أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز عدالة للحقوق والحريات، قبل أيام، تقريرًا مشتركًا بعنوان "باسْمِ الشَعب": التقرير السنوي الثاني عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2018 (من يناير إلى ديسمبر). ويَظهر من التقرير ومن الرصد الإعلامي الذي يقوم به فريق التقرير منذ عام 2017، أن هناك توسعًا ملحوظًا في استخدام عقوبة الإعدام وأن هذا التوسع مستمر في عام 2018، فقد تزايدت وتيرة أحكام الإعدام فيما يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي والقضايا ذات الطابع الجنائي في 2018، ولكن التزايد كان ملحوظًا في القضايا الجنائية العادية، غير المرتبطة بجرائم الإرهاب والجنايات المضرة بأمن الحكومة من الداخل والخارج والقضايا الأخرى ذات الطابع السياسي، مقارنة بعام 2017.
538 حكم إعدام
وبحسب التقرير، صدرت أحكام بالإعدام ضد 486 في 221 قضية بخلاف الأحكام النهائية، فيما صدر من المحاكم العسكرية أحكام بإعدام 52 متهمًا، كما أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام الإعدام بحق 4 متهمين مدنيين، وذلك حسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية. وذكر التقرير أن عام 2018 شهد أحكامًا نهائية وباتة بتأييد إعدام 59 شخصًا على الأقل، في 16 قضية سياسية وجنائية، فضلًا عن صدور أحكام أولية بإعدام 543 متهمًا منهم 486 محبوسًا، وذلك على ذمة 205 قضايا، منها 23 قضية ذات طابع سياسي. بينما على جانب القضاء العسكري فقد أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام الإعدام بحق 4 متهمين مدنيين في قضيتين، في الوقت ذاته قضت محاكم الجنايات العسكرية بإعدام 52 متهمًا مدنيّا على الأقل، منهم 41 شخصًا محبوسون، على ذمة 6 قضايا، جميعها ذات طابع سياسي. وأشار التقرير إلى تنفيذ مصلحة السجون الإعدام بحق 43 متهمًا على الأقل في 23 قضية، منهم 12 في قضايا عسكرية، وآخرون بسجون مدنية، بينما 20 من هؤلاء لم يتم الإفصاح عن مكان تنفيذ إعدامهم. كما أشار التقرير إلى ما شهده عام 2018 من تعديلات تشريعية متعلقة بالإعدام، تنتهي بإدراج عقوبة الإعدام كعقوبة جديدة على بعض الجرائم مثل، تعديل المادة 289 من قانون العقوبات ليُقضى بالإعدام بحق من يخطف طفلًا في حال مواقعة المخطوف أو هتك عرضه. كذلك تعديل يقر بتشديد عقوبة من المؤبد إلى الإعدام لمن يحوز أو يستورد أو يصنع مواد متفجرة.
منظومة العدالة تتخلى عن حذرها
ورصد التقرير هذا الاتجاه المتزايد لاستخدام عقوبة الإعدام، والاتجاه المتزايد لتأييد العقوبة في محكمة النقض، على أنه الأكثر إثارة للقلق. فمنظومة العدالة الجنائية تتخلى عن حذرها التاريخي في التعامل مع العقوبة التي لا رجعة في تنفيذها، والمؤشرات التي رصدناها في عام 2018 توحي بأن هذا التعامل غير الحذر مع الإعدام قد طال كل أركان منظومة العدالة الجنائية. التقرير قدم عرضًا وتوثيقًا لأحكام الإعدام الصادرة في مصر خلال عام 2018، بالإضافة إلى محاولة تحليل أنماط استخدام عقوبة الإعدام في المحاكم المصرية والتغيرات الكمية والكيفية في اللجوء إلى العقوبة القصوى في القانون الجنائي وهي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن التراجع عنها بعد تنفيذها. ينقسم التقرير إلى فصلين، يعرض الفصل الأول بعض الأحكام الصادرة بالإعدام خلال عام 2018، ويحاول الفصل الثاني رصد أنماط الانتهاكات التي تَعرَّض لها بعض المتهمين المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام أثناء سير القضايا، وأيضًا الانتهاكات خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ، والتي تلقي بكثيرٍ من الشكوك على سلامة التحقيقات وإجراءات التقاضي في قضايا تم الحكم فيها بالعقوبة القصوى على المتهمين.
توصيات التقرير
وانتهى التقرير إلى عدد من التوصيات، تمثل أهمها في المطالبةبتعليق العمل فورًا بعقوبة الإعدام وإحالة الأمر إلى نقاش مجتمعي واسع. بالإضافة إلى مطالبة الحكومة بالتوقيع على البروتوكولات والاتفاقيات الدولية المناهضة لعقوبة الإعدام، والتعذيب، والاختفاء القسري. كما أشارت التوصيات إلى ضرورة إعادة نظر البرلمان في قوانين الإرهاب والعقوبات والأحكام العسكرية، ومراجعة قانون الإجراءات الجنائية، كما طالبت المبادرة وزارة الداخلية بالتوقف عن نشر مقاطع فيديو للمتهمين أثناء فترات التحقيق.