تسلمت حكومة رامي الحمدلله ، اليوم الإثنين، جميع المسئوليات فى قطاع غزة، بحضور من قادة حماس، والاستخبارات العامة المصرية، والسفير المصري بالأراضي المحتلة، وهي خطوة جيدة للغاية نحو انهاء الانقسام بالأراضي المحتلة، وعودة روح المقاومة الواحدة بين الفصائل الفلسطينية. واجتاز الحمد لله معبر إيريز على رأس وفد بارز من مسؤولي حركة فتح قادمين من الضفة الغربية، لإنهاء الانقسام المستمر منذ 10 سنوات مع حركة حماس، حيث تجمع مئات الفلسطينيين على الطريق من معبر إيريز للترحيب به ولوح بعضهم بالعلم الفلسطيني. وقال الحمد الله لدى دخوله القطاع: "نعود مرة أخرى إلى غزة من أجل تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وإنهاء مظاهر وتداعيات الانقسام المؤلمة". وأضاف: "جئنا بتعليمات ومتابعة من الرئيس عباس لنعلن للعالم من قلب غزة أن الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تقوم ولن تقوم دون وحدة جغرافية وسياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة". وأعلنت حماس الأسبوع الماضي تسليم الشؤون الإدارية في القطاع لحكومة وحدة يرأسها الحمدالله، لكن ما زال الجناح العسكري لحماس هو القوة المهيمنة في القطاع، الذي يسكنه مليونا شخص. ويمثل التغير في موقف حماس أكبر خطوة باتجاه الوحدة الفلسطينية منذ تشكيل الحكومة في عام 2014. وفي سياق ذاته وعلي صعيد الانتماء الوطني والقومي للأمة العربية والإسلامية، طالب سياسيون بترسيخ قواعد المصالحة في قطاع غزة والضفة الغربية، وعبروا عن تفاؤلهم بنجاح خطوات المصالحة هذه المرة. وفي الوقت ذاته يرى مراقبون أن ما أقدمت عليه غزة من خطوات للدفع بالمصالحة إلى الأمام لم تقابلها خطوات مماثلة في الضفة الغربية حتى الآن متسائلين عن ما يتوجب على فتح تقديمه لتعزيز المصالحة. خليل عساف ، منسق تجمع الشخصيات المستقلة في الضفة الغربية، يقول إنه: "لا زال هناك متسع من الوقت للحكم على ما يجري، فتسليم الحكومة لغزة لحد هذه اللحظة لم يبدأ، لكن باعتقادي أن حركة فتح بدورها ستقدم الكثير". وأضاف عساف أن المطلوب لإنجاح عمل الحكومة في القطاع، أن يتم "احترام القانون والهيكلية الإدارية للوزراء، والتزام بالنظم والقوانين، يجب أن يكون هناك احترام حقيقي للقانون من ناحية مبدئية وقناعة وليس الخوف، وان يكون هناك انتماء للهدف". ويرى أن من يستفيد من الانقسام "سيعيش أسوأ حالة من الحزن، ويعيش حالة من التعاسة والكآبة. ومن انتماؤه للوطن سيعيش بفرحة (...) محطة اليوم مهمة جدا ويجب أن تسجل". وأشار عساف إلى أن المصالحة سيكون من ثمارها الاستقرار الذي يقود إلى تحسن الاقتصاد، وزيادة الاستثمار، وبالتالي ينعكس على السوق وتقل نسبة البطالة. بدوره قال الكاتب السياسي فايز أبو شمالة، إن الضفة الغربية كما غزة تحتاج للمصالحة في ظل الاستيطان ومصادرة الأراضي. وأضاف: "بالتالي إذا كان المواطن في غزة يتمنى من المصالحة رفع الحصار، فيفترض المواطن في الضفة الغربية أيضا أن يتلمس أثار هذه المصالحة بمزيد من الحريات والعمل الحزبي والتنظيمي، فالشراكة الفلسطينية مهمة جدا في هذه المرحلة". وأضاف أبو شمالة: "عملياً كنا نتوقع من رئيس الوزراء رامي الحمد الله أن يقوم بإرجاع الكهرباء إلى القطاع، ما قدم حتى اللحظة هو الأمل، وغدا فرصة لأن تقدم حركة فتح شيئا باسم الحكومة". ويري أن المطلوب الأول لإتمام المصالحة هو "مراعاة أوضاع حياة الناس، وتوقيف الإجراءات العقابية، وحل كل الإجراءات، لكن الذي ينجح المصالحة هو تلك الشراكة السياسية والرجوع إلى الإطار القيادي لمنظمة التحرير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وليس حكومة توافق تشرف على الانتخابات، واتخاذ إجراءات مستقبلية تشمل عملية المصالحة". وتابع "لقد عكس الشارع الفلسطيني رغبة حقيقية في الوصول بالمصالحة الفلسطينية إلى بر الأمان، وهذا ما يحفز عقلاء القوم إلى مراجعة الأسباب التي أدت إلى الانقسام، بل والأسباب التي أدت إلى طول أمد الانقسام كل هذه الفترة". وأرجع أبو شمالة أسباب الانقسام إلى: "غياب الشراكة السياسية في المؤسسات الفلسطينية، وعدم اعتماد أسلوب التشاور مع الجميع، والتفاهم على خطوات عمل سياسية منسقة ومدروسة. والتفرد بالقرار السياسي والعسكري الفلسطيني هنا وهناك دون الأخذ بعين الاعتبار رأي بقية أطراف المعادلة الفلسطينية". وتابع: "الديمقراطية الموسمية كذلك حيث تجرى الانتخابات لمرة واحدة، ولهذا أثر سلبي في تغييب الجمهور الفلسطيني، وإضعاف رغبته في النطق بالحكم على مجريات الأحداث، وتنامي عدم الثقة بين التنظيمات الفلسطينية كافة، حتى بات الشك مطلقاً بين هذا وذاك، وباتت الثقة نسبية بمقدار المصالح الآنية لبعض التنظيمات". وتبعا لما سبق، قال أبو شمالة: "إن ما يجري على أرض غزة من ترسيخ لمفهوم الوحدة الوطنية الفلسطينية بحاجة إلى شد أزر من الجميع، ولا يكون شد الأزر بإصدار البيانات والابتسامات واللقاءات والتصريحات بمقدار ما يتمثل ذلك بالمواقف العملية التي تعكس روح التوافق، والإقرار بأن هذا الوطن ليس ملكاً لتنظيم بعينه، وإنما هو وطن مغتصب من حق الجميع أن يشارك في تحريره، وبنائه". وشدد على أن من حق الجميع أن "يفكر بصوت مرتفع بالمنهاج السياسي الذي تتوافق عليه كل الأطراف، ويصب في صالح القضية الفلسطينية". بدورها طالبت النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، سميرة حلايقة، بضرورة "اغتنام الفرصة، والمسارعة إلى إلغاء كافة القرارات والإجراءات العقابية بحق القطاع المحاصر". ودعت في تصريحات صحفية، "الجهات المسؤولة بتهيئة الأجواء المناسبة للمصالحة الوطنية الشاملة، وإزالة كافة العقبات التي تحول دون ذلك وخاصة ما يتعلق بالحريات العامة، والاعتقال السياسي، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين عملا بمبادئ القانون الأساسي الفلسطيني". وترى الحلايقة ان تحليلات السياسيين للأوضاع الحالية بعيدة عن أرض الواقع، موضحة أن "لا داعي إلى رفع سقف التوقعات، وبذات الوقت الابتعاد عن التشاؤم المفرط".