الطعام كحق أساسى من حقوق الإنسان، وفى 1966 اعترف الإعلان العالمى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحق التحرر من الجوع. وفى 1996 صدر إعلان روما عن القمة الدولية حول الغذاء الذى يدعو لإنهاء الجوع فى العالم بحلول عام 2015، وفى عام 2001 اعترفت اللجنة الإفريقية لحقوق الشعوب والأفراد بحق الحصول على الطعام وتضمنه ميثاق الاتحاد الإفريقى، وفى عام 2002 أدانت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان حكومة نيجيريا لسماحها لشركة بتلويث مصادر الغذاء، وفى 2004 وضعت منظمة الزراعة والأغذية الدولية موجهات طوعية للدول حول حق الحصول على الطعام.