قبل عامين، فجر حمد بن جاسم، رئيس الوزراء القطري السابق، مفاجأة كبرى عندما أعلن أن بلاده قدمت الدعم للجماعات المسلحة في سوريا، عبر تركيا، بالتنسيق مع القوات الأمريكية وأطراف أخرى،مؤكدا أن الدوحة أمسكت بملف الأزمة السورية بتفويض من السعودية، مشددا على أن بلاده لديها "أدلة كاملة على الاستلام". وأوضح حمد بن جاسم، أن الدعم العسكري الذي قدمته بلاده للجماعات المسلحة في سوريا، كان يذهب إلى تركيا بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة، و"كل شيء يرسل يتم توزيعه عن طريق القوات الأمريكية والأتراك والسعوديين". وعلى مدار 8 سنوات، كانت السعودية وقطر من أكبر المحرضين على النظام السوري، وكثيرا ما كرر عادل الجبير وزير خارجية السعودية تصريحه بأنه لا مكان لبشار الأسد في سوريا، وأن مستقبل سوريا يجب أن يخلو منه. غير أن ما يحدث مؤخرا يتناقض تماما مع كل ما سبق، فهرولت دول الخليج إلى تطبيع علاقاتها مع دمشق، وسط أنباء متواترة عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية مجددا، وإعادة فتح سفارات عربية في دمشق مرة أخرى. اقرأ أيضا: مصادر إماراتية تُؤكد وجود خلاف بين الملك سلمان ونجله السعودية تغازل دمشق الغزل الخليجي للنظام السوري كان هو الأكثر وضوحا وغرابة، نطرا لدور دول الخليج في دعم وتسليح الجماعات المسلحة في سوريا، ومؤخرا، كشف مصدر مطلع أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، حمل "رسائل إيجابية من القيادة السعودية للقيادة السورية" . ونقلت وكالة "سبوتنيك" عن المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "الرسائل السعودية الإيجابية تتعلق بإعادة العلاقات ومناقشة كافة الملفات بين البلدين". واستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، الجمعة، لافرنتييف، القادم من السعودية حيث التقى هناك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وبحث معه الملف السوري. اقرأ أيضا: السعودية.. اعتقال ناشطة جديدة داخل سجون بن سلمان روسيا تؤكد الأنباء كما كشفت موسكو أن الوفد الروسي الرفيع بقيادة مبعوث بوتين الخاص إلى سوريا، بحث مع الرئيس السوري، تطبيع علاقات سوريا مع الدول العربية. وأكدت الخارجية الروسية، في بيان صدر عنها عقب اللقاء أن الأسد استقبل اليوم الجمعة الوفد الروسي الوزاري الذي ضم كلا من لافرينتييف ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، ومسؤولين من وزارة الدفاع الروسية. وذكرت الخارجية أن "المحادثات تناولت النظر في مسائل ضمان التسوية السياسية المستدامة" للأزمة السورية "بالتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254"، موضحة أن "اهتماما خاصا تم إيلاؤه في هذا السياق إلى مهمة تشكيل اللجنة الدستورية وإطلاق عملها في أسرع وقت ممكن". كما شددت الخارجية الروسية على أن المحادثات شملت أيضا "بحث مهمات ترتيب الأمور في سوريا خلال فترة ما بعد النزاع وتطبيع علاقات الجمهورية العربية السورية مع الدول العربية". وأجرى الوفد الروسي الرفيع هذا اللقاء بعد أن بحث في وقت سابق من اليوم الملف السوري مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الرياض. وأعار الطرفان، حسب بيان لوزارة الخارجية الروسية، اهتماما خاصا إلى ضمان تسوية سياسية مستدامة في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وتقديم ما يلزم من الدعم لجهود إعادة إعمار البلاد. اقرأ أيضا: المرصد السوري: وفاة 12 طفلاً بمخيم الهول السوري هل تعيد الرياض فتح سفارتها بدمشق؟ الجدير بالذكر أن هذه المحادثات تأتي بعد أن اتخذت منذ أواسط شهر ديسمبر 2018 دول عربية عدة خطوات لتطبيع العلاقات مع السلطات السورية بقيادة الأسد، تزامنا مع تعالي الأصوات الداعية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي تم حرمان الحكومة السورية من العضوية فيها عام 2011 بعد نشوب الأزمة العسكرية السياسية التي لا تزال مستمرة حتى الآن. ومن أبرز هذه التطورات الزيارة الأولى لزعيم عربي إلى العاصمة السورية منذ 2011، والتي قام بها الرئيس السوداني "المعزول"، عمر البشير، الذي التقى في دمشق الأسد، وإعلان الإمارات والبحرين عودة العمل في سفارتيهما لدى سوريا، مع كشف دول أخرى بينها الأردن والعراق عن جهودها لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، الأمر الذي عارضته بشدة قطر التي تمر بأزمة سياسية حادة مع السعودية وحلفائها، فيما قالت مصادر غير رسمية إن المملكة لا تمانع ذلك. فهل اقتربت لحظة الإعلان عن إعادة فتح السفارة السعودية في دمشق من جديد؟