قالوا نابليون جاء بالمطبعة والصين اخترعتها في القرن 11 2000 كلمة في اللغة الفرنسية من أصل عربي قوانين نابليون منقولة من فقه مالك السائد بالأندلس دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (28) بقلم: مجدى حسين (هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا بإذن الله..) في إطارنا التحليلي عن الغزو الفرنسي لمصر المعروف بالحملة الفرنسية ( 1798م – 1801 م ) تبقي لنا نقطة واحدة جوهرية ومهمة وهي مرتبطة بحالة الهوس التي ماتزال موجودة حتي الآن بين بعض نخبتنا عن الجوانب الإيجابية للحملة الفرنسية ! والتي ماتزال مستمرة بمناسبة أكذوبة " العولمة " . وقفة أمام حكاية التنوير الفرنسي من المهم أن نقف أمام التخرصات التي يقولها البعض حول الدور التنويري للحملة الفرنسية لبعض نخبتنا ,ومن ذلك الفيلم السينمائي الذي أخرجه يوسف شاهين بعنوان (وداعاً بونابرت ) , وأهمية ذلك أننا لانزال نتعرض لموجات من الغزو الغربي من الطبعة الأمريكية حيث يردد البعض أن أمريكا تحمل إلينا ( الديمقراطية) وحقوق الإنسان والتكنولوجيا , كما حمل لنا بونابرت المطبعة والعلماء والكيمياء والتنوير! الواقع أن الدول الإستعمارية تنشئ أجهزة خاصة لدراسة المستعمرات بهدف دراسة كيفية السيطرة عليها , وإكتشاف الثروات التي يتعين سلبها ونهبها , وان هذه الدراسات تبدأ عادة قبل وصول القوات المسلحة للاحتلال , حتي تأتي هذه القوات علي نور ! وفي فرنسا علي سبيل المثال تم إنشاء فرع للبحث العلمي بعنوان ( سوسيولوجيا الاسلام ) أو علم اجتماع الإسلام , قبل احتلال الدول الاسلامية , وقام بذلك فرع داخل الجيش الفرنسي وهو ما سمي مكتب ضباط المكاتب الأهلية ( بيرو آراب ) بالتعاون مع الهواة المدنيين والأكاديميين الفرنسيين , أي كل العمل تحت إشراف الجيش الفرنسي . وكثيراً ماصدعنا بعض المثقفين بأهمية موسوعة (وصف مصر) التي أنتجها العلماء الفرنسيون المصاحبون للجيش الفرنسي الغازي . ولم يكن الهدف منها إلا – كما ذكرنا – 1- معرفة وسائل السيطرة علي المجتمع المصري 2- اكتشاف الثروات التي يريدون نهبها . وقد سمعنا ورأينا كتباً لمن يسمون الرحالة الغربيين الذين يزورون بلادنا ويكتبون عنها وماهؤلاء إلا جواسيس لجمع المعلومات قبل وصول الجيوش الغازية . وهكذا قام لورانس الانجليزي بدور الرحالة وعالم الآثار قبل أن يقوم بدور الجاسوس المباشر فيما عرف بالثورة العربية . أما بالنسبة لفرنسا فقد أرسلت قبل إنتاج وصف مصر خلال الحملة الفرنسية في مصر , أرسلت رحلة إستكشافية حيث قام من يسمي قسطنطين فرانسوا فولني شاسبوف برحلة إلي مصر وسوريا وألف كتاباً بهذا الإسم عام 1787 م أي قبل الغزو بإحدي عشر عاماً وكان دراسة تمهيدية لكتاب وصف مصر . ولعب هذا الرحالة دوراً خفياً في التخطيط لحملة نابليون . بل قام نابليون بتوزيع نسخ من كتاب رحلات فولني للإداريين والعلماء المدنيين المشاركين في الحملة معه . ولم يكن كتاب وصف مصر إلا أول عمل للخريطة الجغرافية والجيولوجية والعلمية للمجال الذي تريد الامبريالية الفرنسية العمل به {فرنسا وسوسيولوجيا الاسلام 1798 م - 1962 م – أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا – إدموندبورك } . وهذا كان هو منهج فرنسا في كل البلاد التي تستهدف استعمارها , وصاحبت الرحلات الإستكشافية إلي اليونان وحدات من الجنود الفرنسيين 1829 م , وإلي الجزائر عام 1839 م في إطار بحوث لإكتشاف العالم المتوسطي ( نسبة إلي البحر المتوسط ) وكما حدث في مصر فقد تم إصدار مؤلف ضخم عن الإكتشاف العلمي في الجزائر (37 جزءاً ) ! عام 1844م وتم إصدار أربعة أجزاء من وثائق من أجل دراسة الشمال العربي الإفريقي عام 1892 م – وصدرت المحفوظات المغربية في 33 جزء عام 1904 م وهو عام السيطرة علي المغرب الأقصي (مراكش ) . وصدرت العديد من المنشورات الكولونيالية الفرنسية والمجلات والكتب المتخصصة في شئون المستعمرات وتخصصت العديد من المؤسسات التعليمية الشهيرة في هذا العمل الإستعماري مثل الكوليج دي فرانس . وتأسست مراكز بحثية فرنسية خاصة في القاهرةودمشق والرباط وداكار . وكذلك فعلت بريطانيا وهولندا في مجال مستعمراتهما . أما الدرس الذي يجب أن نتعلم منه في بلادنا . فكيف كانت سلطات الدولة الفرنسية تستفيد وتستغل النخبة المثقفة المستقلة في بلادها . وكانت فرنسا تشهد حركة سميت بالاشتراكية المثالية أو الخيالية , وهي حركة سان سيمون , وهي تؤمن بتحقيق الاشتراكية أي العدالة الإجتماعية بدون عنف وثورات الماركسية . وكانت تحاول تأسيس مجتمعات مثالية ( المدينة الفاضلة ) في جزر أو أماكن منعزلة بدون أي تنازع مع السلطات . وقد قامت السلطات الفرنسية باستيعاب هذه الحركة بدلاً من قمعها واستعانت بها في عمل دراسات عن المستعمرات , كما ساهمت في وضع مشروع شق قناة السويس . كذلك عندما تراجعت الثورة الفرنسية عن مسألة العداء للكنيسة , أخذت تستفيد منها في التوسع الاستعماري خاصة في افريقيا من خلال عمليات التبشير لنشر المسيحية في مواجهة التوسع في نشر الدين الاسلامي فبدلاً من قمع التيارات الدينية المسيحية في فرنسا علي ضوء مبادئ الثورة الفرنسية المعادية للكنيسة رأت السلطات الفرنسية – بعد حين – أن توظف الكنيسة ورجال الدين والتيار الديني المسيحي في عمل تبشيري كقوة إستطلاعية تسبق الجيوش , ثم قوة مصاحبة بعد الاحتلال لنشر المسيحية الكاثوليكية في المستعمرات الفرنسية خاصة في افريقيا حيث لاتزال كثير من القبائل علي الوثنية , وربما يكونان " فريسة " سهلة – من وجهة نظرهم – للدين الاسلامي , وهذا صحيح فإن الاسلام ينتشر بسهولة ويسر في افريقيا بقدر توفر الدعاة أو حتي مجرد تجار مسلمين أتقياء . وأذكر أنني كتبت حول هذا المعني في التسعينيات من القرن الماضي بجريدة الشعب . وكانت سلسلة من المقالات حول ضرورة الانتشار وزيادة التأثير في القارة الافريقية , وكان هذا قبل كارثة سد النهضة بفترة طويلة . ولكن فكرة بناء سدود علي النيل الأزرق بأثيوبيا فكرة قديمة منذ الستينيات من القرن الماضي ( العشرين ) في عهد عبد الناصر , وكانت هناك خطة منشورة حول بناء قرابة 24 سد بتمويل من البنك الدولي للتحكم في كمية المياه المتجهة لمصر كوسيلة للتهديد , بالاضافة للضغط علي مصر لتمرير بعض مياه النيل الي اسرائيل وسنأتي ذلك بالتفصيل . ولم يكن مقصدي الاقتصار علي مسألة نهر النيل رغم أهميتها , ولكن لأن عمق مصالحنا عموماً مرتبط بهذه القارة السمراء التي نحن جزء منها بل هي فعلاً عمقنا الاستراتيجي . وقلت للسلطات المصرية بدلاً من معاداة التيار الاسلامي لماذا لايستفاد منه في توسيع النفوذ المصري في أفريقيا السلطات فيما يمكن أن يجمعها مع التيار الاسلامي . وأذكر أن أحد ممثلي الأجهزة السيادية ( ربما المخابرات العامة ) قد اتصل بي وقدم التحية لهذا الموقف , وأذكر أنه قال لي لقد حفظت كل ماكتبته في هذه السلسلة من المقالات ويمكن أن أعيده عليك ! ولكن من المؤسف ان ماطالبت به في هذه المقالات وما كتبته من خطة تفصيلية لم يجد أي استجابة عملية كما أثبتت كارثة سد النهضة . وقدد كررت مضمون هذا الموقف باختصار في اللقاء الشهير للرئيس السابق مرسي بمناسبة مشروع سد النهضة , ولكن باسم يوسف شوه كل ماقلته من خلال القص واللزق في برنامجه الساخر , ونسب لي مالم أقله اصلاً . وربما اصل الي هذه القضية في هذه الدراسة اذا سمح الوقت وسمحت الظروف بالوصول الي العام الحالي ( هذه الدراسة مكتوبة خلال شهور 2012 و2013 والنصف الأول من عام 2014 ) نعود الي الدراسات الأكاديمية الفرنسية حول المستعمرات المستهدفة والفعلية لفرنسا في بلاد المغرب العربي : تونس – الجزائر – المغرب: اهتمت الدراسات الفرنسية بصورة خاصة بمسألة القبائل أو البربر بهدف البحث عن الأساليب الناجعة في دق الأسافين بين البربر والعرب , وباعتبار ذلك من أهم مداخل ( فرق تسد ) في هذه البلدان , لأن هذه الشعوب كلها مسلمة علي المذهب السني , بل والمذهب المالكي تحديداً , ولاتوجد أقليات دينية أو مذهبية أخري , اللهم إلا بعض الأباضية في الجزائر وهي نسبة غير مؤثرة . والمهم أن فرنسا والغرب لايزالان رغم إنهاء الإحتلال العسكري في هذه البلدان الثلاثة يستخدمون قضية البربر أو الأمازيغية , والحقيقة أن الأمازيغية هي لغة البربر , ولكن لأنهم يكرهون هذا التعبير أصبح يطلق عليهم الأمازيغ ونحن سنلتزم بهذا من الآن وصاعداً ولكن كان لابد من التوضيح لأن كتب التاريخ لاتتحدث إلا عن البربر وهي مسألة أصبحت عرقية لأن الجميع دخل الإسلام منذ زمن وبنسبة 100% . كذلك هناك اهتمام خاص في الدراسات الفرنسية حول الصوفية , أيضاً من منطلق (اعرف عدوك ) وقد تراجعت الدراسات الفرنسية عن الاهتمام بالاسلام بعد عام 1871 م بعد إخماد آخر ثورة كبري مسلحة في بداية غزو الجزائر , وهي حركة قادها عبد القادر الجزائري (1830 -1871 م ) ولكن كان هذا التراجع مؤقتاً , فبعد الصحوة الإسلامية المعاصرة منذ السبعينيات من القرن العشرين وفرنسا وبلدان الغرب مشغولون بتأسيس مراكز بحث حول الإسلام والمسلمين أيضاً بدأت الأغراض القديمة ( اعرف عدوك – الأساليب المناسبة للفرقة ..الخ – الثروات التي يتعين نهبها ) . وكان قد حدث تراجع آخر عن الاهتمام بالمجتمعات الإسلامية بعد سقوط الدولة العثمانية, وتحولت الأبحاث السوسيولوجية الفرنسية إلي المستوي الوطني فبدأ تأسيس معهد فرنسي في دمشق لدراسة أوضاع سوريا - وآخر علي مستوي مصر لدراسة الأوضاع المصرية .. وهكذا وهي بحوث تستهدف في النهاية التوصل إلي أفضل وسائل السيطرة . والحقيقة فإن الدراسات " الاسلامية " الفرنسية توصلت لنتائج مهمة عديدة في الإطار الإستراتيجي . فقد تنبأت بصورة مبكرة – وقبل ظهور تنظيم القاعدة بفترة طويلة – باحتمال نشوء حركات إسلامية مجاهدة عابرة للحدود! كذلك اهتمت الدراسات الفرنسية عن المجتمعات الإسلامية بالتسلسل الزمني للسلالات الحاكمة والتوصل إلي رسوم دقيقة لشجرة الأنساب في كل بلد. وكذلك القوانين الدقيقة للملكية خاصة الملكية العراقية باعتبارها خزينة اجتماعية أساسية وقد كان كبار المستشرقين الفرنسيين من أهم معاوني المشروع الإستعماري الفرنسي .ومن أشهرهم جاك بيرك الذي ترجم معاني القرآن الكريم للفرنسية ولكنه لم يكن أميناً في هذه الترجمة كما برهن أكاديميون مصريون متخصصون في اللغة الفرنسية والحضارة الفرنسية . ومع ذلك ينسب لجاك بيرك قول يجمع بين تقدير القرآن والحقد علي المسلمين وجاء فيه (الحمد لله أن المسلمين لم يعرفوا دينهم حق المعرفة وإلا لسادوا الدنيا بالعلم والعمل والمعرفة والقيم الانسانية ) ! والقي فيكتور هوجو الأديب الفرنسي الشهير محاضرة أعلن فيها تأييده لمساهمة الكنيسة في التوسع الاستعماري الفرنسي . نعود إلي مصر وحملة نابليون , والتي كانت تستهدف إقامة إمبراطورية فرنسية في الشرق حتي أطلقوا علي القوات المصاحبة لنابليون اسم ( جيش الشرق ) . احتلال مصر كان فكرة تلح علي الفرنسيين منذ العصور الوسطي ( أي قبل الثورة الفرنسية ) أي منذ الحملات الصليبية حيث حاول الفرنسيون غزو مصر مرتين خلال الحملة الصليبية الخامسة ثم الحملة الصليبية السابعة وقد أشرنا لذلك أيام الأيوبيين حيث تم اسر ملك فرنسا لويس التاسع في الأخيرة . نحن اذاً لسنا أمام أفكار طارئة لنابليون بل هو لم يكن حاكماً لفرنسا بعد حين جاء الي مصر . نحن أمام إعداد مؤسس استراتيجي عبر السنين والقرون! أي من القرن 13 حتي اواخر القرن18 . كان القنصل الفرنسي أشبه بالجاسوس أو هكذا هي مهمة العمل الدبلوماسي الغربي عادة , وفي 9 فبراير 1798 م رفع تقريراً الي وزارة الخارجية الفرنسية يشرح تدهور الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في مصر ويري أن اللحظة مناسبة تماماً للغزو والاحتلال والاستيلاء علي مصر . وتلا هذا التقرير , تقرير أكثر شمولاً من تاليران وزير الخارجية الفرنسي للحكومة الفرنسية يشرح فيه العلاقات التاريخية والقديمة بين مصر وفرنسا, ويضع خطة متكاملة للغزو , وتقرير تاليران هذا هو الذي نصح بضرورة إبداء الجيش الفرنسي الغازي أقصي الإحترام لتقاليد الشعب المصري وعاداته ومعتقداته , ونصح بإظهار التبجيل والاحترام الواجب بشكل خاص للعلماء ( علماء الدين ) نظراً لاحترام الشعب الكبير لهم . مع الأسف بعض حكام المسلمين لايفهمون ذلك وأيضاً بعض العلماء لايفهمون قيمة أنفسهم . ولكن الأيام برهنت علي صدق تقديرات تاليران ولكن رغم كل مافعله نابليون فإنه لم يستطع خداع المصريين. في 12 ابريل 1798 م ( نفس عام الغزو ) صدر قرار حكومي بتجهيز جيش الشرق لغزو مصر وجاء في القرار ان الهدف هو عقاب المماليك الذين اساءوا معاملة الفرنسيين في مصر واعتدوا علي ارواحهم وممتلكاتهم . وان الهدف من الحملة يتضمن أيضاً البحث عن طريق تجاري آخر لآسيا بعد سيطرة الانجليز علي رأس الرجاء الصالح ( باحتلال جنوب افريقيا ) والتضييق علي السفن التجارية الفرنسية . وان الهدف الثالث هو القضاء علي النفوذ الانجليزي تماماً في البحر الأحمر وعموم الشرق , وان الهدف الرابع هو (ماذكرناه ) تنفيذ مشروع شق قناة بين البحرين الأحمر والمتوسط . لقد أشرت لكل هذه الأهداف من قبل من باب التحليل , وقبل أن أطلع علي نص هذا القرار الحكومي الفرنسي الذي صدر في ابريل 1798 م . ولكنني أعيده في سياق آخر , لأن كثرة الحديث عن حملة نابليون وما حمله معه من علماء ومطبعة يوحي الي القارئ غير الملم وكأننا أمام حملة كشافة !! أوبعثة علمية ! لاتستهدف الغزو والاحتلال ! في 19 مايو 1798 م خرج أسطول مهيب من ميناء تولوز الفرنسي يضم 300 سفينة تحمل 35 ألف جندي ومقاتل بمعداتهم الثقيلة +55 سفينة للحراسة , وكان مع هذه الجحافل نفر قليل من العلماء لبحث وسائل السيطرة علي مصر وحسن استغلال ثرواتها وليس للنهضة بشعب مصر كي يلحق بالحضارة . وهذا التلاقح العنيف بين الأمم أو الحضارات لابد أن يؤدي لفهم أسباب تقدم الغزاة , ويمكن أن يؤدي إلي نقل الفكر التكنولوجي وليس التكنولوجيا نفسها لأن الأمم الأكثر تقدماً لاتعطي أسرار تقدمها للدول الأقل تقدماً . بل هو يحمل معه الحد الأدني الذي يحتاجه لعملية الاستغلال الاقتصادي للأمة المغلوبة , بالإضافة لما يحمله من أدوات الحرب لإخضاع الأمة المغلوبة دون أن يعلمها كيف تصنع السلاح المتطور ! كما سنري كيف أدخل الانجليز خطوط السكك الحديدية في مصر والهند . ومن الممكن لشخص أبله أن يفرح بذلك علي أساس أن الإنجليز علمونا شيئاً متقدماً , والحقيقة فقد كانوا يريدون السكة الحديد ل 3 أسباب : 1- السيطرة الأمنية السريعة حتي يمكن نقل القوات سريعاً لإخماد أي تمرد . 2- نقل البضائع المصرية المطلوب تصديرها لبريطانيا من الموانئ كالقطن مثلاً 3- نقل البضائع من الأسكندرية للسويس ثم للهند وآسيا , قبل شق قناة السويس . وبالإضافة لكل ذلك فهو لا يعلمك كيف تصنع قطارات ومركبات السكة الحديد إنما يصدرها لك وأنت مجرد مستهلك . وفي المقابل يمكن للمبعوثين ( كما فعل محمد علي بعد ذلك ) أن يذهبوا لأوروبا التي تقدمت علينا علمياً وتكنولوجياً ويتعلموا هناك مافاتنا وينقلوا هذا العلم بدون احتلال . وهذا مافعله اليابان والصين مثلاً. كان مع نابليون حفنة من العلماء أسس بهم لجنة العلوم والفنون لتحقيق أغراض الحملة العسكرية ثم أسس بهم المعهد أو المجمع العلمي المصري (الذي احترق في ثورة يناير المجيدة والذي صدر عنه موسوعة وصف مصر (24 مجلد ) . وهذا من ضرورات استغلال ثروات مصر . ولم يكن لأغراض علمية أو بحثية مجردة والا كان يمكن أن يتم ذلك بدون ارسال اساطيل . وأنا لا أنكر أن الغرب قد سبقنا وأنه لابد من التعلم منه في الأمور المادية والإدارية, ولكن هناك الف وسيلة ووسيلة دون الإحتلال . لأن الاحتلال يحولنا إلي عبيد , والعبيد لايمكن أن ينهضوا ولايسعي السيد لأن ينهضوا . حكاية المطبعة ! كثيراً مايصيبني الاستفزاز ويأخذ مني مبلغه عندما يردد بعض المثقفين , ( وقد حمل نابليون معه المطبعة ) , هل كان لابد أن ننحني أمام نابليون لأنه حمل معه مطبعة . نحن أمام حالة من الجهل المركب , واستعذاب العبودية للغرب , والبحث عن أسباب وهمية للانبهار والتبعية البلهاء ! لماذا جهل مركب ؟ أي أن له أبعاداً مركبة . فنابليون جاء في الأيام الأخيرة للقرن الثامن عشر أي يمكن أن نقول في القرن التاسع عشر لأن الحملة ارتدت علي أعقابها في 1801 م . والمثقف سمي كذلك لأنه يدري علي الأقل بالحد الأدني من المعلومات . من الحقائق المسلم بها أن الصينيين اخترعوا الطباعة في القرن الحادي عشر الميلادي ! أي قبل فرنسا ب 8 قرون , والأغلب ان هذه التكنولوجيا وصلت لأوروبا عبر طريق الحرير الشهير ! وقد انتقلت هذه التكنولوجيا إلي كوريا . لايدري كثيرون ممن ينبهر بالقفزة الكورية الحالية ان لها جذوراً تاريخية قديمة . فقد عرف الكوريون الطباعة بالأحرف المعدنية المنفصلة عام 1234 م أي قبل ظهور مطبعة جوتنبرج إلي النور عام 1455 م . ومن ضمن تبعيتنا العقلية والفكرية نردد بمنتهي الجهل ان جوتنبرج هو مخترع المطبعة . وقد انتقلت اللغة والكتابة الصينية إلي كوريا في نهاية القرن الرابع الميلادي مع انتقال الديانة الجديدة (البوذية ) ومن هنا يعتقد أن الكوريين تعلموا فن الطباعة من الصينيين ولكن كوريا سبقت الصين في الطباعة بالقوالب الخشبية حيث بدأت في طباعة الكتب البوذية في 607 م ثم استخدموا الحروف المعدنية المنفصلة في القرن الثالث عشر . ولماذا أقول كوريا ؟ فربما هذه معلومة مخفية في بطون الكتب . ليس الأمر كذلك فاليونسكو وهي منظمة الثقافة التابعة للأمم المتحدة التي لانتذكرها إلا أيام الإنتخابات , قد قررت جائزة باسم ( جيكجي ) وهذا اسم أقدم كتاب مطبوع بالأحرف المعدنية المنفصلة عام 1377 م أي قبل ظهور أول كتاب لجوتنبرج بحوالي 87 عاماً , وهو محفوظ بالمناسبة في ( المكتبة الوطنية الفرنسية ) أي في فرنسا !! وهو كتاب ديني . وجائزة ( جيكجي ) قيمتها 30 ألف دولار ( لمن يريد الإستفادة !! ) تقدم مرة كل عامين في مجال توثيق التراث ومنحت 5 مرات حتي الآن . والباحثون لايستبعدون أن تكون هذه التقنية وصلت عبر طريق الحرير الي القسطنطينية ثم اوروبا الغربية . سيقول احدهم ولكننا كنا في غفلة ولانتصل بالصين أو كوريا ونابليون هو الذي حملها لنا . مرة اخري المطبعة ليست سراً استراتيجياً ويمكن ارسال بعثة لأوروبا لبحث امكانية نقلها أو تصنيعها ولاداعي لكي نضحي باستقلالنا الوطني لكي نكحل أعيننا بمطبعة نابليون . وقد فعل محمد علي ذلك ( مطبعة بولاق ) ولكن دعونا نتفحص مطبعة نابليون ! ربما كانت هي المطبعة الوحيدة في باريس بحروف عربية , وقد حملها معه ليس من أجل التنوير ولكن كعدة " للنصب " أي لإصدار بيانات خادعة باللغة العربية . كنت قد تحدثت لكم عن ادعاء نابليون بأنه اسلم , ويمكن أن تقرأوا نص البيان الأول الذي أصدره فور وصوله لمصر من خلال هذه المطبعة وكان مرافقوا نابليون قد روجوا في مصر أن اسمه ( الجنرال علي ) ! النص :- بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلاالله وحده لاشريك له في ملكه أيها المشايخ والأئمة : قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون , واثبات ذلك أنهم حين دخلوا روما خربوا كرسي البابا الذي كان يحث النصاري علي محاربة الإسلام , وطردوا من جزيرة مالطة فرسان القديس يوحنا الذين يزعمون أن الله يطلب منهم مقاتلة المسلمين . الفرنساوية في كل وقت من الأوقات محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني أطال الله ملكه وإجلال سلطانه واجلال العسكر الفرنساوية .لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية . 3يوليو 1798 م نحن لسنا أعداء لأي أمة أو شعب أو قومية إلا أن يعتدي علينا . والذين يخالفوننا في العقيدة لانتعالي عليهم ولا نقبل ان يستعبدونا , ويمكن أن يكون بيننا العهد والاحترام المتبادل (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) . ومن دواعي العزة أن يعرف مثقفونا أن الفين (2000) كلمة في اللغة الفرنسية من أصل عربي . ومن دواعي العزة أن نذكر الفرنسيين بأننا نحترم قائدهم الراحل شارل ديجول الذي اتخذ معنا مواقف رجولية ونزيهة . ومن دواعي العزة أن يعرف المسلمون أن قوانين نابليون التي نقلناها هي اصلاً ( في العديد منها ) منقولة من الفقه المالكي الذي كان سائداً في الأندلس, خاصة القانون المدني ! اقرأ أيضًا : ·المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (1) الحلقة 1 ·دراسة المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- الحلقة (2) الحلقة 2 ·آدم يمني..نوح عراقي..أيوب مصري..إلياس فلسطيني الحلقة 3 ·نوح عاش في المستطيل.. دلائل قرآنية إضافية الحلقة 4 ·لماذا مصر في رباط إلى يوم الدين؟ الحلقة 5 ·مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن الحلقة 6 ·بعثة محمد (ص) وضعت الشرق الأوسط في البؤرة الحلقة 7 ·هنا.. يجري استعداد أمريكا واليهود لمعركة نهاية العالم الحلقة 8 انجيل أمريكا: مصر والشرق الأوسط أساس السيطرة على العالم الحلقة 9 رسول الله لم يسع إلى إقامة دولة اسلامية بالحبشة الحلقة 10 البابا يدعو لتحرير القدس من قبضة المسلمين الأنجاس الحلقة 11 الفاطميون يندفعون كالاعصار من طنجة إلى مكة الحلقة 12 صلاح الدين يغلق مضائق تيران ويحمي قبر الرسول الحلقة 13 لماذا أقسم الله بالشام ومصر ومكة في سورة التين؟ الحلقة 14 المغول اجتاحوا آسيا وأوروبا وروسيا والمشرق..وهزمتهم مصر! الحلقة 15 قطز ذبح سفراء هولاكو وعلقهم على أبواب القاهرة الحلقة 16 البابا يدعو البرتغال ل (إطفاء شعلة شيعة محمد) الحلقة17 البرتغال: هدفنا الاستيلاء على رفات "محمد" لنبادلها بالقدس الحلقة 18 كريستوفر كولمبس مكتشف أمريكا كان مجرد نصاب عالمي! الحلقة 19 صدق أو لا تصدق: اللبنانيون أقاموا دولة عظمى متوسطيةالحلقة 20 الحلقة 20 معجزة زمزم الذي لا ينفد منذ 5 آلاف عام .. بناء الكعبة قبل ابراهيم مسألة حسمها القرآن الحلقة 21 العثمانيون أكبر امبراطورية في التاريخ: 23 مليون كم مربع الحلقة 22 بعودة الآذان خرج الأتراك للشوارع يبكون ويسجدون لله الحلقة 23 حروب السنة والشيعة 4 قرون: لم ينجح أحد! الحلقة 24 اليهود: المسيح مدفون مع الحمير الميتة وأموات المسلمين الحلقة 25 القصة الحقيقية لإسلام نابليون بونابرت في مصر الحلقة 26 نابليون قدم وعدا لليهود قبل بلفور ب 120سنة الحلقة 27