لم تكن الهند حديثة عهد بشمس الإيمان ، وظلال الإيمان يوم ابتليت بجلال أكبربن همايون بن بابرشاه سنة 949ه/1542 م. إنماأشرقت علي الهند مبكراجدا منذ فجر الدعوة المحمدية ؛ فقد بشرالنبي _صلي الله عليه وسلم _بفتح الهند في أحاديث صحاح ، وحسان ؛ فقد روي النسائي في سننه عن ثوبان مولي رسول الله _صلي الله عليه وسلم _أنه قال :_"عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار: عصابة ؛ تغزو الهند ، وعصابة ؛تكون مع عيسي بن مريم " وقيل عن أبي هريرة _رض_أنه قال :_"وعدنا رسول الله _ صلي الله عليه وسلم _غزوة الهند ؛ فإن أدركتها أنفق فيها نفسي ومالي ؛ فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء ، وإن أرجع؛ فأناأبوهريرة المحرز " كماروي الحاكم في المستدرك بإسناد ؛ فيه ضعف عن أبي سعيد الخدري "أن ملك الهندي أرسل إلي النبي _صلي الله عليه وسلم _هدية عبارة عن مخلل ؛ فيه شئ من الزنجبيل ؛فوزعه النبي _صلي الله عليه وسلم _علي من حوله من الصحابة ، وحصلت علي شئ منه ؛ فأكلته " وتتمثل الإرهاصات المبكرة لوصول الإسلام إلي الهندفي تلهف ملك هندي ؛ يختلف اسمه مابين المصادر العربية ، والهندية ؛ ملك "كدنغلور" بناحية كيرالا ؛ إذ كان يتفكر في شئون رعيته ومملكته علي سطح حصنه ؛ فشاهد معجزة النبي _صلي الله عليه وسلم بانشقاق القمر ؛فاستشار كهنته المقربون ؛ واختلف الجواب عنهم ؛ فمنهم من قال بأنها هلاوس إلا أن أحدهم يلم بعلم من البشارات بالنبي _صلي الله عليه وسلم _أفاده أن هذا زمان نبي ، مرسل ، وتلك من معجزاته ، وكان بمملكته تجارعرب ؛ فسألهم عن النبي ، ودينه الجديد ؛ فأجابوه، وتعلق قلبه بالإسلام ، ورسول الله _صلي الله عليه وسلم_ ؛ فترك ولده خليفة مكانه ، وعاد مع التجار العرب لزيارة النبي _صلي الله عليه وسلم ، ولقيه ، وأسلم علي يديه ، وعاد إلي مملكته حاملا دعوة الإسلام إلي أهل مملكته ، وقد أتي علي ذكرهذا الملك عدة مصادر عربية تراثية ، ومعاصرة، وأوردها الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه "بينات الرسول _صلي الله عليه وسلم _ومعجزاته الواقعة " ، وأكد أن هذه الوقعة ذكرتها مخطوطة ، هندية ، في مكتبة مكتب دائرة الهند تحت رقم 2807 ووصل الهند جمع من الصحب الكرام دعاة ؛ يدعون للإسلام، ويستطلعون ، ويستكشفون الطرق ، ومنهم مالك بن دينار؛ فقد أرسل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رحلة استكشاف علي يد الحكم بن العاص عام 15ه ، ثم جاء عهد بني أمية ؛ فتقدمت جيوش الفتح تحت قيادة قتيبة بن مسلم الباهلي نحوبلاد ماوراء النهر ، وموطن الأتراك ، ووضع حدودا للدولة الإسلامية علي تخوم الصين ، وصحراء سيبيريا ، وبلاد الروس، وحرص خلفاء بني أمية ، وولاتهم علي بسط هيبة الإسلام ،و تأمين طرق الحج ، والتجارة حتي أن ملك الديبل بالسند قام رجاله بالهجوم علي سفينة حجيج ، ونهبوها ، وأسروا الركاب رجالاونساء ؛ فجهز الحجاج بن يوسف الثقفي حملة جرارة؛ علي رأسها محمدبن القاسم الثقفي الذي قاد الحملة بنجاح، وفك أسرالرهائن ، وحررهم ، وعاد بغنائم كثيرة ؛ ومعهارأس الملك الهندي "داهر" ؛ وممايروي عن الحجاج في هذالمقام أنه قال :_"شيفنا غيظنا، وفككنا أسرنا ، وغنمنا ألف ألف ، وفوقها رأس داهر زيادة " ولم تخل صفحات التاريخ في العهد العباسي من الدعوة ، و الجهاد علي أراضي الهند عندمااشرئبت الوثنية برأسها مرة ، أخري بقيادة الخليفة المهدي من بني العباس في حملة ، كبيرة ؛ استخدمت فيها المجانيق ، والأسلحة المتطورة كقنابل النفط ، واستشهد من جيش العباسيين عدد كثير إلاأن الحملة نجحت في تحقيق أهدافها ، وعاد الجيش بعدد كبيرمن الأسري ، وكم من الغنائم ، وكان ممن أسرابنة الملك نفسه ، و هذاعام 160ه ولم تتوان الدول الإسلامية المتعاقبة عن محاربة الوثنية، و الملوك الذين يمنعون دعوة الإسلام ، ويضطهدون معتنقيه ، و هاهو السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي الذي قطع علي نفسه عهد بالغزو ، والجهاد كل سنة ، فحاز أراضي ، واسعة ، وحرر مدنا ، وممالك شاسعة ، وكسر صنم "سومنات "؛ إذ كان يعبده الوثنيون ، ويعتقدون أنه يحي ويميت ، ويخدم في معيته ألف من الهنود ، وأوقفوا عليه الأراضي ، قدموا إليه القرابين ؛ فأحرقه السلطان ، وأخذ منه قطعة ، صخرية ؛ جعلها في عتبة مسجد غزنة 392ه ، وأسرالملك الوثني "جيبال "؛ وأطلق سراحه ؛ فألقي نفسه في النار من الذل ، و العار بعد الهزيمة ، والأسر ثم توالت الدول ، والممالك الإسلامية كدولة المماليك ، ودولة المغول ، وهي الدولة التي كان جلال أكبر أحد أباطرتها ، وتلك كانت إطلالة ؛ تاريخية ؛ لبيان أن المسلمين سلفهم ، وخلفهم قبل أكبر كانوا حريصين علي إعلاء شعائر الإسلام ، ومقارعة الكفر، وتأمين المسلمين ، وحمايتهم غيرمتسامحين مع الشرك إذاأطل برأسه ؛ مناوئا ؛ عقيدة التوحيد طيلة عشرة قرون . #_أليس غريبا أن يهال علي كل هذا الجهد ، والجهاد ، وسير القادة الفاتحين ، والعلماء ، والدعاة الذين صحبوهم ؛ ترويجا لشخصية ، ملحدة هي علي أقصي درجات التساهل في الحكم ، والوصف لايوصف إلابكونه مرتداعن الإسلام ؟! ** الأمين العام لرابطة علماء ودعاة الإسكندرية.
إقرأ أيضًا:-
* الخطاب الديني.. تجديد أم تطبيع وتطويع ؟! * الخطاب الديني تجديد أم تطبيع وتطويع ؟!! (2) * الخطاب الديني تجديد أم تطبيع وتطويع ؟!! (3) * معذرة إلي ربكم * الخطاب الديني تجديد أم تطبيع وتطويع ؟ 4 * الخطاب الديني تجديد أم تطبيع وتطويع ؟!! 6