لحضور النسخة الخامسة، وزارة الهجرة تدعو لسرعة التسجيل في مؤتمر المصريين بالخارج    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    سعر الدولار في البنوك المصرية مساء اليوم الأحد 16 يونيو 2024    إعلام عبري: الحكومة الإسرائيلية تمدد تأجيل التسريح من الخدمة الاحتياطية بالجيش 3 أشهر    بمساعدة الحكام الخونة..إغلاق معبر رفح ومنع وصول المساعدات حرب صهيونية لتجويع الفلسطينيين    مصدر ليلا كورة: الأهلي يحدد موعد سداد قسط صفقة إمام عاشور.. وخصم 5% بسبب الزمالك    مشجعة كأس العالم تعلق على خسارة كرواتيا باليورو 2024    إقبال المواطنين على كورنيش النيل للاستمتاع بأجواء أول أيام العيد (صور)    أحمد عز: «ولاد رزق 3» يعتمد على الإبهار ويضاهى السينما العالمية    "Inside Out 2" يزيح "Bad Boys 4" من صدارة شباك التذاكر الأمريكي    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    طريقة عمل القلوب بالبصل، من أكلات المدبح الشهيرة    القبض على 50 مشجعا إيطاليا يحملون عبوات ناسفة قبل مباراة ألبانيا في يورو 2024    «افعل ولا حرج».. مبادرة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    «العيدية بقت أونلاين».. 3 طرق لإرسالها بسهولة وأمان إلكترونيا في العيد    الدراما النسائية تسيطر على موسم الصيف    مراسل القاهرة الإخبارية: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان    ريهام سعيد تبكي على الهواء (تعرف على السبب)    الجمهورية الجديدة تنتصر و«الشباب والرياضة» تزدهر    الغندور ينتقد صناع "أولاد رزق" بسبب "القاضية ممكن"    مرور مكثف على مكاتب الصحة ومراكز عقر الحيوان بالإسماعيلية    في أقل من 24 ساعة.. "مفيش كدة" لمحمد رمضان تتصدر التريند (فيديو)    وزير الداخلية الباكستاني يؤكد ضمان أمن المواطنين الصينيين في بلاده    الأهلي يتواصل مع ميتلاند الدنماركي بسبب نسبة الزمالك من صفقة إمام عاشور    التصعيد مستمر بين إسرائيل وحزب الله    بين أوكرانيا وغزة.. قمم السلام بين عالمين    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    لتحسين جودتها.. طبيبة توضح نصائح لحفظ اللحوم بعد نحر الأضحية    قصور الثقافة بالإسكندرية تحتفل بعيد الأضحى مع أطفال بشاير الخير    عيد الأضحى 2024.. اعرف آخر موعد للذبح والتضحية    وصية مؤثرة للحاجة ليلى قبل وفاتها على عرفات.. ماذا قالت في آخر اتصال مع ابنها؟    جامايكا تبحث عن انتصارها الأول في الكوبا    وفاة ثانى سيدة من كفر الشيخ أثناء أداء مناسك الحج    يقام ثاني أيام العيد.. حفل أنغام بالكويت يرفع شعار "كامل العدد"    تقارير: اهتمام أهلاوي بمدافع الرجاء    هالة السعيد: 3,6 مليار جنيه لتنفيذ 361 مشروعًا تنمويًا بالغربية    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    «سقط من مركب صيد».. انتشال جثة مهندس غرق في النيل بكفر الزيات    ضبط 70 مخالفة تموينية متنوعة فى حملات على المخابز والأسواق بالدقهلية    روسيا: مقتل محتجزي الرهائن في أحد السجون بمقاطعة روستوف    3 فئات ممنوعة من تناول الكبدة في عيد الأضحى.. تحذير خطير لمرضى القلب    رئيس دمياط الجديدة: 1500 رجل أعمال طلبوا الحصول على فرص استثمارية متنوعة    كرة سلة.. قائمة منتخب مصر في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 16 يونيو 2024    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    قائمة شاشات التليفزيون المحرومة من نتفليكس اعتبارا من 24 يوليو    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة روسيا إلى الشرق الأوسط
نشر في الشعب يوم 24 - 02 - 2007


بقلم: د. غسان العزي

ليس من المؤكد أن المصادفة فقط هي التي حدت بالرئيس بوتين إلى أن يشن هجوماً حاداً على السياسة الخارجية الأمريكية في العاشر من فبراير/شباط الجاري من على منصة مؤتمر ميونيخ الثالث والأربعين للسياسة الأمنية، قبل ان يتوجه في اليوم التالي إلى المملكة العربية السعودية كمحطة أولى في جولة شرق أوسطية له شملت قطر والأردن. على الأرجح ان التوقيت كان في حسابات الرجل الذي يسعى لإعادة بلاده، التي لطالما كانت قوة عظمى في تاريخها، إلى المركز الذي تستحقه في قمة نظام دولي متعدد القطبية.

كانت الزيارة تاريخية بكل المعايير والمقاييس لاسيما وأنها الأولى لمسؤول روسي رفيع المستوى منذ عقود عديدة. وللتذكير كان ستالين قد أغلق سفارة بلاده في الرياض عام 1938 قبل ان تجري محاولات عديدة لإعادة العلاقات بين البلدين، آخرها في الثمانينات، باءت بالفشل. وكان ينبغي الانتظار حتى سبتمبر/ أيلول 1990 في ذروة الأزمة الناتجة عن الغزو العراقي للكويت حتى يتمكن البلدان من الاتفاق. وبعدها بثلاث عشرة سنة بالتمام والكمال (سبتمبر/ أيلول 2003) توجه الملك عبدالله وكان وقتها لا يزال ولياً للعهد إلى موسكو ليغدو أول مسؤول سعودي رفيع المستوى يزورها منذ عام 1932 عندما زارها الأمير فيصل الذي صار ملكاً في ما بعد.

في الرياض سمع بوتين واسمع مضيفيه كلاماً فيه الكثير من المودة والوعود بشراكة استراتيجية بين البلدين. ولم يتوقف الأمر عند حد الكلمات والمجاملات إذ انخرط عشرات رجال الأعمال وقادة الشركات الروسية العملاقة الذين رافقوا بوتين في التفاوض مع مضيفيهم. وقد وقع البلدان اتفاقات عديدة سيتم بمقتضى احدها اطلاق ستة أقمار اصطناعية سعودية الصنع للاتصالات والاستشعار. وعرض بوتين التعاون في مجال الطاقة النووية بعدما أقرت دول مجلس التعاون الخليجي، في نهاية العام الماضي، إنشاء برنامج نووي سلمي.

ومن المعروف أن روسيا هي المصدر الثاني للنفط في العالم بعد السعودية وبإمكان التعاون بين البلدين في هذا المجال أن يمارس تأثيراً كبيراً في السوق العالمي لهذه المادة الحيوية، وأن يقوي موقع البلدين في هذه السوق. أكثر من ذلك فقد جدد بوتين، من الدوحة، العرض بإنشاء منظمة لمنتجي الغاز على غرار اوبيك. ومن تابع الضغوط التي مارستها موسكو أخيراً على بعض الدول القريبة منها في موضوع النفط والغاز يدرك مغزى العرضين الروسيين في سياق السعي إلى تشكيل وقيادة تحالف دولي يسيطر على قطاع الطاقة الاستراتيجي في العالم.

لقاءات بوتين بزعماء السعودية وقطر والأردن والسلطة الفلسطينية تمخضت عن نتائج ايجابية، وأكدت مجددا على تطابق وجهات النظر العربية والروسية حيال المشكلة الفلسطينية وضرورة حلها في أسرع وقت وعن طريق مؤتمر دولي. وعلى خلفية فشل أمريكي في الشرق الأوسط، فإن مراقبين وسياسيين كثيرين بدأوا يتوقعون “عودة” روسيا إلى هذه المنطقة التي غادرتها عندما تفكك الاتحاد السوفييتي عام ،1991 وتركتها ساحة مفتوحة أمام الأطماع الأمريكية.

هذا الكلام عن عودة روسيا إلى الساحة الدولية، ربما انطلاقاً من الشرق الأوسط، بدأ منذ عام تقريباً وإن ازداد منسوبه بفعل زيارة بوتين التاريخية لشبه الجزيرة العربية. فمنذ أن شرعت إدارة بوش في تهديد إيران بالعقوبات وبالضربة العسكرية بسبب تخصيبها لليورانيوم، وجدت الدبلوماسية الروسية الفرصة لتلعب دورا جعل منها الرقم الصعب في هذا الملف. وفي العام الماضي في حين قاطع الغرب الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة حماس إثر انتخابات جرت بطريقة شهد المراقبون على ديمقراطيتها ونزاهتها، استقبل بوتين بحفاوة ملحوظة ممثلي هذه الحركة (المصنفة إرهابية في أمريكا وأوروبا) في الكرملين. وفي حين تتعرض سوريا لحصار وتهديد غربيين تستمر روسيا في بيعها السلاح وتستقبل رئيسها في الكرملين وتقيم معها أوثق العلاقات. أكثر من ذلك فإن الأسلحة التي مكنت حزب الله من إيقاع “مجازر” بدبابات المريكافا “الإسرائيلية” هي مضادات روسية للدروع وصلت إلى الحزب عن طريق سوريا وإيران. وفي ملف المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة الذين اغتالوا الرئيس رفيق الحريري فان الحضور الروسي يبدو ملحوظا ولا ينفك يذّكر بنفسه كما فعل أخيراً عندما طالب مجلس الأمن بأن يوعز إلى المحقق البلجيكي سيرج براميرتس كي يكشف عن هوية الدول العشر التي يقول تقريره الأخير إنها رفضت التعاون مع التحقيق. وسعياً وراء المحكمة أو منعا لها “يحج” مسؤولون لبنانيون وسوريون وعرب إلى موسكو التي فرضت تعديلات كثيرة على مسودة القانون الأساسي للمحكمة قبل ان يوقع عليها مجلس الأمن.

هذا الحراك الروسي الذي في جله يسعى إلى موازنة النفوذ الأمريكي في غير مجال ليس مفاجئاً. المفاجىء في الأمر هو ان يجرؤ الروس، رغم الخلل الكبير في ميزان القوى، على الذهاب إلى معقل النفوذ الأمريكي التقليدي في أكثر المناطق اهمية بالنسبة للأمريكيين الخليج العربي بعد ان ثبتوا أقدامهم في إيران. ولاشك في أن الرئيس بوتين تلقى إشارات مشجعة من مضيفيه الذين يحتاجون إلى تهدئة الإسلاميين الناقمين على واشنطن، والحصول على هامش للمناورة في حال تزايدت الضغوط الأمريكية عليهم كما حصل غداة اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 عندما دعا بعض المحافظين الجدد إلى تغيير أنظمة عربية تغاضت عن صعود الإسلاميين.

رغم ذلك يصعب توقع تغير ملموس في المشهد الاستراتيجي الشرق أوسطي ناتج عن إعادة التموضع الروسية فيه. مثل هذا التغير ضروري لمصلحة شعوب المنطقة ومن أجل السلام في الشرق الأوسط بل وفي العالم، لكن المشكلة ان شروط مثل هذا التغير ليست متوفرة في هذه اللحظة رغم كل التعثر الأمريكي، فروسيا لم تعد تملك من مقومات القوة العظمى إلا السلاح النووي والمقعد الدائم في مجلس الأمن، وهذا يمنحها امكانية ممارسة ازعاج الأمريكيين وإعاقة مخططاتهم وليس القدرة على إحداث انقلاب أو تغيير ملموس في ميزان القوى الشرق أوسطي.

ثم هل كانت روسيا فعلاً في المنطقة وغابت عنها حتى يمكن الكلام عن”عودة” إليها؟ حتى الاتحاد السوفييتي نفسه عندما كان في اوج قوته اتسمت علاقاته إما بالقطيعة أو الفتور مع الدول العربية الموالية للغرب وإما بالهشاشة وضعف الثقة مع تلك التي وقع معها معاهدات اتسمت بالكثير من الفولكلورية والسطحية. هذه كانت حال العلاقات مع أنظمة سوريا والعراق وليبيا وغيرها، أما الرئيس السادات فقد قرر ذات مرة، هكذا بين عشية وضحاها، فك تحالفه مع موسكو وطرد الخبراء السوفييت والارتماء في الفلك الأمريكي منهياً علاقة استراتيجية بين بلاده والاتحاد السوفييتي عمرها عشرون عاماً ونيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.