قال نائب رئيس الوزراء العراقي "طارق الهاشمي" اليوم إنه لن يسلم نفسه إلى القضاء في العراق وسيغادر بغداد إذا شعر أن حالته الشخصية في خطر. ويواجه الهاشمي (69 عامًا)، أحد أبرز السياسيين السنة في العراق، مذكرتي توقيف ومنع من السفر على خلفية اتهامات وجهت إليه بقضايا "تتعلق بالإرهاب" صدرت بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي من البلاد قبل أسبوع. وأجريت المقابلة مع الهاشمي في إحدي دور ضيافة الرئيس العراقي جلال طالباني في منطقة قلعة شولان على بعد 60 كلم شمال مدينة السليمانية (270 كلم شمال بغداد) في إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي. وقال الهاشمي الذي بدا هادئًا، ردا على سؤال حول إمكانية تسليم نفسه للقضاء في بغداد، "بالتأكيد لا". وأوضح أن قراره هذا نابع من سببين أولهما "أمني الشخصي، فقد جرى تجريد أفراد حمايتي من الاسلحة، وألقي القبض على عدد كبير منهم، وبيتي (في بغداد) لا يزال محتلا، ومكاتبي لا تزال محتلة"، وسأل "كيف أعود إلى بغداد وأنا غير قادر على توفير حمايتي الشخصية؟". وذكر الهاشمي الذي كان يحيط به عدد من الحراس غير المسلحين أن السبب الثاني "يعود إلى أن مجلس القضاء العراقي وقع تحت سيطرة وتأثير الحكومة المركزية وهذه مشكلة كبيرة، ولذلك طلبت نقلها (القضية) إلى اقليم كردستان الذي لا يتعرض إلى ضغوط حكومة الاتحادية". ويطالب رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الهاشمي بتسليم نفسه إلى القضاء في بغداد، إلا أن نائب الرئيس سبق أن أعلن أنه لن يمثل أمام القضاء إلا في إقليم كردستان، وهو ما رفضه المالكي. وكان بيان صادر عن مكتب طالباني نشر على موقع الرئاسة العراقية السبت أكد أن "طارق الهاشمي موجود في ضيافة رئيس الجمهورية"، وأنه "سيمثل أمام القضاء في أي ظرف ومكان داخل البلد يجري فيه الاطمئنان إلى سير العدالة والتحقيق والمحاكمة". وأكد الهاشمي المولود في بغداد أنه علم بأن "تركيا رحبت بقدومي إليها"، في إشارة إلى إعلان انقرة أنها مستعدة لمنحه اللجوء، إذا رغب بذلك، وشدد على أنه "ليس لدي نية لمغادرة العراق في وقت الحاضر"، قبل أن يستدرك "اللهم إلا اذا تعرض أمني لخطر فبعد ذلك لكل حادث الحديث". وتابع "لكن حتى الآن أعيش ظروفًا طبيعية جدا وأنا أعمل على أن تحل القضية من خلال القضاء العراقي وبأسرع وقت ممكن"، وذكر الهاشمي الذي تقاعد من الجيش برتبة مقدم ركن العام 1975 وانضم في السنة ذاتها إلى الحزب الإسلامي، أنه يمارس دوره كنائب للرئيس "وإذا قررت السفر إلى خارج العراق فسيكون ذلك في إطار مهماتي وليس من منطلق اللجوء السياسي". وعن سبب صدور مذكرة التوقيف بحقه وعرض اعترافات لحراسه الشخصيين على التلفزيون بعد ساعات من مغادرة القوات الأمريكية للبلاد قبل أسبوع، قال "لا أدري إذا كانت تقارير وصلت إلى المالكي أثارت قلقا بالنسبة له، وهي ربما تقارير كانت توحي بأن هناك انقلابًا ضده وأن طارق الهاشمي متورط بهذا الانقلاب". وأضاف "لا أعلم لماذا استعجل، وحتى لو كانت هناك اتهامات أو جرائم ترتكب من قبل أفراد حمايتي، كان بإمكانه تاجيلها" في إقرار غير مباشر باحتمال تورط بعض أفراد حمايته بجرائم. وتابع "كأنها ضربة استباقية لحدث كان سوف يقع وحاول هو (المالكي) أن يتداركه". وتجنب الهاشمي طوال مدة المقابلة التي استمرت لساعة، مهاجمة رئيس الوزراء، قائلا إن مسالة استبدال المالكي ترتبط بالتحالف الوطني، التكتل النيابي الأكبر في البرلمان بزعامة المالكي نفسه. وأعرب الهاشمي عن أمله في "ألا يعمل المالكي على الوتر الطائفي لأن هذا ليس في مصلحته"، من دون أن يتهمه مباشرة بذلك، مضيفًا أن هناك تقارير تتحدث عن وجود "خلايا أمنية في مجلس الوزراء تابعة لنوري المالكي". وأوضح "هو (المالكي) قد يرتكب أخطاء تفهمها الناس على أنها موجهة طائفيًا، لكن الرجل قد تكون توجهاته سياسية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "هناك أفعالا تجري على الأرض خصوصًا من ناحية التهميش والإقصاء، مثل المؤسسة الأمنية والعسكرية التي أغلقت على مكون واحد بل على حزب واحد". وختم "اذا فشلنا، أعتقد أن العراق سينزلق مرة ثانية نحو استبداد، وعلى هذا الأساس فإن العراق والعراقيين سيخسرون جميعا".