«التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    هيئة التأمينات تعلن صرف المعاشات بالزيادة أول يوليو    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على ارتفاع    تسليم مساعدات مالية وعينية ل 70 حالة من الأسر الأولى بالرعاية في المنوفية    الاحتلال يطلق النار على منتظري المساعدات في غزة ويسقط مئات الشهداء    ماكرون: أكدت لنتنياهو أهمية وقف النار ومنع إيران من امتلاك النووي    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    وسام أبو على ل"جماهير الأهلى" : جعلتونا نشعر وكأننا نلعب على أرضنا في كل مباراة    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    بديل صلاح يقود إنجلترا للتأهل لنهائي بطولة أوروبا للشباب تحت 21 عاما    عاجل.. تحرك مفاجئ من لجنة الاستئناف في شكوى الزمالك ضد زيزو    رغم ارتفاع الحرارة.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    «ناقصة سكر».. مصطفى كامل يطرح خامس أغاني ألبومه الجديد (فيديو)    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    هل شريكتك منهن؟.. نساء هذه الأبراج مسيطرة وقوية    تليفزيون اليوم السابع يرصد لحظة فك كسوة الكعبة لتركيب الجديدة (فيديو)    ما حكم الزواج العرفي؟ أمين الفتوى يجيب    هيئة الشراء الموحد توقع اتفاقية مع شركات فرنسية لإنشاء مصنع لتحديد فصائل الدم    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أردوغان: لا يوجد إنسان بضمير حي يمكنه السكوت عن الجرائم الإسرائيلية في غزة    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    رئيس الأركان يشهد تخرج دورات من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    صلاة البراكليسي من أجل شفاء المرضى وتعزية المحزونين    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    الزمالك يستعيد أرض مرسى مطروح بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا    مجلس جامعة المنوفية يعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025/2026    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    "حماية التراث الثقافى الغارق بالمياه الاقتصادية" ورشة العمل بمكتبة الإسكندرية    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    في الذكرى ال12.. مجمع إعلام القليوبية يحيي ثورة 30 يونيو    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    الأونروا: نواجه وضعا مروّعا يعيشه الفلسطينيون بقطاع غزة    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق البشري يكتب عن وثيقة السلمي : مصر .. وماذا يراد بها ؟
نشر في الشعب يوم 12 - 11 - 2011

هناك من يصر على أن يستبعد الشعب المصرى من أى شأن يكون له صلة برسم مصير هذه الأمة ووضع نظمها السياسية، ويصر على استبعاد الإرادة الشعبية من أى أثر فعال يكون لها فى تحديد مستقبل مصر.
نلحظ ذلك واضحا فى هذا الصخب الشديد الذى تثيره الأقلام والألسن فى وسائل الإعلام المقروءة والمرئية على مدى الأشهر الثمانية الماضية من أواخر فبراير 2011 حتى الآن، ويظهر ذلك واضحا أيضا فى السياسات التى يتخذها كبار المسئولين فى الحكومة التى تشكلت بهيئات وأشخاص مختلفة فى تلك الشهور وحتى الآن.
هذه التشكيلات الحكومية يختارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القابض حتى الآن وإلى مدى غير محدد على زمام الدولة بكل هيئاتها التنفيذية والتشريعية. كما يظهر ذلك أيضا فى تلك التوافقات السياسية التى صدر التعبير عنها فيما عرف باسم «مجلس الحوار الوطنى»، و«مجلس الوفاق الوطنى» الذين كان شكّلهما الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء السابق، ثم فيما عرف من مجالس ولقاءات واجتماعات جرت مع التعديل الوزارى الأخير عن «المبادئ الدستورية»، و«المبادئ الحاكمة للدستور»، وأسس اختيار الجمعية التأسيسية التى تضع الدستور مما جرى ويجرى على عهد الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء الذى خلف سلفه السابق فى ذات اختصاصه.
ونحن لا نعرف ما هو هذا الخيط السرى الذى يربط بين كل هذه الجهود السابقة ويوحدها هذا التوحيد العجيب، رغم صدورها من أشخاص ليسوا من فصيل سياسى واحد فى الماضى أو فى الحاضر. ولكن ما إن يتولى الواحد منهم منصب نائب رئيس الوزراء لشئون السياسة أو الديمقراطية أو نحوهما حتى يقوم بذات العمل ويحاول أن يكمل ما بدأه سلفه. وهو كيفية الالتفاف على الإرادة الشعبية وعدم تمكينها من وضع الدستور الجديد. ونلحظ هذه الصلة الحميمة المتوافقة بين أجهزة الإعلام المقروء والمسموع والمرئى الذى تسيطر عليه جمهرة من رجال الأعمال الذين كونوا ثرواتهم فى العهد البائد قبل ثورة يناير سنة 2011 من خلال علاقاتهم بالسلطة البائدة، نقول هذه الصلة الحميمية المتوافقة بين هذه الأجهزة، وبين هذه السياسات التى يعمل على املائها نواب لرئيس الوزارة متتالين، وبين من يسمون أنفسهم «كافة القوى السياسية» لأحزاب قديمة وجديدة وشخصيات ذات حضور إعلامى واسع الانتشار وكثيف الظهور، وكل ذلك لا يظهر له وجود شعبى منظم أو غير منظم بين جماهير الشعب المصرى فى مجالات عمله ونشاطه الإنتاجى والاجتماعى وهيئات التعليم وتجمعات العاملين والطلبة والموظفين فى المدن والأقاليم. وهذه النخب الفوقية المتوافقة يتكلمون عن الشعب بحسبانه مفهوما ثقافيا أو مفهوما تعبيريا يرد على الألسن والأقلام دون أن يحتوى ولا أن يشير إلى واقع عملى محسوس.
ودليل ذلك أن نحو 95٪ من وسائل الإعلام المقروء والمرئى كانت ضد التعديلات الدستورية التى جرى الاستفتاء عليها فى 19 مارس سنة 2011، وقطعوا بعدم مناسبتها أحزابا وجماعات نخبوية، وجاءت نتيجة الاستفتاء تفيد أن نحو 95٪ من خطاب النخب ومن حملات الإعلام هذه لم تؤثر إلا فى 22٪ من الأصوات، وأن 77.2٪ من الأصوات كانت ضد كل ما جهدوا فى سوقه من الحث عليه من مواقف، وإذا نظرنا إلى الجهد المؤسسى الذى قامت به الإدارة الكنسية لرفض التعديلات الدستورية وحث من تؤثر فيهم إلى الذهاب للتصويت والتصويت بالرفض، وهؤلاء فى تقدير البعض لا يقل عن 10٪ من أصوات الناخبين فى الاستفتاء، فيكون كل ما أثر فيه النخب والإعلام بغير الأثر الكنسى لا يزيد على 12٪ من الأصوات أى حوالى مليونين أو أكثر قليلا.
وعلى أية حال، فقد قرر الشعب المصرى فى استفتاء حر ونزيه وبأغلبية تصل إلى 77.2٪ على عدد محدد من الأحكام الدستورية، أولها أن ثمة فترة انتقالية لا تزيد على سنة واحدة إلا بشهرين أو ثلاثة من مارس سنة 2011 تجرى فيها انتخابات لتشكيل مجلس شعب ومجلس شورى بضمان نزاهة الانتخاب بواسطة الإشراف القضائى الكامل الشامل الملزم، وأن يجرى انتخاب رئيس جمهورية بعد ذلك مباشرة وأن يختار المجلسان النيابيان جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد لمصر خلال مدد لا تزيد على سنة وخمسة عشر يوما من تمام انتخاب المجلسين، وفى ظل مؤسستين تنفيذية وتشريعية منتخبة. وكل ذلك كان من المقدر أن ينتهى بحده الأقصى فى يونيو سنة 2012.
ولكن النخب المتوافقة على معارضة هذا القرار الشعبى استطاعت أن تعتلى منابر الإعلام وأن تستبقى سيطرتها على الغالب الأعم منها لتقترح ما يناهض هذا المخطط، فاقترحوا لصالح الديمقراطية ألا تجرى انتخابات وأن تؤجل، أو أن ينشأ مجلس رئاسة مدنى «وهو غير منتخب» أو يستمر المجلس العسكرى حاكما مددا أطول، أو أن تشكل لجنة لإعداد الدستور أولا قبل الانتخابات «أى لا تكون منتخبة»، أو أن يختار بالانتخاب رئيس جمهورية قبل انتخاب البرلمان، مما يجعله جامعا للسلطتين التنفيذية والتشريعية بموجب عدم إتمام تشكيل البرلمان «وهو وضع حسنى مبارك السابق»، وكانت كل هذه الاقتراحات تتجاهل أن استفتاء شعبيا تم وأن إرادة سياسية شعبية تقررت، وأنه لابد من الانصياع لها، وأن أى إجراء مخالف لهذه الإرادة الشعبية محكوم عليه بعدم الشرعية الدستورية والشعبية والثورية، لأن الاستفتاء كان شعبيا ودستوريا وثوريا بعد 25 يناير وبموجب الثورة. ولأن هذه النخب لا تستطيع أن تكون حراكا شعبيا باستفتاء جديد يعدل من نتيجة الاستفتاء القائم، فإن كل هذه المقترحات لم تجد إمكانية تحقق، إلا أنها أثارت من البلبلة والنزاع ما أثارت.
جاءت بعد ذلك فكرة تجميع هذه النخب أو من يعبر عنهم فى اجتماعات سميت بالحوار الوطنى وبالوفاق الوطنى على عهد الدكتور يحيى الجمل، لتضع مبادئ وقواعد حاكمة للدستور الجديد المرتقب ولفرض نوع من الوصاية النخبوية على الإرادة الشعبية المرتقبة من خلال انتخابات مجلسى البرلمان وما يختاران من جمعية تأسيسية.
فلما فشلت هذه المحاولة جاءت المحاولات الأخيرة للدكتور على السلمى، وآخرها المحاولة الراهنة «وقد لا تكون الأخيرة» للالتفاف على الاستفتاء الشعبى القائم وعلى الإعلان الدستورى الصادر متضمنا إياه فى 30 مارس سنة 2011، وللعدول على ما رسم هذان النصان من مخطط ديمقراطى وانتخابى شعبى مطروح، ولفرض وصاية نخبوية لم يثبت لها أدنى تأييد شعبى ظاهر، على إرادة شعبية دستورية متحققة فعلا بعمل استفتائى نزيه شارك فيه أكثر من 18 مليون مصرى، وهو يطمح إلى إجراء انتخابات تكشف عن إرادة شعبية تكون قاعدة تنظيمية مؤسسية لإعداد الدستور الجديد.
●●●
إن آخر ما صدر فى هذا الشأن، هو ما نشرته صحف 2 نوفمبر سنة 2011 وسمته «مسودة إعلان المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة». وقد ذكر مصدرو هذا الإعلان فى ديباجته تأكيدهم على أنه «لا ينبغى بأى حال من الأحوال المصادرة على إرادته «الشعب» بوضع مبادئ فوق دستورية لا تتغير...»، لأنه تكفى إرادة الشعب، ثم هم يقولون «فإننا نعلن المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة وذلك على النحو التالى...» وهى مقدمة تحمل تناقضا ظاهرا، لأن من يعتبر وضع مبادئ فوق الدستورية فيه مصادرة لإرادة الشعب، لا يستتبع ذلك مباشرة بوضع «مبادئ أساسية» دون أن يعتبر ذلك فيه مصادرة لإرادة الشعب.
وعلى أية حال، فإن هذه المبادئ لم تصدر بحسبانها رأى مفكر أو مفكرين معينين يقدمون وجهات نظرهم للرأى العام لتتداول فيما يتداول من آراء، ولكنهم يعتبرونها المبادئ الأساسية للدستور ويقدمها نائب رئيس الوزراء لشئون المسألة الديمقراطية، وتصاغ بحسبانها ما تتراخى عليه «الأحزاب والقوى السياسية» بغير تعيين لها ولا تخصيص، وأنها مبادئ الدولة الحديثة، وحتى طريقة الصياغة اللفظية توحى بأنها أحكام باتة يتعين الأخذ بها بتحديدات وضبط للعبارات لا يكون إلا من ذوى سلطة فى التقرير. وهو ذاته الأمر الذى يتعين أن ينكره القارئ لأنه لا يملك سلطة التقرير فى المبادئ الدستورية إلا الإرادة الشعبية التى تقدم لها مشاريع وثائق من جمعية تأسيسية يختارها المنتخبون فى مجلسى الشعب والشورى المختارون فى انتخابات عامة طبقا لاستفتاء 19 مارس سنة 2011. وأن ادعاء تمثيل الشعب بغير هذا الطريق المرسوم دستوريا غير صحيح، لا من حيث التشكيل المؤسسى الدستورى القائم، ولا من حيث القوة السياسية الشعبية التى تملك تنظيمات لها قدرة على تحريك شعبى واسع وفعال. ويبقى السؤال هائما، من أى مصدر للسلطة المدعاة لبعض النخب أن يقدم صياغات باتة وملزمة فى هذا الشأن، ولا يملك أحد ولا مجموعة فرض وصايتهم على الشعب وحركته ومؤسساته الدستورية.
لقد تضمن «إعلان المبادئ».. هذا جملة من المبادئ الدستورية العامة التى ترد فى كل الدساتير المعتادة كالحريات العامة والخاصة وحرمات الحياة الخاصة والأمن، والكثير منها موجود حتى فى دستور 1971 وكذلك فى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، فهل يتصور واضعو مسودة المبادئ الأساسية الأخير أن الشعب المصرى يمكن أن يغفل عن هذه الأحكام والمبادئ أو أنه يحتاج إلى نخبة خاصة إلى من يعلمه ذلك، والشعب المصرى صاحب تجربة فى وضع الدساتير والمطالبة ببناء مؤسسات ديمقراطية هى من أقدم ما عرفته شعوب الشرق من سبعينيات القرن التاسع عشر. إن مشكلتنا دائما لا ترد من مثل هذه النصوص ولكنها ترد من أساليب بناء الأجهزة السياسية للحكم فى الدساتير من جهة مدى إطلاق السلطات التنفيذية مالكة القوة المادية وعدم تقييدها. وهذا بالضبط ما أطلقته «المسودة» الأخيرة فى بنائها للقوات المسلحة وفى تشكيلها للجمعية التأسيسية كما سيجىء شرحه. ولعل «المسودة» أرادت أن تغطى هذا العيب الظاهر لبناء مؤسسات استبدادية بالحديث عن الحقوق والحريات العامة التى لا ترد خلافات بشأنها.
إن هذه النخبة السياسية التى تضع مثل هذه «المسودات» لها تجارب فصيحة الدلالة على ما تضمره للجموع الشعبية من عدم الثقة فى قدرة هذه الجموع على ممارسة الشأن السياسى، ومن هذه النخبة من تكلم كثيرا فى الأسابيع الأخيرة عن نسبة الجهالة فى الشعب المصرى، وأن الأمية تصل إلى 40٪ منه، وأنه يسيطر عليه التفكير غير العلمى وأنه يقبل الرشاوى يبيع بها صوته الانتخابى، ومن هؤلاء النخب التى تتسمى باسم الليبرالية من وضع «مسودة» لمبادئ دستورية فى مايو سنة 2011 فى مؤتمر حاشد، وحرص على أن يضع فى أسسه الدستورية «النظر فى الأخذ بالتصويت التمييزى على ضوء المستوى التعليمى وربطه بالهدف القومى لمحو الأمية فى المجتمع المصرى فى مرحلة زمنية معينة». بمعنى أنه يجهر بأن يحرم الناخبين المصريين من الحق فى المساواة فى التصويت، بأن يجعل لغير حامل الشهادة التعليمية نصف صوت أو ربع صوت أو يحرمه من التصويت أصلا. وهو يتجاهل بذلك مبدأ قدمت فيه البشرية تضحيات نضالية هائلة لكفالة «الصوت الواحد للشخص الواحد» مطبقا على عموم المواطنين. هكذا فى القرن الحادى والعشرين وُجد من بيننا ليبراليون كبار ومثقفون معترف بهم يرون أن من أسس التنظيم الديمقراطى أن تحرم مصريين من حق التصويت المتساوى مع غيرهم.
وقد لا يكونون عارفين من مطالعاتهم التاريخية أن ما من انتخابات حرة ونزيهة خاضها الشعب المصرى إلا وكانت نتيجتها اختيار الأصلح وطنيا وديمقراطيا للتعبير عن هذه الأمة فى مؤسساتها المنتخبة، وأنه على سبيل المثال، منذ نحو تسع وثمانين سنة فى 1924 خاض شعب مصر بأغلبية لا تكاد تعرف القراءة والكتابة وقتها، ولكنها ذات وعى سياسى وإدراك لمصالحها الوطنية لا يخيب، خاض انتخابات أتت بأكثر من 90٪ من حزب الثورة المعارض للحكومة، ولم يكن حزبا ذا شعارات دينية، وأسقط رئيس الوزارة الذى أجرى الانتخابات أمام أحد الشباب الوطنى الغيور.
ونحن نعرف فى تاريخنا المصرى الحديث ليبراليين سابقين كانوا يسمون أنفسهم «الأحرار الدستوريين» وكانوا من النخب الثقافية والاجتماعية ولكن صلتهم بالشعب وطموحاته الوطنية والاجتماعية ضعيفة، وكانوا هم رأس الحربة دائما فى مواجهة الأغلبية الشعبية ووقفوا ضد الانتخابات النزيهة وحالفوا الملك والانجليز وساهموا فى ضرب البناء الديمقراطى الشعبى لمؤسسات الدولة، وكانوا دائما يبررون صنيعهم بأن الشعب وفيه الأميون لا يستطيع بعد أن يدرك مصالحه، وأطلقوا على الأغلبية الشعبية وصف «طغيان الأغلبية». وكان لفظ أحرار فى اسمهم هو ترجمة للفظ الانجليزى أو الفرنسى لليبراليين. وتشير الآن إلى ما حوته «مسودة إعلان المبادئ الأساسية».
غدا فى الجزء الثاني..
وثيقة «المبادئ الحاكمة» لا هدف لها سوى بقاء حكم «العسكرى» وانفراده بالسلطة
tron�t p��i ��i margin-top: 0px; margin-right: 0px; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; padding-top: 0px; padding-right: 0px; padding-bottom: 0px; padding-left: 0px; color: rgb(0, 0, 0); font-size: 14px; line-height: 20px; font-family: tahoma; font-style: normal; font-variant: normal; font-weight: normal; letter-spacing: normal; orphans: 2; text-align: justify; text-indent: 0px; text-transform: none; white-space: normal; widows: 2; word-spacing: 0px; -webkit-text-size-adjust: auto; -webkit-text-stroke-width: 0px; background-color: rgb(255, 255, 255); "

هذه التشكيلات الحكومية يختارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القابض حتى الآن وإلى مدى غير محدد على زمام الدولة بكل هيئاتها التنفيذية والتشريعية. كما يظهر ذلك أيضا فى تلك التوافقات السياسية التى صدر التعبير عنها فيما عرف باسم «مجلس الحوار الوطنى»، و«مجلس الوفاق الوطنى» الذين كان شكّلهما الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء السابق، ثم فيما عرف من مجالس ولقاءات واجتماعات جرت مع التعديل الوزارى الأخير عن «المبادئ الدستورية»، و«المبادئ الحاكمة للدستور»، وأسس اختيار الجمعية التأسيسية التى تضع الدستور مما جرى ويجرى على عهد الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء الذى خلف سلفه السابق فى ذات اختصاصه.

ونحن لا نعرف ما هو هذا الخيط السرى الذى يربط بين كل هذه الجهود السابقة ويوحدها هذا التوحيد العجيب، رغم صدورها من أشخاص ليسوا من فصيل سياسى واحد فى الماضى أو فى الحاضر. ولكن ما إن يتولى الواحد منهم منصب نائب رئيس الوزراء لشئون السياسة أو الديمقراطية أو نحوهما حتى يقوم بذات العمل ويحاول أن يكمل ما بدأه سلفه. وهو كيفية الالتفاف على الإرادة الشعبية وعدم تمكينها من وضع الدستور الجديد. ونلحظ هذه الصلة الحميمة المتوافقة بين أجهزة الإعلام المقروء والمسموع والمرئى الذى تسيطر عليه جمهرة من رجال الأعمال الذين كونوا ثرواتهم فى العهد البائد قبل ثورة يناير سنة 2011 من خلال علاقاتهم بالسلطة البائدة، نقول هذه الصلة الحميمية المتوافقة بين هذه الأجهزة، وبين هذه السياسات التى يعمل على املائها نواب لرئيس الوزارة متتالين، وبين من يسمون أنفسهم «كافة القوى السياسية» لأحزاب قديمة وجديدة وشخصيات ذات حضور إعلامى واسع الانتشار وكثيف الظهور، وكل ذلك لا يظهر له وجود شعبى منظم أو غير منظم بين جماهير الشعب المصرى فى مجالات عمله ونشاطه الإنتاجى والاجتماعى وهيئات التعليم وتجمعات العاملين والطلبة والموظفين فى المدن والأقاليم. وهذه النخب الفوقية المتوافقة يتكلمون عن الشعب بحسبانه مفهوما ثقافيا أو مفهوما تعبيريا يرد على الألسن والأقلام دون أن يحتوى ولا أن يشير إلى واقع عملى محسوس.

ودليل ذلك أن نحو 95٪ من وسائل الإعلام المقروء والمرئى كانت ضد التعديلات الدستورية التى جرى الاستفتاء عليها فى 19 مارس سنة 2011، وقطعوا بعدم مناسبتها أحزابا وجماعات نخبوية، وجاءت نتيجة الاستفتاء تفيد أن نحو 95٪ من خطاب النخب ومن حملات الإعلام هذه لم تؤثر إلا فى 22٪ من الأصوات، وأن 77.2٪ من الأصوات كانت ضد كل ما جهدوا فى سوقه من الحث عليه من مواقف، وإذا نظرنا إلى الجهد المؤسسى الذى قامت به الإدارة الكنسية لرفض التعديلات الدستورية وحث من تؤثر فيهم إلى الذهاب للتصويت والتصويت بالرفض، وهؤلاء فى تقدير البعض لا يقل عن 10٪ من أصوات الناخبين فى الاستفتاء، فيكون كل ما أثر فيه النخب والإعلام بغير الأثر الكنسى لا يزيد على 12٪ من الأصوات أى حوالى مليونين أو أكثر قليلا.

وعلى أية حال، فقد قرر الشعب المصرى فى استفتاء حر ونزيه وبأغلبية تصل إلى 77.2٪ على عدد محدد من الأحكام الدستورية، أولها أن ثمة فترة انتقالية لا تزيد على سنة واحدة إلا بشهرين أو ثلاثة من مارس سنة 2011 تجرى فيها انتخابات لتشكيل مجلس شعب ومجلس شورى بضمان نزاهة الانتخاب بواسطة الإشراف القضائى الكامل الشامل الملزم، وأن يجرى انتخاب رئيس جمهورية بعد ذلك مباشرة وأن يختار المجلسان النيابيان جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد لمصر خلال مدد لا تزيد على سنة وخمسة عشر يوما من تمام انتخاب المجلسين، وفى ظل مؤسستين تنفيذية وتشريعية منتخبة. وكل ذلك كان من المقدر أن ينتهى بحده الأقصى فى يونيو سنة 2012.

ولكن النخب المتوافقة على معارضة هذا القرار الشعبى استطاعت أن تعتلى منابر الإعلام وأن تستبقى سيطرتها على الغالب الأعم منها لتقترح ما يناهض هذا المخطط، فاقترحوا لصالح الديمقراطية ألا تجرى انتخابات وأن تؤجل، أو أن ينشأ مجلس رئاسة مدنى «وهو غير منتخب» أو يستمر المجلس العسكرى حاكما مددا أطول، أو أن تشكل لجنة لإعداد الدستور أولا قبل الانتخابات «أى لا تكون منتخبة»، أو أن يختار بالانتخاب رئيس جمهورية قبل انتخاب البرلمان، مما يجعله جامعا للسلطتين التنفيذية والتشريعية بموجب عدم إتمام تشكيل البرلمان «وهو وضع حسنى مبارك السابق»، وكانت كل هذه الاقتراحات تتجاهل أن استفتاء شعبيا تم وأن إرادة سياسية شعبية تقررت، وأنه لابد من الانصياع لها، وأن أى إجراء مخالف لهذه الإرادة الشعبية محكوم عليه بعدم الشرعية الدستورية والشعبية والثورية، لأن الاستفتاء كان شعبيا ودستوريا وثوريا بعد 25 يناير وبموجب الثورة. ولأن هذه النخب لا تستطيع أن تكون حراكا شعبيا باستفتاء جديد يعدل من نتيجة الاستفتاء القائم، فإن كل هذه المقترحات لم تجد إمكانية تحقق، إلا أنها أثارت من البلبلة والنزاع ما أثارت.

جاءت بعد ذلك فكرة تجميع هذه النخب أو من يعبر عنهم فى اجتماعات سميت بالحوار الوطنى وبالوفاق الوطنى على عهد الدكتور يحيى الجمل، لتضع مبادئ وقواعد حاكمة للدستور الجديد المرتقب ولفرض نوع من الوصاية النخبوية على الإرادة الشعبية المرتقبة من خلال انتخابات مجلسى البرلمان وما يختاران من جمعية تأسيسية.

فلما فشلت هذه المحاولة جاءت المحاولات الأخيرة للدكتور على السلمى، وآخرها المحاولة الراهنة «وقد لا تكون الأخيرة» للالتفاف على الاستفتاء الشعبى القائم وعلى الإعلان الدستورى الصادر متضمنا إياه فى 30 مارس سنة 2011، وللعدول على ما رسم هذان النصان من مخطط ديمقراطى وانتخابى شعبى مطروح، ولفرض وصاية نخبوية لم يثبت لها أدنى تأييد شعبى ظاهر، على إرادة شعبية دستورية متحققة فعلا بعمل استفتائى نزيه شارك فيه أكثر من 18 مليون مصرى، وهو يطمح إلى إجراء انتخابات تكشف عن إرادة شعبية تكون قاعدة تنظيمية مؤسسية لإعداد الدستور الجديد.

●●●

إن آخر ما صدر فى هذا الشأن، هو ما نشرته صحف 2 نوفمبر سنة 2011 وسمته «مسودة إعلان المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة». وقد ذكر مصدرو هذا الإعلان فى ديباجته تأكيدهم على أنه «لا ينبغى بأى حال من الأحوال المصادرة على إرادته «الشعب» بوضع مبادئ فوق دستورية لا تتغير...»، لأنه تكفى إرادة الشعب، ثم هم يقولون «فإننا نعلن المبادئ الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة وذلك على النحو التالى...» وهى مقدمة تحمل تناقضا ظاهرا، لأن من يعتبر وضع مبادئ فوق الدستورية فيه مصادرة لإرادة الشعب، لا يستتبع ذلك مباشرة بوضع «مبادئ أساسية» دون أن يعتبر ذلك فيه مصادرة لإرادة الشعب.

وعلى أية حال، فإن هذه المبادئ لم تصدر بحسبانها رأى مفكر أو مفكرين معينين يقدمون وجهات نظرهم للرأى العام لتتداول فيما يتداول من آراء، ولكنهم يعتبرونها المبادئ الأساسية للدستور ويقدمها نائب رئيس الوزراء لشئون المسألة الديمقراطية، وتصاغ بحسبانها ما تتراخى عليه «الأحزاب والقوى السياسية» بغير تعيين لها ولا تخصيص، وأنها مبادئ الدولة الحديثة، وحتى طريقة الصياغة اللفظية توحى بأنها أحكام باتة يتعين الأخذ بها بتحديدات وضبط للعبارات لا يكون إلا من ذوى سلطة فى التقرير. وهو ذاته الأمر الذى يتعين أن ينكره القارئ لأنه لا يملك سلطة التقرير فى المبادئ الدستورية إلا الإرادة الشعبية التى تقدم لها مشاريع وثائق من جمعية تأسيسية يختارها المنتخبون فى مجلسى الشعب والشورى المختارون فى انتخابات عامة طبقا لاستفتاء 19 مارس سنة 2011. وأن ادعاء تمثيل الشعب بغير هذا الطريق المرسوم دستوريا غير صحيح، لا من حيث التشكيل المؤسسى الدستورى القائم، ولا من حيث القوة السياسية الشعبية التى تملك تنظيمات لها قدرة على تحريك شعبى واسع وفعال. ويبقى السؤال هائما، من أى مصدر للسلطة المدعاة لبعض النخب أن يقدم صياغات باتة وملزمة فى هذا الشأن، ولا يملك أحد ولا مجموعة فرض وصايتهم على الشعب وحركته ومؤسساته الدستورية.

لقد تضمن «إعلان المبادئ».. هذا جملة من المبادئ الدستورية العامة التى ترد فى كل الدساتير المعتادة كالحريات العامة والخاصة وحرمات الحياة الخاصة والأمن، والكثير منها موجود حتى فى دستور 1971 وكذلك فى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، فهل يتصور واضعو مسودة المبادئ الأساسية الأخير أن الشعب المصرى يمكن أن يغفل عن هذه الأحكام والمبادئ أو أنه يحتاج إلى نخبة خاصة إلى من يعلمه ذلك، والشعب المصرى صاحب تجربة فى وضع الدساتير والمطالبة ببناء مؤسسات ديمقراطية هى من أقدم ما عرفته شعوب الشرق من سبعينيات القرن التاسع عشر. إن مشكلتنا دائما لا ترد من مثل هذه النصوص ولكنها ترد من أساليب بناء الأجهزة السياسية للحكم فى الدساتير من جهة مدى إطلاق السلطات التنفيذية مالكة القوة المادية وعدم تقييدها. وهذا بالضبط ما أطلقته «المسودة» الأخيرة فى بنائها للقوات المسلحة وفى تشكيلها للجمعية التأسيسية كما سيجىء شرحه. ولعل «المسودة» أرادت أن تغطى هذا العيب الظاهر لبناء مؤسسات استبدادية بالحديث عن الحقوق والحريات العامة التى لا ترد خلافات بشأنها.

إن هذه النخبة السياسية التى تضع مثل هذه «المسودات» لها تجارب فصيحة الدلالة على ما تضمره للجموع الشعبية من عدم الثقة فى قدرة هذه الجموع على ممارسة الشأن السياسى، ومن هذه النخبة من تكلم كثيرا فى الأسابيع الأخيرة عن نسبة الجهالة فى الشعب المصرى، وأن الأمية تصل إلى 40٪ منه، وأنه يسيطر عليه التفكير غير العلمى وأنه يقبل الرشاوى يبيع بها صوته الانتخابى، ومن هؤلاء النخب التى تتسمى باسم الليبرالية من وضع «مسودة» لمبادئ دستورية فى مايو سنة 2011 فى مؤتمر حاشد، وحرص على أن يضع فى أسسه الدستورية «النظر فى الأخذ بالتصويت التمييزى على ضوء المستوى التعليمى وربطه بالهدف القومى لمحو الأمية فى المجتمع المصرى فى مرحلة زمنية معينة». بمعنى أنه يجهر بأن يحرم الناخبين المصريين من الحق فى المساواة فى التصويت، بأن يجعل لغير حامل الشهادة التعليمية نصف صوت أو ربع صوت أو يحرمه من التصويت أصلا. وهو يتجاهل بذلك مبدأ قدمت فيه البشرية تضحيات نضالية هائلة لكفالة «الصوت الواحد للشخص الواحد» مطبقا على عموم المواطنين. هكذا فى القرن الحادى والعشرين وُجد من بيننا ليبراليون كبار ومثقفون معترف بهم يرون أن من أسس التنظيم الديمقراطى أن تحرم مصريين من حق التصويت المتساوى مع غيرهم.

وقد لا يكونون عارفين من مطالعاتهم التاريخية أن ما من انتخابات حرة ونزيهة خاضها الشعب المصرى إلا وكانت نتيجتها اختيار الأصلح وطنيا وديمقراطيا للتعبير عن هذه الأمة فى مؤسساتها المنتخبة، وأنه على سبيل المثال، منذ نحو تسع وثمانين سنة فى 1924 خاض شعب مصر بأغلبية لا تكاد تعرف القراءة والكتابة وقتها، ولكنها ذات وعى سياسى وإدراك لمصالحها الوطنية لا يخيب، خاض انتخابات أتت بأكثر من 90٪ من حزب الثورة المعارض للحكومة، ولم يكن حزبا ذا شعارات دينية، وأسقط رئيس الوزارة الذى أجرى الانتخابات أمام أحد الشباب الوطنى الغيور.

ونحن نعرف فى تاريخنا المصرى الحديث ليبراليين سابقين كانوا يسمون أنفسهم «الأحرار الدستوريين» وكانوا من النخب الثقافية والاجتماعية ولكن صلتهم بالشعب وطموحاته الوطنية والاجتماعية ضعيفة، وكانوا هم رأس الحربة دائما فى مواجهة الأغلبية الشعبية ووقفوا ضد الانتخابات النزيهة وحالفوا الملك والانجليز وساهموا فى ضرب البناء الديمقراطى الشعبى لمؤسسات الدولة، وكانوا دائما يبررون صنيعهم بأن الشعب وفيه الأميون لا يستطيع بعد أن يدرك مصالحه، وأطلقوا على الأغلبية الشعبية وصف «طغيان الأغلبية». وكان لفظ أحرار فى اسمهم هو ترجمة للفظ الانجليزى أو الفرنسى لليبراليين. وتشير الآن إلى ما حوته «مسودة إعلان المبادئ الأساسية».

غدا فى الجزء الثاني..وثيقة «المبادئ الحاكمة» لا هدف لها سوى بقاء حكم «العسكرى» وانفراده بالسلطة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.