لا زالت الاسئلة تطرح حول المؤامرة التي زعمت الولاياتالمتحدة ان المخابرات الايرانية دبرتها لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، ففي الوقت الذي طرحت فيه حول "سذاجة" المخابرات الايرانية وتصل الى درجة اسئتجار بائع متجول وصاحب سابقة لتزويره شيكا من اجل ان يقوم باستئجار رجال عصابات مكسيكيين لقتل السفير، الا ان الدراما التي اثارها الكشف تحمل معها بوادر ازمة عاصفة وتوتر برز في تصريحات المسؤولين السعوديين، حيث قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان ايران ستدفع الثمن. والمثير في المؤامرة ان امريكا التي احبطتها قالت انها لم تكن فقط تستهدف سفير السعودية بل دبلوماسيين اخرين منهم صهاينة. ومن هنا فان حالة الكراهية والعداء بين البلدين اللذين يتنافسان على التأثير في المنطقة سترتفع مما دعا الكثير من التعليقات للقول ان هذه بروفة لضرب ايران ومفاعلها النووي. وتظل المؤامرة خارج التصديق لان المخابرات الايرانية معروفة بدقة عملها وحرفيتها العالية. وقال تحليل في صحيفة "اندبندنت" ان تصريحات ارك هولدر وزير العدل الامريكي تذكر بما قاله وزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول امام الاممالمتحدة ومن ان صدام حسين يملك بما لا مجال فيه للشك برامج لتطوير اسلحة الدمار الشامل. ويرى التحليل ان امريكا التي قدمت الرواية لن تستطيع التراجع عنها وكما انها لن تكون مبررا لضرب ايران. ويرى الكاتب ان كل ما قيل عن تفاصيل المؤامرة التي من السهل اكتشافها لا يصدق. لسبب بسيط ان المخابرات الايرانية في عملياتها تتأكد دائما من ان عملياتها لا تترك اثرا كي يتم تتبعها، ومن هنا فما يثير الدهشة ان الاستخبارات الايرانية ترسل مبالغ مالية من حساب مصرفي معروف لاستئجار رجال عصابات من المكسيك. ويمضي التحليل للقول ان المنتفعين من المؤامرة التي تتحدث عنها ادارة اوباما معروفون وهم المحافظون الجدد من اصدقاء الكيان الصهيوني الذين ظلوا وراء جورج بوش، الرئيس السابق كي يعطي امرا بضرب المنشآت النووية الايرانية او يدعم طلبا تقدم به الكيان الصهيوني سرا لبوش. كما ان السعودية ستستفيد من المؤامرة من ناحية تأكيد صحة ما تقوله هي والبحرين عن الدور الايراني في التظاهرات والمطالبات التي طالبها الشيعة في كلا البلدين، حيث ستصدق واشنطن ما قاله السعوديون عن المؤامرة الايرانية في دول الخليج. وعليه فلن تضغط امريكا كثيرا من اجل الاستفادة للمطالب الشيعية كما يقول الكاتب. ونفس الامر سينسحب على العراق حيث ظلت امريكا ومعها بريطانيا تعتقدان ان يد ايران الخفية تلعب في الاحداث فيه لكن الامريكيين لم تكن لديهم الادلة الكافية لاثبات روايتهم. وهذا لا يعني ان ايران لم تستفد من قيام امريكا بالاطاحة بصدام حسين بدون ان تتكلف شيئا وكذا الاطاحة بطالبان حيث ضربت عصفورين بحجر واحد. ومع ان البعض اقترح ان بعض العناصر الخارجة داخل الاستخبارات هي وراء المؤامرة لكن الادلة غير موجودة كما ان الربط مع العصابات المكسيكية غير مقنع. وما يهم في الحديث ان المؤامرة وان صحت ستكون من اكبر الاحداث في سلسلة الحرب الباردة التي تدور بين السعودية وايران منذ الثورة الاسلامية عام 1979. فالسعودية تقود المعسكر المحافظ والمؤيد لامريكا في المنطقة منذ عقود فيما تدعم ايران المحور المقاوم والثوري. ولهذا يقول تحليل اخر في صحيفة "ديلي تلغراف" انه لو صحت المؤامرة فانها تعتبر تطورا مهما في الحرب التي تدور بالوكالة بين البلدين وتمثل تصعيدا خطيرا في اشارة للحرب العراقية الايرانية التي قاتل فيها صدام نيابة عن دول الخليج والتي انفقت فيها هذه الدول حوالي 60 مليار دولار في كل عام منها. ولم تقتصر الحرب الباردة على العراق وحربها مع ايران فقد خاضت طهران حروبها على التأثير السعودي في لبنان وافغانستان. وتساءل المقال عن السبب الذي يدعو ايران الى تنظيم عملية من هذا النوع وبهذه الطريقة. ويربط الكاتب هذه بالتحولات التي شهدتها المنطقة في العقد الماضي من ناحية التغيير في العراق وافغانستان وانتصار التيار المتشدد بقيادة محمود احمدي نجاد. وذهب التحليل ان الطريقة الصبيانية التي خطط فيها للعملية تظهر ان قد تكون من عمل مجموعة صغيرة من داخل فيلق القدس. ويمضي التحليل للقول ان العملية قد يكون قصد منها حرف الانتباه عن المشاكل المحلية كما ان اختيار الجبير له معنى لانه هو الذي قام بنقل رسالة الملك عبدالله للامريكيين وطالبهم بقطع رأس الافعى عام 2008. ويرى التحليل ان الربيع العربي غير الكثير من معادلات الحرب الباردة السعودية الايرانية حيث بدأ تأثيرهما على الاحداث يقل، فالسعودية فشلت في انقاذ حسني مبارك، وترسل الاموال الى اليمن لانقاذ علي عبدالله صالح اما ايران فانها منخرطة في عملية لانقاذ نظام بشار الاسد. ودعا التحليل الى الهدوء والتعقل في التعامل مع الوضع صحيح ان ايران لعبت دورا مهما في الدمار في الشرق الاوسط لكن يجب ان لا يتم اتخاذ المؤامرة كذريعة لاعطاء السعودية اليد الطولى في احتلال البحرين تحت مبرر الحرب الطائفية. وترى الصحيفة ان خيار الضربة العسكرية الذي تفضله السعودية سيكون قرارا ساذجا ان اتخذ، لكن استمرار ايران في نشاطاتها النووية يعني استمرار التنافس بينهما. وتأتي المؤامرة لتكشف النقاب عن طبيعة الصراع بينهما في ظل التغيرات التي تشهدها الامة العربية. وقد اجبر الربيع العربي كلا الدولتين النفطيتين على اعادة النظر باستراتيجيتهما خاصة ان كلتيهما تواجه مشاكل داخلية. ولكن المراقب لا يمكنه تجاهل ان الكشف عن المؤامرة يتزامن مع محاولات المجلس الوطني السوري الحصول على اعتراف دولي ومن هنا فان تقديم السعودية المساعدة العسكرية للمتظاهرين حالة قررت القيام بذلك سيكون مقامرة كبيرة ويعبر عن استعداد سعودي لمواجهة ايران والاطاحة بحليفها في دمشق، وبحسب باحث في جامعة بيروت فان الكشف عن المؤامرة يظهر ان امريكا مستعدة للعب دور مهم في الازمة السورية. ويتفق معظم من نقلت عنهم الصحيفة على ان اتهام عملاء ايرانيين بالمخطط غير واقعي لان الاستخبارات الايرانية معروفة بحرفيتها العالية. وفي الوقت الحالي يستبعد المراقبون الامريكيون اية مواجهة عسكرية او تحول في سياسة اوباما تجاه ايران حسب تحليل "نيويورك تايمز". وقالت ان المزج بين اللغة المتشددة والحذر باتخاذ اي قرار يؤشران الى محدودية الخيارات المتوفرة لامريكا. ففي الوقت الذي قامت فيه الادارة سابقا بحملة من اجل شجب ايران عبر حلفائها الا انها لم تتخذ اجراءات قاسية من ناحية العقوبات، ومن المستبعد ان تحاول واشنطن فرض عقوبات على تصدير النفط الايراني لان روسيا والصين تعتبران من اهم المستوردين للنفط الايراني. ولا ينفي ان تتعرض الادارة لضغوط من الصقور في الولاياتالمتحدة، حيث طالب نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتشديد العقوبات، فيما طالب مسؤول لم يذكر اسمه الصين وروسيا وتركيا منع المسؤولين الايرانيين الذين لم يجدوا مشكلة في استئجار رجال عصابات من المكسيك لتنفيذ العملية. وبعيدا عن الخطوات القاسية فان ما تركز عليه وزارة الخارجية هو الاستمرار في حملتها الدولية لعزل ايران. صراع المؤسسة الحاكمة وفي اتجاه اخر نقلت "واشنطن بوست" عن محللين ايرانيين قولهم ان المؤامرة غير منفصلة عن الصراع داخل المؤسسة الحاكمة في ايران وتراجع تأثير احمدي نجاد وصراع الاجهزة الامنية حيث لم يستبعد هؤلاء امكانية التخطيط الايراني للعملية لكنهم فشلوا في توجيه اصابع الاتهام لاية جهة. وقالت تحليلات ان العملية دبرتها عناصر من الحرس الثوري الايراني وقصد ان يتم اكتشافها في محاولة لتخريب اية محادثات بين نجاد وامريكا. وتظل هذه النظرية ساذجة لان السياسة الخارجية تظل في يد مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي الذي يتخذ كامل القرارات المتعلقة بها. ومع ذلك هناك من يرى ان من الجنون ان تقوم ايران بملاحقة شخص ومحاولة قتله على التراب الامريكي متسائلين عن السبب الذي يدفع طهران لتعريض نفسها للخطر. ويرى محلل ان من يقف وراء العملية سواء كان من داخل امريكا او خارجها قصد ان يحشد المجتمع الدولي ضد ايران.